"الصورة قاتمة".. الحرب على أوكرانيا تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن

10/04/2022 02:45PM

تمتد حقول مزروعة بالقمح في شمال غرب اليمن لكن هذه الكميات غير كافية لإطعام سكان هذا البلد الذي يشهد حربا مدمرة، بينما يتخوف اليمنيون من نقص القمح بسبب نزاع آخر يجري في أوكرانيا.

في محافظة الجوف، يقوم المزارعون بجمع البذور الثمينة تمهيدا لطحنها وشحنها إلى العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة المتمردين منذ عام 2014.

وفيما تتزايد أعداد الأشخاص الذين يواجهون خطر المجاعة، يرى اليمن، أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية، حربا أخرى تهدّد أمنه الغذائي، إذ تؤمن أوكرانيا نحو ثلث إمداداته من القمح.

وتحذّر المنظمات الإغاثية من أنّ نقص التمويل، وأحد أسبابه غياب ممولين رئيسيين في الخليج الثري، سيؤدي إلى تفاقم عواقب النزاع الذي قتل مئات آلاف وشرّد ملايين السكان ودمّر الاقتصاد وتسبّب بأكبر أزمة إنسانية في العالم. 

وقالت ياسمين فاروقي، كبيرة مستشاري السياسة في منظمة "ميرسي كوربس" الإنسانية، لموقع "صوت أميركا" إن تداعيات الأزمة في أوكرانيا ستؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في اليمن، كما سيواجه ملايين الناس نقصا كبيرا في الغذاء والوقود.

"صورة قاتمة"

وذكرت فاروقي بعد زيارتها لليمن خلال الأيام الماضية أن الصورة "قاتمة للغاية". وأضافت: "رأيت معظم العائلات يعيشون على وجبة واحدة في اليوم في بيئة أمنية غير مستقرة للغاية، مع ارتفاع الأسعار بشكل كبير".

وأكدت أنه في المدن الكبرى انخفضت التجارة بشكل كبير، مما جعل الكثير من الناس غير قادرين على كسب المال لشراء الطعام. وأشارت إلى أن حصص الغذاء تجعل الأطفال الصغار غير قادرين على النمو بشكل طبيعي.

وتابع فاروقي: "من المهم أن يلاحظ المجتمع الدولي أن اليمن ليس في السنة الأولى من أزمة إنسانية. هناك عدد من الأزمات التي تتكشف في جميع أنحاء العالم والتي تستحق اهتمامنا بلا شك، لكن اليمن يعامل كما هو الحال في العام الأول من أزمة طارئة، ودخلها في الثامنة".

في 14 مارس، بعد ثلاثة أسابيع من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، ذكرت اليونيسف أن "أزمة الجوع الشديدة بالفعل في اليمن تتأرجح على حافة كارثة صريحة".

ووفقًا لتصنيف مراحل الأمن الغذائي المتكامل، وهو قياس أعدته الأمم المتحدة وأكثر من اثنتي عشرة منظمة غير حكومية أخرى، من المتوقع أن يتدهور الوضع خلال الأشهر المقبلة.

ويتوقع محللون أن يعاني ما يقرب من 2.2 مليون طفل دون سن الخامسة في اليمن، وحوالي 1.3 مليون امرأة حامل ومرضع من سوء التغذية الحاد على مدار عام 2022 من سوء التغذية الحادة.

وقال جوردان تيغ، المدير المؤقت لتحليل السياسات وبناء التحالفات في منظمة "الخبز للعالم" لموقع "صوت أميركا": "كانت اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم منذ سنوات".

وأضاف تيغ: "يعتمد 80٪ من سكانها بالفعل على المساعدات لتلبية احتياجاتهم الأساسية فقط من أجل البقاء على قيد الحياة". وأكد أن آثار الحرب في أوكرانيا محسوسة بالفعل هناك. 

وأشار تيغ إلى أن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة اضطر إلى تقليل حصص الغذاء التي يوفرها لشعب اليمن، ويرجع ذلك أساسًا إلى ارتفاع الأسعار الذي يجعل الوكالة تكافح من أجل تحمل الإمدادات اللازمة.

وتسبّب النزاع على السلطة بين الحكومة والمتمردين المدعومين من إيران منذ بدأ في منتصف 2014، بمقتل أكثر من 377 ألف شخص بشكل مباشر أو بسبب تداعيات الحرب، وفق الأمم المتحدة.

ويسيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى في شمال وغرب البلاد، بينما يسيطر تحالف عسكري بقيادة السعودية يقدم الدعم لقوات الحكومة، على الأجواء اليمنية.

ويعتمد نحو 80 بالمئة من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة على المساعدات من أجل البقاء على قيد الحياة، فيما تقول الأمم المتحدة أن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

عبء ثقيل

داخل مخبز في صنعاء، ينكب محمد الجلال والعاملين لديه على انتاج أرغفة الخبز. ويقول الخباز لوكالة فرانس برس إن "الدقيق متوفر في السوق. نحن خائفون من انعدامه بسبب الحرب بين اوكرانيا وروسيا".

وبحسب الجلال فإنه يتوجب على التجار استيراد كميات كافية من القمح، داعيا "السلطات المحلية إلى دعم المزارعين لزراعة القمح" من أجل تحقيق "الاكتفاء الذاتي".

ويؤكد علي الخالد، مسؤول الإعلام في المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب التابعة للمتمردين الحوثيين لفرانس برس "بسبب العدوان والحصار وبسبب الأزمة الحاصلة في أوكرانيا، لا سبيل أمامنا إلا التوجه للأمن الغذائي داخل البلد".

وأوضح أنه في مواجهة ذلك "نسعى إلى التوسع في زراعة الحبوب في اليمن بشكل عام ومنطقة الجوف بشكل خاص".

ودخلت هدنة لمدة شهرين قابلة للتمديد في اليمن حيز التنفيذ منذ نحو أسبوع.

وأثارت الهدنة الهشة في اليمن الغارق في الحرب تفاؤلا حذرا لدى كثير من السكان، الذين يخشون أن يصابوا بخيبة أمل جديدة.

وتنتج أوكرانيا نحو ثلث إمدادات القمح إلى اليمن، ما يثير خشية من تفاقم الجوع في بلد ارتفعت فيه أسعار المواد الغذائية أكثر من الضعف منذ العام الماضي، وفق الأمم المتحدة، وبات غالبية السكان، بطريقة أو بأخرى، غير قادرين على إعالة أنفسهم.

ويحذر علي الكبوس، الذي يعمل في استيراد وبيع القمح، من أنه "إذا استمرت الحرب بين أوكرانيا وروسيا، فإن سعر القمح سيزيد هنا".

ومع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية أيضا بسبب الحرب في أوكرانيا، يشير الكبوس إلى أن "هذا العبء سيزيد على المواطنين".

وبلغت أسعار السلع الغذائية العالمية "أعلى المستويات على الإطلاق" في مارس في وقت عرقل الغزو الروسي لأوكرانيا صادرات القمح والحبوب، حسبما أعلنت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) الجمعة.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa