ابتزاز النساء في مصر.. البداية صورة و"فيديو كول" والنهاية "مأساوية"

23/02/2022 10:32PM

"زوجها مسافر، ونشأت علاقة بينها وبين جارها بالبلدة عن طريق فيسبوك"، بهذه العبارة بدأ "طارق سيد" (اسم مستعار) حديثه بشأن واقعة الابتزاز الإلكتروني التي تعرضت لها قريبته "فاطمة. ص"، من شاب آخر يدعى "جابر. ح" في مصر.

يروي طارق، شاب في عقده الرابع، أن العلاقة نشأت بين قريبته فاطمة والشاب جابر عبر تطبيق ماسنجر، وذلك بعد نحو عام من سفر الزوج إلى الإمارات.

يقول طارق، بعد فترة بدأت فاطمة في إرسال صور لها لجابر، ثم حادثته "فيديو كول"؛ وكان الشاب يقوم بتسجيل تلك المحادثة العاطفية، وبعد فترة بدأ الشاب يبتز فاطمة لإجبارها على ممارسة الجنس معه، أو يهددها بفضحها في القرية التابعة لإحدى ضواحي محافظة بني سويف – 150 كم جنوب القاهرة.

ولخوفها من الفضيحة، ساومته لأجل الحصول على الفيديو والصور الخاصة بها، مقابل منحه 7 آلاف جنيه (نحو 450 دولارا)، فوافق الشاب الذي كان عاطلاً عن العمل، وسلمته المبلغ؛ لكن عاود الشاب الكرة مرة ثانية وثالثة لاحتفاظه بنسخ من الصور والفيديو الخاصة بفاطمة، حتى وصل إجمالي مسحوباته منها إلى نحو 20 ألف جنيه "1200 دولار".

ويُتابع طارق، أن ما كشف الأمر هو تساؤل زوجها عن مصير تلك الأموال التي سحبتها زوجته من حسابهم البنكي، وتحت الضغط اعترفت فاطمة لزوجها بالواقعة، وما كادت تُنهي حديثها حتى طلقها.

فاطمة واحدة من مئات النساء المصريات اللاتي تعرضن للابتزاز الإلكتروني، فوفقًا لدراسة صادرة عن لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب المصري، شهد شهرا سبتمبر وأكتوبر من العام الماضي تقديم 1038 بلاغًا ضد الجريمة الإلكترونية، منها 365 جريمة وقعت خلال الأيام العشرة الأخيرة من شهر أكتوبر 2021.

وتُحذر الدراسة الصادرة في فبراير، من تفاقم الجريمة الإلكترونية وانتشارها في كافة ربوع البلاد.

مؤسس مبادرة "قاوم"، لمواجهة الابتزاز الإلكتروني محمد اليماني، يقول إن الصفحات الخاصة بمعالجة السحر والحسد على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إحدى أبرز الوسائل لاصطياد ضحايا الابتزاز الإلكتروني.

وفي حديث هاتفي مع موقع "الحرة"، يُضيف، أن إحدى أغرب تلك الوقائع الخاصة بهذه النوعية من الابتزاز، جاءت عبر شكوى من إحدى السيدات التي اعترفت بتعرضها للابتزاز من شخص يدعي أنه مُعالج بالقرآن، كانت تواصلت معه عبر صفحة أنشأها على فيسبوك.

ويحكي، أن هذا الشخص طلب من السيدة إرسال صور لمناطق من جسدها بزعم معالجتها بالقرآن، ثم استغل تلك الصور في ابتزازها لممارسة الجنس معها، وهذا ما دفع السيدة إلى مبادرة قاوم.

ويُضيف، أن المبادرة تعاملت مع الأمر عبر إحدى المتطوعات اللاتي يعملن مع المبادرة، وفي النهاية اكتشفوا أن ذلك المعالج بالقرآن ما هو إلا "لص ومُسجل خطر" بدوائر الأمن العام.

إلى ذلك، يروي عضو اللجنة الرقمية بالمجلس الأعلى للثقافة المصرية المهندس وليد حجاج، أن أكثر وقائع الابتزاز التي عُرضت عليه جاءت بسبب صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" خاصة تلك المتعلقة بالتخسيس (فقدان الوزن)، وفي العادة يكون المُبتز رجلاً والمعرضة للابتزاز امرأة.

ويقول لموقع "الحرة" إن سيدات يتواصلن مع تلك الصفحات بغية التخسيس، فيطلب منهن إرسال صورًا لتلك المناطق بأجسادهن اللاتي يردن تخسيسها، وبعد تعرضهن للخداع يبدأ المحتال في ابتزازهن.

ويعتقد حجاج أن النساء هن الأكثر استهدافًا للابتزاز الإلكتروني، وغالبًا ما يتم عبر تقنية الفيديو كول، ذلك أن المبتزين يحتالون عليهم بالادعاء بأنهن نساء مثلهم، وأثناء تلك المكالمات يتم التقاط صورًا للفتيات دون علمهن في مواضع تكون مصدر إحراج لهن.

يتفق مسؤول قواعد البيانات بإحدى الشركات الخاصة، المهندس مالك صابر، في أن النساء الفئات الأكثر تعرضن لعملية الابتزاز الإلكتروني، خاصة الفئة العمرية بين 20 إلى 30 عامًا.

ويقول لموقع "الحرة" إن الابتزاز الإلكتروني يتم عادة من خلال الاحتيال، سواء من خلال التلاعب بصور النساء عبر تركيبها على مشاهد أو صور فاضحة، أو تصويرهن خلسة دون علمهن. متابعًا أن هذه الطريقة تعد الأكثر انتشارًا في مصر.

من جهته، يُرجع الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، سبب تعرض النساء في الفئات الأصغر سنًا للابتزاز أكثر من أقرانهن الرجال، بكون النساء أكثر عاطفية وعصبية من الرجال.

ويضيف لموقع "الحرة" إنه غالبًا ما يتم استهداف النساء اللاتي يُعانين من علاقات أسرية سيئة، أو يبحثن عن الحب؛ كما أنهن أكثر عرضة للانهيار خوفًا على سمعتهن، فضلاً عن أنهن أكثر تعرضًا للضغوط بسبب المجتمع المصري الذكوري، بحسب استشاري الطب النفسي.

وينصح مسؤول قواعد البيانات مالك صابر، المواطنين بمنع مشاركة المعلومات أو الصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو في التطبيقات الأخرى، ويحذر من الولوج إلى أي روابط إلكترونية تُرسل لهم عبر خاصية الرسائل النصية أو البريد الإلكتروني.

كما أنه لابد من إجراء عملية مسح إلكتروني "online/offline scan" حال الولوج إلى موقع معين أو لينك مرسل من أشخاص لاتربطهم صلة بك، وفقًا لحجاج.

ويواصل خبير الأمن المعلوماتي، أسامة مصطفى، الحديث قائلاً لموقع "الحرة" إن الأشخاص النشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو التطبيقات الأخرى أكثر عرضة للابتزاز الإلكتروني، مقارنة بأقرانهم.

ويُرجع ذلك إلى توافر كمية كبيرة من البيانات لهم عبر تلك المواقع والتطبيقات، وبالتالي يوجهها المبتز سلاحًا ضدهم. متابعًا أن رجال الأعمال أيضًا مستهدفين كونهم مطمع في الحصول على أموال.

وبصل عدد مستخدمي موقع فيسبوك في مصر إلى 40 مليونًا، من إجمالي نحو 188 مليون مستخدم في العالم العربي وفق دراسة حديثة أجراها الدكتور معتز صلاح الدين، رئيس شبكة إعلام المرأة العربية، مستشار المركز الديمقراطي لدراسات الشرق الأوسط في نورث كارولينا.

فيما يصل عدد مستخدمي تويتر في مصر إلى 8 ملايين، من إجمالي 42 مليون مستخدم في بلدان العالم العربي، بينما يصل عدد مستخدمي تطبيق إنستغرام إلى 44 مليون بالبلدان العربية، وفقًا لما رصدته الدراسة الصادرة في يونيو الماضي.

وهناك نوعان من الابتزاز الإلكتروني ، أولهما الاستدراج عن طريق التواصل مع الشخص المُراد ابتزازه والحصول على معلومات منه وتصويره عبر مكالمات الفيديو أو غيرها، وثانيهما الاحتيال عن طريق التلاعب بالصور خاصة للنساء، يقول مصطفى، مضيفًا أن أسلوب الابتزاز يختلف تبعًا للشخص، فأحيانًا يطلب مقابل مادي، وأخرى يطلب منه مصلحة أو منفعة ما.

إلى ذلك، يشير فؤاد عبدالنبي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية، إلى خضوع المبتز الإلكتروني للمادة 327 من قانون العقوبات المصري، والمادة 309، التي تنص على معاقبة كل من هدد غيره بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال أو بإفشاء أمور خادشة للشرف بالسجن.

ويقول لموقع "الحرة" إن المادتين 25 و26 من الفصل الثالث من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، تنص على عقوبة تتراوح بين عامين إلى 5 أعوام للمبتز إلكترونيًا، فضلاً عن غرامة تتراوح بين 50 إلى 300 ألف جنيه مصري، لكل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة باستخدام تقنية أو برنامج معلوماتي.

ويعتقد عبد النبي، أن عقوبات القانون في وضعها الحالي كافية، ولا يلزمها أي تعديلات.

لكن عضو مجلس الشيوخ المصري، المهندس حازم الجندي، انتقد تلك العقوبات. ويرى أن المادتين 25 و26 من قانون مكافحة الجرائم الإلكتروني، لا تناسبان الواقع العملي كونهم غير ملائمين لحجم الضرر الناتج عن الفعل الإجرامي.

ويقترح في بيان لرئيس المجلس في فبراي الجاري، بتعديل هاتين المادتين، على أن يكون السجن بديلاً عن الحبس، عبر تحويل واقعة الابتزاز من جنحة إلى جناية تستوجب السجن.

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa