المواجهة مع الصين.. شرعية الحزب الشيوعي تضعف وفرصة أميركا قوية

02/05/2022 12:53PM

خلال فترة الحرب الباردة، كانت الولايات المتحدة تقود نهجا اقتصاديا ودبلوماسيا هجومي الطابع انتهى إلى إضعاف الاتحاد السوفيتي وقتها بما يكفي لتفتيته، لكن هذا النهج ليس هو ذاته المستخدم من قبل واشنطن تجاه صعود بكين، حسب تحليل لمجلة National Interest الأميركية.

وتقول المجلة إنه في الوقت الذي تتصدى فيه الولايات المتحدة لصعود الصين، فإنها تتخذ خطوات دفاعية، وليس هجومية، لمواجهة التحدي الذي يواجه قيادتها العالمية، وتعزيز الاستثمار في التكنولوجيا والبنية التحتية، وتحويل الأصول العسكرية نحو آسيا، وتعزيز التحالفات.

وتضيف المجلة "يبدو أنه لا توجد فكرة واضحة عن كيفية مواصلة الهجوم – كيفية إضعاف الدعم بشكل كاف بين الشعب الصيني وداخل الحزب الشيوعي الصيني (CCP) بحيث يتعثر النظام من الداخل"، مضيفة أن "هذه الاستراتيجية الهجومية أساسية لإنهاء الحرب الباردة".

وفيما قوضت هذه الاستراتيجية النظام السوفيتي في أضعف مفاصله، وهي شرعيته في الداخل، مستفيدة من وجود جيش قوي ومجموعة من التحالفات الرادعة للعدوان المباشر، والتي وفرت الوقت لمفاهيم مثل الرأسمالية وسيادة القانون والديمقراطية وحقوق الإنسان لكسب قلوب وعقول الناس وراء الستار الحديدي.

وتقول المجلة إنه من المرجح أن تشهد العقود المقبلة معركة أخرى طويلة الأمد، هذه المرة مع الحزب الشيوعي الصيني.

وتضيف إن طبيعة هذه المنافسة ستكون مختلفة حتما نظرا للديناميكية الاقتصادية للصين، والتبادل التجاري والتكنولوجي بين الولايات المتحدة والصين، ومع ذلك فإن الحزب معرض للتحديات التي تواجه شرعيته إذا تمكنت أميركا من إظهار كيف يمكن لأفكار مثل الحرية الاقتصادية، وسيادة القانون، وحقوق الملكية، والحرية الدينية أن تجلب فوائد أكبر للشعب الصيني مما يقدمه الحزب.

وتستشهد المجلة بالحملة الأخيرة على عمالقة التكنولوجيا في البلاد واعتقال المئات بسبب نشاطهم الشعبي، فيما يتأثر عشرات الملايين بشكل مباشر بالقيود المفروضة على الحرية الدينية.

ومنذ تولي الرئيس، شي جين بينغ السلطة، في عام 2012  أصبحت الصين أقل حرية بكثير مما كانت عليه خلال الأعوام التي سبقتها.

وتقول المجلة إنه يمكن للولايات المتحدة تقويض شرعية الحزب في الداخل من خلال إضعاف الأداء الاقتصادي للصين واتخاذ خطوات لبث بدائل للحزب أفضل للشعب الصيني. وكذلك الحد من التدفقات المالية التي تعزز حكم الحزب، وأن تضمن ربط هذا التقليص بسلوك الحزب، وأن تفتح بابها على نطاق أوسع أمام النخب الصينية والطبقة الوسطى للهجرة، وأن تستخدم وسائل الإعلام باللغة الصينية بشكل أكثر إبداعا للوصول إلى السكان.

وتضيف المجلة أن تغيير المشاعر الشعبية سهلا نظرا لسيطرة الحزب على المعلومات، ولكنه ممكن إذا تم اختيار قنوات التأثير الصحيحة.

وعلى الرغم من أن الحزب الشيوعي الصيني ليس لديه، على طريقة الاتحاد السوفيتي، استراتيجية كبرى لتعزيز نموذج حكمه في جميع أنحاء العالم، إلا أنه حريص على إثبات تفوق نموذجه - الذي يسميه الاشتراكية ذات الخصائص الصينية - محليا لضمان حفاظه على مستويات عالية من الدعم من شعبه.

ومن وجهة نظر الحزب تدور هذه المعركة حول إظهار أنه يحكم بشكل أفضل (وأكثر أخلاقية) من الآخرين، وأنه يحقق نتائج أفضل، وخاصة الازدهار المادي.

وفي السنوات الأخيرة، توسعت أهداف الحزب الشيوعي الصيني لتشمل بيئة أفضل، ومكانة عالمية أقوى، وفسادا أقل – وهي ثلاثة مخاوف للطبقة الوسطى في البلاد – فضلا عن الحد من عدم المساواة ورفع المعايير الأخلاقية.

وتقول المجلة إن الحزب يعتمد على عزل الطبقة الوسطى الصينية عن مصادر المعلومات العالمية التي يمكن أن تدفع هذه الطبقة للمقارنة بينها وبين ما يجري في العالم.

وفي حين أن الحزب في وضع قوي محليا، والمجتمع الصيني لا يطالب بالتغيير، فإن هذا قائم على النجاح الهائل الذي حققته الصين في تعزيز مستويات المعيشة منذ عام 1978.

وتقول المجلة إنه بتقدم الأجيال، وغياب ذاكرة سنين الجوع والفقر الماضية من الأجيال الأكثر تعليما واطلاعا فإن الشعب سيطالب عاجلا أم آجلا بإصلاحات.

وتضيف أن "الحزب يستخدم الريف لتطويق المدن" مستهدفا المناطق والجهات الفاعلة التي يتجاهلها منافسوه أو لا يستثمرون فيها (على سبيل المثال، البلدان النامية، ووسائل الإعلام غير الناطقة باللغة الإنجليزية، والحكومات المحلية، والبلدان الصغيرة) من أجل تطويق معاقل المدن الأكثر تقدما اجتماعيا واطلاعا على التجارب العالمية.

كما إن سيطرة الحزب والدولة على المشهد الإعلامي باللغة الصينية في معظم أنحاء العالم (وهي منطقة يتجاهلها منافسوها في الغالب) تمنحه القدرة على الوصول مباشرة إلى الملايين من المتحدثين باللغة الصينية في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وخارجها على أساس يومي، مما يضمن بقاء الشتات الصيني الضخم متعاطفين مع الحزب ويحرم الولايات المتحدة من القدرة على التأثير عليهم.

وتقول المجلة إن السياسيين الأميركيين لديهم فهم ضئيل بشكل ملحوظ لهذه القضايا، فقليلون هم الذين يعرفون الصين أو الثقافة الاستراتيجية الصينية جيدا، ولا أحد تقريبا يتحدث اللغة أو قضى وقتا طويلا في البلاد.

ومن أجل مواصلة الهجوم، تقول المجلة إنه يجب على الولايات المتحدة استهداف كل مصدر من مصادر شرعية الحزب الشيوعي الصيني، الأداء، والقومية، والمعلومات، والقيود المفروضة على المجتمع المدني.

وتضيف إنه ينبغي على الولايات المتحدة أن توضح الفرق بين الولايات المتحدة (وحلفائها) والصين، وتركز على مفاهيم سيادة القانون وحكم الإنسان، المساواة في الحقوق والتمييز العرقي والجنساني والجغرافي والأسري.

وأوصت المجلة باتباع "نهج أكثر لباقة يتحدث مباشرة إلى مخاوف المواطنين الصينيين بحيث من الممكن أن يحفز ميولهم الإصلاحية، واستهداف أكبر نقاط الضعف لدى الحزب – الأداء الاقتصادي الذي يدعم شعبيته ويشجع الكثيرين على الإذعان للوضع الراهن.

وتقول إن الزيادة التدريجية في تكلفة ومخاطر الاستثمار في الصين وشرائها يمكن أن تقلل من النمو الاقتصادي في الصين وكذلك تقلل من اعتماد الولايات المتحدة عليها - وهو أمر ضروري للأمن القومي - بطريقة لا تعطل الاقتصاد الأميركي.

وتشمل التكتيكات فرض عقوبات مستهدفة وتوسيع نطاقها تدريجيا، بدءا من الشركات المرتبطة بالجيش والإبادة الجماعية للأويغور والتوسع تدريجيا لتشمل مجموعة أوسع من انتهاكات الحقوق والتكنولوجيات ذات الاستخدام المزدوج.

وينبغي إبلاغ كل هذه التدابير بشكل جيد إلى الطبقات الوسطى والعليا الصينية، حتى لو واصل الحزب جهوده الطويلة الأمد لمنع مصادر بديلة للمعلومات. وسيكون من الصعب على الحزب أن ينكر هذه المعلومات، حتى لو سعى إلى تغليفها في سرد يخدم مصالحه الذاتية.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa