المجتمع المدني... مسار جديد وتحالف مشروط مع السلطة؟

  نور طوق – السياسة

بعد التحرّكات المطلبية للمجتمع المدني في الشارع اللبناني، وخرقهم للانتخابات النيابية الأخيرة للمرّة الأولى، تمكّنت هذه الفئة من حجز مكانة لها في الصورة السياسة اللبنانية الروتينيّة إلى أنّ انحلّت الأزمة الحكومية التي مرّ بها لبنان.

فبعد تسعة أشهر من التعطيل، ومن المطالبات الملحّة بتشكيل حكومة تنقذ البلد من الانهيار، تشكّلت حكومة وفاق وطني، وسُجّل بعد ذلك "صمت" المجتمع المدني وغيابه عن الساحة. فما هي أجندته السياسية؟ وهل هذا الصمت نتيجة ثقة بالحكومة الجديدة، أم مجرّد استراحة محارب؟

في هذا السياق، تشير النائب بولا يعقوبيان إلى أنّ "مفهوم المجتمع المدني في لبنان بالتحديد قد يختلف عن التعريف المعتمد له في كلّ العالم، وبالنسبة لي المجتمع المدني في لبنان، هو الفئة الّتي تكون ضدّ المنظومة السياسية القائمة كلّها".

وعن عمل هذه الفئة وأهدافها المستقبليّة، بعد تشكيل الحكومة، وفي ظل الأوضاع الراهنة، تقول يعقوبيان في حديثٍ خاص لـ"السياسة": "سنستمرّ بالنضال وإعلاء الصوت لنتمكّن من مساعدة المواطن اللبناني على الابتعاد عن أحزاب السلطة والتصويت للشخص المستقلّ، والمتحرّر  من الارتباطات الخارجية والحرّ بقراره الداخلي".

ومن جهته، يهنّئ أمين عام مرصد الحراك المدني غسان بو دياب الدولة اللبنانية بتشكيل الحكومة متحفّظًا عن الفترة القياسيّة التي احتاجها التشكيل، مشيرًا إلى أنّ "استمرار التعطيل لمدّة 9 أشهر يدّل على مشكلة في النظام، والمشهد الذي جرى في الحكومة الأسبوع الماضي لا يبشّر بالخير "أوّل دخولو مشكل ب طولو"، آملاً أن يبدأ العمل الجديّ وتحقيق الإنجازات.

أمّا عن صمت المجتمع المدني في الآونة الأخيرة، يشير  بو دياب في حديثة لـ"السياسة" إلى أنّه "سيتمّ إعطاء الحكومة الجديدة مهلة 100 يوم والسماح لكلّ وزير بدراسة ملفّاته ووضع خطّة عمله".

وكشف بو دياب أنّ فئات المجتمع المدني تقوم بتحضير ملفّات لكلّ وزارة مع أشخاص مختّصة "وهذه المرّة ستكون المواجهة من خلال الأرقام والحجج والقضاء، فلن نتطرّق لملفّ لسنا على علم بأدقّ تفاصيله مع طرح الحلول له". ويضيف: "حينها إذا لم يتمّ الأخذ بهذه الاستراتيجيات القادرة على حلّ المشكلة نتأكد حينها من أنّ المعنيين يريدون الاستمرار بالفساد ومستفيدين منه".

وفيما يخص أجندة التظاهرات المطلبية، ومواكبة هذه الاستراتيجيات في الشارع، يقول بو دياب: "سنغيّر أسلوب التعاطي، فالتظاهرات كانت أداة وليست هدف، لم يكن هدفنا إنزال الناس إلى الشوارع بل تحقيق مطالبنا من خلال التظاهر، أمّا في المرحلة المقبلة فسنحضّر ملفاتنا وسنقارع الحجّة بالحجّة، وسنسأل كلّ جهة سياسية بمفردها عن موقفها من موضوع معيّن، وسنحاول أن يكوّن لنا حلفاء في كلّ ملف".

ويلفت إلى أن المجتمع المدني سيضع يده بيد الجميع "إذا كانت هذه اليد تزعم أنّها معنية بملفاتٍ معينة، وتريد العمل عليها وتحقيق إنجازات فعلية فيها بعيدًا عن مبدأ (كلّن يعني كلّن)"، ويؤكد أن "كلّ المناقصات والتعيينات ستكون تحت أنظارنا ومراقبتنا، فلم نعد نسمح بأن يكون هناك أي شيء تحت الطاولة  فوضع البلد لم يعد يحتمل المزيد من الفساد والسمسرات على حساب المواطن ولقمة عيشه".

المصدر : السياسة