هل كانت ستُعلن «حال الطوارئ» بعد اقتحاماتٍ متزامنة لبنوك؟ «يوم أسود» لمصارف لبنان وانتفاضةُ مودعين لـ «تحرير» أموالهم

17/09/2022 06:48AM

كتبت صحيفة "الراي الكويتية":

- المصارف اللبنانية تعلن الإقفال 3 أيام ابتداءً من الاثنين

- وزير الداخلية يحذّر من المساس بالأمن والاستقرار

- مخاوف من أن تتدحرج عملياتُ الاقتحام المسلّح للمصارف وتنزلق البلاد نحو الفوضى

في تطور ما فوق دراماتيكي، كرّت في لبنان سبحة اقتحام مودعين بالسلاح مصارف وفروعها في غير منطقة، ولا سيما في العاصمة بيروت.

وسُجل حتى ظهيرة جمعة «انتفاضة المودعين» بوجه المصارف 7 عمليات اقتحام من لبنانيين أطلقوا معركة «تحرير الودائع» بالقوة وسط إعلان جمعية مصارف لبنان الإقفال لثلاثة أيام ابتداء من الاثنين.

وبدت هذه العمليات التي كانت بدأت صباحاً باقتحام أحد المودعين فرع بنك «بيبلوس» في الغازية (الجنوب) بمثابة مفاجأة غير مفاجئة بعدما نجحت الشابة سالي حافظ (يوم الأربعاء) باستعادة جزء من وديعتها بالقوة.

وسريعاً شهدت بيروت طفرةً من عمليات الاقتحام بواسطة السلاح شملت فروع مصارف «بلوم» و«لبنان والخليج» و«فرنسبنك» و«اللبناني – الفرنسي»، وسط شائعات عن اقتحام مصارف أخرى وفروع لها مثل «عودة» في الشياح (الضاحية الجنوبية لبيروت) وبنك آخر في باب ادريس (بيروت).

وأفادت معلومات بعد الظهر عن أنّ مودعاً أقدم على اقتحام بنك البحر المتوسط في بلدة شحيم - إقليم الخروب.

وذكرت «رويترز» أن عملية اقتحام المصرف تخللها إطلاق نار، في حين أفادت قناة «الحدث» أن المودع الذي اقتحم المصرف هو ملازم أوّل في الجيش.

وأوردت تقارير في وسائل إعلام لبنانية أن المُودع الذي أطلق النار في المصرف، خرج من السلك العسكري قبل نحو عام، وبالتالي لم يعد في الخدمة.

وإذ ركّز «عدّاد» الاقتحامات على استلام محمد قرقماز وديعته من «بيبلوس» – الغازية (تمكّن من تحصيل 19200 دولار)، ومحمد الموسوي أمواله (20 ألف دولار) من «اللبناني – الفرنسي» – الرملة البيضاء (بمسدس بلاستيكي كما قال)، فلم يكن عُرف مصير وديعة جواد سليم (50 الف دولار) الذي اقتحم «لبنان والخليج» – الرملة البيضاء ببندقية صيد (وصلت المفاوضات غير النهائية إلى قبول المصرف بإعطائه نحو 30 الف دولار)، ولا عبد سوبرة الذي استقطب اقتحامه فرع «لبنان والمهجر» – الطريق الجديدة العدسات بعدما أصرّ «حياَ أو ميتا» على استرداد نحو 300 ألف دولار موزّعة على 4 حسابات.

وعلى مدى ساعات، استمر سوبرة في «عمليته» التي استخدم فيها سلاحاً قال إنه يستعمله للحماية الشخصية (يعمل في التجارة) «وبقي في جيبي» (عاد وسلّمه للقوى الأمنية) مؤكداً أنه لا يأخذ الموظفين رهائن وأن المصرف استعان بمسلّحين «وهو مَن أقفل الأبواب»، فيما كان عشرات أبناء الطريق الجديدة يتجمّعون أمام المصرف دعماً لسوبرة مهددين باقتحام البنك ما لم يتم الاستجابة لمطلبه كما مطلب مودعة ثانية التحقت به في الداخل.

وفيما كانت تقارير تشير إلى أن المصرف حاول إرضاء سوبرة بسداد نحو 50 ألف دولار له على سعر 12 ألف ليرة وهو ما لم يقبل به، فاجأ النائب أشرف جميع المحتشدين بوصوله الى الطريق الجديدة ودخوله البنك ساعياً لإنهاء العملية واحتواء الموقف.

وفي حين دعا وزير الداخلية بسام مولوي إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الداخلي المركزي انعقد للبحث في الإجراءات الأمنية التي يمكن اتخاذها في ضوء الأحداث المستجدة على المصارف، سرت شائعات عن اتجاه لإعلان حال الطوارىء في البلاد ومنْع التجول وهو ما تم نفيه.

وبعد اجتماع «الأمن المركزي»، أعلن مولوي أنه "لا يُمكن استعادة أموال المودعين بقوّة السلاح والعنف لأن ذلك قد يؤدّي إلى خسارتهم لحقوقهم وأموالهم ولأنّ هذه الطريقة تدهم النظام المصرفي وتؤدي إلى خسارة بقية المودعين لحقوقهم".

وقال: "الهدف من هذا الاجتماع حماية البلد والنظام وأتوجه إلى المودعين بأننا معهم ونحميهم ولكن نُحذّر من المساس بالنظام الأمني"، لافتاً إلى أن «الحقوق لكل الناس، ولا أدري إذا كان هناك أحد يقبل بأن يأخذ وديعته، على حساب باقي الناس». وأضاف: «أعلم أن كل الشعب اللبناني من المودعين وهم يجب أن يعلموا أن لا يسمحوا لأحد بأن يدفعهم لتنفيذ اجندات معينة تؤدي إلى تعطيل النظام».

وأشار وزير الداخلية إلى «أننا إن تشددنا بفرض القانون فهدفنا حماية الناس وليس المصارف»، مؤكدًا «أنني لن أقبل بمواجهة بين الناس والقوى الأمنية ولن يكون هناك إطلاق نار ومعاملة بشدة»، ومضيفاً: " مدّعي عام التمييز اتّخذ اشارة خطيّة حول هذا النوع من التصرفات والقوى الأمنية كان لديها قرار بالتشدد بتطبيق القانون لحماية كل البلد".

وسبق ذلك، إعلان رئيس «جمعية المودعين» حسن مغنية أنّ «إضراب المصارف حتى الأربعاء ليس الحلّ، لأنّ عشرات عمليات الاقتحام قد تحصل الخميس وأعداد أكبر من المودعين ستتوجّه نحو السلاح لسحب الودائع والمطلوب خلية أزمة للمعالجة».

وكانت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية أفادت عن عمليات اقتحام لسبعة مصارف «حيث أقدم مودع على اقتحام»البنك اللبناني الفرنسي«- فرع المريجة وآخَر»بلوم بنك" - فرع الكونكورد. كذلك تم إقتحام «البنك اللبناني الفرنسي» فرعي الكفاءات والحمرا. كما اقتحم مسلح بنك «لبنان والخليج» في الرملة البيضاء. واقتحم صباحاً احد المودعين فرع بنك لبنان والمهجر في منطقة الطريق الجديدة".

وأشار شقيق المودع الذي اقتحم المصرف في الرملة البيضاء إلى أن أخيه مدمّر إثر الوضع المعيشي، ولديه سبعة أولاد، وكان يعمل متعهّداً قبل تأزّم الوضع، مع العلم أن أمواله التي يدفعها له المصرف بالتقسيط لا تكفيه.

ولفت إلى أن شقيقه يحاول فقط إخافة من يتواجد داخل المصرف كي يحصل على أمواله، لأنّه بات عاطلاً عن العمل.

وعلى وقع دعوات لاقتحام مقر جمعية المصارف في لبنان (وسط بيروت)، أعلنت الجمعية أنّه «بعد الاعتداءات المتكررة على المصارف وما يتعرض له القطاع وخاصة موظفو المصارف من تعديات جسدية وعلى الكرامات والتي فصلها بدقة بيان اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان يوم أمس، كذلك بعد أخذها في الاعتبار المخاطر التي يتعرض لها الزبائن الموجودون داخل الفروع التي تتعرض للاقتحام، فإنّ مجلس الإدارة اتخذ قراراً بإقفال المصارف أيام 19 – 20 – 21 سبتمبر استنكاراً وشجباً لما حصل وبغية اتخاذ التدابير التنظيمية اللازمة، على أن يعود مجلس الإدارة إلى الاجتماع في مطلع الأسبوع المقبل للنظر بشأن الخطوات التالية».

واعتذرت الجمعية من «كافة المودعين عن أي إزعاج أو تأخير قد ينتج عن هذا الإقفال، كون سلامة موظفيها وزبائنها تأتي في رأس الأولويات التي تضعها المصارف نصب أعينها إضافة إلى مصالح المودعين التي تحاول تأمينها بقدر المستطاع في الظروف الحالية الصعبة التي تمر بها البلاد».

من ناحية أخرى، شدّدت الجمعية على "نبذ العنف بكافة أشكاله لأن العنف لم ولن يكون هو الحل. الحل يكون بإقرار القوانين الكفيلة بمعالجة الأزمة بأسرع ما يمكن، لأن معالجة أزمة انهيار نظامية Systemic Failure كالتي تمر بها البلاد لا يمكن أن تُحل إلا عبر خططٍ شاملة تأخذ بعين الاعتبار كافة المسببات وتقوم بمعالجتها بشكل متكامل، كما ورد مؤخراً في العديد من مداخلات السادة النواب في المجلس النيابي الكريم".

وحصل كل ذلك، فيما كان البرلمان اللبناني ينعقد لإقرار مشروع موازنة 2022 التي تُرشق باتهاماتٍ نيابية - سياسية من مختلف «العيارات» بوصْفها «فوضوية» و«غير إصلاحية» ويتم عبرها تخيير مجلس النواب واللبنانيين بين «السيء والأسوأ».

كما جاء «اليوم الأسود» للمصارف والذي يشي باقتراب لبنان من الفوضى الشاملة، فيما كان توقيف شابين شاركا في اقتحام سالي حافظ فرع لبنان والمهجر، لاستعادة وديعتها لتوفير علاج لشقيقتها المصابة بالسرطان، يستدرج تحركات احتجاجية أمام ثكنة الحلو وفي مناطق في بيروت حيث جرى قطع طرق.

كذلك أتت «هبّة المودعين» في ظل التباطؤ المتمادي منذ 3 سنوات في إنجاز أرضية «التسليم» بالانهيار المالي والفجوة الكبيرة بأكثر من 70 مليار دولار تبخّرت، وفي وضْع آليات بدء الخروج من الحفرة السحيقة وملاقاة الشروط التي يضعها صندوق النقد الدولي لتوقيع اتفاق نهائي مع بيروت على برنامج تمويل بثلاثة مليارات دولار على اربع سنوات مشروط بموافقة الدول المانحة أيضاً على رفْد هذا البرنامج بدعم مالي مكمِّل، وهو المسار الذي يتشابك فيه الموضوع الإصلاحي بالسياسي في ظل اعتبار هذه الدول، ولا سيما الخليجية، أن المطلوب إشارات فعلية لتصحيح «التموْضع» السياسي لـ «بلاد الأرز» بعيداً عن الحضن الإيراني والحدّ من تمكين «حزب الله» بمختلف مفاصل الدولة، وهو ما يشكل استحقاق الانتخابات الرئاسية (بدأت مهلتها الدستورية التي تنتهي في 31 اكتوبر المقبل) مدخلاً رئيسياً له.

ويشي هذا الاستحقاق بأن يكون مفتوحاً على مرحلةٍ من الشغور ابتداء من 1 نوفمبر وسط التعقيدات الكبيرة التي تعترض التوافق على رئيسٍ في ظل التوازن السلبي في البرلمان والحسابات المحلية والاقليمية التي تتحكّم بالانتخابات الرئاسية التي لم تجِر في موعدها الدستوري في 2007 ولا 2014 بل بعد شغور لنحو سبعة أشهر ثم لنحو 30 شهراً، مع مفارقة أن استحقاق 2022 يترافق مع سابقة وجود حكومة تصريف أعمال (اعتُبرت مستقيلة بعد الانتخابات النيابية الأخيرة) تُنْذر باشتباك دستوري كبير بحال وصلت البلاد إلى 31 اكتوبر دون تشكيل حكومة مكتملة المواصفات في ضوء تهديد الرئيس ميشال عون وفريقه باعتبارها «مغتصبة سلطة» وبمثابة «انقلاب» ترَك الخيارات مفتوحة للتصدي له، وسط أجواء مستجدة تفيد بأن احتمال استيلاد الحكومة خرج من دائرة «الاستحالة» إلى إمكان حصوله تفادياً للانفجارالكبير، لتبقى الأمور... في خواتيمها.


المصدر : الراي الكويتية

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa