بين "الطابِيّة" والتاج والطابة... لبنان يريد انتصارًا

26/07/2022 02:23PM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

كان الأحد الفائت علامة فارقة في روزنامة لبنان، إذ جمع ثلاثة استحقاقات تندرج في سياق واحد، وإن كان لكلّ منها مجال مختلف. فطابِيّة البطريرك الماروني كانت ترتفع فوق مسيَّرات حزب الله القضائيّة، وتقول لها: "لي في لبنان قبلَكِ، وأكثر منكِ، وأبواب جحيم الاضطهاد لن تقوى عليَّ". وطابة المنتخب اللبناني، لكرة السلّة في كأس آسيا، تقول لنا وللعالم:" نحن شعب لا يموت". وتاج ملكة جمال لبنان يقول:" لبنان والجمال مُلكُ يدَينا".

ومن الملاحظ أنّ لكلّ من هذه الاستحقاقات الثلاثة مَن يمدّ له بساط الاهتمام. لكنّ البساط الأكبر كان للسلّة اللبنانيّة. وذلك لأنّ الانتصار المرجوّ فيها أشمل، ولا يترتّب عليه اصطفافات دينيّة وطائفيّة وسياسيّة. فأمام شاشة المباراة الحاسمة بين لبنان وأستراليا، بلغ انفعال اللبنانيّين ذروته، خصوصا أنّ أبطال الأرز لم يخضعوا لليأس الذي يجب أن يُمليه تقدّم المنتخب الأستراليّ على امتداد المباراة، إنّما ناضلوا بصلابة وأمل ونفس طويل، حتّى كادوا ينتصرون بفارق سلّة واحدة. هذا الأداء عنى للّبنانيّين الكثير، فهُم في ظلّ سلطتهم الفاسدة يسعون لحسم المباراة الكارثيّة معها، ويرون في سواعد المنتخب اللبنانيّ ما يحتاجونه من قوّة لهدم رؤوس القصور التي عندنا على حشوة كراسيها.

وقد بدا لافتا، أيضا، تسابُق السياسيّين على تهنئة المنتخب اللبنانيّ، وكأنّهم "يقوطبون" على الرأي العامّ اللبنانيّ، أو يزايدون عليه. فهذا الرأي العامّ رأى في رياضيّي لبنان ما لم يرَه فيهم من نظافة وبطولة ووطنيّة، وكم هو معبّر ردّ البطل وائل عرقجي على الرئيس نجيب ميقاتي المهنِّئ، ومفادُه أن يخلد إلى الصمت، لأنّه وأمثاله من أهل السياسة عندنا هم من أوصلونا إلى الخراب الذي لا يصدَّق. غير أنّ الميقاتي، وفي اليوم التالي أعاد التهنئة، وأخطأ في حقّ عرقجي متّهما إيّاه بالشطط والنشاز.

الرئيس ميقاتي نموذج للمسؤولين عندنا، الذين يريدون دور البطولة لهم وحدهم، ويكابرون، ويُمعنون في مصادرة المساحات المخصّصة للحقيقة التي ترفضهم وتعتبرهم فاقدي الصلاحيّة سياسيًّا ووطنيًّا.

شكّلت بطولة آسيا لكرة السلّة حالة شعبيّة مميّزة، واختلفت عن الحالات الانتخابيّة الأخيرة، المشغولة بالعصب الطائفيّ والسياسيّ والماليّ، وليس للمواطن فيها أن يكون حرّ الانفعال خارج الأطر والعناوين المرسومة لحزبه أو لتيّاره السياسيّ. بينما شاهدنا الناس يتعملقون على وسائل التواصل الاجتماعيّ مع أبطال وطنهم، ويقطفون فرح قيامة لبنان من شبكة تهزّها طابة لبنانيّة.

للأحد الفائت ثلاث شمعات على مذبح الأرز: تاج جمال لجنوبنا الحبيب، وصرخة بطريرك في وجه الباطل، وسلّة مجد أنبأتنا: أنّ الحياة لا تزال ممكنة، وأنّ لبنان لا يزال وطنًا ممكنًا.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa