تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا.. "خطوة إنسانية" بتكتيكات عسكرية

29/05/2022 10:29AM

قد يكون السلوك التعاوني بين الجيوش أثناء الحروب محير للمراقبين، لكن في النزاع الروسي الأوكراني فالوضع أكثر أثارة للحيرة، في ظل مزاعم بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات أخرى للقانون الإنساني الدولي، فكيف يمكن تفسير تبادل أسرى الحرب بين الجانبين في وقت ينخرطان فيه بصراع عنيف؟

منذ مارس، تشارك روسيا وأوكرانيا في عدد من عمليات تبادل الأسرى، عندما إطلقت موسكو سراح عمدة ميليتوبول، إيفان فيدوروف، مقابل تسعة جنود روس، في حدث تصدر عناوين "الصحف العالمية".

وفي مطلع أبريل، حدث أكبر عملية تبادل للأسرى بين روسيا وأوكرانيا، عندما تم تبادلا 86 جنديًا أوكرانيًا مقابل نفس العدد من الجنود الروس.

على غرار كل نزاع، غالبا ما تكون البيانات الميدانية مجزأة ويصعب التحقق منها بشكل مستقل، بما في ذلك عدد أسرى الحرب، ولم يتم الإعلان عن أي عدد حتى الآن، وفقا لـ"فرانس برس".

فيما يخص ماريوبول، تحدث وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، عن "3826 سجينًا" بينهم "2439 أوكرانيًا أسروا أثناء الاستسلام في مصنع آزوفستال، و 1387 من مشاة البحرية" تمّ أسرهم في وقت سابق".

من جانبه، أشار السفير الروسي في "جمهورية" لوغانسك الانفصالية، روديون ميروشنيك، إلى أن هناك ثمانية آلاف أسير أوكراني في المنطقتين الانفصاليتين "ويُضاف المئات إليهم كل يوم".

من هو أسير الحرب؟

حسب "فرانس برس"، يعتبر  أي جنود في جيش نظامي "يقعون في قبضة العدو" بمثابة "أسرى حرب" تحدّد وضعهم اتفاقية جنيف الثالثة المبرمة عام 1949 التي تنطبق أيضا في الحالات التي لم تُعلن فيها الحرب رسميًا.

ويشير أستاذ القانون الدولي في جامعة ميدلسكس في لندن، وليام شاباس، إلى أن هذا الوضع يعني "أفراد القوات المسلحة أو أفراد الميليشيات الذين يشكلون جزءا من هذه القوات المسلّحة".

ويؤكد أن "هؤلاء الأسرى لديهم حقوق ويجب حمايتهم من أي أعمال عنف أو ترهيب ومن الإهانات وفضول الناس"، حسب فرانس برس.

من جانبها تقول صحيفة "واشنطن بوست"، إن اتفاقيات جنيف لعام 1949 تنص على بروتوكولات معاملة أسرى الحرب، بما في ذلك أنظمة تبادل الأسرى، لكن من غير المحتمل أن يكون الالتزام بالقانون الدولي الإنساني هو الدافع وراء هذه التبادلات.

ووفقا لخبراء قانونيين، يمثل الغزو الروسي لأوكرانيا انتهاكًا كبيرًا للقانون الدولي، ويشير سجل السياسة الخارجية للرئيس الروسي، لفلاديمير بوتين،  إلى أن الاستراتيجية العسكرية الروسية لا تلتزم بالمعايير والقوانين الدولية التي تحمي المدنيين، حسب فرانس برس.

ووفقا لتقرير حديث لـ"منظمة العفو الدولية"، فقد ارتكتب روسيا جرائم حرب في أوكرانيا، ما في ذلك انتهاكات لحقوق السجناء، وفي الوقت ذاته تتحدث تقارير عدة عن الفظائع الروسية في بوشا وماريوبول.

وأشارت روسيا سابقاً إلى أنها تعتبر المقاتلين في "كتيبة آزوف"، "إرهابيين" وتعتزم محاكمتهم كمجرمي حرب وليس كأسرى.

وألمحت السلطات الروسية إلى أنها ستحاكم أفراد كتيبة آزوف على أنهم "مجرمون نازيون".

في هذا السياق، قالت الباحثة في معهد البحوث الاستراتيجية التابع للكلية العسكرية الفرنسية جوليا غرينيون، "لا يمكن محاكمة أسرى الحرب لمجرد مشاركتهم في المعركة".

وفي تصريحات لـ"فرانس برس"، أضافت "في المقابل، يمكن أن تُطلق ملاحقات في حق جنود ارتكبوا جرائم خلال المواجهات".

لكن غالباً ما تلعب الحسابات الاستراتيجية دورا رئيسيا في عمليات تبادل الأسرى، حيث يجب على الطرفين المتحاربين الإقرار بأن "مزايا تجديد قواتهما تفوق تكاليف تجديد قوات خصمهما"، وفقا لـ"واشنطن بوست".

وتاريخيا فقد تنطوي عمليات تبادل الأسرى على مخاطر كبيرة، فقد قتل سابقاً ستة إسرائيليين على يد سجناء أطلق سراحهم في صفقة لتبادل الأسرى 2011 ، عندما استبدلت حماس جنديا إسرائيليا واحدا مقابل 1027 سجينا تحتجزهم إسرائيل.

لكن قد يكون أحد أسباب استعداد الجانب الأوكراني لتحمل هذه المخاطرة هو محدودية إمداداته من المقاتلين، مقارنةً بالجانب الروسي، حسب "واشنطن بوست".

قيمة رمزية

ترى "واشنطن بوست"، أن لعمليات تبادل الأسرى قيمة رمزية، فالتفاوض على إطلاق سراح أسرى الحرب، يبعث رسالة للجماهير المحلية والدولية، مفادها أن هناك "نوايا حسنة".

وبالنسبة لموسكو ، فإن الإعلان عن "عودة أولادنا" يخدم الدعاية الروسية حول "حماية المواطنين الروس من الخصم الأجنبي".

وتتيح عمليات تبادل الأسرى لروسيا "التشدق بالمعايير الدولية"، وتقديم نفسها على أنها "حكومة تلتزم بالمبادئ الإنسانية".

وعندما تعلن الدول عن تبادل الأسرى، فإنها ترسل أيضا إشارة مهمة إلى قواتها، تسعى من خلالها "لرفع الروح المعنوية للجنود".

وفي أوكرانيا، حُكم على أول جندي روسي تتمّ محاكمته بتهمة ارتكاب جريمة حرب منذ بدء الهجوم الروسي، بالسجن مدى الحياة، الاثنين، في كييف بسبب قتله مدنيًا، حسب "فرانس برس".

نسب التبادل

خلال عملية تبادل الأسرى التي تمت في مطلع مارس، تم استبدل ضابط روسي واحد، بخمسة جنود أوكرانيين، وهو ما يشير إلى أن "الحكومة الروسية تعتبر بعض السجناء أكثر قيمة من غيرهم".

وتظهر عمليات التبادل أن الدوافع الروسية وراء ذلك "أكثر من مجرد أعمال إنسانية"، لكنها "تشجع الطموحات العسكرية للضباط باعتبارهم أكثر قيمة لدى موسكو"، وفقا لـ"واشنطن بوست".

على جانب أخر، قد تحمل الدوافع الأوكرانية "أبعادا إنسانية"، فخلال عملية التبادل التي تمت في 30 أبريل، تم إطلاق سراح 14 أوكرانيًا، بينهم "ضابطة كانت حامل في شهرها الخامس".

وفي وقت سابق عبر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عن استعداد كييف لتبادل الأسرى مع روسيا "ولو غدا"، ودعا حلفاء بلاده إلى الضغط على موسكو في هذا الصدد.

وقال زيلينسكي عبر رابط فيديو تفاعلي مع الجمهور في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس،  "تبادل الأسرى مسألة إنسانية وقرار سياسي للغاية يعتمد على دعم العديد من الدول"، وفقا لـ"رويترز".

وبالنظر إلى أن أسرى الحرب الأوكرانيين يتعرضون "لانتهاكات مزعومة"، فإن كل عملية تبادل للأسرى لديها القدرة على "منع جريمة حرب"، حسب "واشنطن بوست".

وفي وقت سابق أعربت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، عن صدمتها لمصير "أسرى الحرب الأوكرانيين في آزوفستال" الذين قُدّموا في وسائل الإعلام الروسية "بطريقة غير إنسانية" على أنهم من "النازيين الجدد".


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa