الخاصّة شحَّمت مُفصّلات بوّاباتها... الرسميّة في انتظار

17/08/2022 10:15AM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة"

يتعثّر التعليم، اليوم، في شقَّيه: الرسميّ، والخاصّ. وتبدو بوّابات المدارس محتاجة إلى تشحيم مفصّلاتها بالعملة الصّعبة، بالمعنَيَين، لفَتحها في بداية العام الدراسيّ.

ولا شكّ في أنّ المدارس الخاصّة استطاعت، مع نهاية العام الدراسيّ الفائت، أن تضمن استمراريّتها، من خلال دَولرة جزء من أقساطها، يسمح لها بتحمّل الأعباء التشغيليّة، وإقناع المعلّمين باستئناف العام الدراسيّ، إذ سيحصلون هم بدورهم على جزء من راتبهم بالدولار.

أمّا التعليم الرسميّ فلا يزال وضعه متأزّما، لأنّ مشكلة تعديل الرواتب شاقّة ومتعثّرة، وليس من مقاربة للحلّ إلّا بشيء من التساوي الراتبيّ بين المعلّم في المدرسة الرسميّة والموظّف في القطاع العامّ. وما ق

ذامت به المدارس الخاصّة على المستوى الماليّ، لا يستطيعه وزير التربية، لأنّ هذا الأمر يعود إلى مجلس الوزراء والمجلس النيابيّ. من هنا نلاحظ عدم قدرة الوزير الحلبيّ إعطاء صورة واضحة ومقنعة للواقع التربويّ عندنا. وكلّ ما يفعله هو قول: لن نسمح... ولن... ولن... لكن عمليّا، إن لم يُعطَ معلّمو القطاع الرسميّ راتبًا مضمونًا، يصل في الوقت المحدّد، فمن غير الممكن دعوتهم إلى إنجاز عام دراسيّ جديد.

وتجدر الإشارة، في سياق الكلام على الرواتب، أنّ أمرا غريبا جدّا يحصل في القطاع الخاصّ. فمسألة إعطاء إضافة إلى الراتب بالدولار مسألة استنسابية بين مدرسة وأخرى، حتّى في المدارس التابعة، على سبيل المثال للرهبنة نفسها. 

وهكذا نرى معلّما يحصل على ثلاثمئة دولار وآخر على مئة... وهما في الرتبة ذاتها. ما يعني أنّ بعض المدارس الخاصّة قد يعاني صعوبة في انطلاق العام الدراسي الآتي.

وإنّ من أصعب ما يواجهه التعليم، اليوم، تخلّي الكثير من المعلّمين عن مهنتهم، إمّا بداعي السفر القسريّ، وإمّا للانتقال إلى مهنة ذات رغيف أكبر. وجدير بالذكر، أيضا، أنّ التعليم في القطاع الخاصّ، ومنذ أكثر من عشرين سنة، تحوّل، نسبيّا، إلى قطاع نسائيّ، وها نحن اليوم نَشهَد مغادرة المرأة لهذا القطاع بسبب عدم قدرته على تأمين الحدّ الأدنى لمتطلّبات الحياة.

وأمام هذا الواقع التربويّ الكارثيّ، لا نجد السلطة، بشكل عام، ووزير التربية، بشكل خاصّ، واعِيَين خطورة ما تمرّ به التربية في لبنان. فلم يعُد عندنا مَن هو مستعدّ لامتهان التعليم. وعليه، إنّنا ذاهبون نحو تجويف التعليم، وتفريغه من كلّ طاقاته. ولن يبقى في لبنان سوى المدارس الثريّة التي تعلّم أولاد أغنياء السياسة والمصارف والشّركات الكبيرة...

إذا استطاع التعليم، عندنا، بقطاعَيه، اجتياز الصعوبات المذكورة، يبقى الدولار العامل الأكثر تأثيرا، ففي حال استمراره في الارتفاع، لن تتمكّن لا المدرسة الرسميّة، ولا الخاصّة، من فتح أبوابها، وإن استطاعت ذلك، فهي حُكمًا، لن تستطيع الوصول إلى نهاية عام دراسيّ طبيعيّ، لأنّ صاحب الطبشورة البيضاء ستغتاله كفّ الجوع السوداء.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa