ضَباب بعَبدا... ومفتاح القصر

13/07/2022 10:08AM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

في ظلّ الانشغال الدّوليّ عن لبنان، بدأت معركة رئاسة الجمهوريّة. إنّ التداعيات الاقتصاديّة العالميّة، للحرب الروسيّة الأوكرانيّة، ستجعل لبنان يقلع شَوكَهُ بِيدِه. وإذا سيطر على المشهد السياسي، حضور أو غياب راعي ترسيم الحدود البحريّة، الأميركيّ آموس هوكشتاين، فذلك يندرج في سياق خدمة إسرائيل إنتاجيّا، وأوروبا وغيرها استهلاكيّا، في مجال الغاز والبترول.

أمّا استحقاق رئاسة الجمهوريّة التشرينيّ، فهو حتّى اليوم غامض دوليّا، لكنّه واضح لبنانيّا. وأَوضحُ ما فيه نشاط حزب الله المتواصل، لفرض الرئيس الذي يستطيع أن يكون حارسًا أمينًا لصواريخه.

إنّ المقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، ذات نفوذ أمنيّ مستقلّ، ولها ساعة تشاء طهران أن توجِّه المسيَّرات والصواريخ في اتّجاه العدوّ الإسرائيليّ، أو أن تترك سلاحها يعيد السابع من أيّار الشهير، الذي سمّاه السيّد نصر الله يومًا مجيدًا. ولها أيضًا أن تفاوض، مباشرةً، أيّ طرف سياسيّ لبنانيّ، أو وساطةً، لأيّ هدف كان. وها هو حزب الله، اليوم، يستثمر دعوته لسليمان فرنجيّه وجبران باسيل إلى الإفطار الرمضانيّ منذ بضعة أشهر. ومن الملاحظ أنّ وضع باسيل كمرشّح رئاسيّ يبدو جيّدًا، لاسيّما بعد توافقه مع النائب فريد الخازن والتكتّل المستقلّ الذي هو واحد من نوّابه الأربعة، وبعد هدوء عاصفة فرنجيّه التي كانت تهبّ باستمرار على باسيل، وتخفي رغبة جامحة في رفضه وعدم استساغته رئيسًا للجمهوريّة اللبنانيّة. ولقد استطاع حزب الله التوفيق بين القطبين المسيحيّين، باسيل وفرنجيّه، والأرجح أنّ الحسم سيكون لصالح باسيل، الذي إن وصل إلى قصر بعبدا سيتقاسم مواقع النفود مع حلفائه، وينفّذ شروطهم لانتخابه.

وعلى الضفّة المقابلة، يظهر رئيس حزب القوّات اللبنانيّة وحيدًا، وحجّتُه الوحيدة، للترشّح إلى رئاسة الجمهوريّة، أنّه يملك الكتلة النيابيّة المسيحيّة الأكبر. ويحاول بكلّ وضوح أن يستقطب النوّاب الذين لا يدورون في فلك المنظومة الحاكمة وحزب الله، ومنهم نوّاب الثورة، الذين أثبتوا، من خلال انتخابات رئاسة المجلس النيابيّ ونيابتها وعضويّة اللجان، أنّهم لن يتبادلوا الصفقات والتسويات مع أحد، وبالتالي لن يتنازلوا عن شعارهم الذي أوصلهم إلى المجلس النيابيّ "كلُّن يعني كلُّن"، ما يعني أنّ جعجع لن يتمكّن من الحصول على أصواتهم. وعليه، أصبح الانتصار، بالنسبة إليه، يقتصر على منع باسيل من الإقامة في قصر بعبدا، بعد عمِّه. وقد يذهب جعجع، في هذه الحال، إلى العمل والضغط لإيصال رئيس، من خارج دائرة الزعامة المسيحيّة، يكون عصيًّا بعض الشيء على حزب الله، ويمتلك هامشًا واسعًا من الحرّيّة، يساعده على أن يكون ممثّلا غير مباشر للفريق "السياديّ".

إنّ التسوية الأميركيّة الإسرائيليّة الإيرانيّة، في مسألة ترسيم الحدود البحريّة، بين لبنان وإسرائيل، قد تُفضي، في حال لم يحدث أيّ تطوّر أمنيّ بين المقاومة الإسلاميّة وتل أبيب، إلى غضّ النّظر عن تسليم مفتاح قصر بعبدا لباسيل. وقد تفضي، كذلك، إمّا إلى غضّ النظر عن مفاعيل العقوبات الأميركيّة على الرئيس اللبنانيّ المحتمَل، وإمّا إلى إلغائها، ومثل هذه المسائل يخضع لمجريات الأحداث من الآن إلى تشرين المقبل.

صحيح أنّ بعَبدا مسوَّرة بضباب انتخابيّ، غير أنّ موازين القوى في المجلس النيابيّ واضحة، وليست الأكثريّة المتحرّكة فيه، سوى أكثريّة نجح حزب الله، دون غيره، حتّى الآن، في جرّ مياهها إلى طاحونه. فهل يكون بين تمّوز وتشرين ما ليس في حسابات أهل معركة الرئاسة؟

الأمور مفتوحة على عدّة احتمالات، وعمرُ الضباب الذي يحاصر بعَبدا قصير.

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa