إضراب الجامعة اللّبنانية: صفعة على وجه السلطة وكيدية بحق الأساتذة

03/10/2022 02:02PM

كتبت إيفانا الخوري في "السياسة":

الفوضى هي الصفة الأنسب لوصف وضع الجامعة اللّبنانية المنقسمة بين كليات ملتزمة بالإضراب وأخرى تسيّر أعمالها الأكاديمية "عاللّبناني" لا بشكل طبيعي كما أنّ  قسمًا من الأساتذة يلتزمون بالإضراب والقسم الآخر يكمل عمله وذلك في كلّ كلية. 

وفيما كانت تفوح رائحة كسر الإضراب رسميًا قبل اجتماع يوم السبت الماضي على وقع ضغوطات سياسية في طليعتها إصرار الثنائي الشيعي على ذلك وما جرى من تواصل تحت الطاولة مع أساتذة ومدراء ومسؤولين في الروابط، أتت نيتجة اجتماع الهيئة العامة مغايرة تمامًا، فتلقت أحزاب السلطة صفعة كبيرة. 

الجلسة الصاخبة لم تمرّ بهدوء بل شهدت الكثير من الأخذ والردّ مع حديث عن محاولة افتعال إشكال لتطيير الجلسة التي كان واضحًا أنها تجنح نحو الاستمرار بالإضراب. ووفقًا لمعلومات "السياسة"، فقد توجه أحد الأساتذة  وهو عضو في الهيئة التنفيذية ويدعى م. ع. لزميله بالقول:" سكّر تمّك" ردًا على رفض الأخير اعتبار أنّ الاستمرار بالإضراب يعني أنّ المؤيدين لا يهتمون بمصلحة الطلاب، كما حاول عضو "التنفيذية" التهجم على الأستاذ وضربه.

الإضراب: من الهيئة العامة وإليها يعود

بالنظر إلى اجتماع السبت وأجوائه ونتائجه تظهر مفاجأت متعددة تمثلت بغياب الكثير من الأساتذة المحسوبين على الثنائي الشيعي رغم الضغط الكبير الذي يمارسه الأخير لفكّ الإضراب بالإضافة إلى آخرين غيّروا موقفهم المعارض للتوقف عن التعليم بعد استعراض أوضاع الجامعة اللّبنانية، وفيما كان رئيس الهيئة التنفيذية عامر حلواني يحاول تصوير الوضع بأنّ الأساتذة بمعظمهم مع فكّ الإضراب والتراجع عنه كان هؤلاء يرفعون أيديهم بمعظمهم مؤيدين للاستمرار رغم رفض رئيس الهيئة إجراء تصويت في مخالفة واضحة للقانون. 

 في السياق، ينقل الأستاذ باسل صالح والذي حضر الاجتماع التفاصيل لـ "السياسة"، لافتًا إلى أنّ قرار الإضراب اتخذ في الهيئة العامة ولا يمكن نقضه إلّا في الهيئة العامّة، رادًا سبب نقل القرار بالإضراب أخيرًا إليها من الهئية التنفيذية إلى فقدان الأساتذة الثقة بقرارات الأخيرة. 

ويشير صالح إلى أنّ النصاب لم يتوفر في الجلسة الأولى عند التاسعة صباحًا، ومن هذا المنطلق كانت جلسة الساعة 11 مؤمنة النصاب "بمن حضر" وقد حاولت الهئية التنفيذية التهرب من التصويت ومحاولة فرض قرار كسر الإضراب بالقوّة إلّا أنّ ضغط الأساتذة قد نجح وأعلن حلواني في النهاية الاستمرار بالإضراب رغم أنّ التصويت لم يحصل وبعد كثير من المماطلة على اعتبار أنّ رئيس الهيئة التنفيذية حاول الخروج من الاجتماع من دون اتخاذ قرار وهو ما لم يفلح به. 

ووفقًا لصالح، كان حلواني يحاول ردّ موضوع الإضراب إلى الجمعيات العمومية في الكليات وهو ما لم ينجح به أيضًا. 

استنثابية وكيدية بحق الملتزمين بالإضراب

بالعودة إلى الوضع في الكليات، فقد رصد أنّ بعضها يكمل الامتحانات والأخطر كان بتصحيح الامتحانات من قبل أساتذة غير ملتزمين بالإضراب ومن كليات أخرى وهو ما يعني أنّ قسمًا من طلاب "اللّبنانية" يكمل عامه الدراسي والآخر ما زال ينتظر انتهاء الإضراب. 

يقول صالح في هذا الإطار، إنّ في ذلك مخالفة واضحة للقانون 66 الذي ينظم كيفية إدارة الأعمال الأكاديمية في الجامعة وكيفية إجراء الامتحانات وهذا يعني أيضًا أنّ الهيئة التنفيذية فقدت دورها كقوة ضغط وكإطار نقابي يدافع عن الأساتذة وعن حقوقهم.  ما يعني أنّ الأساتذة الملتزمين بالإضراب باتوا عرضة في بعض الكليات لإجراءات استنسابية تضع وظيفتهم في خطر رغم أنّ  مردودها لم يعد يساوي شيئًا. 

وتجدر الإشارة إلى أنّ ما تخوّف منه الأستاذ باسل صالح قد بدأ يحصل بالفعل والبداية كانت مع الأستاذ كامل صالح بعدما صادر عميد كلية الآداب في الجامعة اللبنانية الدكتور أحمد رباح المواد التدريسية المسندة إليه لأنه ملتزم بالإضراب في مخالفة جسيمة وعلنية للأعراف المعمول بها من دون أن يتدخل رئيس الجامعة لحلّ التجاوز الحاصل، بالإضافة إلى أنّ الخطوة نابعة من سلوكيات انتقامية وكيدية وهو ما تحدثت عنه الهيئة التنفيذية في بيانها. 

وبالنسبة للحديث عن إجراء الامتحانات، فيقول الأستاذ باسل صالح إنّ بعض الأساتذة قد سلّموا امتحاناتهم قبل الإضراب وفي موعدها عملًا بقانون الكلية وهؤلاء إن أجريت الامتحانات سيقاطعون التصحيح أمّا الكليات التي لا ينص قانونها على تسليم الامتحانات قبل أسابيع من نهاية الفصل فلن يقدم أساتذتها الأسئلة والمسابقات ببساطة. لافتًا إلى أنّ بعض الكليات قد أنهت امتحاناتها كما أنّ كليات أخرى ما زال أساتذتها مقاطعين للامتحانات بالإضافة إلى أخرى طلبت من الأساتذة تسليم امتحاناتهم ولم يقبلوا. 

ويختصر الوضع في الجامعة اللّبنانية بالقول: إنها معركة لفرض تطبيق القانون 66 وقانون رابطة الأساتذة والإلتزام به. 

فك الإضراب يلحقه إضراب آخر

وفي البحث بكواليس الإضراب، فقد علمت "السياسة" أنّ ما كانت تسعى إليه الجهات المعنية يتمحور حول فكّ الإضراب موقتًا وإجراء الامتحانات على أن يعود بعدها الأساتذة لإضرابهم. في حين أنّ الأجواء التي عملت الجهات نفسها على ترويجها للطلاب كانت تشير إلى أنّ الامتحانات ستجرى على أن يستأنف التدريس بعدها بنظام مدمج "أونلاين وحضوري" أي بشكل مغاير للحقيقة تمامًا. 

أمّا عن سبب محاولة كسر الإضراب بالقوة، فتردّ مصادر مطلعة ذلك إلى الضغط الذي يمارسه رئيس الجامعة بسام بدران على العمداء وهؤلاء بدورهم يضغطون على المدراء الذين يمارسون الضغط نفسه على الأساتذة لإجبارهم على التراجع والمشاركة في الامتحانات أو تصحيحها وذلك في مخالفة واضحة للقانون 66 لناحية تنظيم وإجراء الامتحانات.  مع أنّ شروط التعليم  ما زلت تحيط بها الكثير من علامات الاستفهام رغم الأموال التي أقرّت في الموازنة في ظلّ سعر صرف مستمر بالارتفاع وبالتالي قيمة رصيد الجامعة لن تضاهي شيئًا، ما يعني بالتالي أنّ العودة مستحيلة وصعبة.

غير أنّ بعض الجهات السياسية الفاعلة ومن أهمها الثنائي الشيعي حاولت كثيرًا فكّ الإضراب ومن هنا كان طرح نقل القرار إلى الجمعيات العمومية في الكليّات وذلك لأنّ مستوى التهديد الذي يطال الأساتذة يكون أعلى، فيفك الإضراب عندها بصورة حضارية.

وتتوقف مصادر عند آخر مقابلة لرئيس الجامعة بدران جمعته بوزير الوصاية عباس حلبي، وتقول إنه كان لافتًا أنّ الرئيس حاول إظهار وكأن جزءًا لا يستهان به من مشاكل الجامعة قد حلّت، كما أنه لم يذكر أموال الـ pcr، بل أنّ الوزير حلبي هو من أتى على ذكرها. وأضافت المصادر: حتى لو كان الموضوع في القضاء، فهذا لا يعني أنه لا يقع على عاتقه واجب التذكير بالقضية.

وعن مصير الجامعة وإضرابها وأساتذتها، تقول المصادر إنّ لا شيء واضح لكنّ الأكيد أنّ الأساتذة لن يتمسكوا بالبقاء إن ازداد مستوى "البلطجة"، وتسأل: لماذا سيبقى الأساتذة؟ للخضوع لشروط الإذلال في العمل براتب لا يضاهي الـ 150 دولارًا؟


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa