18/06/2022 10:47PM
تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في عرقلة خروج المحاصيل الزراعية الأساسية، ومنها الحبوب، وجعل الغذاء أكثر تكلفة في جميع أنحاء العالم، مما يهدد بتفاقم أزمة الغذاء ومخاطر التعرض للمجاعات قد تؤدي بدورها إلى انعدام الاستقرار السياسي في البلدان النامية.
وتُصدر روسيا وأوكرانيا معا ما يقرب من ثلث القمح والشعير في العالم، وأكثر من 70 في المئة من زيت عباد الشمس، كما أنهما موردان رئيسيان للذرة، فيما تعد روسيا أكبر منتج عالمي للأسمدة.
ارتفعت أسعار الغذاء العالمية بالفعل قبل العزو، لكن الحرب زادت الأمور سوءا، حيث عرقلت وصول نحو 20 مليون طن من الحبوب الأوكرانية إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأجزاء من آسيا.
ولم تحرز أسابيع من المفاوضات بشأن فتح ممرات آمنة لإخراج الحبوب من موانئ أوكرانيا على البحر الأسود أي تقدم، في ظل تزايد المخاوف باستمرار الأزمة مع اقتراب موسم الحصاد الصيفي.
وتنقل وكالة أسوشيتد برس عن أستاذة إدارة الأزمات في جامعة ماساتشوستس آنا ناغورني القول إن عدم التوصل لاتفاق بشأن الممرات الآمنة خلال الشهرين المقبلين سيؤدي إلى نتائج مروعة.
وتضيف إن ما يقرب من 400 مليون شخص في جميع أنحاء العالم يعتمدون على الإمدادات الغذائية الأوكرانية.
وتتوقع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة أن نحو 181 مليون شخص في 41 دولة قد يواجهون أزمة غذائية أو مستويات أسوأ من المجاعة هذا العام.
وضع أزمة الغذاء
عادة ما يتم شحن 90 في المئة من القمح والحبوب الأخرى من الحقول الأوكرانية إلى الأسواق العالمية عن طريق البحر، ولكن هذا توقف بسبب الحصار الروسي لساحل البحر الأسود.
يتم إعادة توجيه بعض الحبوب عبر أوروبا عن طريق السكك الحديدية والطرق البرية والأنهار، لكنها تمثل قطرة في بحر مقارنة بالطرق البحرية.
مؤخرا طلب نائب وزير الزراعة الأوكراني ماركيان دميتراسيفيتش من مشرعي الاتحاد الأوروبي المساعدة في تصدير المزيد من الحبوب، بما في ذلك توسيع استخدام ميناء روماني على البحر الأسود، وبناء المزيد من محطات الشحن على نهر الدانوب وتقليل الاجراءات الروتينية للسماح بمرور الشحنات عبر الحدود البولندية.
يقول الباحث في المعهد الدولي لبحوث سياسات الغذاء في واشنطن جوزيف غلوبر لوكالة أسوشيتد برس "الآن عليك أن تقطع كل هذه المسافة في جميع أنحاء أوروبا للعودة إلى البحر الأبيض المتوسط.. لقد أضاف ذلك مبالغ ضخمة على تكاليف الحبوب الأوكرانية".
ويضيف غلوبر أن أوكرانيا تمكنت فقط من تصدير 1.5 مليون إلى مليوني طن من الحبوب شهريا منذ بدء الحرب مقارنة بأكثر من 6 ملايين طن قبل الغزو.
كما أن الحبوب الروسية لا تصدر للخارج، لأن موسكو تجادل بأن العقوبات الغربية على البنوك والصناعات البحرية تجعل من المستحيل على روسيا تصدير الأغذية والأسمدة.
ويصر المسؤولون الروس على رفع العقوبات من أجل إيصال الحبوب إلى الأسواق العالمية.
لكن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وزعماء غربيين آخرين يقولون إن هذا غير صحيح على اعتبار أن العقوبات لا تمس الغذاء.
اتهامات متبادلة
تتهم أوكرانيا روسيا بقصف البنية التحتية الزراعية وحرق الحقول وسرقة الحبوب ومحاولة بيعها لسوريا بعد أن رفض لبنان ومصر شرائها.
وأظهرت صور أقمار صناعية التقطتها شركة "Maxar Technologies" في أواخر مايو سفنا ترفع العلم الروسي في ميناء في شبه جزيرة القرم محملة بالحبوب ثم ترسو بعد أيام في سوريا.
بالمقابل تقول روسيا إنه يمكن استئناف الصادرات من أوكرانيا بمجرد إزالة الألغام التي زرعتها كييف في البحر الأسود وضمان تفتيش جميع السفن الداخلة والخارجة وخلوها من أية شحنات أسلحة.
وعد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن موسكو لن "تسيء استخدام" أفضليتها البحرية و"ستتخذ جميع الخطوات اللازمة لضمان أن السفن يمكن أن تغادر هناك بحرية".
لكن المسؤولين الأوكرانيين والغربيين يشككون في هذا التعهد.
بالإضافة لذلك كان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قد قال هذا الأسبوع إنه قد يكون من الممكن إنشاء ممرات آمنة دون الحاجة إلى إزالة الألغام البحرية لأن موقع العبوات الناسفة معروف.
كيف وصلت الأزمة لهذا الحد؟
كانت أسعار المواد الغذائية ترتفع قبل الغزو، نتيجة لعوامل من بينها سوء الأحوال الجوية وتراجع مستويات الحصاد مما أدى إلى خفض الإمدادات، بالتزامن مع انتعاش الطلب العالمي بقوة بعد التعافي من تداعيات جائحة كورونا.
خلال العام الماضي تراجعت مستويات حصاد القمح في الولايات المتحدة وكندا وأضر الجفاف بمحاصيل فول الصويا في البرازيل.
وفاقم التغير المناخي من الأزمة حيث يواجه القرن الأفريقي واحدة من أسوأ موجات الجفاف منذ أربعة عقود، في حين أدت موجة حر قياسية في الهند في مارس إلى تراجع إنتاج القمح.
كذلك أدى ارتفاع تكاليف الوقود والأسمدة لمنع البلدان الكبيرة الأخرى المنتجة للحبوب من سد الفجوات.
المتضرر الأكبر
تصدر أوكرانيا وروسيا المواد الغذائية الأساسية إلى البلدان النامية الأكثر عرضة لارتفاع التكاليف ونقصها.
تعتمد دول مثل الصومال وليبيا ولبنان ومصر والسودان بشكل كبير على القمح والذرة وزيت عباد الشمس من هذين البلدين.
وإلى جانب خطر المجاعة، فإن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يهدد بعدم الاستقرار السياسي في مثل هذه البلدان، خاصة اذا ما علمنا أن أحد أسباب اندلاع ثورات الربيع العربي كانت الفقر والجوع، وهناك مخاوف من تكرارها.
ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل القمح وزيت الطهي في بعض الحالات لأكثر من الضعف، في حين أن ملايين الماشية التي تستفاد العائلات من حليبها ولحومها نفقت بسبب الجفاف.
في السودان واليمن، جاء الصراع الروسي الأوكراني بعد سنوات من الأزمات المحلية.
حذرت اليونيسف من حدوث "انفجار في وفيات الأطفال" إذا ركز العالم فقط على الحرب في أوكرانيا ولم يتحرك.
وقدرت وكالات الأمم المتحدة أن أكثر من 200 ألف شخص في الصومال يواجهون "مجاعة كارثية"، وأن ما يقرب من 18 مليون سوداني قد يعانون من الجوع الحاد بحلول سبتمبر المقبل فيما يواجه 19 مليون يمني حالة من انعدام الأمن الغذائي هذا العام.
وارتفعت أسعار القمح في بعض تلك البلدان بنسبة تصل إلى 750 في المئة.
وفي لبنان، اضطرت المخابز التي كانت تنتج انواعا مختلفة من الخبز لبيع الخبز الأبيض الأساسي فقط من اجل الحفاظ على الدقيق.
تحركات
منذ أسابيع، يحاول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الحصول على اتفاق لإلغاء حظر الصادرات الروسية من الحبوب والأسمدة والسماح لأوكرانيا بشحن السلع من ميناء أوديسا الرئيسي، لكنه لم يحرز أي تقدم يذكر.
لاتزال هناك كميات هائلة من الحبوب عالقة في الصوامع الأوكرانية أو في المزارع.
وهناك المزيد قادم، حيث سيبدأ موسم حصاد القمح في أوكرانيا قريبا، مما يزيد الضغط على مرافق التخزين حتى مع احتمال عدم حصاد بعض الحقول بسبب القتال.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قال مؤخرا إنه يعمل مع شركاء أوروبيين على خطة لبناء صوامع مؤقتة على حدود أوكرانيا، بما في ذلك مع بولندا.
الفكرة هي أنه يمكن نقل الحبوب إلى الصوامع، ثم إلى سيارات في أوروبا وإخراجها إلى المحيط ونقلها عبر العالم.
ويؤكد مسؤولون أوكرانيون أن سعة تخزين الحبوب في البلاد تقلصت من 15 إلى 60 مليون طن بعد أن دمرت القوات الروسية الصوامع أو احتلت مواقع في الجنوب والشرق.
الكلفة الأكبر
تقول منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) إن من المتوقع أن يصل الإنتاج العالمي من القمح والأرز والحبوب الأخرى إلى 2.78 مليار طن في 2022، بانخفاض قدره 16 مليون طن عن العام السابق، وهو أول انخفاض يحصل خلال أربع سنوات مضت.
ارتفعت أسعار القمح بنسبة 45 في المئة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام مقارنة بالعام السابق وفقا لمؤشر أسعار القمح لمنظمة الأغذية والزراعة.
وقفزت أسعار الزيوت النباتية بنسبة 41 في المئة، بينما ارتفعت أسعار السكر واللحوم والحليب والأسماك بنسبة مضاعفة.
وتؤدي الزيادات إلى ارتفاع معدل التضخم في جميع أنحاء العالم، مما يجعل البقالة أغلى ثمنا ويرفع التكاليف على أصحاب المطاعم، الذين اضطروا إلى زيادة الأسعار.
تتفاعل بعض الدول بمحاولة حماية الإمدادات المحلية، من خلال تقييد صادرات السكر والقمح كما فعلت الهند والدجاج الحي مثلما فعلت ماليزيا.
يقول المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية إنه إذا ازداد نقص الغذاء مع استمرار الحرب، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من قيود التصدير التي تؤدي إلى زيادة الأسعار.
ويحذر خبراء من تهديدات أخرى تتمثل في الأسمدة النادرة والمكلفة، مما يعني أن الحقول قد تكون أقل إنتاجية في المستقبل.
حاليا هناك نقص كبير بشكل خاص في مادتين كيميائيتين رئيسيتين في الأسمدة، وروسيا مصدر رئيسي لهما، وهما البوتاسيوم والفوسفات.
شارك هذا الخبر
إلى سكان الغبيري وحارة حريك.. إنذارات جديدة من الجيش الإسرائيلي
بالأسلحة الرشاشة والصاروخية...اشتباكات عنيفة بين حزب الله وقوات اسرائيلية في بلدة الجبين
لقاء بين البخاري واللقاء التشاوري...وهذا ما بحث
عمليتان جديدتان لحزب الله...اليكم التفاصيل
الحرب مستمرة: روسيا تسيطر على 5 بلدات أوكرانية
هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول أمني: المؤسسة الأمنية أوصت بالتوصل لاتفاق مع لبنان والقرار الآن بيد نتنياهو
غارات على محيط حرج بلدة كفرتبنيت
نقابة الأطباء تنعي الدكتور علام
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa