21/07/2022 07:06AM
كتبت صحيفة "الراي الكويتية":
لم يكن أكثر تعبيراً عن الواقع السوريالي الذي يعيشه لبنان المُنْهار من استحضارِ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أغنيةَ «ع العصفورية خدني يا بيي» (أي إلى مستشفى المجانين) في معرض توصيفه الوضع الداخلي الذي تختزله منذ 3 أسابيع أزمة تأليف الحكومة العتيدة التي كُلّف تشكيلها والتي باتت «في قفص» الانتخابات الرئاسية واستُرهن معها كل مسار الإنقاذ أقلّه في شقه الإصلاحي ما دام بُعده السيادي رهناً بالتوازنات المحلية بامتداداتها الإقليمية.
وجاء كلام ميقاتي خلال إطلاقه أمس، حملة صيف 2022 تحت عنوان «أهلا بهالطلة» في مركز التدريب والمؤتمرات التابع لشركة طيران الشرق الأوسط في مطار رفيق الحريري الدولي في حضور عدد من الوزراء والسفراء، إذ أكد «هذا هو لبنان، ويجب أن يكون لدينا دائماً الأمل بأن لا خيار للبنان إلا أن يكون مزدهراً وينمو نموه الطبيعي»، شاكراً «الهيئات الدولية والسفارات التي تعمل بكل إخلاص وتساعدنا وتشدد أمامنا... نحن معكم المهم ان تكونوا مع أنفسكم ونحن سندعم لبنان، ونحن بأشد الحاجة الى هذه المساعدة».
وتوجّه ميقاتي إلى وزير السياحة وليد نصار، قائلاً «اخترتم للحملة شعارات من أغنيات لبنانية. أول حملة كان عنوانها (بحبك يا لبنان، كيف ما كنت بحبك) لفيروز واليوم (أهلا بهالطلة) لصباح. ونتمنى منكم جميعاً ان تدعوا معي إذا استمررنا في اختيار الأغنيات كشعارات، ألا نصل الى أغنية( ع العصفورية خدني يا بيي)، وقد غنّاها الرئيس المكلف وسط تصيف الحاضرين ضاحكين».
ولم تأتِ استعارةُ ميقاتي «العصفورية» إلا كإسقاطٍ واقعي على عقم المحاولات المستمرة منذ نحو عامين ونصف العام لوقف انحدار لبنان في قلب القعر المفتوح، مَدْفوعاً بانهياره الشامل، المالي - المصرفي - النقدي - الاقتصادي - الاجتماعي، والذي سرّع في وتيرته اقتيادُ البلاد إلى فوهةِ صراعات المنطقة وتكريس تموْضعه في المحور الإيراني، وهي الاعتبارات نفسها التي تبطىء عمليةَ النهوض من الحفرة العميقة التي تبقى استعادةُ لبنان توازنه السياسي - السيادي «الطريق المختصر» والأقل تكلفة للخروج منها.
وآخِر هذه المحاولات تشكلها مساعي تأليف حكومة ما بعد انتخابات مايو الماضي النيابية، والتي جَعَلها تَداخُلها الزمني مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية (تبدأ مهلتها الدستورية في 31 اغسطس المقبل) «حلبةً» إما لحرق «أحصنة» وإما تعزيز حظوظ أخرى في سباقٍ إلى قصر بعبدا، واجَهتُه أسماء مرشحة من دون إعلان للرئاسة، واللاعبون الرئيسيون فيه يخوضونه بحساباتٍ كبرى تتصل بالتقاطعات الممكنة إقليمياً أو بموجبات «القطْع» مع التحولات التي ترتسم في منطقةٍ صارت «ملاعب نارها» مفتوحة على الصراع العالمي الكبير الذي يدور في أوكرانيا وعليها بتشظياته العسكرية والاقتصادية، وباتت القوى العظمى تتسابق على استمالة دول الثِقل فيها وحجْز مواقع نفوذ لها على خريطتها من ضمن شراكاتٍ استراتيجية جديدة أو متجدّدة.
وبدت إشارة ميقاتي إلى«العصفورية» تحذيراً من مآلات الواقع اللبناني في ضوء الحُفَر الكثيرة التي باتت تملأ الطريق بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون، وسط قطيعة يُخشى أن يصعب كسْرها كلما طالت، وخصوصاً في ظلّ تحوُّل ما يعتبره فريق الرئيس المكلف إساءة لمقام رئاسة الحكومة عبر طريقة تعاطي قصر بعبدا مع موعد طلبه لزيارة عون ولم يُحدَّد بعد ولن يطلب ميقاتي غيره، عنواناً لكرامة الموقع الدستوري الذي يمثّل المكوّن السني في النظام اللبناني والذي سبق أن كان خلال عهد عون خصوصاً منذ 2019 محور إشكاليات دستورية تتناول دوره وصلاحياته ولا سيما في عملية تأليف الحكومة، وهو ما عانى منه الرئيس السابق سعد الحريري الذي«أُحرج ليخرج» من تكليفٍ استمر أشهراً وطبعتْه سوابق في مخاطبة رئيس مكلّف عبر «درّاجين» واليوم بـ«نعود إليكم بعد قليل» (لتحديد موعد).
وما يجعل الوضعَ اللبناني مفتوحاً على شتى المخاطر، أن عصْفَ الأزمة المالية، يترافق مع ما يبدو «شحذ سكاكين» سياسية على تخوم الاستحقاق الرئاسي الذي بات تحت معاينة خارجية لصيقة، في ظل تعاطي مختلف الأطراف في الداخل مع الملف الحكومي على أنه «لزوم ما لا يلزم» وتحويله من قوى وازنة «خرطوشاً» في الانتخابات الرئاسية، وهو ما ينطوي على مَخاطر عالية بحال أمْلت المتغيرات الاقليمية ترْك لبنان ينزلق نحو شغور رئاسي سيستولد فوضى وربما انهياراً دستورياً وسط محاولات «ربْط نزاع» خطيرة مع مرحلة الفراغ الرئاسي المحتمل على قاعدة «لا يمكن أن تملأه حكومة تصريف أعمال».
ولا تقلّ خطورة مناخات التوتر التي تسود«الجبهةَ البحرية» بين لبنان وإسرائيل في ضوء «تحمية الميدان» التي قام بها «حزب الله» منذ إطلاقه المسيّرات الثلاث فوق حقل كاريش، راسماً معادلة «لا غاز لإسرائيل من كل حقولها من دون غاز للبنان من بلوكاته»، وهي المعادلة التي راوحت القراءات لها بين أنها إما استشعارٌ بقرب التوصل لاتفاق على الترسيم قبل سبتمبر (موعد بدء الاستخراج من كاريش) وتالياً تقديم الحزب نفسه «ضامناً لحقوق لبنان» وحامياً لها، وبين أنها تمهيدٌ تدريجي لتسخينٍ «على حافة الهاوية» يرتبط بالوضع في المنطقة ومفاوضات النووي وبمجريات المطاحَنة بين روسيا والغرب في أوكرانيا والتي بات «حبْلُ الغاز» الذي يلتف حول عنق أوروبا من أبرز أسلحتها «الموصولة» بأنابيب كاريش.
ولم يكن عابراً في هذا السياق تكرار الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله خلال «اللقاء العاشورائي السنوي» مع الخطباء وقرٌاء العزاء معادلة «لا استخراج للنفط في كل الكيان الإسرائيلي إذا لم يأخذ لبنان حقه».
وأكد أن الحرب ليست حتمية«ولسنا متأكدين أننا ذاهبون إلى حرب. قد نشهد استهدافاً موضعياً ورداً يناسبه، والأمر مرتبط بردّ الإسرائيلي الذي قد يدحرج الأمور للحرب. لكن، في المقابل، قد يخضع الإسرائيلي حتى من دون حرب».
وأضاف:«يمكن رايحين على حرب ويمكن لا. ليست رغبتنا أن نفتح جبهة. نريد حقوقنا فقط. ونحن نعلّي السقف كي يخضع الأميركي والإسرائيلي، لأن مسار الانهيار في لبنان مستمر». ولفت إلى أنه «حتى الآن لم يأت الوسيط الأميركي في مفاوضات ترسيم الحدود بجواب واضح مع أن لبنان قدم تنازلات كبيرة، وما يريده لبنان بالحد الأدنى لم يحصل عليه».
وأكد نصرالله (كما نقلت عنه صحيفة «الأخبار») «نتمنى ألّا نطلق رصاصة أو صاروخاً وأن يتراجع العدو. وننتظر التطورات وجاهزون لكل شيء. والعدو اليوم يشعر بالضعف ولا يريد الحرب ويعرف أن الحرب ليست مع حزب الله فقط، وإنما قد تتطور مع كل المحور بما يطيح به. الذهاب إلى الحرب، بالنسبة لإسرائيل، خيار مخاطره كبيرة ومكلفة».
واشار الى أنه «يمكن نحصّل حقوقنا بحرب أو من دون حرب، والإسرائيلي قد يخضع من دون أي عمل من المقاومة، وقد يرد وتتدحرج الأمور إلى حرب. لكننا معنيون بأن نخاطر ونتخذ موقفاً صعباً».
وشدد على أن لبنان أمام«فرصة تاريخية وذهبية للخروج من أزمته، وإذا لم نستغلها فقد لا نستخرج النفط لـ 100 سنة مقبلة. لا نفتش عن إنجاز معنوي من خلال منع الاستخراج من حقل كاريش. بل نريد أن نستخرج نفطنا، لذلك، لا استخراج للنفط وللغاز في كل الكيان إذا لم يأخذ لبنان حقه. ولو أطلقنا تهديداتنا قبل 7 أشهر لما كان لها الوقع نفسه. أهمية المعادلة اليوم أنها تأتي في ظل حاجة أوروبا للنفط والغاز وإلا ستحل بهم كارثة حقيقية وسيخضعون لروسيا».
وفي سياق آخر، لم تهدأ تفاعلات قضية توقيف النائب البطريركي على القدس والأراضي الفلسطينية والمملكة الهاشمية المطران موسى الحاج عند معبر الناقورة يوم الاثنين ابان عودته الى لبنان والتحقيق معه لنحو ساعات من الأمن العام ثم تخليته بعد حجْز جواز سفره ومصادرة هاتفه ومنْعه من السفر، واستدعائه من قاضي التحقيق العسكري فادي عقيقي للتحقيق معه في المحكمة العسكرية يوم أمس.
وبعدما أشارت تقاريرُ إلى أن توقيف الحاج أتى على خلفية حيازته مبلغاً مالياً قُدر بـ460 ألف دولار وكمية من الأدوية من متبرّعين، ذُكر أن بينهم لبنانيون لجأوا إلى اسرائيل وكانوا في ميليشيا «جيش لبنان الجنوبي» المتعاملة معها أرسلوا مساعدات لعائلاتهم في لبنان، فإن الردود السياسية على هذا التطور - السابقة وصولاً للبيان شديد اللهجة الذي صدر عن الاجتماع الطارئ للمجمع الدائم للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في الديمان أمس، عكستْ الأبعاد الخطيرة لما جرى وارتداداته المحتملة على مجمل الواقع اللبناني.
ومنذ ساعات النهار، بلْورت المواقف التي صدرت بعد زيارات تضامن للمقر الصيفي للبطريركية في الديمان التفسيرات السياسية التي أُعطيت لخطوة قضائية اعتُبرت رسالة للكنيسة المارونية تتصل بموقفها من الانتخابات الرئاسية المقبلة و«بروفايل»الرئيس البعيد عن الاصطفافات الحزبية وبمقاربتها لوضع لبنان وفق ثوابت الدفاع عن سيادته وحصرية السلاح وإبعاده عن المحاور واستعادة روابطه التاريخية مع الدول العربية والخليجية.
وفيما نُقل عن الراعي «أن الرسالة وصلت ولن نحيد عن ثوابتنا»، اعتبر خصوم عون أن اتصال الاستنكار الذي أجراه به أمس بدا في سياق استلحاق المناخ المسيحي الغاضب حيال ما جرى، علماً أن البطريرك تلقّى أيضاً اتصالاً من ميقاتي فيما نُقل عن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبرهيم إبلاغه بكركي أن ما حصل لم يكن قراراً من هذه المديرية إطلاقاً بل تنفيذاً لإشارة قضائية (عن القاضي عقيقي) لا يمكن لهذه المديرية عدم التقيد بها أو إهمالها.
في موازاة ذلك، عبّر نائب «القوات اللبنانية» شوقي دكاش من الديمان«عن غضبنا من الطريقة التي تمّ التعامل بها مع المطران موسى الحاج، فقد أخذوا جواز سفره وهاتفه الخلويّ والأموال التي كانت معه، وهي أمانات للناس والأدوية المفقودة أساساً في البلد»، محذراً «ما تجربونا».
وقال النائب نديم الجميل «جئت الى الديمان للتضامن مع هذا الصرح الكبير والذي تعرّض للاعتداء من قضاء منحاز وفاسد".
وتابع "لبنان يتجه نحو محور مخالف لمحور الحرية والديموقراطية، ويدخل ضمن محور إيراني - سوري يفرض عليه كل المسارات والاستحقاقات. ما تعرّض له المطران في الناقورة عمل مرفوض كليّاً، ولن نقبل به. وما من أحد أكان ايرانياً أو سورياً، ويأخذ تعليماته من الولي الفقيه يتعرّض للأحرار في هذا البلد، وإذا كانوا يعتقدون أنّ بكركي والديمان وسيدنا البطريرك»حيطن واطي«فهم مخطئون كلياً».
غبريال نبّه من قفْل«نافذة الفرصة» لترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل
أعلن رئيس مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان السفير ادوارد غبريال «أن مسألة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل قرار سيادي يعود للبنان، لكننا نرى أنها فرصة له».
ونبه من «أن نافذة الفرصة هذه ستُقفل، وعندئذ لن تكون هناك فرصة أخرى لتسوية المسائل بين البلدين لقرون. وهذا يعني ان لبنان لن يكون قادراً على تطوير المنطقة في المنطقة المتنازع عليها ولن تكون هناك شركات ستأتي للتنقيب في المناطق المتنازع عليها».
وتمنى غبريال بعد لقائه أمس وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب «ان تتم الاستفادة من الفرصة الصغيرة المتاحة الآن من ضمن قرار سيادي للبنان لوضع تصور للتسوية عبر التفاوض تضمن مصلحته، ونأمل ان يستطيعوا فعل ذلك ونحن داعمون للبنان في هذا المسار. وقد تحدثنا مع من التقيناهم في ضرورة أن يجتمعوا معاً من اجل صالح بلدهم وأن يضعوا خلافاتهم جانباً».
المصدر : الراي الكويتية
شارك هذا الخبر
قصف إسرائيلي متواصل على غزة: قتلى ومصابون
اجتماع انتخابي في وزارة الداخلية
بشرى من مستشفى أوتيل ديو: تقنية جراحية متقدمة ونادرة في جراحة الكلى لدى الأطفال
بلدية مركبتا ـ المنية تحدد موعدًا لسير الدراجات النارية
سلام من عين التينة: برّي "كفَّى ووفّى"
تحليق للطيران المعادي على علو منخفض في اجواء الجنوب
بلدية تحدد جدولًا لجمع النفايات من أمام منازل البلدة... إليكم التفاصيل
مصلحة الليطاني: إجراءات لحماية الأملاك العمومية النهرية في عنجر
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa