قبل "الفرصة الأخيرة".. المعارضة التركية تواجه اختبار "الشعوب" و"الرئيس 13"

12/09/2022 06:05PM

منذ بداية العام الحالي اجتمعت أحزاب المعارضة في تركيا 6 مرات على طاولة "سداسية" واحدة، في مسعى للتنسيق والتخطيط للانتخابات الرئاسية المنتظرة، ورغم هذه "الخطوة الكبيرة"، حسب ما يصفها مراقبون، إلا أنها، حتى الآن، لم "تسفر عن نتائج ملموسة"، بينما يلوح في الأفق "اختبارين صعبين". 

وهذه الأحزاب هي: "الشعب الجمهوري"، "حزب الجيد"، "حزب المستقبل"، "حزب الديمقراطية والتقدم"، "حزب السعادة"، "الحزب الديمقراطي". وكانت "الطاولة" التي شكلوها في شهر فبراير قد اعتبرت "سابقة" لم تشهدها السياسة الداخلية التركية، من قبل. 

وذلك ما ارتبط بأسماء وخلفيات الشخصيات التي اجتمعت في محيطها، على الدوام، من اليسار والقوميين والليبراليين، والمحسوبين على تيار الإسلام السياسي. 

ومنذ سبعة أشهر يُنظر إلى الطاولة على أنها "جبهة داخلية" ستكون في مواجهة "تحالف الجمهور" الذي يتكون من "حزب العدالة والتنمية" الحاكم، و"حزب الحركة القومية"، بمعنى أن المؤسسين لها سيخرجون بـ"تحالف انتخابي"، أو سيتفقون على مرشح مشترك سينافس الرئيس، رجب طيب إردوغان. 

لكن، وحتى الآن، لم يعلن زعماء الأحزاب الستة أنهم توافقوا على "اسم المرشح المشترك"، الذي يتردد في الوقت الحالي بين اسمين، الأول هو زعيم "حزب الشعب الجمهوري"، كمال كلشدار أوغلو، والثاني عمدة بلدية أنقرة، منصور يافاش. 

"أمام اختبارين" 

ولطالما كانت قضية "اسم المرشح الرئاسي 13" ومنافس إردوغان جدلية، والأكثر تداولا بين أوساط المعارضة، خلال الفترة الأخيرة، بينما تباينت الأسباب التي تحول حتى  الآن دون الإعلان عنه إلى الآن، بشكل صريح. 

وتعتبر تسمية "المرشح الرئاسي التوافقي" بين أحزاب المعارضة "اختبارا"، من شأنه أن يحدد المشهد الذي ستمضي به "الطاولة" خلال الأشهر العشرة المقبلة، التي تفصل عن موعد الانتخابات الرئاسية في يونيو 2023. 

وإلى جانبه برز "اختبار آخر"، خلال الأسبوع الماضي، حسب مراقبين، ويتعلق بموقع "حزب الشعوب الديمقراطي" الكردي، ومواقف قادة الأحزاب في "الطاولة السداسية" منه، سواء بالتوجه إلى التنسيق معه، أم البقاء بعيدا عن أي محاولات مشتركة. 

وكان نائب "حزب الشعب الجمهوري" في إسطنبول، غورسيل تيكين، أثار جدلا وانقساما، الأسبوع الماضي، بعدما أعلن أن "حزب الشعوب يمكن أن يمنح وزارة"، في حال تم الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة. 

وسرعان ما جاء الرد على هذه الكلمات من جانب "حزب الجيد" صاحب الجذور القومية، لتقول زعيمته، ميرال أكشنار: "لن نكون على الطاولة حيث يوجد حزب الشعوب الديمقراطي". 

وكذلك الأمر بالنسبة لنائب زعيم "الحزب الجيد" في إسطنبول، يافوز أغيرالي أوغلو، مضيفا في رده على تيكين: "من سألت ولمن تعطي ماذا؟". 

وأضاف: "بسبب هذه التصريحات المؤسفة لغورسيل تيكين، دعونا نوضح مرة أخرى أننا لن نسير أبدا على الطريق مع حزب الشعوب الديمقراطي، الذي لا يمكنه تسمية حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية، ولا يمكنه قطع علاقاته بالإرهاب. يجب فهم مبادئنا وخطوطنا الحمراء بوضوح من أجل الامتثال لقانون التحالف والاحترام المتبادل". 

ولم تحسم قضية موقع والمواقف المتعلقة بـ"حزب الشعوب" حتى الآن من جانب أحزاب المعارضة الستة، بينما كشفت التصريحات المتبادلة بين "حزب الشعب" و"حزب الجيد" عن "صدع"، حسب ما قال الصحفي المعارض، إسماعيل سايماز. 

واعتبر سايماز أن هذه القضية (حزب الشعوب) يضاف إليها "صدع آخر"، حيث لم يتمكن زعماء الأحزاب الستة "من تقرير ما إذا كانوا سيتحولون إلى تحالف أو يتفقون على مرشح رئاسي مشترك". 

بدوره يرى الباحث السياسي التركي، هشام جوناي، أنه يبدو أن "سياسة حزب العدالة والتنمية في شيطنة حزب الشعوب، أتت بثمارها، وباتت إيجابية لصالحه"، موضحا أن "الطاولة السداسية تبتعد كل البعد عن الحزب، وعن خطابها للشريحة الناخبة المتعلقة به". 

ويقول جوناي لموقع "الحرة": "العدالة والتنمية الرابح الأكبر من التشقق بصفوف المعارضة". ويعتقد أن "الخطاب الذي توجهه الأحزاب الستة للناخب لم يأت بالنتائج، التي كانت متوقعة من هذا التحالف". 

"هو نجاح كبير أن تلتقي أحزاب مختلفة في الآراء والإيديولوجيات على طاولة واحدة، لكن القوة التي ظهر بها هذا التحالف أولا، تراخت فيما بعد، وباتت تراوح في مكانها اجتماعات ليس لها واقع أو أثر في السياسة التركية". 

ومن المقرر أن تعقد "أحزب الطاولة السداسية" اجتماعها المقبل في شهر أكتوبر، بعدما التقى زعماؤها مؤخرا بضيافة زعيم "حزب السعادة"، تميل كرم الله أوغلو. 

وعلاوة على ذلك، يضيف جوناي، أن "تأخر إعلان المرشح الرئاسي نقطة سلبية، خاصة أنه بقي للانتخابات سوى بضعة أشهر.  يجب أن يتم إعلان الاسم في أسرع وقت". 

"الفرصة أخيرة" 

وتوصف الانتخابات الرئاسية المقبلة في تركيا بـ"المصيرية". وهو مصطلح لطالما ردده إردوغان خلال خطاباته الأخيرة، في وقت تأكد رسميا أنه سيكون المرشح الرئاسي لـ"تحالف الجمهور". 

وبدا لافتا، منذ بداية شهر يوليو الماضي، تحوّل إردوغان للعب "الورقة الشعبوية"، معلنا عن زيارة رواتب وعدد من الإجراءات المتعلقة بالإنفاق الاجتماعي، في "حوافز" تمهيدية للانتخابات المقبلة، التي يرى مراقبون أن "الوضع الاقتصادي" للبلاد، سيكون له الأثر الأكبر فيها.  

في مقابل ذلك، ومن جانب المعارضة، يقول المحلل السياسي التركي، جواد غوك إن "الطاولة السداسية موجودة حتى الآن، ومستمرة في عملها، فيما التنسيق لا يزال قائما". 

ويتحدث غوك لموقع "الحرة" أن "كلشدار أوغلو أعلن أنه سيكون المرشح، إن كان هناك توافق وتنسيق، لكن لا نتيجة إلى حد الآن، لأن أتباع المعارضة يريدون منصور يافاش". 

"يافاش اسم ناجح جدا وصامت إلى الآن ولا يقدم نفسه في العلن، فيما يقول كلشدار أوغلو أن عمدة إسطنبول وأنقرة سيستمرون في عملهم"، في إشارة إلى استبعاد أنهم مرشحين للرئاسة. 

ويعتبر غوك أن "المعارضة تنتظرها أيام صعبة"، لاعتبارات تتعلق بـ"اختبار تسمية المرشح" بالتحديد، ولاسيما أن الناخب داخل أوساطهم يريد "وجها جديدا". 

ويضيف المحلل السياسي: "في المرحلة المقبلة لا إمكانية للفشل، لأن الجميع يعرف أن هذه آخر فرصة للمعارضة مقابل إردوغان. ولهذا السبب من المؤكد أنهم سيجتمعون حول مرشح واحد. التحالف لن يفشل. هو مستمر وموجود". 

من جهته يرى الباحث، هشام جوناي، أن "كلشدار أوغلو مصر على الترشح ويريد أن يجابه إردوغان في الانتخابات المقبلة، لكن هناك اعتراض من جانب الناخبين، الذين يفضلون منصور يافاش، صاحب التاريخ القومي، المنتمي حديثا للشعب الجمهوي". 

 ومن هذا المنطلق يوضح جوناي أن "الطاولة السداسية واستمرارها نجاح من خلال الحفاظ على اللحمة والاجتماعات، ولكن في التأثير يجب أن تتبنى نهجا مختلفا عما تفرضه الحكومة". 

ويتابع: " غير ذلك أعتقد أنه لن يكون لهذه الطاولة الكثير من الجدوى على واقع التأثير على السياسية التركية". 

ماذا عن "حزب الشعوب"؟ 

وتتهم حكومة إردوغان، "حزب الشعوب الديمقراطي" بوجود صلات له مع "حزب العمال الكردستاني" (pkk)، المصنف على قوائم الإرهاب، مما أدى لمحاكمة آلاف من أعضائه وبعض قادته في السنوات الماضية. لكن الحزب الكردي ينفي وجود هذه الاتصالات. 

ويواجه الحزب في الوقت الحالي دعوى قضائية من أجل إغلاقه وحلّه، كان آخر تطوراتها، بعد مصادقة المحكمة الدستورية العليا في البلاد على لائحة الاتهام التي قدمها المدعي العام، بكير شاهين  ضده. 

وفي سبتمبر 2021 كان "حزب الشعوب" قد نشر وثيقته الخاصة بالموقف "الديمقراطي" التي تحتوي على مبادئ من 11 نقطة، معلنا أنه "لن يدعم المرشح الرئاسي الذي لم يلتزم بهذه المبادئ". 

 وفي حديث سابق لموقع "الحرة" بشأن الغرض الرئيسي من الوثيقة قال نائب الرئيس المشارك لـ"حزب الشعوب"، طيب تيميل: "هي ليست مجرد تحالفات يتم إجراؤها في الانتخابات. لكن بالطبع ستشير إلى المكان الذي سيقف فيه حزب الشعوب الديمقراطي في الانتخابات". 

وأضاف أن "كتلة المعارضة التركية لا يمكن أن تحقق تغييرا دون حزب الشعوب"، في إشارة منه إلى دور الأخير على مسار الأصوات الانتخابية. 

واعتبر طيب تيميل أن أحزاب المعارضة "مترددة حتى الآن في الظهور جنبا إلى جنب مع حزب الشعوب الديمقراطي، بسبب النهج العنصري للحكومة"، مضيفا: "بصفتنا حزب الشعوب الديمقراطي، نريد التأكيد في الوثيقة على أوجه القصور والمآزق في هاتين الكتلتين (الحكومة والمعارضة)، وطرح مقترحاتنا لإيجاد حلول لمشاكل تركيا الرئيسية". 

وبالعودة إلى عام 2019 في أثناء إجراء الانتخابات المحلية، فقد أثبت "الصوت الكردي" أهميته وتأثيره على السباق الذي كان يحتدم ما بين أحزاب المعارضة التركية والحزب الحاكم "العدالة والتنمية" وحليفه "الحركة القومية" على بلداتي أنقرة وإسطنبول. 

وفي الانتخابات الرئاسية كان "حزب الشعوب" قد دخل بمرشحه الرئيس المشترك الذي يقبع في السجن، صلاح الدين ديميرتاش. 

ويعتقد الباحث جوناي أن "يخوض بعد عشرة أشهر غمار الانتخابات المقبلة بمرشحه المستقل أيضا"، كما حصل سابقا. 

وهناك من يطرح اسم "طه غرغلي أوغلو النائب الذي ينشط في مجال حقوق الإنسان، كون له تأثير على الرأي العام التركي، كبديل لديميرتاش". 

وبحسب جوناي: "في المرحلة الأولى من الانتخابات لن تحسم الأمور. ستكون هناك جولة ثانية". 

ويضيف: "في الجولة الثانية أعتقد أن حزب الشعوب سيعطي قراره فيما إذا سيصوت لصالح تحالف الجمهور أو الأمة، وذلك بناء على وعود أو صفقات ستتم مع التحالفين. الحزب سيتصرف بشكل براغماتي، وسيميل إلى الجانب الذي سيقدم له فوائد أكثر من الطرف الآخر".

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa