بري «ينفض يده» من الملف الحكومي وميقاتي «المصدوم» من عون «ينتفض» بتصريف الأعمال! زيارة هوكشتاين لبيروت مراوغةٌ ديبلوماسية لـ «مراوحةِ الأمتار الأخيرة» بالترسيم

06/09/2022 06:48AM

كتبت صحيفة "الراي الكويتية":

- تغريدة للسفير السعودي عن اتفاق الطائف و«ميثاق الوفاق الوطني المُصاغ بلسانٍ عربيٍّ فَصيح»

- ردّ مزدوج من باسيل اليوم على المواقف اللاهبة لجعجع وهجوم بري الـ «بلا قفازات»

ليست المرة الأولى يزور فيها الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين بيروت في سياق مَهمته لبلوغ اتفاقٍ بين لبنان واسرائيل على الترسيم البحري، لكن الإعلانَ أنه سيعود إلى «بلاد الأرز» أواخر الأسبوع الجاري أتاح «التقاطَ الأنفاس» جزئياً من «الحرائق السياسية» التي بدأت تزنّر الطريقَ الوعرةَ إلى انتخاباتٍ رئاسية مرشّحة لفراغٍ سيملأ الكرسى الأوّل ابتداء من 1 نوفمبر المقبل جنباً إلى جنبٍ مع «نيرانِ» الواقع المعيشي الذي يتقلّب على جمْر انهيار مالي بدأ يلتهم... الأخضر واليابس.

ولم تكن الساحة السياسية أكملتْ غرْبلة تداعيات الخطاب اللاهب لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي أشعل السباق الرئاسي وحرَق المراكب مع الرئيس ميشال عون وفريقه من المكان نفسه الذي ولّد «الموجة الرئيسية» (المسيحية) التي أوصلتْ «الجنرال» إلى قصر بعبدا في 2016، حتى جاء الإعلان عن زيارة هوكشتاين من نائب رئيس البرلمان الياس بو صعب (المكلف من عون ملف الترسيم) ليزيح الأنظار بعض الشيء عن «الحمّى الرئاسية» التي تتصاعد مع التآكُل اليومي للمهلة الدستورية لانتخاب خلَف لعون (بدأت في 1 سبتمبر وتنتهي في 31 اكتوبر) والتي يُخشى أن يعمّق وهجُها صعوبات استيلاد حكومة جديدة تمنع «الفوضى الدستورية» الكاملة وفشلَ الأدوات التشغيلية للنظام السياسي.

وجاءت المحطةُ المنتظرة لهوكشتاين في بيروت وسط مناخاتٍ عن أنها ستفتح الباب أمام «تأطيرِ» مرحلة تمديد المفاوضات و«الأخذ والردّ» حول أثمان معادلة «قانا كاملاً للبنان مقابل كاريش لاسرائيل» وآلياتِ التعويض المالي الذي تريده تل أبيب و«مِن جيْب مَن»، ولكن دون المساس بحقوق «بلاد الأرز» وعائداتها من حقل قانا، وتالياً تمرير سبتمبر وربما ما بعده «على البارد».

وفي هذا الإطار استبعدت أوساط واسعة الاطلاع إنجاز ملف الترسيم خلال زيارة هوكشتاين، وتوقّعت عبر «الراي» ان «يحمل الوسيط الأميركي اقتراحاً مقبولاً بخطوطه العريضة مرفوضاً بتفاصيله»، الأمر الذي يستدعي على الأرجح جولة مفاوضات مكوكية جديدة.

وأعربت هذه الأوساط عن اعتقادها أن المفاوضات التي يتولاها هوكشتاين ستنطوي على ما يمكن وصفه بـ «المراوغة الديبلوماسية» لإمرار الوقت الذي تحتاجه إسرائيل لإنضاج ظروف الاتفاق مع السعي لتعطيل الذرائع لتفادي تصعيد «حزب الله».

ورجّحت المصادر عيْنها أن يطلب الوسيط الأميركي ضمانات من لبنان الرسمي بعدم لجوء «حزب الله» إلى «تفعيل» تهديداته في انتظار ما ستؤول إليه المفاوضات المكوكية، وهو الأمر الذي سيسهّل على الحزب الإعلان عن وقوفه خلف الدولة في منْحها المزيد من الوقت للتفاوض لاسيما بحال استمرّ تعليق الاستخراج من حقل كاريش.

ورفضت المصادر الخوض في ما يُثار عن طرْحٍ بأن يكون التعويضُ المالي الذي تطالب به اسرائيل لقاء تخليها عن حقل قانا وقبولها بالترسيم وفق الخط 23 + الذي تمسك به لبنان (لضمان كامل حقل قانا)، من «كيس» شركة «توتال» الفرنسية المتعهّدة العمل في البلوك 9 (يقع فيه «قانا» المفترَض) والتي يتواصل معها هوكشتاين.

وكان بو صعب أعطى إشاراتٍ «حمّالة أوجه» بعيد زيارة الوسيط الأميركي الأخيرة لبيروت قبل نحو 40 يوماً، حين لمّح لدور محتمل لشركة «توتال» في المَخْرَج في معرض حديثه عن «حصة لبنان من البلوك 9 بغض النظر عن شركة توتال وحصتها وأرباحها فنحن غير معنيين بها»، إذ قال: «وقّعنا مع توتال اتفاقيةً واضحةً تقول ما هي حصتنا من البلوك 9 الذي منه سيصير الحفر إلى حقل قانا، لكن تحت الماء لا نعرف أين ينتهي هذا الحقل، وموقفنا أنه أينما انتهى فكله معنيون به، وكل الغاز (المحتمل) فيه هو لنا، ولن نتخلى عن أيّ شق من أرباح هذا الحقل الكامل، اي ليس فقط البلوك 9 بل أينما وصل».

وتَقاسَمت محطة هوكشتاين المنتظرة، المشهدَ اللبناني أمس مع عنوانين:

- الأول انتظارُ اكتمال انتقال الواقع السياسي - الرئاسي إلى وضعيةِ «الغليان» اليوم مع إطلالة رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الذي سيردّ «الصاع» لجعجع بعد الهجوم الصاعق الذي شنّه على عون «أضعف رئيس في تاريخ لبنان، باعتبار انه خاضع وخانع، وقد ضحّى بشعبه ووطنه خدمةً لمصالحه الشخصية»، مُطْلقاً ديناميةً رئاسية برسْم نواب القوى المُعارِضة لائتلاف «حزب الله» - التيار داعياً إياهم لـ «التقاط الفرصة الأخيرة» لمنْع وصول رئيس من 8 مارس او رئيس وسطي «بل رئيس قوي غير خاضع لميليشيا غير شرعية خاضعة لدولة خارجية»، ويُنهي تفكك المؤسسات «حيث (اليوم) لا دستور ولا ديموقراطية إنما فقط تكليف من الله لأحد معيّن بإدارة شؤوننا غصباً عنا وحصْر خيارات اللبنانيين بالموت إما جوعاً أو في الحرب».

وإذ تحدّث جعجع عن «تعطيل تشكيل حكومة جديدة، ويتحضّرون كما دائماً لتعطيل الانتخابات الرئاسية، لمحاولة الاتيان بجبران باسيل أو«حدا من عندو»رئيساً للجمهورية»، لن يوفّر رئيس «التيار الحر» في إطلالته هذا الجانب من كلام رئيس «القوات»، كما لن يتواني عن مقارعة رئيس البرلمان نبيه بري بعد اندفاعة الأخير و«بلا قفازات» بوجهه ورئيس الجمهورية، وسط مناخاتٍ عن أن أبواب تأليف الحكومة موصدة بقوة حتى الساعة، بدليل ما تَسرَّب عن أن اللقاء الأخير (الأربعاء الماضي) بين عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي كان من «أسوأ الاجتماعات وأعاد النقاش حول تأليف الحكومة إلى المربع الأول» وفق تعبير بري في حديث صحافي.

وكان بارزاً أن يشهد الملف الحكومي جرعةً هي الأعلى من الانسداد وصولاً لإعلان بري «نفْض يده» من التدخل في تشكيل الحكومة «تاركاً المهمة على عاتق الرئيسين»، بالتوازي مع تأكيد موقع «لبنان 24» (تابع لميقاتي) أن الاجتماع الأخير بين عون والرئيس المكلّف تخلله طرح رئيس الجمهورية «سلة مطالب وشروط، توحي وكأن المطلوب تشكيل حكومة اول العهد»، كاشفاً أن ميقاتي قرر «وقف الاستنزاف» ومتابعة الملفات المالية والاقتصادية والاجتماعية وتكثيف الاجتماعات الوزارية سعياً لمعالجتها.

وتشي هذه المناخات بأن مسار التأليف محكوم من الآن وصاعداً بتصعيد متدحرج يُفضي إما إلى انفراجِ ربع الساعة الأخير أو إلى «انفجارٍ» يطبعُ مرحلةَ الفراغ الرئاسي وقد يتحوّل «الناظم لها»، بدءاً من إشكالية مدى دستورية تولي حكومة تصريف الأعمال صلاحيات رئيس الجمهورية، وهو ما يرسم فريق عون خطاً أحمر أمامه، وليس انتهاءً بالاضطرابات المعيشية الآخذة في التمدد.

واستوقف أوساطاً سياسية موقف للسفير السعودي وليد بخاري الذي غرّد عبر «تويتر»: «ميثاقُ الوِفاق الوطني والذي أقرَّهُ اللُّبنانيّون برعايةٍ عربيةٍ ودوليّةٍ، ليس وهماً ولا أُحجِيَةً غامضةً فهو مُصاغٌ بلسانٍ عربيٍّ فَصيح».

وتمّ التعاطي مع هذا الموقف على أنه أول إشارةٍ إلى عدم وجود غطاء خارجي لأيّ مساراتٍ تحْرف الاستحقاقات الدستورية لاسيما الانتخابات الرئاسية، في أصْل حصولها كما مرحلة الفراغ وإدارته، عن سقف دستور الطائف الذي أنهى الحرب اللبنانية بغطاء عربي ودولي وأممي.

- أما العنوان الثاني فهو ملامح «كرة النار» المعيشية التي تكبر يومياً، وكان من آخِر مظاهرها أمس، معاودة تحليق الدولار في السوق الموازية فوق 35 الف ليرة على وقع خفْضِ إضافي من مصرف لبنان لنسبة دعم البنزين على سعر دولار منصة صيرفة (نحو 27600 ليرة) لتقتصر على 20 في المئة مرشّحة لتصبح صفراً خلال أيام، ليتحوّل تسعير البنزين بالكامل وفق سعر السوق الموازية وتمويل استيراده من دولاراتها.

ولم يحجب هذا الملف إضراب موظفي هيئة «أوجيرو» - الذراع التنفيذية لوزارة الاتصالات - وسط سباق ارتسم أمس بين اتساع دومينو خروج سنترالات عن الخدمة في عدد كبير من المناطق انقطعت فيها الاتصالات الأرضية كما الانترنت، وبين المفاوضات مع الموظفين والتي أسفرت عن بدء تلبية مطالبهم بتحسين أوضاعهم المعيشية ورواتبهم، بـ «تواقيع أولى» على مراسيم تحتاج لتتمات، وهو ما جعل هؤلاء يمضون في الإضراب المفتوح حتى تحويل الاعتمادات، مع تَساهُلهم في إبقاء 21 سنترالاً قيْد الخدمة تفادياً لخنْقٍ كامل للبلاد ولشرايين رئيسية فيها (لاسيما القطاع المصرفي والاستشفائي).


المصدر : الراي الكويتية

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa