الاحتجاجات الإيرانية تدخل أسبوعها السادس.. ومطالب دولية بإنهاء قيود الإنترنت

22/10/2022 10:36AM

دخلت انتفاضة المرأة الإيرانية الأسبوع السادس، في وقت أصبح المرشد الإيراني علي خامنئي الهدف الأول لشعارات الحركة الاحتجاجية التي أشعلتها وفاة الشابة مهسا أميني، وانقسم المسؤولون الإيرانيون بين الدعوة إلى «تدابير صارمة» ضد المحتجين، والسعي لـ«إعادة الهدوء» إلى المجتمع، وذلك وسط مخاوف متزايدة من منظمات إنسانية من تعرض نشطاء إيرانيين لخطر التعذيب أو حتى الموت خلف القضبان.

وجرى تداول تسجيلات فيديو من احتجاجات ليلية في وقت متأخر الخميس في كبرى المدن مثل طهران وتبريز وأصفهان ورشت، بالإضافة إلى بعض المدن الكردية الواقعة شمال غرب البلاد مثل مهاباد. وفي نهاية الأسبوع الخامس للاحتجاجات، ردد الإيرانيون شعارات تستهدف رأس النظام المرشد علي خامنئي.

وفي ظل تواصل الاحتجاجات بعدة مدن، نشر موقع (1500 تصوير) مقطع فيديو قال إنه يَعرض مظاهرة في مدينة أصفهان في وسط البلاد، ومقطعاً يفترض أنه يَعرض المتظاهرين وهم يشعلون حرائق في شوارع مدينة مهاباد الواقعة في شمال غرب البلاد في وقت متأخر من مساء الخميس.

وبموازاة ذلك، جرى تداول فيديوهات من مختلف المدن تُظهر شنق دمية ترمز إلى خامنئي في سياق الأنماط الجديدة التي تكتسبها الحركة الاحتجاجية، وكان أبرزها، خلال الأسبوع الماضي، توسع نطاق كتابة الشعارات المندِّدة بالمؤسسة الحاكمة، وكذلك شعارات مؤيدة لانتفاضة المرأة، ورسوم غرافيتي لضحايا الاحتجاجات.

وأعلن اتحاد سائقي الشاحنات في إيران، في بيان جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، انضمامه إلى الإضرابات العامة اعتباراً من أمس.

وحضّ الاتحاد سائقي الشاحنات إلى الإضراب عن العمل، في وقت كشفت تقارير أخبار عن ضغوط متزايدة على عمال شركات نفطية بعد تلبية الدعوات للإضرابات العامة، الأسبوع الماضي.

وأعلنت لجنة تنسيقية لإضراب عمال الأجور في الشركات النفطية، هذا الأسبوع، أن حملة الاعتقالات طالت 250 عاملاً مشاركاً في الإضرابات التي شهدتها مدن نفطية في جنوب البلاد. والثلاثاء الماضي، انضم عمال أكبر شركة إيرانية لقصب السكر في الأحواز إلى الإضرابات.

وعصفت المظاهرات بالجمهورية الإسلامية التي اندلعت عقب وفاة مهسا أميني (22 عاماً)، الشهر الماضي، خلال احتجازها لدى الشرطة. وقامت خلالها النساء بخلع وحرق الحجاب.

- غضب في زاهدان

وخرج مئات آلاف المتظاهرين إلى شوارع مدينة زاهدان، جنوب شرقي إيران، الجمعة، بعد 3 أسابيع على مقتل العشرات في احتجاجات «الجمعة الدامية»، حسبما أظهرت مقاطع فيديو نُشرت على الإنترنت.

وذكرت مصادر محلية أن 50 ألف شخص من المشاركين في صلاة الجمعة بمدينة زاهدان رددوا هتافات مندّدة بقمع تجمع احتجاجي نُظّم في 30 سبتمبر (أيلول)، على أثر تقارير أفادت بتعرّض فتاة للاغتصاب على يد شرطي. وأسفرت أعمال العنف عن مقتل 93 شخصاً على الأقل، وفقاً لمنظمة حقوق الإنسان في إيران.

وحضّ إمام الجمعة في زاهدان ومفتي أهل السنة في إيران عبد الحميد ملازهي، المسؤولين الإيرانيين على سماع مطالب المحتجّين.

وأظهر مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، الجمعة، متظاهرين تجمّعوا خارج مركز للشرطة وهم يهتفون «الموت للديكتاتور»؛ في إشارة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي. وفي مقطع فيديو آخر نشرته إذاعة «فاردا»؛ وهي محطة تبثّ بالفارسية مموَّلة من الولايات المتحدة، ظهر محتجّون متجمعون بعد صلاة الجمعة وهم يهتفون «الموت لخامنئي» و«وحدة، وحدة». وأفاد موقع «نور نيوز» منصة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، نقلاً عن قائد الشرطة في محافظة بلوشستان، بأن بين 100 إلى 150 شخصاً في زاهدان بعد صلاة الجمعة في جامعة مكي «رددوا هتافات ورشقوا المحلات التجارية والبنوك والسيارات بالحجارة»، ووصف هؤلاء بـ«مثيري الشغب». وأضاف: «تدخلت الشرطة في الوقت المناسب وأوقفت 57 شخصاً من القادة والمحرِّضين على أعمال الشغب».

- الصفحة الأكثر سواداً

من جانبها، دعت نقابة المعلّمين الإيرانيين إلى إضراب ليومين، ابتداءً من الأحد، للتنديد بالقمع العنيف في المدارس ومقتل أكثر من 20 طفلاً خلال التظاهرات في إيران.

بدوره، قال قائد الشرطة الإيرانية حسين أشتري إن «1 % فقط من بين 30 مليون طالب في المدارس الإيرانية (ما يعادل 300 ألف طالب) شاركوا في الاحتجاجات»، مشيراً إلى أن هذا العدد من المشاركين يعود إلى 50 مدرسة، من بين 110 آلاف مدرسة في عموم البلاد.

ونقلت وكالة «تسنيم»، التابعة لـ«الحرس الثوري» عن أشتري قوله إنه «نزل إلى الشارع عشرات الآلاف»؛ في إشارة إلى المشاركين في الاحتجاجات. وأشار إلى توقيف «17 مسلحاً من مثيري الشغب، و94 آخرين من أعضاء منظمة مجاهدي خلق».

في هذه الأثناء أدانت رابطة الكتّاب الإيرانيين، في بيان شديد اللهجة، حملة الإجراءات العنيفة على المتظاهرين المناهضين للحكومة، وذلك في سياق المواقف المنددة بقمع التلاميذ.

وقال بيان الرابطة، الجمعة، إن «قمع المحتجين بأياد فارغة كان حدثاً يومياً على مدى أكثر من الـ40 عاماً الماضية ؛ لكن ما حدث للأطفال والسجناء، الأسبوع الماضي، هو من بين الصفحات الأشد حلكة في سجل المؤسسة الحاكمة». وشدد البيان على أن «هجوم قوات الأمن على المدارس والسجون وضرب الأطفال والسجناء وقتلهم كارثة تتجاوز قتل المتظاهرين في الشوارع»، منوهاً بأن في هذه المرحلة من القمع، تنكر الحكومة، كعادتها، الواقع وتنشر الشائعات لصرف أنظار الرأي العام؛ بهدف إفشال جهود المنظمات والمجاميع الشعبية لقول الحقيقة».

وذكرت «وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا)»، في منشور، إن 244 محتجاً لقوا حتفهم في الاضطرابات، من بينهم 32 قاصراً. وأضافت أن 28 من أفراد قوات الأمن قُتلوا، وأن السلطات ألقت القبض على 12500 شخص، حتى الخميس، في الاحتجاجات التي اندلعت في 114 مدينة وبلدة، ونحو 81 جامعة، حسب رويترز.

وقالت منظمة حقوق الإنسان في إيران، التي تتخذ من أوسلوا مقراً لها، الخميس، إن الآلاف اعتُقلوا في مختلف أنحاء البلاد خلال حملة القمع، بما في ذلك 36 صحافياً، و170 طالباً، و14 محامياً، وأكثر من 580 ناشطًا مدنياً، بما في ذلك مسؤولون في نقابات العمال ونقابات المعلمين.

- أماكن خاصة

قبل ذلك بساعات، تعهّد محافظ طهران محسن منصوري، مرة أخرى بتحديد مكانين أو 3 أماكن في طهران لإقامة التجمعات، مضيفاً أن المسؤولين الإيرانيين يعملون على ذلك بعد مناقشتها في اللجنة الأمنية الخاصة بمحافظة طهران.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن منصوري قوله: «سنحدد الأماكن التي ليست لديها أي مشاكل، خاصة في مجال توفير أمنها وستكون سهلة الوصول لحركة المرور ولا تسبب تحديات للناس»، موضحاً أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وجّه أوامر لتحديد تلك الأماكن. وقال أيضاً: «نوافق تماماً مع إقامة تجمعات في إطار القانون». وأضاف: «في بعض الأحيان يعلن أن الدولة لا ترغب أو الحكومة في عقد التجمعات تحت أي ظرف من الظروف، وهي رواية خاطئة تماماً».

وكانت قضية أماكن خاصة لتجمعات احتجاجية مطروحة في حكومة الرئيس السابق حسن روحاني، لكنها لم تسفر عن نتائج.

في هذه الأثناء قال المتشدد أحمد خاتمي، ممثل المرشد الإيراني وأحد كبار رجال الدين المتنفذين في البلاد، إنه ينبغي على القضاء الإيراني اتخاذ تدابير صارمة ضد المتظاهرين، وإن أي شخص يظن أن حكام الدولة سيسقطون حالم.

وقال خاتمي، في خطبة الجمعة في طهران: «ينبغي للقضاء التعامل مع مثيري الشغب، الذين خانوا الأمة وسكبوا الماء في طاحونة مياه العدو، وذلك بشكل يردع الآخرين حتى عن الرغبة في إثارة الشغب مجدداً».

وأضاف: «قالوا للفتية المخدوعين إنهم إن بقوا في الشوارع لأسبوع، فسيسقط النظام الحاكم. واصِلوا أحلامكم! ينبغي للقضاء التعامل مع مثيري الشغب بشكل يردعهم عن التطلع إلى إثارته مجدداً».

وقال وزير الثقافة والإعلام في إيران محمد مهدي إسماعيلي إن عدد المعتقلين بين الصحافيين «ليس كبيراً». وصرح لوكالة «إيلنا»: «جميعنا نعرف هؤلاء الأصدقاء، وإذا ارتكبوا أي خطأ فسنحاول إصلاحه». وبشأن القيود المفروضة على الفنانين قال: «هدفنا قيادة الأجواء العامة في البلاد باتجاه الهدوء». وأضاف: «أي خطوة تضر بالأجواء الهادئة مرفوضة من قِبلنا».

- تحذير أوروبا

وبعد تقرير المنظمة بساعات، أنكر وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان اعتقال أي من المحتجين في إيران. وقال، في مؤتمر صحافي مع نظيره الأرميني: «كل شيء يسير بشكل طبيعي في إيران، نحن نفصل تماماً بين المسلحين والإرهابيين ومثيري الشغب عن الناس الذين لديهم مطالب سلمية». وأضاف: «لقد حذرنا الجانبين الأميركي والأوروبي من تحريض مثيري الشغب والفوضويين والإرهابيين في الجمهورية الإسلامية عبر تحليلهم الخاطئ».

في وقت متأخر الخميس، ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن عبد اللهيان أجرى اتصالاً هاتفياً مع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، ونقلت عن عبد اللهيان قوله إن «الجمهورية الإسلامية تتمتع بدعم شعبي قوي وديمقراطية فاعلة، لكن بعض المسؤولين الأوروبيين دعموا أعمال الشغب بتحليل خاطئ وبذريعة الدفاع عن حقوق الإنسان، وهي خطوة غير محسوبة وبأغراض سياسية».

من جانبه، قال المبعوث الأميركي الخاص بإيران روبرت مالي، على «تويتر»، أمس، «إن جميع أعضاء (تحالف الحرية على الإنترنت) البالغ عددهم 34 يطالبون الحكومة الإيرانية بالتوقف عن تعطيل الإنترنت الذي ينتهك التزامات إيران الدولية في مجال حقوق الإنسان. يجب أن تستمع الحكومة إلى الناس، وليس عزلهم عن بعضهم البعض والعالم».وذكرت شبكة «سي.إن.إن» الإخبارية نقلا عن مسؤولين مطلعين أن البيت الأبيض يجري محادثات مع الملياردير إيلون ماسك حول إقامة خدمة للإنترنت عبر الأقمار الصناعية من (ستارلينك) التي تقدمها شركة سبيس إكس في إيران.

وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في الشهر الماضي إن من الممكن تصدير بعض معدات الإنترنت المقدم عبر الأقمار الصناعية إلى إيران مشيرة إلى أن الشركة ربما لا تحتاج إلى ترخيص لتقديم خدمة واسعة الترددات عبر الأقمار الصناعية في البلاد.

- ضرب مبرح

وتخشى منظمات إنسانية من تعرض النشطاء الإيرانيين الذين قُبض عليهم خلال حملة قمع الاحتجاجات، لخطر التعذيب أو حتى الموت خلف القضبان.

أكدت رؤيا بورومند، مديرة مركز عبد الرحمن بورومند الذي يتخذ من واشنطن مقراً، أن الوضع تفاقم بسبب العدد الهائل من السجناء الجدد الذين يجري نقلهم إلى السجون، بما في ذلك سجن إوين وسجن طهران الكبرى، المعروف أيضاً باسم «فشافويه». وقالت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن قلقون جداً بشأن معاملة المعتقلين».

وأضافت بورومند، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن الاكتظاظ يعني أنه «ما من خيار سوى الجلوس أو النوم بالتناوب»، بما في ذلك في صالات الألعاب الرياضية بالسجون.

وقالت بورومند إن السجناء «شهدوا بأنهم تعرّضوا للضرب المبرح والتعذيب أثناء الاستجواب، كما حُرموا من الطعام ومياه الشرب النظيفة». وأضافت: «تُرك المعتقلون وقد أصيبوا بطلقات نارية وأطراف مكسورة... دون رعاية طبية».


المصدر : الشرق الأوسط

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa