جرعة روسية لمساعي احتواء أزمة بيان وزارة الخارجية اللبنانية

28/02/2022 07:38AM

كتب عمر حبنجر في "الأنباء الكويتية":

المساعي لاحتواء ازمة بيان وزارة الخارجية اللبنانية حول الاجتياح الروسي لأوكرانيا، تلقت جرعة روسية أمس، بقول السفير الروسي في بيروت الكسندر روداكوف في مؤتمر صحافي: لا أظن ان البيان اللبناني سيؤثر على العلاقات اللبنانية - الروسية، لكن موسكو ستتذكر من وقف معها وقت الشدة.

ولا شك بأن موسكو، توقفت امام اعلان لبنان عزمه الامتناع عن التصويت في حال طرح قرار ادانة روسيا على الجمعية العامة للأمم المتحدة، في خطوة استرضائية لموسكو، ولمن يضرب بسيفها في بيروت والمنطقة، لكن غبار هذا البيان مازال مخيما في فضاء الحكومة اللبنانية التي اربكها، وزعزع وحدتها غموض مصدره وسلوكية مساره من مكتب الوزير الى القصر الجمهوري مرورا برئاسة الحكومة.

وما بدأه وزير العمل مصطفى بيرم من انتقاد لوزير الخارجية عبد الله بوحبيب في مجلس الوزراء، استكمله زميله في الانتماء الحزبي عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله امس.

بيرم قال ان بيان وزير الخارجية غير مفهوم وغير مبرر، اما فضل الله فقد رأى انه لا يعبر عن الدولة وشعبها ولن يحصلوا من هذا الانطباع الا على هدر كرامتهم.

واللافت ان حزب الله وقوى الممانعة استنجدوا بنظرية النأي بالنفس والحياد في انتقادهم لبيان وزارة الخارجية، وسأل المتابعون اين كان الحزب من النأي بالنفس في حرب اليمن وسورية والعراق، وأين هو من خلاياه النائمة الجاري اكتشافها في الدول الخليجية.

واعتبر هجوم نواب ووزراء حزب الله على الوزير بوحبيب بمثابة رسالة الى رئيس الجمهورية ميشال عون ووريثه السياسي النائب جبران باسيل ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حتى لا يعيدوا الكرة مرة أخرى. والمعلوم ان البيان اعد في وزارة الخارجية، وارسل الى رئاسة الجمهورية والسراي الحكومي، وفي معلومات المصادر المتابعة، ان بيان الخارجية اعيدت صياغته مع التشدد في بعبدا، وحتى انه صدر من بعبدا، لكن امام الجلبة التي أحدثها لدى الحلفاء، تملص منه الرئيس عون والرئيس ميقاتي تجنب التدخل، وهكذا اصبح الوزير بوحبيب وحيدا في مرمى المعترضين، متسلحا بالدرع الأميركي الغربي الذي تحدى به قناصة الممانعة، مكتفيا بإبلاغ السفير الروسي، بالبيان قبل صدوره، ومؤكدا ان هذا العمل ليس موجها ضد دولته، وان لبنان لا يرغب في ان يؤثر على العلاقات الثنائية بين البلدين، كما ابلغ سفيري المانيا وفرنسا عزم لبنان الامتناع عن التصويت لصالح قرار الإدانة الدولية، الذي رده مجلس الامن، بفعل الفيتو الروسي، حال عرضه على الجمعية العامة للأمم المتحدة، حفاظا على توازن الموقف اللبناني.

الحزب التقدمي الاشتراكي، قرأ في خلفية بيان الخارجية مسعى لبيع الولايات المتحدة الأميركية موقفا في السوق الإيرانية، كما سبق ان سحب الرسالة المودعة في الأمم المتحدة، باعتماد الخط البحري 29 في عملية ترسيم الحدود المائية في الجنوب، والعودة الى الخط 23، مقايضة مع رفع العقوبات الأميركية عن جبران باسيل، وأمور أخرى، كي يتسنى له الترشح للانتخابات النيابية، حال حصولها في منتصف مايو المقبل.

النائب باسيل رد مغردا عبر تويتر على العازفين على إيقاع المقايضات، بالقول: «حرضتم قبلا على العقوبات، واليوم على الحدود شو سهلة عندكم المقايضة، لأنكم قايضتم استقلالكم على مواقعكم، يا اذكياء انا لو بدي اعمل مقايضة على العقوبات كنت عملتها قبل ان تصدر، وليس اليوم، وكنت قبضت ثمنا غاليا مقابل عدم وضعها، انا مش غبي ولا عميل مثلكم».

وردا على الرد قالت مصادر عليمة، ان جوابا اميركيا اتى الى من يعنيهم الامر، ان الشق المتعلق بالإدارة الأميركية في موضوع العقوبات، يمكن ترتيبه، لتبقى المشكلة في الكونغرس الذي عليه تعديل قانون العقوبات الأساسي، تمهيدا لإعفاء باسيل منه، وهذا يتطلب جهدا ووقتا، لا يتلاءم مداه الطويل مع مواعيد الانتخابات التشريعية وحتى غير التشريعية في لبنان.

على الصعيد الانتخابي، لا يزال الحراك بطيئا، والترشيحات تكاد تكون مقتصرة على الأحزاب والتيارات المسيحية، من تيار حر وقوات لبنانية وكتائب وأحرار، مقابل سيطرة الشكوك بإمكانية اجرائها لدى الأطراف الأخرى، استنادا الى الظروف الخارجية المتفاقمة، والداخلية البالغة التعقيد، حيث مازال فريق وازن في السلطة يبحث عن الثغرات القانونية والاجرائية لتطيير الانتخابات، مع تركيز واضح على عرقلة انتخاب المغتربين.

اما على صعيد المجتمع الإسلامي السني، فالهم الأول بقاء لبنان وديمومة انتمائه العربي، حيث التطورات لا تبدو واعدة، بيد ان ذلك، يتطلب الاقدام بإصرار على ممارسة الحق الانتخابي، ترشحا واقتراعا، مع عدم الاستسلام لليأس والقنوط، كما قال المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان في رسالة الاسراء والمعراج أمس.

وفي هذا السياق الأنظار تتجه الى رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، الذي مازال يراهن على ترشيح عضو محكمة العدل الدولية د.نواف سلام على رأس لائحة بيروت الثالثة، وعلى أساس ان يحل مكانه، في حال استمر على تردده، وبعد احتساب دقيق للمحاور الانتخابية والتحالفات.

وتقول المصادر ان المحيط السياسي السني، لا يجوز ان يبقى في حالة الفراغ التي خلفها عزوف رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، بمعزل عن الضغوط والعقبات التي واجهها الحريري، فالمسألة مسألة الإسلام السياسي، كما يقول أستاذ الدراسات الإسلامية د.رضوان السيد، وليس من اجل الانتخابات للانتخابات، مع التأكيد على الطابع السلمي، وان كان حزب الله ليس سلميا.

وواضح ان غياب الرموز الإسلامية السنية عن المعركة الانتخابية المرتقبة، سيكون عامل دفع لانكفاء الناخبين عن الاقبال على صناديق الاقتراع، وبعد عزوف سعد الحريري وتمام سلام ونجيب ميقاتي، (لاحقا)، ترى المصادر ضرورة ملحة لوجود فؤاد السنيورة.

متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، مع المشجعين على اجراء الانتخابات التغييرية، وقال في قداس الاحد أمس: «الدينونة العادلة» آتية، على أمل أن تطل بوادرها في مايو المقبل، في صناديق الاقتراع، حين يجب أن يعبر اللبنانيون عن قرفهم ورفضهم وغضبهم بجرأة ودون خوف من ترهيب أو تهديد.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa