27/06/2022 11:59AM
كتبت فاطمة فؤاد على صفحتها الخاصة على فيسبوك:
هذه شهادتي، بمثابة إعلان خدمة عامة، أضعها برسم كل الفاعلات/ين في المشهد الموسيقي، ضمن الصحف والمجلات والراديوهات، والنوادي والملاهي والبارات والمطاعم والمقاهي والمكتبات، والمؤسسات والجمعيات والمنظمات النسوية والفنية والثقافية، والمنظِّمات/ين في المهرجانات الموسيقية، وكل من يعنيها/هُ الأمر.
تحذير، محتوى حساس: اغتصاب
* ملخص:
كنت أعمل كمديرة لمساحة ومكتبة ”برزخ“ في منطقة الحمراء ضمن بيروت، بين ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٩ ومارس/آذار ٢٠٢٠. ليلة رأس السنة، نظّمنا الحفلة الافتتاحية لـ”برزخ“ بالتعاون مع فريق ”معازف“ و”Ballroom Blitz“ بعنوان ”تسقط الـanxiety“، قام بإحيائها ١٢ موسيقي/ة من المشهد العربي، من بينهم المدعو ب. س. (فلسطيني-أردني) والمدعوة آ. م. (مصرية)، الذَين قاما بالاعتداء عليّ عبر تخديري رغماً عني واغتصابي، وذلك بتاريخ ٣١/١٢/٢٠١٩.
* تفاصيل حادثة الاغتصاب:
وقع لقائي الأول بـ ب. س. خلال عملية فحص الصوت في الطابق السادس قبيل بدء السهرة وقدوم الحضور، -وقد بلغ عددهنّ/م ٩٧٠ شخص بحسب مبيع التذاكر فقط-، كنت واقفة أتحدث مع أحد الموسيقيين المشاركين، وكان لا يزال صديقاً لي وقتها، عندما اقترب ب. س. متوجهاً إليه، وقال: "يلا عنا شغل، لاحق تنيكها"، غضبتُ من إهانته الوقحة وذكوريته المستفزة، فأجبتُه: ”مفكر رح يبقى عندك شغل الليلة إذا بتحكي بهالطريقة؟“ حاول الشخص الثالت تدارك الموقف عبر معاتبته ب. س. بخجل. نزلنا في المصعد إلى الطابق الأول، ثلاثتنا، أذكر بوضوح جليّ نظرات ب. س. المهدِّدة، شعرتُ بالريبة حتى أنّني وفيما كنت أفكر لحظتها، جلدتُ نفسي على خيار ارتداء فستان ضيّق وقصير للحفل.
خلال السهرة، وقد أمضيت معظمها في الطابق الأول، أساعد السقاة والموسيقيين/ات وفريق التنظيم، وأتحدث وأرقص وأشرب مع الأصدقاء والرفاق والمعارف، متجنِّبة الموسيقى الصاخبة والوفود المزدحمة في الطابق السادس، ومن بينهم ب. س. الذي ما انفكّ يتبعني نحو البار على الطابق الأوّل محاولاً التحدث معي، فيما كنت أقابله بالتجاهل. توسل إليّ في إحدى المرات ملمحاً بنيّة الاعتذار عما تفوّه به سابقاً، فملتُ إليه بصمتٍ مصغية لأقواله، خُيّل إليّ أنه لربما راجع سلوكه، فإذا به يحاول لمس خصري دون إذني ضاغطاً بيده، دفعتُه عني وصرخت: ”مال ربك؟ جاي تعتذر ولا جاي تتحرش؟“ ابتعد ومشى منسحباً من بين الواقفات/ين الشهود. حرصتُ على إخبار عدد من أصدقائي ممّن حضروا الحفلة عن مضايقات ب. س. المتكرّرة خلال السهرة.
عندما كانت آ. م. تلعب وصلتها الموسيقية، وقفت أتأمّلها وأرقص، أذكر جيداً أنّني لمحتُ ب. س. يحملق بي. في وقت لاحق، اقترب مني وباغتني قبل أن أتمكّن من طرده، قائلاً: ”آ. طلبت مني أحكيلك إنها برا وبدها تحكي معك، شافتنا واقفين سوا وفكرتنا منعرف بعض“. ”ماشي“٬ أجبته. بعد دقائق خرجتُ فوجدتُ آ. م. في الردهة حيث الحمام والمصعد والدرج، بدأَت بملاطفتي عبر إغداق الكلام المعسول حول شكلي ورقصي بأسلوب مريب ومربك، ثم اقتربت مني ملتصقةً بي و”طلبت“ تقبيلي، وافقتُ محرجةً وأنا في تردّد من أمري، قبّلتني وقبّلتها.
تكرّر الموقف عدّة مرّات خلال السهرة، كنتُ أصادفها في الردهة عينها بين الفينة والأخرى، نتبادل أطراف الحديث السطحي ونقبّل بعضنا البعض. بعد الساعة الرابعة فجراً، وفيما كنا واقفتَين وأنا أسند ظهري للحائط، قامت آ. م. برفع رأسي بيدها اليمنى ضاغطةً على رقبتي، وبيسراها أدخلت في فمي حبّة مخدّر أبيض اللون، ومن ثم أخذت تقبّلني بعنف لتجبرني على ابتلاعها، ففعلتُ ذلك لشدّة الارتباك، ثم أبعدتُها عني قائلةً: ”شو عطيتيني؟ أنا ما بدي مخدرات، شربانة ويسكي كتير“ (لست متأكّدة من نوع المخدّر حتى اللحظة، ولكن على زعم المعتديَين فهو mdma، المعروف بآثاره الكارثية على الحركة والتركيز متى استُهلك مع كميات من الكحول). دخلت إلى الصالة وهرعت إلى صديقي الشاهد وأخبرته: ”آ. حطّت بتمّي مخدّر ما بعرف شو هو، وأنا شربانة وشاغلة كتير، وعم بلّش اتعب.“ ثم هرعت إلى شخص آخر أعرفه وأخبرته أيضاً.
بعد مضي بعض الوقت، كنتُ جالسة على الدرج خارجاً، أشعر بدوخة وغثيان بفعل المخدر، اقتربت مني آ. م. وبدأت بتقبيلي، ثم اقترب مني ب. س. وحاول لمسي وتقبيلي، أبعدتهما عني وصرختُ بهما: ”شو قصتكن إنتو التنين؟ ليه كل ما بتجي إنتِ لتبوسيني بيظهر هاد الذكوري الخرا، صرله من أول السهرة كابسني هلك سماي.“ تجيب آ. م. متلعثمةً: ”عندك حق، هو ذكوري“، ثم تطلب منه أن يبتعد قليلاً، وتقترب مني بحميميّة في محاولة لمواساتي وإغرائي، فتقول: ”ب. جايب معه كوكايين طيبين، سايريه شوي، لما نخلّص من هون منروح لعنده ومنتسلى“. أذكر جيداً أنّني رفضتُ عرضها بشكل واضح، العرض الذي تبيّن لي لاحقاً أنّه صفقة معقودة منذ بداية السهرة بين ب. س. وآ. م.، قلتُ لها: ”يمكن بشيل إتعرف عليكِ وقضّي وقت معك غير يوم، هلق تعبانة وصرلي أسبوع عم بشتغل ليل نهار، بس مع هاد الخرا لأ، أبداً! يفكّ عني! بعدين أنا ما كان بدي آخد مخدرات الليلة، ليه جبرتيني هيك؟“، انهالت عليّ آ. م. بالقبل والملامسات فيما كنّا قاعدتَين على الدرج، وأنا في دوخة من السكر ومن التعب، أصارع مفعول المخدّر. بعد هنيهات اقترب منّا ب. س. وشدّنا من ذراعينا صعوداً، ثم قاما كليهما بسحبي إلى ردهة الطابق الثالث المقفل. تسطّحت آ. م. على الأرض، وقام ب. س. بدفعي فوقها، رفع فستاني وضربني على قفاي بعنفٍ، ومزّق الكولون الذي كنتُ ألبسه. أذكر جيداً صوت الصفعات ومزقة القماش، بقيَ هذا الصوت عالياً واضحاً في ذهني. كنت أبكي وأقبّل جسد آ. م.، وهي تموء في هياج، وب. س. يحاول ولوجي ويضربني على أسفل ظهري وخصري وقفاي وفخذيَّ، حيث بقيت الكدمات الزرقاء متورمة لأيام. أذكر أنّني وسط هذا المشهد المهول، انفصلتُ عن جسمي وراقبتُني من عُلٍ، شعرتُ بالنار تغلي في أعماق جوفي، فصرخت به وأنا أبكي: ”نيكني، نيكني… خلّص ربي بقى ونيكني“. فما كان به إلا أن بالغ في الضرب على قفاي وفخذيّ صارخاً: ”ما عم يقوم معي يا شرموطة، بدي ألعن ربك“، لا زلت أذكر صوتها الممحون تصرخ بـ ب. س. آمرةً إيّاه: ”نيكها ب.، نيكها، يلا نيكها“. لا أعرف كم غبتُ عن الوعي، ولكنّني أذكر أنّني كنت أحاول إبعادهما عني عندما كنت أهمّ بالرجوع إلى الطابق الأول، أجرّ جسدي المُنتَهَك وأتمتم باكية: ”بدي روح، بدي روح، بعدوا عني، اتركوني“، وأفكر بالذهاب إلى البيت. نظرت إلى الشباك ولمعت الشمس بعينيَّ، تسألتُ كم مضى من الوقت؟ ماذا حدث؟ هل من شهود؟ صُدِمتُ باثنين جالسَين على درج الطابق الثاني يقبلان بعضهما، اعتذرت منهما، شعرت بالكولون الممزق على فخذيَّ أثناء المشي، تسألتُ: ”هل استطاع ولوجي؟“. وصلت إلى الطابق الأوّل فوجدت م. ع.، مديري آنذاك، هرولتُ باتجاهه أقول له: ”بعّدهن عنّي، بعّدهن عنّي!“، هلع م. ع. لرؤيتي، فاقترب ومسكني ومشى بيّ إلى كنبة في خلفية المسرح، تسطّحتُ عليها، ثم قام بتغطيتي بمعطف كبير، وتركني لأنام. أخبرني لاحقاً أنّه لم يفهم ماذا الذي حلّ بي، لكنّه ارتاب من وقاحة آ. م. التي استكملت اعتدائها عليّ بمحاولة تقبيلي فيما أنا في حالة بين الإغماءة والإغفاءة، أبعدها عني قائلاً: ”بعدي عنها! ما شايفتيها نايمة وتعبانة؟ كيف بتقربي عليها هيك عم تبوسيها؟“ كما أخبرني أنّها ألحّت عليه في طلب رقم هاتفي، لكنه رفض إعطائها إيّاه. ذهبت آ. م. مع ب. س. إلى بيت أحد أصدقائه، والخلاصة أنهما مارسا الجنس وتعاطيا الكوكاكيين في تبات ونبات، كما علمنا من كليهما لاحقاً.
بقيتُ نائمةً على الكنبة في الخلفية، صحوتُ على صوت عمال النظافة، ظهر اليوم الأول من سنة ٢٠٢٠، فيما معظم ناس المدينة نيام، نهضت محرجةً، تذكرت الكولون الممزوق، بحثتُ عن معطفي ولبستُه، أذكر وجوه العمال القلقة لدى رؤيتهم مظهري، وأذكر أصواتهم الدافئة، يسألونني برحمة ورأفة: ”إنت منيحة؟ بدّك ميّ؟ حدا يناولنا قنينة ميّ شباب… اقعدي. ارتاحي. ما تخافي، ما تخافي…“ أخذت عبوة المياه من أحدهم، نظرت إلى عينيه، تشكّرتُه بصوت مبحوح، وخرجت من ”برزخ“ متوجهة إلى منزلي في الصنائع، دون هاتفي الذي سُرق كما حاسوب م. ع. خلال السهرة. حاولت تفادي نظرات المشاة في شارع الحمرا الرئيسي والعساكر عند مدخل وزارة الداخلية قبالة حديقة الصنائع. وصلتُ إلى البيت، هرعتُ إلى سريري وغفوتُ حتى المساء.
* ما بعد الحادثة - ردود فعل المغتصب ب. س. والمعتدية آ. م.:
في المساء، بعدما استحممتُ ووقفت لدقائق طويلة أمام المرآة، أتأمل الكدمات وأحاول تذكّر ما الذي حدث فعلاً، تواصلت مع آ. م. التي لم أكن قد سمعتُ بها قبل السهرة، لأستفهم منها إذا ما تمكّن المغتصب ب.س. من ولوجي، ولأتأكّد من نوع المخدر الذي جبرَتْني به، ولأتتبّع تسلسل الأحداث بعدما فقدت أجزاءً من ذاكرتي عن الليلة نتيجة التخدير والإغماء والصدمة. خلال المحادثة، حاولت آ. م. التملّص من مسؤوليتها تجاهي عبر تحوير موقعها من مُعتدية إلى ضحيةٍ ثانية للمغتصب ب. س.، ومن ثم التلاعب بي نفسياً بلطفٍ منافقٍ، فقطعتُ التواصل معها.
بعد بضعة أيام، وافقتُ على حضور اجتماع في ”برزخ“ مع مدير المكتبة وشخصين من فريق معازف وآ. م. التي دخلت إلى الغرفة مُقنّعةً بشخصية الـdiva السادية، أحمر شفاهها الفاقع وحليّها الذهبي ونقشة النمر والكعب العالي والأظافر المقلمّة والملوّنة… للحقيقة لم أستطع كبح نفسي من تأمل الفارق الطبقي الفاقع في ترف الوقت، كانت هي تتزيّن فيما كنت أنا ”أعتّل“ الكتب لساعات طويلة، كأنّه مشهد من فيلم فرنسي يعود لحقبة السينما الجديدة. أخذت الـdiva تستعرض مظلوميتها وتأزمها النفسي نتيجة تداول الألسنة ضمن فقاعات بيروت سردياتٍ محوّرةً عن الحادثة، وجاهدَت للتنصّل من ذنبها في تدبير الاغتصاب عبر إلقاء اللّوم على المغتصب ب. س. وحده، نهرتُها وقلتُ: "لوين عم تجربي توصلي؟ جاي تأفلمي ع أيري ولا كأنك مخدرتيني؟" فما كان منها إلا أن استشاطت غضباً وانجرفت بنزعة دفاعيّة (ويصحُّ القول تدميريّة) فراحت تعايرني بميولي الجنسيّة، وقالت، اللهم إن لم تخنّي ذاكرتي في الصياغة: "حبيبتي، أنا ما بحبّ الكس إنت اللي بتحبّيه (مع إيماءة بطرف أصابعها)، أنا بحبّ الإير، روحي إنتِ شوفي حالك"، تسربت منّي ضحكة خفيفة لهذه الهستيريا الذكوريّة. استطردَت الهانم آ. م. تعايرني بأنني جديدة على ”السين“ (وربما قصدها دخيلة؟ لعلّها أرادت أن تقول من طبقةٍ أخرى، أدنى، أليس كذلك؟ لا أملك من تملكه من رأسمال اجتماعي، يحميني، ولكن أكثر، لا أملك رأسمال اجتماعي أخاف على نفسي من فقدانه، كحالها). قالت أنّني لا أعرف السّهر والشرب وتعاطي المخدرات، واتّهمتني بالكذب عندما شدّدتُ على أنّ المخدرات عُرضِت عليّ مراراً خلال الحفل ورفضتُ مكتفيةً بالكحول، فقالت فاجرةً: ”لو ما بدّك الـmd، كنتِ بزقتيها، ما تكذبي، أنا بعرف الواحد عنده reflex!“. اشتدّ توتّري وفهمت أنّ الجدل معها عقيم، شتمتها وطردتها وأنهيت الجلسة.
في الخامس من كانون الثاني/ يناير ٢٠٢٠، جاءت ي. م. إلى منزلي بصحبة رفيقي في السكن آنذاك، دون إذنٍ مني أو سابق تنسيق معي. عرفتُ أنّها صديقة مقرّبة من ب. س.، أو كانت فعلاً في ذلك الوقت. كنتُ متكوّرة على نفسي في مقعد فردي بغرفة الجلوس، وصديقتي ر. ب. تزورني للاطمئنان على حالي، وقد شهِدَت معي ابتزازَ ي. م. العاطفي-السياسي الذي مارسته عليّ بإمعان وتصميم، عندما أخبرتني أنّها هي أيضاً تعرّضت لتجربة اغتصاب أليمة من رجل ”فلسطيني“، وأنّها لم تقم بفضحه ”لأّنه فلسطيني“، وكأنّما في فلسطينية الفرد صكّ براءة لذكوريةٍ مستفحلة، قالت: ”كل الرجال الفلسطينيين إخوات شرموطة“، استفزّني تعميمها العنصري والساذج الأبله، وقصدها أن أرتضي مصيري أنّ من اغتصبني فلسطيني الأصل، معليش… فدا القضية. برّرَت حينها ي. م. لصديقها سلوكه العنيف والمعتدي بأزماته النفسية غير المفكّكة أو المُعالَجة، وأكّدت أنّ الأشخاص في دائرته الضيقة يعانون منه بسبب عدوانيته.
ولصديقتي ر. ب. شهادة أخرى حول المعتدية آ. م.، أشاركها بعد حصولي على موافقتها طبعاً: قبل عدة سنوات وفي سهرة خاصة بمنزل أحد الأصدقاء المشتركين بينهما، قامت المعتدية آ. م. بالتسلل خلف ر. ب. إلى الحمام، وأقفلت الباب، ثم اقتربت من ر. ب. في محاولة لتقبيلها، فأبعدَتها عنها ر. ب. وأجبرتها على فتح الباب لتخرج.
في اليوم التالي وصلتني رسالة عبر الإيميل، من المغتصب ب. س. المكنّى بـ”Lil Asaf“ (لسخرية القدر حقاً)، يحاول فيها الاعتذار عما اختبرته من ”بشاعة“ ليلة رأس السنة، وأن ”يوضّح“ لي تفاصيلها، ”لأنّي كنت سكرانة، أما هو فماخد كوك، مصحصح!“، وذلك عبر التحوير والتلاعب بتفاصيل كل احتكاك وقع بيننا خلال السهرة لصالحه، وأن يقنعني غصباً عن ذاكرتي وحدسي أننّي كنت ألحّ عليه لتقبيلي، وأنّه صُدِم بي وبـ آ. م. عندما رآنا نمارس الجنس في ردهة الدرج على الطابق الثالث، وأنّ تردّد قبل أن يشاركنا الجولة، وأكثَرَ من اختراع شهودٍ لا أعرفهم، إلا ممّن ذكرتُهم في شهادتي أعلاه. حتى أنّه برّر الكدمات ومزقة الكولون بأنّني سقطت على الدرج. لم أفهم يوماً كيف اقتنع عقله البسيط بهذه الكذبة، كيف للقماش أن يُمزَّق بالتدحرج؟ حتّى لا أظلمه، وبعد سنتين ونصف من الحادثة، وفيما كنت أحضر صفوفي في مدرسة بيكار الصيفية بـ”برزخ“، انتابني القلق حينها، إذ كنت شاردة في تفاصيل تلك الليلة، وهي عادة أدمنت عليها خلال المرحلة الماضية، صعدت إلى مكان وقوع الاغتصاب على الطابق الثالث، ودحرجت نفسي عمداً على الدرج. كذبته غبية حقاً، وللحرّ ضمير يحاسبه، ما أنا بظالمة قلتُ لنفسي، واسترجعتُ صوت مزقة القماش والضرب على جسدي، وبكيت، كان ذلك قبل أسبوعين من اليوم.
بعد مضي الأسبوع الأول على حادثة الاغتصاب وشعوري بالضغط لضرورة الإسراع وكتابة بيان حول ما جرى، قررتُ أن أؤجل خوض المواجهة، لإدراكي أنّني لا زلت تحت تأثير الصدمة، عاجزة عن صياغة سردية واضحة للعيان، عدت للانشغال بيومياتي في العمل ضمن المكتبة وتنظيم الندوات واللقاءات السياسية والثقافية والعروض الفنية، ونشاطي مع قطاع الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي اللبناني، كنا نشهد حينها انتفاضة ١٧ تشرين التاريخية إبّان بدء الأزمة المالية والاقتصادية. تتالت الأحداث وتضاعف ثقلها خلال ما مضى من عامين ونصف، ولا مجال أو حاجة أو رغبة لديّ في تبرير تأجيلي المواجهة إلى اللحظة، فإنّني على قناعة أنّ للناجية الثائرة، صاحبة الحق، أن تعلن ساعة الصفر متى شاءت، كيفما شاءت. وفي هذا السياق، أستذكر أحب الأمثال الفلسطينية على قلبي: ”بدوي راح ياخذ بثار أبوه بعد أربعين سنة، صفن وحكى لحاله والله استعجلت“.
* فيما يخص موقف إدارة ”معازف“ المتمثّل بشخص م. أ. ط.:
علمت مؤخراً أن الأستاذ المعروف بـ م. أ. ط.، مدير ”معازف“، ”مجلة الموسيقى الأولى والأخيرة من نوعها في العالم“، أصرّ على الفريق بالتوجه نحو لفلفة الموضوع وعدم نشر بيان يدين المغتصب ب. س.، متجاهلاً شهادة عضوة في الفريق قد سبق أن اعتدى عليها ب. س. بالضرب خلال فحص الصوت في الحفلة نفسها، ومتغاضياً عن عدّة روايات متداولة ومسموعة لناجياتٍ من مصر والأردن تعرضنَ لمضايقات واعتداءات من قبل ب. س.، بحجّة أنّه يعرفه جيداً، ”ب. ما بيعمل هيك“، كان يكرّر على مسمع الموظفات/ين.
وما هي إلا بضعة شهور حتى بات يفرض على فريق العمل مزاولة النشر عن ب. س.، فتحولت المسألة إلى محط انقسام كبير بين أعضاء الفريق، وصلت إلى طرد إحداهن واستقالة ٣ أشخاص، لأسباب متعددة، لعلّ أبرزها قضية المغتصب ب. س.، ليعود وينشر عنه بعد يوم واحد من استقالة الأخيرة.
لا بدّ من أن يستوقف سلوك م. أ. ط. الأبويّ الأعمى نحو المغتصب ب. س. أي هاوٍ لمدرسة التحليل النفسي. اهتمامٌ واحتضانٌ لصورة الفلسطيني الفنان المأزوم بفعل تراكم المواجع الطبقية والنفسية والتاريخية، في شيء من الفيتيشية الثورية المقيتة، أشبه باحتضان انتحاري مزنّر، ويبدو أن ساعته تكّت…. أخبرتني العصفورة أن العلاقة توطدت بين م. أ. ط. وبين ب. س. في إحدى الحفلات التي نظّمتها ”معازف“ قبل عدة أعوام. ليلتها تشاجر المدير م. أ. ط. مع أحد الحاضرين الفاعلين في المشهد الموسيقي، فهبّ القبضاي ب. س. لنصرته، ونال نصيبه من الضرب المبرح الذي أودى به إلى المشفى. لن أشارك سبب الشجار، أو السياق الذي وقع فيه، احتراماً لخصوصية م. أ. ط.، وأكتفي بأن تكون هذه الشهادة صفعة أخيرة له، كرمال مصلحته يعني، علّه يلجأ إلى التحليل النفسي خلال السنوات المقبلة. بدلاً من صرفه الجهد في انتقاد ثقافة الإلغاء أو الـ”Cancel Culture“، مدّعياً مجابهة الموجات النيو-ليبرالية، ومتبنّياً موقفاً رجعياً ومحافظاً عبر تستّره وحمايته للمغتصب ب. س. واستخفافه بروايات الناجيات، ومتعامياً عن فعالية الفضح كأداة نسوية تُوَظَّف في تعرية النفاق السياسي الثوري وإلغاء وجود المغتصبين والمتحرّشين والمعنّفين من المساحات العامة في سبيل تحرّرنا، نحن النساء، والمهمشات/ين بحسب المعايير الطبقية والعرقية والجندرية النمطية، من سجن الذكورية والأبوية والاستغلال والاحتلال، واسترداد فضائنا العام، وإعلاء صوت الحق فيه.
يُذكر للطرافة أن الأستاذ م. أ. ط. قام بحذف صفحة الـevent لحفلة رأس السنة ”تسقط الـanxiety“ عن فايسبوك قبل موعدها بأيام قليلة، دون استشارة أي فرد من فريق ”معازف" أو ”برزخ“ أو ”Ballroom Blitz“، لأن الاسم لم يرق له كما عبّر في الاجتماعات التحضيرية، ثم تحجج أنّها امّحت ”بالغلط“. أوافقه الرأي الآن، كان الأجدر بنا أن نعنونها ”تسقط الـAuthority“.
الخاص مفتوح لشهادات الناجيات اللواتي ترغبن في مشاركة تجاربهنّ بشكل مجهول ونشرها عَبري حفاظاً على أمنهنّ وسلامتهنّ. عسى أن نتنظّم يوماً٬ ما أراه ببعيد٬ في إطار سياسي نسوي مقاوم.
اللهم إنّي بلّغتُ، اللهم فاشهد.
فاطمة فؤاد
شارك هذا الخبر
رغم ضبابية التوقعات الاقتصادية... أسعار النفط ترتفع
السجن 3 سنوات لمنتحل صفة محام... إليكم التفاصيل
تهريبة تراخيص تأمين لسلام تثير الشكوك! قطاع متخم وتعويل على إصلاحات البساط
الانتخابات البلدية في موعدها: التحضيرات اكتملت والوزارة جاهزة
لليلة الرابعة... تبادل إطلاق النار بين الهند وباكستان
رئيس الحكومة نواف سلام: الانتخابات البلدية في موعدها وتأكدت اليوم من جهوزية الوزارة للإشراف على العملية الانتخابية ونتمنى أن ينعكس هذا الشيء على عملية الفرز وإعلان النتائج
وزير الداخلية أحمد الحجار خلال إطلاق غرفة العمليات المركزية الخاصة بالانتخابات البلدية والإختيارية: الوزارة جاهزة لإجراء الانتخابات في موعدها
العين على انتخابات طرابلس البلدية... مصباح الأحدب قد يقلب الموازين
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa