أمتار فصلت العالم عن كارثة نووية في محطة زاباروجيا.. إليكم التفاصيل!

11/03/2022 04:44PM

كان الهجوم الذي شنته القوات الروسية الأسبوع الماضي على محطة الطاقة النووية زابوروجيا، أخطر بكثير مما تصوره المتابعون للغزو الروسي لأوكرانيا، ولا سيما المختصين في المخاطر النووية.

ووفقًا لتحليل قام به مختصون لصالح موقع الإذاعة الأميركية العامة "أن بي آر" لمقاطع فيديو وصور للهجوم وتوابعه، تبين أن القوات الروسية أطلقت النيران من أسلحة ثقيلة في اتجاه مباني المفاعل الضخم في زابوروجيا، والذي كان يحتوي على وقود نووي خطير.

وكشفت مراجعة شاملة لفيديو مدته أربع ساعات و21 دقيقة سجلته كاميرا حراسة أمنية مطلة على الموقع، أن مبنى إداريا يقع مباشرة أمام مجمع المفاعل دمرته نيران روسية. 

ويظهر مقطع فيديو آخر من داخل المصنع أضرارًا وقذيفة روسية محتملة سقطت على بعد 75 مترا من مبنى مفاعل الوحدة الثانية.

كما تظهر لقطات كاميرات المراقبة القوات الروسية وهي تطلق قذائف صاروخية عشوائيا على المبنى الإداري الرئيسي في المصنع وتطرد رجال الإطفاء الأوكرانيين، حتى مع اندلاع حريق خارج عن السيطرة في مبنى تدريب قريب.

القرائن تفند تصريحات مسؤولي الطاقة الدوليين

تقف الأدلة في تناقض صارخ مع تعليقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي أكدت، في الوقت الذي اعترفت فيه بخطورة الهجوم، أن العملية حدثت بعيدًا عن المفاعلات. 

وفي مؤتمر صحفي عقب الهجوم مباشرة، أشار المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل ماريانو غروسي، إلى أن قذيفة واحدة فقط أصابت مبنى تدريب مجاور لمجمع المفاعل، وهو ما فندته الدلائل المصورة، وفق "أن بي آر".

وقال غروسي للصحفيين في إفادة صحفية في الرابع من مارس "جميع أنظمة السلامة في المفاعلات الستة في المحطة لم تتأثر على الإطلاق".

لكن في الواقع، لم يكن مبنى التدريب، الجزء الوحيد من الموقع الذي تعرض لإطلاق النار من القوات الروسية. 

جنون

تدعم اللقطات التي وثقتها الكاميرات الأمنية ما أكده القائمون على الموقع النووي الأوكراني عن الضرر في ثلاثة مواقع أخرى، (غير مركز التدريب) وهي مبنى مفاعل الوحدة 1، والمحول في مفاعل الوحدة 6 وخزان الوقود المستهلك، والذي يُستخدم لتخزين النفايات النووية. 

منذ خطاب إعلان الحرب على أوكرانيا والمسؤولون الروس، وعلى رأسهم الرئيس فلاديمير بوتين، يشيرون مرارا وتكرارا إلى احتمال الرد النووي في حال تدخلت الولايات المتحدة أو شركاؤها في حلف شمال الأطلسي في الحرب.

لذلك، يقول إدوين لايمان، مدير سلامة الطاقة النووية في اتحاد العلماء المهتمين، في حديث للإذاعة الأميركية إن : "هذا الفيديو مزعج للغاية للروس".

وفي حين أن أنواع المفاعلات المستخدمة في المحطة أكثر أمانًا بكثير من تلك التي انفجرت في تشيرنوبيل في عام 1986، فإن الهجوم الروسي كان من الممكن أن يتسبب في كارثة مماثلة للتي ضربت محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية اليابانية في عام 2011 .

يقول لايمان: "من الجنون تمامًا تعريض محطة نووية لهذا النوع من الاعتداء".

وقال غروسي في مؤتمر صحفي، الخميس، إنه التقى بمسؤولين أوكرانيين وروس لكنه فشل في التوصل إلى اتفاق لتجنب هجمات مستقبلية على محطات نووية أخرى في أوكرانيا. 

تفاصيل الهجوم

من الواضح أن القرار الروسي للتحرك تجاه المحطة في 3 مارس الماضي، كان مع سبق الإصرار ، وفقًا لما قاله ليون هادافي، المحلل الذي ساعد "أن بي آر" على مراجعة الفيديو.

يقول هادافي: "لقد تم التخطيط لذلك مسبقا" إذ شملت العملية على حوالي 10 عربات مصفحة بالإضافة إلى دبابتين. 

وقبل الساعة 11:30 مساءً بقليل بالتوقيت المحلي، بدأ شخص ما في بث لقطات أمنية للمصنع على قناته على يوتيوب. 

استمر البث المباشر بينما بدأت القوات الروسية تقدمًا بطيئًا ومنهجيًا في المصنع. 

استخدمت القوات الروسية مركبات مدرعة، ودبابات، رفعت أضواء كاشفة للاقتراب بحذر من المصنع من الجنوب الشرقي على طول طريق الخدمة الرئيسي المؤدي إلى المنشأة.

وبعد حوالي ساعة و 20 دقيقة، أصيبت إحدى الدبابات بصاروخ من القوات الأوكرانية وتم تعطيلها.

كان ذلك، بداية لمعارك عنيفة استمرت قرابة ساعتين قرب المحطة. 

ومباشرة بعد تعطيل الدبابة، ردت القوات الروسية على النيران على ما يبدو واصطدمت بخط نقل متصل بالمحطة الكهربائية الفرعية الرئيسية بالمحطة. 

لم تكن صدفة

تقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن اثنين من أربعة خطوط ضغط عالي، تضررت في الهجوم، بينما يقول ليمان إن هذه الخطوط ضرورية لعمليات آمنة في المصنع، "بالتالي فإن استهدافها يعد خطرا كبيرا على سلامة المنطقة بأسرها".

بعد ذلك، تقدمت القوات الروسية إلى ساحة ركن السيارات بالقرب من البوابة الأمامية وبدأت في إطلاق النار.

تم توجيه الكثير من النيران نحو مركز التدريب والمبنى الإداري الرئيسي للمصنع، ولكن في نقاط مختلفة، ثم بدأت القوات الروسية جولات في عمق المجمع النووي في اتجاه مباني المفاعل.

وليس من الواضح ما إذا كانت القوات الروسية حاولت عمدًا ضرب أقسام أكثر حساسية في المحطة، أو  كانت ترد فقط بإطلاق النار على القوات الأوكرانية، (بعيدًا عن الكاميرا) لكن الواضح أن إطلاق النار "لم يكن محض صدفة" يجمع المحللون لمقاطع الفيديو.

يقول هادافي في الصدد: "نحن لا نرى وابلا عشوائيا من النيران" قبل أن يضيف "النيران كانت مركزة للغاية، ومن الواضح أنهم كانوا يريدون ضرب النقطة أ والنقطة ب والنقطة ج والنقطة د" وكلها نقاط لمفاعلات نووية.

وبعد ظهر اليوم التالي للمعركة، أفادت مفتشية تنظيم الطاقة النووية الحكومية في أوكرانيا أن مقصورة المفاعل في الوحدة 1 ، التي كانت تقع في اتجاه بعض النيران الروسية، تعرضت لأضرار. 

وأفادت أن قذيفتين سقطتا في منطقة كانت تحتوي على نفايات نووية قديمة تقع شمال المعركة. 

 وأكدت التصريحات اللاحقة للهيئة التنظيمية للمحطة، والوكالة الدولية للطاقة الذرية عن مزيد من الأضرار، لحقت بمحول الطاقة لمفاعل الوحدة 6.

وفي إحدى اللقطات، تظهر القوات الروسية وهي توجه نيرانها شمالاً نحو الوحدة 6 ومنطقة الوقود المستهلك، مما يؤكد نيتها المسبقة.

ويقول هادافي، إنه مع قرب نهاية المعركة، بدا أن بعض الجنود الروس يلقون قذائف "آر بي جي" بشكل عشوائي باتجاه المبنى الإداري الرئيسي.

وشوهد أحدهم وهو يخطو من خلف مركبة مدرعة، ثم ألقى ما مجموعه خمس قذائف آر بي جي على المنشأة.

منع رجال الإطفاء من الدخول

بحلول الساعة 2:25 من صباح 4 مارس، انتهى القتال، ووصلت التعزيزات، بما في ذلك مركبة مدرعة روسية الصنع من طراز MRAP بطلاء رمادي يشبه تلك المستخدمة من قبل الحرس الوطني الروسي.

ثم وصلت سيارات الإطفاء حوالي الساعة 2:50 صباحًا، على الأرجح من بلدة إنيرهودار القريبة. 

ولكن حتى مع اندلاع النيران في مبنى التدريب، يبدو أن القوات الروسية أجبرت رجال الإطفاء على الالتفاف.

فيديو الاستهداف الروسي لمفاعلات منشأة نووية أوكرانية

وفي الأيام التي أعقبت الهجوم، أصدرت Energoatom، شركة المرافق الحكومية الأوكرانية التي تدير المحطة، عدة صور تظهر الأضرار التي لحقت بالموقع على منصة التواصل الاجتماعي تلغرام.

ويُظهر مقطع فيديو قصير ما يمكن أن يكون قذيفة مدفعية روسية على ممر مرتفع يؤدي إلى مبنى مفاعل الوحدة 2.

تسببت القذائف، التي لم يتم التأكد من نوعها، بأضرار جسيمة، لكن هادافي يقول إنها تشبه نوع  100 ملم و 125 ملم من الذخائر التي تستخدمها العربات المدرعة والدبابات الروسية. 

ويُظهر الفيديو أيضًا ثقبين في سقف الممشى، على الأرجح بنيران روسية، وأضرار في العوارض الفولاذية التي تثبت السقف.

ويقع موقع القذيفة والضرر المسجل "على بعد بضع مئات من الأقدام من مبنى مفاعل الوحدة الثانية" كما يقول توم بيليفيلد، محلل الأمن النووي المستقل المقيم في ألمانيا.

يقول بيليفيلد أيضا إن الممر يمتد بجانب مبنى يستخدم للتعامل مع النفايات المشعة من المصنع. 

ولم يتم تعزيز هذا المبنى أو تحصينه ضد الهجمات والأحداث الكارثية الأخرى، مثل مباني المفاعل النووي، التي لو تم ضربها، لكان هناك احتمال لانطلاق محلي للتلوث الإشعاعي.

وأصدرت "إينيرغوتوم" التي تدير الموقع النووي، العديد من الصور للأضرار التي لحقت بالمكاتب في المصنع. 

وتمكنت "آن بي آر" من التحقق من الموقع باعتباره المبنى الإداري الرئيسي في مقدمة المنشأة.

واستنادًا إلى الصور وتقييمات الأضرار التي أجراها المسؤولون الأوكرانيون والوكالة الدولية للطاقة الذرية، يقول لايمان إن الضرر يبدو أنه لحق ببعض النقاط الأقل صلابة داخل المحطة النووية. 

وعلى عكس مباني المكاتب والممرات المرتفعة يتم إغلاق المفاعلات نفسها ووقودها المستهلك داخل وعاء احتواء سميك من الفولاذ يتحمل قدرًا كبيرًا من الضرر، تجنبا لكارثة نووية مثل ما حدث في تشيرنوبيل أو محطة فوكوشيما. 

للتذكير، في عام 2011، تسبب تسونامي هائل في تعطيل أنظمة الكهرباء والتبريد في محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية في اليابان. 

وبدون تبريد، ارتفعت درجة حرارة نوى المفاعلات العاملة الثلاثة وذاب الوقود النووي في النهاية.

وأدى الانهيار الذي أعقب ذلك إلى اختراق أوعية الاحتواء  وانسكبت المواد المشعة في البيئة، أُجبر أكثر من 100 ألف شخص على إخلاء منازلهم لفترة طويلة  ولم يعد الآلاف بعد.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa