باسيل يصعّب إطلاقَ مسار تشكيل الحكومة بهجومٍ لاذع على ميقاتي! هوكشتاين في لبنان... «صندوقة بريد» لتهديدات متبادَلة بين «حزب الله» وإسرائيل؟

14/06/2022 06:52AM

كتبت صحيفة "الراي الكويتية":

- مصادر ميقاتي هاجمت باسيل «حرتقجي الضيعة» ودعت عون «لاحترام قواعد الدستور في تسمية رئيس الحكومة الجديد»

هل تحوّلتْ مَهمّة آموس هوكشتاين من الوساطة في الترسيم البحري بين لبنان واسرائيل إلى «صندوقة بريد» للتهديدات المتبادلة على خط «حزب الله» تل أبيب؟ وهل يُحْدِثُ رفْعُ منسوب «تسخين المنابر» خرْقاً في جدار هذا الملف المتعدّد البُعد أو يمدّد المفاوضات غير المباشرة «من تحت الطاولة»، أم يكون «الشرارة» التي يمكن أن تُشْعِل حرباً غالباً ما يكون «أوّلها كلام» وقد تندلع بقرارٍ كبير أو... خطأ كبير؟

هذه الأسئلة طغت على المشهد اللبناني قبيل وصول الوسيط الأميركي أمس وبدء لقاءاته مع المعنيين على أن يتوّجها اليوم بزياراتٍ لكبار المسؤولين في سياق محاولة إكمال مهمته التي توقّفت قبل أربعة أشهر عند عرضٍ قدّمه لبيروت لحلّ النزاع البحري حول منطقة الـ 860 كيلومتراً مربعاً (الواقعة بين الخط 1 الاسرائيلي و23 اللبناني الرسمي الموثق لدى الأمم المتحدة) وفق خط متعرّج يعكس تقاسُماً للحقول في الأعماق أكثر منه ترسيما للخطوط فوق المياه، وهو ما بدا غير كافٍ للبنان الرسمي لرمي ورقة الخط 29 التي رفعها لتحصين التفاوض على كامل الخط 23 قبل أن يُمْعِن في إظهار أنها «رصاصة فارغة» أو «قنبلة صوتية» تحت شعار «الخط التفاوضي» الذي لم يعدِّل مرسوم حدوده البحرية (6433) ليصبح على أساسه (يعطي للبناني مساحة إضافية بـ 1430 كيلومتراً مربعاً).

وبعدما كان لبنان يعتقد أن تهديد الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله اسرائيل وسفينة الإنتاج «ارنجين باور» ما لم توقف العمل في حقل كاريش وتنسحب فوراً حقّق مفعولَ تعديل الـ 6433 وأرسى توازنَ ردعٍ على قاعدة لا غاز من كاريش قبل انتهاء المفاوضات وتسهيل بدء استخراج لبنان ثرواته من كل بلوكاته البحرية ولا سيما الجنوبية وخصوصاً 8 و9 (يدخل أقسامٌ منها بنِسب متفاوتة في المنطقة «الأصلية» المُتنازع عليها)، إذ بتل أبيب تُلاقي نصر الله برفْع السقف والتهديد بلسان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي «سكان لبنان باحتمالية اندلاع حرب» وبـ «قصف مدمّر وواسع إذا وقعت الحرب»، متحدثاً عن «بلورة آلاف الأهداف التي سيتم تدميرها في منظومة الصواريخ والقذائف التي يملكها العدو، وقوة الهجوم ستكون غير مسبوقة».

ومع «قرقعة الحرب الكلامية»، بدا أن هوكشتاين بدأ زيارته على وقع «توازن رعب» بالتهديدات، لن يمنع بيروت من إبلاغ الوسيط الأميركي موقفها بعدم جواز مضي اسرائيل بالعمل في منطقة متنازع عليها (كاريش الذي يقع جزء منه ضمن الخط 29) فيما يُحرم لبنان من التنقيب والاستخراج من مناطقه، وأن لا قدرة لدى «بلاد الأرز» على تحَمُّل أثمان تنازُلها عن الخط 29 التفاوضي «حتى الساعة» والذي قد يتحوّل رسمياً بحال فشل التفاوض حول الحصول على الخط 23 وضمان كامل حقل قانا (يقع ثلثاه في البلوك 9 اللبناني وثلثه تحت الخط 23 ويمتد جنوبه).

وبعدما كان رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل (صهر الرئيس ميشال عون) بَلْوَرَ موقفاً لافتاً بتأكيد أنه «بحال فشلت المفاوضات، الخط 29 سيكون فوق الطاولة وعلينا توحيد معادلة لا غاز من كاريش دون غاز من قانا، ويجب أن يكون حدّنا الأدنى الخط 23 وما فوق، والأهمّ من رسم الخط هو البدء باستخراج ثرواتنا النفطية والغازية ووقف المنْع المفروض علينا»، أكد رئيس الجمهورية أمس «أن المحادثات مع الوسيط الاميركي ستتناول موقف لبنان المتمسك بعودة المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل التي كانت توقفت اثر رفض العدو الاقتراح اللبناني باعتبار الخط 29 خطاً تفاوضياً وبعد رفض الجانب اللبناني للخط الاسرائيلي رقم 1 و«خط هوف» (اقترح منح لبنان 55 في المئة من المنطقة الواقعة بين الخطين 1 و23 والباقي لإسرائيل).

وخلال استقباله وفداً من النواب التغييريين دعاه للمضي بتعديل المرسوم 6433 وإيداعه الأمم المتحدة ومن ثم ترك التفاوض يأخذ مجراه، أعرب عون عن أمله في«أن تحقق المحادثات مع هوكشتاين تحريكاً للمفاوضات»، متحدثاً عن الضغوط التي يواجهها لبنان لمنعه من استثمار ثروته النفطية والغازية.

وإذ أشار الى انه يقود المفاوضات «وبعد الوصول الى اتفاق فإن على مجلس الوزراء الموافقة عليه وإحالته الى مجلس النواب وفقاً للاصول، وهو أمر لم يحصل بعد بالنسبة الى الخط 29»، عرض ملابسات التوقف عن الحفر في الحقل رقم 4، متحدثاً «عن تبريرات غير مقنعة قدمتها الشركة المنقبّة»، ولافتاً الى «حصول ضغوط دولية عليها للتوقف عن متابعتها الحفر»، وذلك في إشارة إلى شركة «توتال» – الفرنسية (بائتلافها مع شركتي «نوفاتيك» الروسية، و«إيني» الإيطالية) التي كانت لُزمت في 2018 حفر البلوكين 4 و9 قبل أن تمدّد الحكومة اللبنانية أخيراً مهلة تنفيذ عقد الاستكشاف لمدة ثلاثة أعوام في البلوك 9 الذي لم تبدأ الأعمال فيه (تنتهي في 21 مايو 2025)، ولمدة عام في البلوك الرقم 4 (تنتهي في 22 أكتوبر 2023).

وفيما أكد عون «رفض لبنان للتهديدات الاسرائيلية»، لفت الى «أن العدو الاسرائيلي يتصرف خلافاً للقوانين وللقرارات الدولية، مستغلاً سكوت المجتمع الدولي عن انتهاكاته لقرارات مجلس الامن»، نافياً «وجود أي ارتباط بين المفاوضات حول ترسيم الحدود ومسألة استجرار الغاز والكهرباء من مصر والاردن، أو المفاوضات مع صندوق النقد الدولي».

وإذ كانت الأسئلة تتدافع عن التوقيت الذي سيختاره «حزب الله» لترجمة تهديد «لن نبقى مكتوفين» فيما ثروات لبنان تُنهب ويتم الاعتداء عليها و«لتنسحب السفينة اليونانية فوراً وإلا لتتحمّل ما قد يلحق بها مادياً وبشرياً، وكل إجراءات العدو لن تحمي هذه المنصة العائمة»، اختار وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد المرتضى الردّ على «كوخافي الذي هدد بقصف مدمّر وواسع اذا وقعت الحرب مع لبنان»، قائلاً «إذا فعلتموها، وأنتم أجبن من ذلك وأعجز، عندها نعم«سنغادر»، ولكن جنوباً، أي زحفاً في اتجاهكم، ولن تكون زيارة قصيرة!».

في موازاة ذلك، برزت أمس زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لرئيس البرلمان نبيه بري. وإذ استمر اللقاء زهاء نصف ساعة غادر بعده ميقاتي من دون الادلاء بأي تصريح، فإن الأكيد أن الاجتماع تناول ملفيْن: ترسيم الحدود في ضوء غياب بري عن الاجتماع الذي عُقد السبت بين عون وميقاتي ربْطاً بملاحظاتٍ لرئيس البرلمان على كيفية إدارة هذا الملف منذ أن «انتقل» من يده بعدما أَنجز الاتفاق الإطار الذي انطلقت على أساسه مفاوضات الناقورة في أكتوبر 2020 ليضيع الملف بين الخطوط و«الخيوط الخفية».

والثاني هو استحقاق تأليف الحكومة الجديدة الذي يفترض أن يتصدّر الأجندة الداخلية بعد مغادرة هوكشتاين وسط رصْدٍ إذا كان عون سيُفرج عن موعد الاستشارات النيابية المُلْزمة لتكليف الشخصية التي ستتولى تشكيل الحكومة هذا الأسبوع أم لا.

«انفجرت» بين ميقاتي وباسيل

وما جعل الملف الحكومي يدخل في نفق يشي بأن يكون مظلماً ويُخشى أن يكون يُخفي وراءه محاولة لشبْك هذا الاستحقاق بالانتخابات الرئاسية في «سلّة واحدة»، عبر ربْط تسهيل تأليفها بتفاهم على الرئيس العتيد وربما انتخابه في أول المهلة الدستورية (تبدأ 31 أغسطس)، هو الهجوم العنيف الذي شنّه باسيل على ميقاتي متهماً إياه بأنه ينصاع لـ «الإرادة الخارجية في حرمان لبنان من ثروته النفطية»، ومعلناً أنه يرفض إعادة تكليفه تشكيل الحكومة العتيدة، ومعتبراً «أن على الرئيس عون مسؤولية أن يتشاور مع الناس والنواب ليرشحوا أحداً أو يترشحوا لرئاسة الحكومة حتى يُجْري استشارات نيابية، وبين النواب هناك مَن يصلحون لرئاسة الحكومة منهم عبدالرحمن البزري وفؤاد مخزومي ورامي فنج ونبيل بدر، وهناك خارج المجلس ومنهم مَن لسنا معهم في السياسة لكنهم محترمون كنواف سلام».

وأكد أن «ميقاتي (عم يتغنج) في موضوع ترؤس الحكومة، وليقُل أمام الاعلام أنا لا أريد ان يتداول احد باسمي إن كان صادقاً»، متهماً إياه ورؤساء حكومة سابقين بحماية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لانهم ضالعون في تركيب الطرابيش والاستفادة من مغانم«الهندسات المالية والأسهم في البنوك»ولا يمكن لأحد أن يترأس حكومة في مثل هذه الأزمة وتكون مصالحه في الخارج أكثر من الداخل، فضلاً عن أن ميقاتي فقد شرعيته الشعبية نتيجة سقوط مرشحيه في الانتخابات النيابية».

وجاء بارزاً الهجوم الدفاعي الأعنف الذي شنّه موقع «لبنان 24» (المحسوب على ميقاتي) على باسيل، بعنوان «باسيل يضع المسمار الأخير في نعش العهد»، متهماً رئيس التيار الحر بأنه هو «سيد طرابيش التسويات والتفاهمات الجانبية» التي انتهت عند الخلاف على تقاسم الحصص والمغانم، وبأنه «مصرّ حتى اليوم الأخير من عهد الرئيس عون على تنصيب نفسه وصيّا على الرئاسة ومُلْهِما اوحد لقراراتها»، وبأنه «حرتقجي الضيعة الذي لا عمل له سوى الثرثرة والنميمة وافتعال المشاكل، مع طغيان سمة لطالما تميز بها وهي نقل الحكي في شكل كاذب (...)».

واعتبر ان «لباسيل وتكتله النيابي الحق في عدم تسمية أي شخصية لرئاسة الحكومة، ولكن بالتأكيد ليس له الحق في تنصيب نفسه وصيا على رئيس الحكومة والاملاء عليه بما يجب فعله وما لا يجب فعله. ولعل الأخطر في ما قاله تنصيب نفسه قاضياً يوزع الشهادات في الوطنية على رئيس الحكومة وسواه، فيما الشبهات المختلفة والعقوبات المعلنية تحاصره من كل الاتجاهات»، داعياً رئيس الجمهورية لوقف هذا «التهريج الباسيلي» و«لتُحترم قواعد الدستور في تسمية رئيس الحكومة الجديد وفي تشكيل الحكومة. وألف باء تشكيل الحكومات ينطلق من قصر بعبدا وليس في «ميرنا الشالوحي» وهي تبدأ باستشارات ملزمة وبالاحتكام الى نتائجها.

يُذكر أن عون أبلغ الى المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا فرونيسكا «أن المسار الدستوري في لبنان سيستمر بعد الانتخابات النيابية، من خلال اجراء استشارات نيابية تفضي الى تكليف شخصية لتشكيل الحكومة الجديدة»، معرباً عن أمله في «ان يتحقق ذلك بأسرع وقت نظراً للاستحقاقات التي تنتظر الحكومة العتيدة».


المصدر : الراي الكويتية

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa