الوراثة السياسية تتصدّر المشهد مع كل استحقاق جديد... والكلمة الفصل لصناديق الاقتراع

08/03/2022 10:37AM

كتبت ميليسّا دريان في "السياسة": 

مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي في أيار المقبل، ومع الاستعدادات المكثّفة للكتل السياسيّة، موجة جديدة تظهر في البلد رفضًا للوراثة السياسيّة والطبقة الحاكمة، على اعتبار أنّ هذه الطبقة هي من ضمن العائلات السياسيّة العريقة التي أوصلت البلد إلى هذا الانحدار السياسي والاقتصادي والاجتماعي...

ويقابل هذه الموجة، عدد لا بأس به من النواب الذين يسعون إلى ترشيح أبنائهم للوصول إلى البرلمان.

 تاريخيًا... الوراثة السياسية من بداية العهد العثماني 

في جولة تاريخيّة على الوراثة السياسيّة يتبيّن أنّ تاريخ لبنان الحديث ارتبط منذ بداية العهد العثماني حتى تاريخ نهاية الحرب العالمية الأولى بالوراثة السياسيّة، بحسب الأستاذ في التاريخ الدكتور عماد مراد، "وذلك لأنّ لبنان شهد فترة طويلة من الإماراتين المعنيّة والشهابيّة، وكانت العائلة المعنيّة تورّث من الأمير للإبن للحفيد والإمارة الشهابية ينطبق عليها الوضع نفسه".

مراد، وفي حديثه لـ "السياسة"، يشير إلى أنّ "هذا الموضوع كان طبيعيًّا، بسبب غياب العمل السياسي المنتظم، وغياب الانتخابات والوعي السياسي، وكانت الطبقيّة هي المسيطرة على السياسة".

ويتابع: "كل شيء كان طبيعيًّا إلى أن تغيّرت الأمور إلى حدٍ ما بعد عامية انطلياس الأولى عام 1820، حيث تبدّل المزاج العام بنسبة ضئيلة، وعام 1821 خلال عامية لحفد، حيث بدأت الناس تُبدي رأيها وتنتفض بوجه الحكام".

 سقوط الإمارة الشهابية

كل هذه الأمور تبدّلت في العام 1842 كما يقول مراد: "سقطت الإمارة الشهابية وحلّ مكانها نظام القائمقاميتين الشمالية المسيحية والجنوبية الدرزية، وبدأت شخصيات جديدة تدخل على الخط السياسي بوجه الأمير والقائمقام في المنطقة، إلى أن انتهت بالفشل".

وهنا يلفت مراد إلى أنّ "عام 1858 كان مفصليًّا مع انطلاق ثورة الفلاحين مع الفلاح طانيوس شاهين، حيث انتفضت الطبقات الفقيرة على الطبقات الغنية، وكان إلى جانبهم البطريرك بولس مسعد، وهذا ما أعطى دفعًا لعامة الشعب لأن تُبدي رأيها في المجتمع.

 نقلة نوعيّة في تاريخ لبنان السياسي 

عام 1861، وبحسب مراد "حلّ نظام المتصرفية بعد مذابح 1860 الطائفية بين المسيحيين والدروز، وخلال هذه الحقبة طُبّقت القوانين، قَويت الصحافة في بيروت وجونيه وبعبدا، بدأت الثورة مع يوسف بك كرم، والمعارضة للحكم العثماني المتمثلة بداوود باشا مع ظهور معارضة وموالات، إضافة إلى الدعم الكنسي.

ولكن، التصرّف الدولي ضد يوسف بك كرم، أفشل هذه الثورة".

 الحياة السياسيّة تسير على المسار الصحيح 

هنا يشير مراد إلى أنه "بعد الحرب العالمية الأولى ومع الانتداب، بدأت الحياة السياسيّة تسير على المسار الصحيح، لأنه مع عام 1926 ومع وجود الدستور، تميّز لبنان بمجلس نيابي ومجلس للوزراء ورئيس للجمهورية"، لافتًا الى أنّ الحياة السياسية بدأت فعليًّا في لبنان مع انتخاب شارل دباس رئيسًا للجمهورية، وبدأ الصراع بين العائلات السياسية الوراثية والطبقات الجديدة المستقلّة لمزاحمة الطبقة المسيطرة".

 الوراثة السياسية استمرّت حتى اليوم 

كل هذه الثورات والانتفاضات لم تبدّل الأمور كثيرًا لأنّ الرأي العام ما زال حتى اليوم لا يتقبّل الأفكار التنويرية، وبقيت الأفكار مرتبطة بالشيخ والبيك والمير ولم يستطع اللّبنانيون الخروج منها، ولهذا السبب بقيت الوراثة السياسيّة في لبنان في عهد الانتداب وعهد الاستقلال".

وهنا يشدّد مراد على أنّ "الوراثة التي تظهر في لبنان هي وراثة بالمعني الصحيح، أيّ أنّ النائب أو الوزير يورّث ابنه عن طريق الانتخابات وليس بالقوة، وهذا يعني أنّ الناس هي مَن تقرر الوراثة السياسيّة وما زالت حتى اليوم تقترع للشخص الذي تريده".

وعليه، حتى اليوم يستمر اللّبنانيون باختيار الوراثة السياسية عبر صناديق الاقتراع، مع العلم أنّ مَن يستحق أن يدير الأمور الوطنية له كامل الحق والحرية أن يصل الى أعلى المراكز السياسية ولو كان ابن وزير أو نائب، أمّا بالنسبة لمن لا يستحقون الوصول، فهنا لا بد من التساؤل: هل سينتخبهم اللّبنانيون مجددًا؟


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa