"ركود حاد".. العقوبات تضغط على الاقتصاد الروسي رغم "شريان الحياة"

24/08/2022 01:35PM

أجمع خبراء اقتصاديون أن العقوبات الغربية على روسيا ستضر باقتصادها على المدى البعيد كونها "تعمل ببطء"، وفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست".

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد الروسي بنسبة 6 بالمئة هذا العام وهو انخفاض حاد، ولكن أقل من 10 بالمئة أو أكثر التي توقعها بعض الاقتصاديين في بداية غزو أوكرانيا.

بعد فترة وجيزة من إطلاق الدول الغربية لمجموعة واسعة من العقوبات ضد روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا، جادل الرئيس الأميركي، جو بايدن، بأن الإجراءات كانت تتسبب بالفعل في "انهيار" الاقتصاد الروسي. وبعد ستة أشهر تبدو الصورة غير واضحة المعالم.

وبينما يتفق معظم الاقتصاديين على أن روسيا تعاني من أضرار حقيقية ستتزايد بمرور الوقت، فإن الاقتصاد - على الأقل ظاهريا - لا يبدو أنه ينهار بعد. 

وسرعان ما انعكس الانخفاض الأولي في قيمة الروبل بعد أن حدت الدولة من معاملات العملة وبعد انخفاض الواردات الروسية - وهي صورة اقتصادية بالكاد يمكن وصفها بأنها صحية، ولكنها هدأت مخاوف الجمهور بشأن أزمة العملة. 

ولم ترتفع نسبة البطالة بشكل ملحوظ وتستمر روسيا في كسب ما يعادل مليارات الدولارات شهريا من صادرات النفط والغاز.

قالت نائبة كبير الاقتصاديين بمعهد التمويل الدولي، إلينا ريباكوفا، إنه للحفاظ على معدل البطالة مستقرا عند حوالي 4 بالمئة،

ضغط الكرملين على الشركات المتعثرة لمنح العمال إجازة مدفوعة الأجر جزئيا أو لتقصير ساعات عملهم بدلا من تسريحهم. 

وأشارت إلى أن ذلك سيساعد في منع الاضطرابات على المدى القصير لكنه لن يستمر على المدى الطويل.

في موسكو وسانت بطرسبرغ، لا تزال المطاعم والبارات مزدحمة ومحلات البقالة ممتلئة، حتى لو ارتفعت الأسعار وبات يصعب العثور على بعض السلع المستوردة مثل الويسكي.

وادعى الرئيس الروسي، فلادمير بوتين، أن العقوبات الغربية فشلت، لكن تلك الادعاءات تتناقض مع معاناة بعض القطاعات الصناعية في البلاد.

وانخفض تصنيع السيارات والسلع الأخرى بسبب عدم قدرة الشركات على استيراد المكونات الأساسية، مما أدى إلى ظهور عدد من العمال الساخطين في بعض المدن. 

وخفضت شركات الطيران الرحلات الدولية إلى ما يقرب من الصفر، كما قامت بتسريح الطيارين وتفكيك بعض الطائرات لقطع الغيار التي لم يعد بإمكانها شرائها في الخارج. 

وفر آلاف الأشخاص المتعلمين من البلاد، بينما أغلقت مئات الشركات الأجنبية، بما في ذلك إيكيا وماكدونالدز، أبوابها وأظهرت الميزانية الفدرالية الروسية في يوليو بوادر الضيق.

وقال الاقتصادي الروسي في كلية "آي إي برزنس" بمدريد، ماكسيم ميرونوف، إن العقوبات "تعمل بالتأكيد، ولكن للأسف أبطأ بكثير مما كان يتوقعه الجميع قبل ستة أشهر".

ويرى الاقتصاديون أن إلحاق المزيد من الضرر بالاقتصاد الروسي يتمثل في قطع الاتحاد الأوروبي لشريان الحياة لموسكو: عائدات تصدير النفط والغاز الطبيعي.

"ركود اقتصادي حاد"

وحظرت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واردات النفط والغاز الروسية، لكن أوروبا التي تعتمد بشكل كبير على الطاقة الروسية، وافقت فقط على تقييد الإمدادات بمرور الوقت. 

ويدفع البيت الأبيض وآخرون لاتخاذ إجراءات فورية أكثر من خلال تحديد سقف عالمي لأسعار النفط الروسي الأمر الذي سيجبر موسكو على البيع بسعر مخفض مقارنة بالأسعار العالمية.

ويضغط الدبلوماسيون الأميركيون على الحلفاء لقبول الحد الأقصى الذي يعتبرونه "أكبر إجراء اقتصادي كلي باقِ"، وفقا لمسؤول كبير في إدارة بايدن تحدث لصحيفة "واشنطن بوست" شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة المحادثات الدبلوماسية الحساسة.

وقال المسؤول إن روسيا تواجه "ركودا اقتصاديا حادا ومن شبه المؤكد أن الركود سيستمر في العام المقبل أيضا". 

وأضاف: "لقد تمكنوا من جعل الركود الاقتصادي أقل حدة قليلا بسبب ارتفاع أسعار الطاقة ... لكنني أعتقد أن ما نراه الآن هو نوع من اقتصاد بوتيمكين".

وتوقفت روسيا عن نشر العديد من الإحصاءات الاقتصادية، مما يجعل من الصعب الحكم على مدى شدة العقوبات، لكن بعض البيانات تظهر بوادر ضائقة.

وتراجعت مبيعات التجزئة بنسبة 10 بالمئة في الربع الثاني مقارنة بالعام الماضي حيث حد الروس من إنفاقهم، فيما وصلت ثقة المستهلك لأدنى مستوى لها منذ عام 2015 ولا يخطط 78 بالمئة من الروس لعمليات شراء كبيرة، وفقا لماريا شاجينا، خبيرة العقوبات بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.

في يوليو، أبلغت روسيا عن عجز في الميزانية الفدرالية قدره 900 مليار روبل مع انخفاض بعض مصادر الإيرادات الضريبية، و"فجوة ضخمة ضخمة" تعادل 8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لسيرفي غورييف، الاقتصادي بمعهد الدراسات السياسية في باريس.

وقال غورييف: "الآن بدأت العقوبات تؤتي ثمارها".

جادل الاقتصاديون في جامعة ييل من خلال ورقة بحثية حديثة بأن العقوبات تسبب ألما هائلا للاقتصاد الروسي. وكتبوا: "عناوين الأخبار المهزومة التي تجادل بأن الاقتصاد الروسي قد انتعش ليست واقعية ببساطة - فالحقائق هي أن الاقتصاد الروسي يترنح".

ومع ذلك، فقد ثبت أن بعض جوانب العقوبات سهلة الاختراق أو أنها ليست شديدة القسوة كما هو مأمول. 

وقالت شاجينا إن فشل أوروبا في وقف مشتريات النفط الروسي بسرعة بسبب اعتمادها كان فرصة كبيرة ضائعة. وقرر الاتحاد الاوروبي أن يحظر معظم مشتريات الخام الروسي في ديسمبر ومنتجات النفط المكرر في فبراير المقبل.

وأضافت شاجينا: "لو كنا قد استهدفنا النفط منذ البداية، لرأينا بسرعة أكبر العواقب الهائلة التي كان يتحدث عنها السياسيون".


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa