الانتخابات اللبنانية... «حزب الله» خسر الأكثرية النيابية ولم يربحها الآخَرون

18/05/2022 07:24AM

جاء في "الراي الكويتية":

.. «تسليمٌ وتسلُّمٌ» بين أكثريةٍ صريحة خسرها «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» وحلفاؤهما، وبين «أكثريةٍ ضائعة» كرّستْ أن البرلمانَ الجديد الذي انبثق من انتخاباتٍ «لاهبة» محكومٌ بتوازنٍ سلبي، يعكس في جانبٍ منه «تصويباً»، ولو جزئياً، لمسارٍ «زَحَل» معه الواقعُ اللبناني بالكامل نحو «المحور الإيراني»، ويؤشر في الوقت نفسه إلى مرحلة «شقاءٍ» سياسي تقف «بلاد الأرز» على مشارفها، بعض خلفياتها يتّصل بتشظيات «الحروب الانتخابية» و«خناجرها» التي حفرتْ عميقاً في العلاقات بين قوى وازنة، وبعضها الآخَر بالموجات الأكثر عصفاً للانهيار المالي والتي بدأت «رياحها السبّاقة».

هكذا بدا المشهد في لبنان مع اكتمال إعلان نتائج انتخابات الأحد التي فَقَد فيها ائتلاف «حزب الله» - التيار الحر أكثرية الـ 74 نائباً (من 128 يتألف منهم مجلس النواب) التي كان يملكها في برلمان 2018 متراجعاً مع حلفائه إلى ما بين 59 و 62 نائباً (في قراءة أولية).

وقد بدت بيروت أمس، وكأنها «تمشي على رأس قَدَميْه» وهي تضع «رِجلاً» في منطقة ضبابية بامتياز، خلْفها استحقاقٌ نيابي أُنجز «باللحم الحيّ» ورحّب المجتمعُ الدولي بحصوله داعياً لاحترام نتائجه، وأمامها استحقاقات دستورية داهمة لن تمنح مجلس النواب «الوليد» أي استراحةٍ، غير التي تفصله عن انتهاء ولاية سَلَفه في 21 الجاري.

وابتداءً من 22 مايو، سيكون البرلمان أمام امتحانٍ على طريقة «أول دخوله معركة بطوله» وهذه المَرّة على «جبهة» انتخاب رئيسٍ لمجلس النواب، لا شك في أنه سيكون وللمرة السابعة على التوالي زعيم حركة «أمل» الرئيس نبيه بري الذي لن يكون هناك منافِس له (الثنائي حزب الله وأمل فاز بالمقاعد الشيعية الـ 27)، ولكنه سيواجه تحدي البقاء في منصبه (يتولاه منذ 3 عقود على التوالي) برقم مرموق و«ومتعدد الطوائف»، وسط إعلانٍ مبكّر «لن نصوّت لبري» من قِبل أطراف في ما يمكن وصْفه حتى الساعة بـ «الأكثرية المعلَّقة» التي قد تملك عدَدياً رقماً أعلى من كتلة «حزب الله» وحلفائه (إذا احتُسب من ضمنها النائبان أسامة سعد وعبدالرحمن البزري) إلا أنها مرشّحة لأن تبقى «أكثريات على القِطعة».

والواقع أن انتخاب رئيس البرلمان سيشكّل بدوره أول اختبارٍ لقوى مشتَّتة، من أحزاب (مثل القوات اللبنانية، والتقدمي الاشتراكي، والكتائب، وحركة الاستقلال) ومستقلين ومن قوى تغييرية «اقتحمت» البرلمان بكتلة من نحو 14 نائباً، فإما تبقى «معارَضات» لـ «الأكثرية الناقصة» لـ «حزب الله» والتيار الحر، أو تنجح في تأطير نفسها ضمن تكتل يمنحها أكثرية مطلقة، لخوض استحقاق رئاسة مجلس النواب وبعده تشكيل حكومة جديدة بدءاً من تكليف رئيس لتأليفها، وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية (موعدها الدستوري بين 31 أغسطس و31 أكتوبر).

وفي هذا الإطار، يرتسم «بلوك» القوى التغييرية، التي أضافت تنوُّعاً غير مسبوق إلى الموزاييك البرلماني «الباهِت» و«المتحجّر» صارت معه انتفاضةُ «17 أكتوبر 2019» تحت قبة البرلمان، كـ «بيضة قبان» من شأنها ترجيح أكثرية على أخرى رغم الاقتناع بأنها أبعد ما تكون عن تحالف السلطة الحالية، كما عموم الطبقة السياسية التقليدية، وسط انطباعٍ بأنه سيتعيّن على «التغييريين» بعدما باتوا في قلْب اللعبة البرلمانية أن يتحولوا «ثواراً مؤسساتيين» وشبْك أيديهم أولاً، ومدّها ثانياً لمختلف القوى، حزبيةً أو مستقلّة، التي تلتقي معهم على «معركة الإصلاح»، ومن دون أن يتّضح بعد منسوب انغماس كلّ من النواب التغييريين في «المعركة السيادية» بعنوانها الرئيسي الذي حملتْه أحزاب المعارضة.

وإذ كان معبّراً أن «قبضة الثورة» في «ساحة الشهداء» في وسط بيروت تعرّضت للحرق ليل الاثنين من شبان حَمَلَ بعضهم رايات «حزب الله» وكانوا يهتفون «شيعة، شيعة»، فإنّ بيروت لم تسترح أمس، من عمليات «التدقيق» في نتائج الانتخابات التي اكتملت دائرة المفاجآت فيها بسقوط النائب فيصل كرامي في طرابلس التي فاز فيها 3 من قوى التغيير (بينهم 2 عن مقعدين سنيين) و3 من لائحة اللواء أشرف ريفي بالتحالف مع «القوات اللبنانية»، وآخرون.

وفي حين بقي خصوم «حزب الله» على اهتمامهم بالضمور ولو النسبي في استجابة المكوّن الشيعي للتصويت بما يتناسب مع حجم التعبئة التي أطلقها «حزب الله»، وهو ما اعتُبر ذات مغزى في ظل طغيان الهمّ المعيشي وتمدُّد البؤس في طول لبنان وعرضه، فإن أبرز ما وُضع في «الغربال» كان نجاح قوى التغيير في اختراق لائحة الثنائي الشيعي في دائرة الجنوب الثالثة (حاصبيا - مرجعيون - النبطية - بنت جبيل) بمرشحيْن: الأول عن المقعد الدرزي الذي فاز فيه المرشح على لائحة «معاً نحو التغيير» فراس حمدان على حساب المرشح مروان خير الدين، والثاني إلى إلياس جرادي عن مقعد الروم الأرثوذكس (على اللائحة نفسها) مقابل مقعد المرشح أسعد حردان الذي اعتُبرت هزيمته «صارخة».

وفي السياق نفسه، جرى التوقف عند أبعاد خروج حلفاء لـ «حزب الله» من المشهد النيابي بعدما هبّت رياح التغيير بقوةٍ على دائرة الشوف عاليه لتطيح بالنائب طلال ارسلان، وعلى البقاع الغربي - راشيا حيث أقصت نائب رئيس البرلمان إيلي الفرزلي، في موازاة تراجعاتٍ لحلفاء آخرين مثل تيار «المردة» (بزعامة سليمان فرنجية) الذي فاز بمقعد واحد في زغرتا، وهو التراجع الذي حجبه ما اعتُبر «إنزالاً» انتخابياً في «حصن» القوات اللبنانية في بشري حيث ربح المرشح على لائحة المردة وليام طوق على النائب جوزف اسحق.

وبالتدقيق بالأرقام، يتضح أن فوز طوق، رغم أن اسحق تقدّم عليه بأكثر من 2800 صوت تفضيلي، جاء بسبب تَقدُّم النائب «القواتي» فادي كرم على اسحق بنسبة «التفضيلي» وعدم فوز «القوات» بالحاصل الرابع في دائرة الشمال الثالثة الذي آل إلى «التيار الحر» (النائب جورج عطا الله في الكورة) وبفارق نحو 200 صوت فقط.

وفي حين فاز عطا الله في الكورة (بنحو 2600 صوت تفضيلي) فإن خصوم التيار توقفوا عند الفارق في الأرقام بينه وبين النائب كرم (نال 9220 صوتاً، فإن هذا اعتُبر أحد مؤشرات مجمل التقدّم الذي حققته «القوات اللبنانية» في الانتخابات (نالت في شمال لبنان الثالثة مثلاً حيث فازت بـ 3 مقاعد، مجموع أصوات ناهز 39 ألفاً مقابل أقل من 17 ألفاً للتيار الحر، فيما حل رئيسه جبران باسيل ثانياً في الأصوات التفضيلية في البترون بعد غياث يزبك).

وهذا المقياس، معمَّماً على سائر الدوائر (بعد أن يكتمل احتساب أصواتها) اعتُبر مرتكزاً للحديث عن خروج «التيار الحر» مُتعباً من الاستحقاق النيابي أمام التَقَدُّم الكبير لـ «القوات» التي حققت فوزاً مرموقاً، ليخلص«التسابق» على الكتلة الأكبر إلى حصول القوات على كتلة من 18 نائباً مسيحياً، مقابل 17 للتيار الحر ترتفع إلى 21 حين ينضمّ إليها نواب حزب الطاشناق الـ3 ونائب سني في تكتل نيابي، وسط تقديرات بإمكان انضمام حلفاء لـ «القوات» إلى تكتلها.

وقرأت أوساط سياسية ما حققتْه «القوات» من نتائج بوصْفه توازناً غير مسبوق يحرم التيار الوطني «مقعد القيادة» للشرعية المسيحية، ويخفف من «وزن» الغطاء المسيحي الذي يوفّره «التيار» لـ «حزب الله»، وسط اعتبار الأصوات التي نالتْها القوات بمثابة سحْب مسيحي لـ «الثقة»، في موازاة قراءة مجمل نتائج الانتخابات على أنها سحب لبساط الأكثرية من تحت أقدام «حزب الله» وحلفائه، ولو لم تنتقل إلى «ضفة واحدة».

ولم يكن عابراً أن الأسواق المالية كانت الأكثر استشعاراً بحساسية ودقة المرحلة التي دخلها لبنان على متن برلمان «الأكثرية الضائعة»، حيث باغت الدولار عدّاد الأصوات وعمليات «توثيق الانتصارات» بقفزة مرعبة تجاوز معها 30 ألف ليرة، فيما كانت أسعار المحروقات تسجّل وثبة جديدة بأكثر من 35 ألف ليرة للصفيحة الواحدة، والبلاد تقف على أبواب أزمة رغيف.

وكل ذلك يُتوقع أن يزداد عصفاً في ظل التقديرات بأن الواقع السياسي يقترب من «حقل ألغام» جديد على تخوم الاستحقاق الحكومي (تتحول حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مستقيلة حكماً في 22 الجاري)، وسط مؤشرات عدة إلى أن «التقاتل السياسي» الذي طبع مرحلة الانتخابات يتجه لمزيد من الفصول الساخنة التي عبّر عنها تأكيد خصوم حزب الله المضي بالمواجهة السياسية ورفض تشكيل أي حكومات وحدة وطنية أو الانخراط فيها.

في المقابل، رفع رئيس كتلة نواب حزب الله محمد رعد السقف معلناً «إذا كنتم لا تريدون حكومة وطنية فأنتم تقودون لبنان إلى الهاوية وإياكم أن تكونوا وقود حرب أهلية، فنحن نرتضيكم أن تكونوا خصوما لنا في المجلس النيابي لكن لا نرتضيكم أن تكونوا دروعاً لـ إسرائيل. عليكم التعاون معنا وإلا فإن مصيركم العزلة»، مشدّداً على أننا «نحرص على العيش المشترك وإياكم أن تكونوا أعداءً لنا فالسلم الأهلي خط أحمر، وسنسعى إلى معالجة الأزمة الاقتصادية التي أغرقنا بها أعداء لبنان وإياكم أن تخطئوا الحساب معنا».

وفي السياق نفسه، توجّه نائب «حزب الله» حسن فضل الله إلى «كل الذين رفعوا شعار نزع سلاح المقاومة، اذهبوا، قبضتم ثمن هذه المواقف، ضعوا خطاباتكم في كوب ماء، بللوها، واشربوا ماءها، هذا الموضوع ليس للكلام معكم أصلاً، وكل كلامكم بالنسبة لنا بعيدون عنه آلاف الكيلومترات».

/إطارات السفير السعودي: نتائج الانتخابات تؤكّد حتميّة تَغليب مَنطِقِ الدولة في أول تعليق مباشر على الانتخابات النيابية في لبنان ونتائجها، غرّد السفير السعودي وليد بخاري عبر «تويتر»: «إنَّ نتائجَ الانتخابات النيابيّةِ اللُّبنانية تؤكّدُ حتميّةَ تَغليبِ مَنْطِقِ الدولةِ على عبثيَّةِ فوائضِ الدُّوَيلَةِ المُعَطِّلَةِ للحياةِ السياسيّةِ والاستقرارِ في لبنان».

إطار نواب «المرة الأولى»... رقم قياسي نحو نصف البرلمان اللبناني الجديد من «نواب المرة الأولى»، وعددهم 54 وهو رقم غير مسبوق يعكس إقراراً حتى من القوى الحزبية بضرورة ضخّ دم جديد في «أم المؤسسات».

والنواب الجدد هم: محمد يحيي جيمي جبور سجيع عطيه احمد رستم أحمد الخير عبدالعزيز الصمد أشرف ريفي طه ناجي ايهاب مطر عبدالكريم كباره رامي فنج إلياس الخوري فراس السلوم جميل عبود ميشال شوقي الدويهي ويليم طوق اديب عبدالمسيح فادي كرم غياث يزبك غسان حاصباني جهاد بقردوني سينتيا زرازير إبراهيم منيمنة وضاح الصادق ملحم خلف نبيل بدر رائد برو ندى البساني سليم الصايغ ملحم الرياشي ميشال المر رازي الحاج كميل شمعون نجاة خطار عون حليمة القعقور غسان عطالله مارك ضو راجي السعد نزيه متى إلياس اسطفان بلال الحشيمي رامي ابو حمدان جورج بوشيكيان قبلان قبلان حسن مراد ياسين ياسين شربل مارون غسان سكاف غادة أيوب عبدالرحمن البزري سعيد الاسمر شربل مسعد الياس جراده فراس حمدان


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa