09/05/2022 07:19AM
كاد طابور الكيلومتر وأكثر من الناخبين الذين اصطفوا تحت درجة حرارة تجاوزت أربعين درجة مئوية على الطريق المؤدية إلى القنصلية اللبنانية في دبي، أن يطغى برمزيّته المتعددة البُعد على دلالات الجولة الثانية من انتخابات المغتربين، التي أقيمت أمس في 48 دولة في مختلف القارات.
فهذا الطابور الذي استمرّ لساعاتٍ تَمَدَّد خلالها في بعض الأوقات وتَقلَّص في أخرى، ورغم أنه اعتُبر مؤشراً لحماسة لبنانيي الإمارات العربية المتحدة، وتحديداً دبي للمشاركة في انتخاباتٍ يكتمل نصابها يوم «الأحد الكبير» في 15 الجاري مع فتْح صناديق الاقتراع لنحو 3 ملايين و750 ألف مقيم، إلا أنه شكّل إشارةً نافرة إلى احتراف السلطات اللبنانية «صناعة طوابير» طبعت تَحَوُّل «بلاد الأرز» في العاميْن الأخيريْن «جمهورية ذل»، وصولاً إلى «تصدير الطوابير» لدول الانتشار.
ولم تتأخّر المشهدية السوريالية أمام قنصلية لبنان في دبي في أن توضع في «غربالٍ» سياسي وشعبي، أمْكن إسقاطُ خلاصاته على مجمل استحقاق انتخابات المغتربين التي كان مدعوّاً للمشاركة فيها أمس، 194.348 ناخباً بعدما أتيح لنحو 30 ألف و100 ناخب حق الاقتراع يوم الجمعة في 9 دول عربية وإيران وشارك منهم 59.49 في المئة.
وما جَعَلَ مثل هذا الإسقاط ممكناً أن الإمارات هي من أكثر الدول التي تَسَجَّل فيها ناخبون للاقتراع (25066 ناخباً بينهم 19924 في دبي و5142 في أبو ظبي)، الأمر الذي أعطى لنسبة الاقتراع فيها كما لكيفية إدارة السلطات اللبنانية المعنية للعملية الانتخابية فيها أبعاداً بالغة الأهمية قابلة «للبناء عليها» في معرض إكمال اللوحة الانتخابية المرسومة بـ «ريشة» الاغتراب والتي تشكّل جزءاً لا يجوز التقليل من تأثيره على مجمل «البازل» الانتخابي الذي يحتلّ اقتراع المقيمين يوم الأحد المقبل الحيّز الرئيسي منه.
وفيما كانت كل المؤشرات تدلّ في ساعات بعض الظهر على أن نسبة الاقتراع في الإمارات ستناهز 70 في المئة، فإن وُجهة التصويت لم تتفلّت من سقفٍ بدا هو الذي يحكم كل مسار انتخابات المغتربين التي طغى عليها شعار «يوم الحساب»، ولكن وفق منطقيْن:
* الأوّل بدا أكثر التصاقاً بالمهاجرين اللبنانيين الذين انتقلوا إلى دول الانتشار في فترة الحرب الأهلية (1975 - 1990) أو قبلها، وهؤلاء اعتُبرت «محاسبتهم» سياسيةً بالدرجة الأولى وفق ترسيماتٍ يفيض عليها البُعد السيادي واصطفافات الداخل التقليدية واستقطاباتها.
* والثاني اعتُبر «المهجَّرون الجدد» معنيين به أكثر ويقوم على المحاسبة التغييرية، وإن ذات الامتداد السياسي في نتيجتها، على المسار الكارثي الذي وصلت البلاد إليه منذ انتخابات 2018 بعدما ضربها «تسونامي» الانهيار الكبير الذي حوّل اللبنانيين من بؤساء العالم وأطلق موجة هجرة قسرية جديدة طغى عليها عنصر الشباب، وهزّها «بيروتشيما» في 4 أغسطس 2020 أي بعد أقل من عام على انتفاضة 17 أكتوبر 2019 التي أرست مناخاً من تغييرٍ بقي «مع وقف التنفيذ» ويشكّل الاستحقاق النيابي محطة رئيسية في سياق إمكان ترجمته في الصناديق رغم التشققات، التي أصابت «جسم» الانتفاضة وقوى المجتمع المدني التي تشتّتتْ في غالبية الدوائر.
ولم يكن ممكناً التغاضي عن طغيان المزاج التغييري على الناخبين اللبنانيين في قنصلية دبي (ضمت 37 قلم اقتراع) الذين صرّحوا لوسائل الإعلام وجاهروا بواجب التغيير ومحاسبة مَن أوصلوا لبنان إلى الانهيار الشامل، وبعضهم لم يتردّد في إعلان «واقفين بالطابور بالشوب مرّة كرمال أهلنا ما يوقفوا بطوابير الذلّ ألف مرّة».
ولم يتوانَ اللبنانيون في دبي كما في «الوطن الأم» عن الإضاءة على مبادرة معبّرة جداً كان أبطالها عناصر من شرطة دبي اندفعوا لمساعدة الناخبين على تحمل درجات الحرارة المرتفعة خلال عملية الاقتراع، حيث ظهروا في شريط فيديو وهم يلوّحون بقطع من الورق المقوّى أمام وجوه الناخبين لإعطائهم بعض الهواء بسبب الحرّ وحشْرهم في مركز واحد وضيّق.
وجاءت معاناة الناخبين في دبي لتعزّز «مضبطة الاتهام» التي وجّهتها بعض القوى السياسية المعارِضة لعهد الرئيس ميشال عون و«حزب الله» بتعمُّد زرْع تعقيدات أمام المغتربين لعرقلة اقتراعهم كون غالبيتهم متفلّتين من الضغوط السياسية أو تلك المرتبطة بوطأة الأزمة المالية، وذلك عبر إثارة رفْض القنصلية في دبي نقل الانتخابات إلى مركز أكبر مجهّز ومكيف رغم ما قالوا أنه عرض تلقتْه بتأمين المركز التجاري في دبي مجاناً لاحتضان اللبنانيين في يوم الاقتراع، أو الكلام عن تشتيت ناخبين في الولايات المتحدة وأستراليا على مستوى توزيع عائلاتهم على صناديق الاقتراع في أكثر من ولاية ومدينة.
ومن هنا فإن الأنظار شخصت على الاقتراع في كل من الولايات المتحدة وأستراليا، التي كانت أول دولة تُفتح فيها صناديق الاقتراع (منتصف ليل السبت - الأحد) وتُقفل (بين الثالثة بعد ظهر الأحد والخامسة عصراً بتوقيت بيروت)، وقد سجّلت نسبة الذين انتخبوا فيها نحو 55 في المئة من 20661 ناخباً.
وإذ كانت بعض الولايات الأميركية (تسجّل في الولايات المتحدة 27982 ناخبا) ومقاطعات كندا (27447 ناخبا) آخِر مَن تُسدل الستارة فيها على عملية الاقتراع (صباح اليوم)، فإن الأرقام الأولية من دول أوروبا وأفريقيا وأميركا الشمالية واللاتينية عكست مناخات، راوحت بين الحماسة والترقب، إذ أعلن وزير الخارجية عبد الله بوحبيب عصراً أنه «اقترع في أوروبا 20 في المئة حتى الآن وفي فرنسا 4232 شخصاً (من 27813) وفي ألمانيا 3482 شخصاً (من 16171) وفي بريطانيا وإيرلندا الشمالية 1282 مقترعاً (من 6535) وفي باقي الدول لا يزال عدد المقترعين تحت الـ1000». علماً أنه في عموم القارة الأفريقية لم يتَسَجَّل إلا نحو 18 ألف ناخب (بينهم في الكوت ديفوار 6070 ناخباً) وغالبيتهم من المكوّن الشيعي، وفي البرازيل اقتصر عدد المسجلين على 2861 ناخباً.
وكما في الإمارات فإن الأرقام في فرنسا كانت تحت المجهر في ضوء استنهاض كبير كان برز لدى الناخبين كما القوى السياسية والتغييرية التي واكبت على الأرض الاقتراع في دولةٍ يختلط فيها مناصرو الأحزاب، وللتيار الوطني الحر حضور فيها منذ احتضانها الرئيس عون إبان فترة نفيه (بين 1991 و2005)، مع مؤيدي التغيير، وقد سُجل إشكالان في أحد مراكز الاقتراع في باريس أحدهما استوجب تدخل الشرطة.
وفي أي حال، ساعاتٌ قليلة وتتكشف خلاصات جولتيْ انتخابات المغتربين الذين كان تَسَجّل منهم للاقتراع 225 ألفاً و114 ناخباً (3 أضعاف الرقم الذي سُجل في 2018)، وهي الخلاصات التي تنطلق من التوزُّع الطائفي لهؤلاء والذين طغى عليهم المسيحيون (أكثر من 115 ألفاً تصدّرهم الموارنة بنحو 77 ألف ناخب ثم الروم الأرثوذكس بنحو 23 ألفاً، يليهم السنّة بنحو 49 ألف ناخب، ثم الشيعة بنحو 48 ألف ناخب).
كما أن تأثير «كتلة المغتربين»، الذي لن يُحسم رقمياً إلا بعد فرز الصناديق التي ستبقى «ودائع» في مصرف لبنان المركزي حتى الأحد المقبل، يستند أيضاً إلى تَركُّز أعدادهم في الدوائر والنسبة المئوية التي يشكلونها من مجموع عدد الناخبين في هذه الدوائر، بحيث إن هذا الأمر يساهم في تحديد قدرتهم على تغيير وُجهة النتائج ولا سيما في أكثر من دائرة باتت تُعتبر مسرحاً لـ«أم المعارك» وخصوصاً ذات النكهة الرئاسية كما في الشمال الثالثة (البترون، زغرتا، الكورة وبشري) التي تشهد «مكاسرةً ضارية» بين 3 مرشحين رئيسيين للكرسي الأول، رئيس «التيار الحر» جبران باسيل، رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع وزعيم «المردة» سليمان فرنجية (والأخيران لا يترشحان شخصياً).
ولا يقل الشوف - عاليه أهمية وقد توّج الزعيم الدرزي وليد جنبلاط عملية التحمية الانتخابية عبر إعطاء المعركة في هذه الدائرة التي يستشعر فيها محاولة لتطويقه وتطويعه من «حزب الله» و«التيار الحر» طابعاً فوق عادي إذ أعلن من خلف جدار «الصمت الانتخابي» وفي احتفال اليوبيل الذهبي لـ«مؤسسة العرفان» أننا اليوم على مشارفِ اغتيالٍ جديدٍ عبرَ الانتخابات، متوجهاً إلى «العمائمَ البيضاءِ، عمائمَ الحكمةِ والتوحيدِ والعقلِ والإيمانِ، بأن نردَ الهجمةَ سويّاً كما فعلتم في جبلِ العرب، وكما فعلتم في كلِ موقعةٍ من حربِ الجبل، وذلكَ عبرَ صناديقِ الاقتراع، لمنعِ الاختراق، ومنعِ التطويعِ والتبعيّة».
ويُذكر أن أكبر عدد من الذين تسجلوا للاقتراع في الخارج كان من دائرة الشوف - عاليه (نحو 29 ألف ناخب)، يليهم نحو 27 ألفاً في الشمال الثالثة، وهذه الأرقام تعطي قدرة تأثير كبيرة في النتائج والحواصل بحال ارتفعت فيها نسبة الاقتراع الاغترابي، بالتوازي مع 36 ألفاً في بيروت بإمكانهم إعطاء دفع باتجاه أو آخر، في بيروت الأولى (ذات الغالبية المسيحية) وفي الثانية (ذات الغالبية المسلمة السنية).
ويُذكر أن عدد الذين تسجلوا للاقتراع في الخارج يشكلون 5.67 في المئة من إجمالي عدد الناخبين من المقيمين البالغ 3 ملايين و744 ألفاً و959 ناخباً.
مولوي: مهرجان انتخابي اغترابي
وصف وزير الداخلية بسام مولوي انتخابات المغتربين بأنها «مهرجان لبناني في الخارج، ونحن وفيْنا بما وعدنا به وحضّرنا للانتخابات بطريقة جيدة وأفضل من الظروف التي نعيشها».
عون: نتمنى أن تنتهي الانتخابات من دون مشاكل واعتراضات
تفقّد الرئيس ميشال عون غرفة العمليات، التي أقيمت في مقر الخارجية اللبنانية لمواكبة انتخابات الخارج. وإذ أكد عون خلال الجولة أن الانتخابات النيابية في الداخل ستجري في موعدها، لافتاً إلى أنه لو اعتُمدت «الميغاسنتر» كانت سهّلت على المواطنين الكثير من التنقل وحققت مشاركة واسعة، قال أمام الإعلاميين، بعدما صرخ بهم «اسكتوا إذا كنتم تريدون أن أتكلم». وأضاف «يعطيكم العافية على الإنجاز الذي قمتم به وتقومون به الآن، لأن هذه العملية تتطلب جهوداً غير قليلة، وهذه المرحلة الثانية من هذه الانتخابات، وإن شاء الله تتحسن الأمور في الانتخابات المقبلة وتكون أسهل من اليوم، فيكون لكل مواطن رمز معين أي(كود)يستطيع عبره أن يصوّت من منزله وتأتي النتيجة مباشرة هنا من دون صناديق وتكون أوفر على الدولة».
كما تمنى أن «تنتهي هذه الانتخابات من دون مشاكل واعتراضات»، مضيفاً «كل أربع سنين وأنتم بخير».
شارك هذا الخبر
بالفيديو: وزير الداخلية يجول في مراكز الاقتراع بالغبيري
بالفيديو: ناخب يعتدي بالضرب على رئيس قلم
حين تُختصر الدولة بخزان مازوت: بعلبك بين خطاب المقاومة وحقيقة التبعية!
عون من وزارة الدفاع: الهدف هو إنعاش البلديات لإنعاش كل الوطن
جعجع: إجراء الاستحقاق بموعده يعني الدخول في مرحلة جديدة ولأهالي جبل لبنان: شاركوا بكثافة
مقتل جنديين إسرائيليين بانفجار نفق في غزة
زعيم كوريا الشمالية يزور مصنع إنتاج دبابات
بريطانيا توقف ٤ إيرانيين بعد تخطيطهم لهجوم إرهابي
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa