خلايا المقاومة السرية توجه ضربات قاسية للقوات الروسية

18/08/2022 03:50PM

في مقاومتها للقوات الغازية لا تكتفي كييف بالاعتماد على الجيش الأوكراني والميليشيات الرديفة، إذ أنها تتكل أيضا على "مقاومين سريين" من المدنيين القادرين على توجيه ضربات موجعة خلف خطوط العدو وفقا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز".

وعلى نحو متزايد، تنقل أوكرانيا القتال ضد القوات الروسية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة موسكو، سواء بواسطة وحدات النخبة العسكرية، مثل تلك التي نسب لها إحداث انفجار ضخم في مستودع ذخيرة روسي في شبه جزيرة القرم المحتلة أو عبر شبكة "مقاتلي حرب العصابات" الذين يعملون بشكل سري وخفي.

وقال مسؤولون أوكرانيون، الأسبوع الماضي، إن "المقاومين السريين" كان لهم دورا فعالا في توجيه في ضربة ناجحة لقاعدة جوية روسية في شبه جزيرة القرم، والتي ضمتها موسكو قبل ثماني سنوات.

وقد أدت تلك العملية إلى تدمير ثماني طائرات مقاتلة، بحسب وسائل إعلام تابعة لكييف.

وتحدث أحد مقاتلي حرب العصابات، إلى صحيفة "نيويورك تايمز"، مستخدما اسما حركيا هو "سفاروج" نسبة إلى إله النار في الديانات السلافية الوثنية القديمة، مشيرا إلى أنه استطاع مع خليته تنفيذ العديد من العمليات الناجحة.

في الآونة الأخيرة، سمح الجيش الأوكراني لـ"سفاروج" وغيره من "المقاومين السريين" بإجراء مقابلات بشكل شخصي أو عبر الإنترنت، على أمل تسليط الضوء على التهديد المتسع التي باتت تشكله "المقاومة السرية" على القوات الغازية، ولتقديم إشارات إلى المانحين الغربيين بأن كييف قادرة على الموارد المحلية بنجاح في الحرب، وذلك وفقا لتصريحات مسؤول عسكري كبير مطلع على برنامج وخطط عمل تلك المقاومة.

كمائن واغتيالات

ومع قلة الحركة على الخطوط الأمامية، يتكثف نشاط الثوار السريين في استخدام السيارات المفخخة والكمائن واغتيال "المتعاونين مع الروس"، وذلك قبل العودة إلى الاندماج مع السكان المحليين دون أن يعرف أحد هويتهم الحقيقية. 

وقبل الغزو كان سفاروج يتدرب في أيام العطل الأسبوعية مع وحدات "القطاع الأحمر" و"الفليق الوطني" التابعة لكتائب حركة آزوف القومية واللتان كانتا متخصصتان في تدريب المدنيين على الأعمال العسكرية.

وقال سفاروج إنه كان من بين المتدربين في تلك البرامج العامة، مشيرا إلى أنه وخلف الكواليس كانت قوات العمليات الخاصة الأوكرانية تدير برنامجًا أكثر تنظيماً وسرياًا يتضمن تدريب المقاومين على استعمال المتفجرات وصنع الكمائن وإنشاء مخابئ سرية للأسلحة تحسبا لأي هجوم روسي محتمل.

وأوضح أنه تم توجيهه بعد الغزو إلى مخزن سلاح خارج بلدة ميليتوبول، جنوبي أوكرانيا، حيث عثر على ألواح من المتفجرات شديدة الانفجار، وأجهزة تفجير وبنادق كلاشينكوف، وقاذفة قنابل يدوية، ومسدسين مجهزين بكاتم للصوت.

وكانت ميليتوبول قد أصبحت أحد مراكز المقاومة السرية، وفقا لرئيس البلدية، إيفان فيدوروف، والذي تفاخر أمام وسائل الإعلام بأن الثوار استطاعوا تنفيذ أعمال تفجير واستهداف على مدى سبعة أيام متتالية.

وعن إحدى العمليات التي نفذها سفاروج مع بعض رفاقه، قال إنه تسللوا إلى  مركز الشرطة في ميليتوبول حيث وضعوا عبوة ناسفة تحت إحدى السيارات في أجواء من الظلام الدامس عقب قطع التيار الكهربائي عن المنطقة.

وأوضح الرجل بقوله: "من سيقود تلك السيارة سوف يكون خائنا بلاشك لأن الشرطة أصبحت أداة بيد الاحتلال وهدفها القمع وليس استتباب الأمن"، وبحسب التقارير الواردة فقد أسفر التفجير عن مقتل ضابط وإصابة آخر بجروح.

ونبه سفاروج إلى أن خليته استهدفت أيضا في الأسبوع الماضي سياسيا أوكرانيا يدعى، أوليغ شوستاك، الذي انضم إلى فرع حزب روسيا المتحدة في ميليتوبول متهما إياه بأنه كان يعمد إلى "نشر الأكاذيب وأجندة موسكو المغرضة بين السكان المحليين".

ولفت سفاروج الذي الذي لم يشارك في تلك المهمة إلى أن فريقه وضع قنبلة تحت مقعد السائق، كانت معدة للانفجار عند بدء تشغيل المحرك، بيد أن شوستاك نجا من الموت رغم إصابته بجروح عقب انفجار مركبته.

وسواء نجا الأشخاص المستهدفون أو قضوا في الهجمات فإن المهم هو إيصال رسال لـ"العملاء" بأنهم لن يكونوا بمأمن، وفقا لتصريحات بعض "المقاومين السريين". 

وبموجب قانون أوكراني أقره البرلمان العام الماضي، فإن قوات العمليات الخاصة التابعة للجيش مخولة بتدريب وتسليح ودفع رواتب المقاتلين السريين الذين يقاتلون على الأراضي الأوكرانية في وقت الحرب، ويطلق عليهم رسميا لقب "متطوعو المجتمع".

"لا نخضع لقوانين الحرب الدولية"

ويقول الثوار السريون إنهم مدنيون، وبالتالي فإن الأساس القانوني لنشاطهم ينظمه القانون الأوكراني، وليس قوانين الحرب التي تحظر، على سبيل المثال استهداف الجنود لمسؤولين مدنيين.

ولكن بعض الخبراء يقولون إن المدنيين يصبحون "مقاتلين" عند المشاركة في الأعمال القتالية أو العدائية.

بيد أنه ليس كل أنشطة "المقاومين" تتسم بالعنف والقتل، فهم أيضا يلصقون المنشورات ويكتبون عبارات المقاومة على الجدران في المدن الخاضعة للسيطرة الروسية، بالإضافة إلى أن هناك من تنحصر مهمته في تقديم معلومات عن احداثيات ومواقع القوات الروسية وغيرها من المعلومات التي تفيد الجهود العسكرية.

وأوضح مسؤول عسكري رفيع إن كيانين داخل الجيش مسؤولان عن الإشراف على العمليات خلف خطوط العدو، وهما جهاز المخابرات العسكرية، المعروف باسم "HUR"، وقوات العمليات الخاصة الأوكرانية، وذلك من خلال تشكيل  فرقة عمل مشتركة تستفيد من إمكانيات كافة وكالات الاستخبارات في البلاد.

وتحدث المسؤول عن عمليتين في منطقة زابوريجيا أسفرت إحداها عن تسميم نحو 15 جنديًا روسيًا وبينما منعت الأخرى سرقة 60 ألف طن من الحبوب ولكن دون وجود مصدر مستقل يؤكد ذلك. 

وكانت المقاومة قد أعلنت أيضا أنها وراء انفجار وقع يوم السبت الماضي أدى إلى تعطيل جسر للسكك الحديدية يربط ميليتوبول بشبه جزيرة القرم، مما أوقف توريد المعدات العسكرية القادمة إلى منطقة زابوريجيا.

تهديدات للمعملين "المتعاونين"

وتعتبر الحركة السرية الأوكرانية في الأراضي المحتلة ضباط الشرطة وموظفي الحكومة البلدية والإقليمية والمعلمين الذين يوافقون على العمل بموجب المناهج التعليمية الروسية كمتعاونين، ولكن لا يرون ينظرون إلى الأطباء ورجال الإطفاء وموظفي المرافق العامة من ذات المنظور.

ويقول مقاوم سري أطلق على نفسه اسم "فايكنغ" إن المعلمين قد أصبحو محور التركيز مع اقتراب موعد افتتاح المدارس في سبتمبر القادم، قائلا: "يريد الروس أن يفرضوا على أطفالنا مناهج تخالف الحقائق وتضج بالكذب والدعايات المضللة".

ولفت إلى أن "المعلم الذي يوافق على التدريس من خلال المنهاج الروسي سوف يعد عميلا". 

وقال إن الثوار "لن يهاجموا المعلمين، لكنهم سعوا إلى إذلالهم مسبقا من خلال منشورات يضعونها على أعمدة الكهرباء مع تحذيرات لـ"العملاء" منهم.

ونبه  إلى أن بعض المنشورات تضمنت صورا وأسماء صريحة لمديري مدارس ومعلمين يخططون لفتح أبواب مدارسهم في الأيام الأولى من الشهر القادم. 

وختم بالقول: "التعاون مع الروس سوف يكون له عواقبه". 


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa