12 يوماً وتبدأ المهلة الدستورية لانتخاب خَلَف لعون! هل تخسر المعارضة اللبنانية وحدتَها... فيربح «حزب الله» معركة الرئاسة؟

19/08/2022 06:51AM

كتبت صحيفة "الراي الكويتية":

- اشتداد «المكاسرة» بين باسيل وجعجع حول الرئيس العتيد ومواصفاته

- جنبلاط... تَراجُع تكتيّ أو مُراجَعة للتموْضع السياسي؟

- الدولار يناطح 34 ألف ليرة و«سكين» رفْع الدولار الجمركي إلى 20 ألفاً يقترب من رقاب اللبنانيين

... فَتِّشْ عن الاستحقاق الرئاسي! فكيفما قَلَّبْتَ الملفات السياسية في لبنان تجد في الخلفيات والخفايا قطباً غير مَخْفية تتصل بانتخاباتٍ رئاسية باتت على مرمى 12 يوماً (موعد بدء المهلة الدستورية) قَلَب معها الجميع «الساعة الرملية» إيذاناً بانتهاء عهد الرئيس ميشال عون بعد 73 يوماً.

ولا يحتاج الأمر عناء كبيراً لرصْد «النار الرئاسية» وراء دخان مكاسَرات كلامية تجدّدت بقوة بين أكبر فريقيْن مسيحييْن «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» الذي ذهب رئيسه جبران باسيل، أمس، إلى استحضار «شياطين الجمهورية» في معرض هجومه على سمير جعجع (وتكتل الجمهورية القوية) في سياقات «حرب المواصفات» و«حراسة الحقوق» ومحاولة إدخال الكنيسة في معادلة «تجيير التمثيل للرئيس من الأقوياء»، وهو ما عَكَس بدايةَ شدِّ عَصَب في الساحة المسيحية يُخشى أن يكون تمهيداً لخياراتٍ يُستعان فيها بـ «الشعب» على تخوم «معركة القصر» أو بالحدّ الأدنى حجْز مواقع متقدّمة على جبهة «صانعي الرؤساء» كبدَل عن ضائع هو المقعد الرئاسي.

ولا يتطلّب الأمر أيضاً «تقصّي حقائق» لتَفكيك الحَراك داخل معسكريْ «حزب الله» وحلفائه للخروج من الاستحقاق الرئاسي بأقل الأضرار على «الجسم السياسي» لهذا الائتلاف، كما داخل صفوف المعارضة المتعددة المشارب التي تسعى أقله لتكون «الحصان» القادر على إحداث توازن في الاتجاه المُعاكِس لـ «العربة» التي يجرّها «حزب الله» ويريد أن تشكل قاطرة لرئاسية 2022.

وأيضاً على ضفّتْي الموالاة والمعارضة، وهو ما تعبّر عنه استدارة زعيم «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط نحو الوسط، متراجعاً خطوةً عن تموْضعه المُخاصِم للحزب، في إطار ما يبدو مراجعةً جديدة لموقعه من البوابة الرئاسية التي منحتْه توازناتُ برلمان 2022 أحد مفاتيحها من باب كتلته النيابية التي استعاد معها دور «بيضة القبان».

وحتى الملف الأكثر إلحاحاً، وهو تأليف الحكومة الجديدة الذي تمت إدارة محركاته مجدّداً من خلال لقاء كسْر القطيعة بين عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، لا يُقارَب في احتمالاتِ اجتراح معجزةٍ تفرج عن الحكومة الانتقالية أو في القراءات «الصامدة» عند أن «لا حكومة ولا مَن يحزنون» إلا من زاوية الأسهم التي ترتفع يومياً لفراغٍ رئاسي (ابتداء من 1 نوفمبر المقبل) يشهد سباقاً على تحديد أطر ملاقاته عبر حكومة مكتملة الصلاحية أو حكومة تصريف الأعمال الحالية...

ولكل من هذين الاحتماليْن حساباته التي تتمحور حول الرغبة العارمة في بلوغ نهاية عهد عون وفي الوقت نفسه «دفن» حظوظ باسيل، الذي بات واقعياً خارج السباق الرئاسي، في أن يكون الرجل الأقوى في العهد الجديد عبر منصة حكومة جديدة أو معوَّمة.

في الساعات الماضية، وعلى وهج انفلات جديد لسعر صرف الدولار في السوق الموازية، حيث يناطح 34 ألف ليرة، واقتراب «سكين» رفْع سعر استيفاء الدولار الجمركي من 1500 ليرة إلى 20 الفاً من رقاب اللبنانيين، بدأت «الرادارات» الإعلامية والسياسية تركّز على الكنيسة المارونية (بكركي) وقوى المعارضة لـ «حزب الله» (والتيار الحر) ودورهما المتاح والذي يمكن «حياكته» في انتخابات رئاسية لا يمكن عزْلها عن كل السياقات الاقليمية للواقع اللبناني.

ويحلو لدوائر عليمة التذكير في هذا السياق، بمرحلة العام 2000 حين أطلقت بكركي النداء الأول لمجلس المطارنة الموارنة. وحولها تحلقت آنذاك شخصيات سياسية وحقوقية وإعلامية في إطارٍ عُرف بـ«لقاء قرنة شهوان» حوّل النداء إلى معركة حرية وسيادة واستقلال، في مواجهة النظام السوري والنظام الأمني اللبناني.

وبدت رائدةً تجربة «قرنة شهوان» في تلك المرحلة الحساسة من تاريخ لبنان السياسي والأمني نظراً إلى ما استقطبته من اهتمام وما تعرّضت له من مضايقات وملاحقات واغتيال لعدد من أعضائها.

وصحيح أنه لا يُتوقع دائماً أن تتكرر تجارب معارضة مماثلة، كما حصل مثلاً في بولونيا مع إطلاق «حركة التضامن» التي أدت لاحقاً إلى سقوط النظام الشيوعي، أو الثورة البرتقالية في أوكرانيا، لكن 17 أكتوبر 2019 في لبنان والتظاهرات الحاشدة، أعطت إشارات أمل بإمكان حصول ثورة شعبية واسعة، بعيداً عن الأطر السياسية المعروفة.

إلا أن القمع الذي تَعَرَّضَ له المتظاهرون، ومن ثم انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020 والتداعيات السياسية، أدى إلى تبخر كل الأحلام بثورة حقيقية.

وكان يفترض بالانتخابات النيابية التي أطلت في مايو 2022 أن تعكس هذا المزاج الشعبي المتململ والغاضب والناقم، لكنها وإن حققت نتائج جيدة قياساً إلى ردات الفعل الشعبية تجاه الائتلاف الحاكم ومنظومته، إلا ان التحديات التي تواجه المعارضة حالياً، تجعل من الصعب التكهن بإمكان تحقيق نجاحات مماثلة لما حصل في رحاب معارضة العام 2000 وما بعدها.

ومع اختلاف الظروف والشخصيات، لا يمكن إلا مراقبة أداء المعارضة الحالية منذ أول استحقاق واجهتْه في انتخاب رئيس البرلمان ونائبه. ومع اقتراب موعد انتخاب رئيس الجمهورية، لا تَظْهَرُ المعارضة على كافة تلاوينها قادرة على أن تكون جسماً واحداً إزاء ما تواجهه البلاد، وعلى مواكبة الاستحقاق الرئاسي بما يشكل أول علامة فارقة على طريق توحدها، كتلة صلبة.

لم يكن «قرنة شهوان» جسماً صلباً بالمعنى الحزبي، لكنها بالمعنى السياسي تمكنت من أن تكون صفاً واحداً، على تنوع أفرادها وأدوارهم في مجلس النواب وخارجه. واستطاعت أن تفرض أجندتها السياسية في وجه خصومها.

في التجربة الحالية للمعارضة، لا يمكن بعد الكلام عن وحدة في الرؤية السياسية. فلا شيء يجمع بين خطاب حزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب» أو المستقلين أو القوى التغييرية.

في الخطاب السياسي، ثمة فروق كثيرة أبرزها بين التغييريين والأحزاب التقليدية التي توصف بأنها أحزاب من صلب النظام.

وهناك اختلافات في الرأي بين «القوات» و«الكتائب»، وبين «القوات» والتغييريين.

وتوجد تباينات في وجهات النظر حتى داخل القوى التغييرية نفسها، فالنواب الجدد الذين حملهم وهج انتفاضة 17 أكتوبر إلى البرلمان لا يمثلون رأياً سياسياً واحداً، وهذا ما ظهر إلى الآن نتيجة سلوكهم على مدى أسابيع قليلة من الممارسة السياسية.

وهم في المبدأ لم يخوضوا المعركةَ الانتخابية بفكرة سياسية واحدة، بل جاء انتخابهم في شكل أساسي نتيجة ردات فعل الناخبين على القوى الحزبية والسياسية التقليدية.

وحتى تاريخه لم يستطع هؤلاء تشكيل جبهة موحدة إلا في إطار عنوان عام، لا سيما أن هناك حسابات سياسية وانتماءات مختلفة لبعض منهم.

كان يفترض بانتخابات رئاسة الجمهورية أن تجعل هذه القوى تلتقي على عنوان واحد، لتقديم مرشح واحد لرئاسة الجمهورية.

علماً أن النواب التغييريين عقدوا اجتماعات عمل مع المستقلّين، منها ما هو في مجلس النواب ومنها ما هو خارجه.

لم تكن اجتماعات المجلس هي الأساس كون علانيتها تُفْقِدُها الكثير من الخصوصية السياسية التي يمكن للنواب الحاضرين التوافق عليها لوضع «خريطة طريق» نحو الرئاسيات.

ومع ذلك، ما زال التواصل بين هؤلاء والمستقلين يُعتبر في مرحلة أكثر تقدماً في أطر المعارضة في موازاة خلافات داخلية حول الشروط التي يُفترض تطبيقها للحوار مع الكتل الأخرى.

فبعض النواب التغييريين تربطه علاقة جيدة بحزب «الكتائب» ولا يتعامل معه على أساس انه من المنظومة التقليدية الحاكمة، في حين انه يعتبر «القوات» خصماً لا يفترض التعامل معه، لا سيما في ضوء ما حصل من تنسيق بين القوى السياسية كافة في انتخابات اللجان البرلمانية في مجلس النواب.

الفارق بين تجربة «قرنة شهوان» والمعارضين اليوم، ان الأولى وضعت شعاراً واضحاً وكسبتْ حولها شخصيات مؤيّدة ونجحتْ لقدرتها على إدارة التحالفات، في حين أن قوى المعارضة اليوم لا تلتقي على شعار واحد، في موضوع سلاح «حزب الله» وفي موضوع العلاقة مع إيران، في ما خص توصيف الأزمة السياسية ودور القوى فيها، الرؤية الاقتصادية والمالية ولا سيما في وضعية حاكمية مصرف لبنان.

وهذا ما يستحضر الآن المسألة الأكثر أهمية أي انتخابات رئاسة الجمهورية، وكيفية مقاربة هذه القوى لها.

الانطلاقة الأولى التي تتعلق بتحديد الخصم الحقيقي في هذه الانتخابات والجواب عن هذا السؤال يمكن أن يفتح الطريق على احتمالات اتفاق القوى المذكورة على خطة عمل رئاسية.

فإذا كان الهدف وصول رئيس للجمهورية معارض لـ «حزب الله» وخارج اصطفاف «قوى 8 مارس»، فإن هذا العنوان يجمع «القوات» و«الكتائب» والمستقلين، لكنه ليس بالضرورة ان يجمع كل التغييريين وبعض منهم لا يريد السير في مواجهة مع الحزب.

في حين أن بعضاً آخَر بدأ يتحرك إفرادياً من خلال اتصالات بعيداً عن الأضواء مع قوى سياسية معارضة، لوضع بعض الأطر التنسيقية لمعركة الرئاسة.

لكن المشكلة تكمن كذلك في تحديد مواصفات الرئيس المقبل، فالقوى التغييريية لن تكون في وارد السير بمرشح حزبي على طريقة «قوى 14 مارس» سابقاً في خوضها معركة الرئاسة برئيس حزب «القوات اللبناينة» سمير جعجع في وجه العماد ميشال عون.

وهي ستكون أقرب إلى اختيار شخصية اقتصادية أو حيادية في المطلق، وهو أمر ترفضه «القوات» حتى الآن، في وقت يطرح المستقلون خيارات انتخاب واحد منهم.

علماً أن النواب المستقلين يتحركون بحرية أكثر في لقاءاتهم مع القوى السياسية المعارضة كـ«القوات» و«الكتائب» والتغييريين ولا فيتوات مسبقة عليهم.

ويبقى أن التحوّل الأساسي الذي قام به جنبلاط في مطالبته برئيس على مثال الرئيس الياس سركيس، ومن ثم لقائه مع «حزب الله»، يعني أن رئيس «التقدمي» لم يضع ثقله بعد في سلّة المعارضة كما كانت الحال في مرحلة توهّج «قوى 14 مارس».

وحدّد جنبلاط، في حديث صحافي مواصفاته لـ «رئيس قادر على إدارة الأزمة، لديه أيضاً خلفية اقتصادية ومالية وبسمات سياسية من دون أن تكون بالضرورة من أي حزب، وليس رئيسا توافقيّاً»، معتبراً أن زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية «ليس جامعاً».

وهذه الصورة لا تترك كثيراً من الخيارات لتوحيد جبهة المعارضة عشية الاستحقاق، ما يريح «حزب الله» حتى الآن في مواجهة جبهات سياسية لا جبهة واحدة.


المصدر : الراي الكويتية

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa