هل تخْرج الموالاة من خلف «الورقة البيضاء» فتنطلق دينامية التسوية؟مخاوف من فراغ رئاسي مديد يستنزف قدرة لبنان «على التحمّل»

08/11/2022 06:51AM

كتبت صحيفة "الراي الكويتية":

على وقع «الدويّ المكتوم» للتحذيرات الأميركية من «تفكُّك الدولة»، والصدى المُتَدَحْرِجِ للمشهديةِ البارزة التي أكدت اجتماعَ غالبية اللبنانيين تحت خيمة اتفاق الطائف والتي جدّدتْ رعايةَ المملكة العربية السعودية للواقع في «بلاد الأرز» بتوازناتِ وثيقة الوفاق الوطني المتعددة البُعد، انطوى الأسبوعُ الأول من «عهد الفراغ» الرئاسي الذي يُخشى أن يتحوّل «مصيدةً» للنظام السياسي والانتظام الأمني في ضوء كثرة المصطادين في «مياه الشغور العكرة».

وإذا كلام كبيرة الديبلوماسيّين في شؤون الشرق الأوسط في واشنطن باربارا ليف قبل أيام عن «ان لبنان سيضطرّ على الأرجح لتحمّل المزيد من الألم قبل أن يشكّل البلد المتوسّطي الفقير حكومة جديدة» مع احتمال «تفكّك» كامل للدّولة، واعتبارها «يجب أن تسوء الأمور قبل أن يتصاعد الضّغط الشّعبي بهذه الطّريقة»، اعتُبر «جرس إنذارٍ» بإزاء المخاض الخطير الذي قد يمرّ به الوطن الصغير قبل الاستيلاد القيصري لرئيس جديد للجمهورية، فإنّ «إعادةَ الاعتبار» وبقوّة لاتفاق الطائف في الذكرى 33 لإبرامه كرّستْ أنه مازال «قارب النجاة» الوحيد ببُعديْه السياسي والدستوري للبنان من «المأزق الشامل» الذي انزلق إليه، وأن أي تسويةٍ لا ترتكز على أسسه كـ «حافِظ» للأوزان والتوازنات ولو «دفترياً» ستكون بـ «جناح» واحد ولن يُكتب لها النجاح.

ومع اكتمالِ حلقة المخاوف الكبرى مما يكمن للبنان بعدما وُضع في «فوهة» أزمةٍ غير مسبوقة يتكاتف في كنفها عصفُ الانهيار المالي مع دينامية الفراغ المفتوح بدعوة البابا فرنسيس «أرجوكم: ادعموا لبنان، ساعدوه كي يخرج من هذا الوضع السيئ»، مطالباً السياسيين اللبنانيين بـ «تنحية مصالحهم الشخصية» والتوصل إلى اتفاق لملء فراغ السلطة، لا شيء في بيروت يوحي بأن حَجَراً سيتزحزح في الجدار المقفل الرئاسي قبل نضوج تفاهماتٍ تتطلب تقاطعاتٍ محلية وإقليمية وضمانات متعددة الاتجاه و«العرّابين».

وفي موازاة دعوة رئيس البرلمان نبيه بري أمس رسمياً النواب إلى جلسة الانتخاب الرئاسية الخامسة بعد غد، استوقف أوساطاً سياسية رسْمه ما يشبه الإطار الزمني للشغور «القابل للتحمُّل» بإعلانه «لبنان قد يستطيع ان يتحمل أسابيع لكنه لا يستطيع ان يتحمل أكثر من ذلك ولا يمكن ان يتحمل البلد والشعب المزيد من التدهور»، مؤكداً أنه ملتزم بالدعوة إلى «جلسة انتخاب كل أسبوع».

وإذ جدد بري الدعوة الى التوافق في الاستحقاق الرئاسي كاشفاً أن جدول أعمال الحوار الذي كان بصدد الدعوة إليه واتّهم الكتلتين المسيحيتين الأكبر بإجهاضه («القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر») «كان فقط للتوافق على الانتخابات الرئاسية ونقطة على السطر»، لفت إلى «أن اتفاق الطائف ليس إنشاءً عربياً، هو دستور ساوى بين اللبنانيين»، معترفاً بأنه لثلاث مرات فشل بتمرير الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية وقانون انتخاب خارج القيد الطائفي وإنشاء مجلس الشيوخ.

وجاءت مواقف بري لتؤشر إلى أن تَراجُعه عن فكرة الحوار لم تُسقِط سعيه إلى محاولة إرساء لتوافق سياسي عبر حركة مشاورات يتولاها «بالمفرّق» وكانت أولى مظاهرها استقباله رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط الذي بدا وكأنه فَتَح الباب مواربةً أمام إمكان البحث في أسماء أخرى للرئاسة غير المرشح ميشال معوّض الذي يدعمه الزعيم الدرزي وأحزاب سيادية أخرى (مثل القوات والكتائب) ونواب مستقلون وإن كان عبّر عن ذلك بصيغة «أهمّ شيء ان نصل الى الاستحقاق وان نستعرض الأسماء! طيب مرشحنا ميشال معوض، لكن لسنا فريقاً واحداً في البلد، فليُتداول بأسماء وعندها نرى، قد يكون ميشال أحدهم، لقد تكلمنا مع الرئيس بري بالموضوع الرئاسي وأمور أخرى واتفقنا على ألّا يكون هناك مرشح تحد».

وفي «ربْط» بين كلام بري عن «مهلة الأسابيع» ورمي جنبلاط إشارة «التداول بأسماء»، تساءلت الأوساط هل حان وقت خروج قوى الموالاة (حزب الله وبري والتيار الحر وحلفاؤهم) من خلف ستارة الورقة البيضاء إلى طرْح اسم المرشح المفضّل لغالبية هذه القوى (ما خلا التيار الحر حتى الساعة) أي زعيم «المردة» سليمان فرنجية فتنطلق من لحظة ترشيحه بإسقاط اسمه في صندوقة الاقتراع مرحلةُ توسيع القاعدة السياسية الداعمة له بمواجهة معوض.

وتعتبر الأوساط نفسها أنه ما أن تَخْرُج الموالاة عن تحفُّظها عن لعب ورقة فرنجية علناً ولو نأى «حزب الله» في البداية بنفسه عن الانخراط في تأييده داخل البرلمان مراعاةً لرئيس «التيار الحر» جبران باسيل، فإن ذلك سيُطْلِق مساراً جديداً يسرّع في حسْم اتجاهاتِ الريح الرئاسية وربما أوائل السنة الجديدة:

* إما على قاعدة «نزوح» قسم من المعارضة، تحت وطأة عملية الإنهاك ومَخاطرها العالية نحو دعْم فرنجية، ارتكازاً على حساباتٍ محلية وعلاقات سابقة معه (على غرار قدامى تيار المستقبل) أو على ضماناتٍ مزدوجة تتيح إمرارَ خيار زعيم «المردة» وأبرزها يرعاها «حزب الله» بحيث «يضمن» التفاهُم - الصفقة بين حليفيْه فرنجية وباسيل.

* وإما على قاعدةِ تسويةٍ على مرشّحٍ ثالث في ضوء استحالة توفير الظروف لانتخاب معوض أو انتخاب فرنجية من دون اجتذاب قسم من المعارضة وإقناع «التيار الوطني الحر»، وهنا تكون الخيارات مفتوحةً وربما ترسو على قائد الجيش العماد جوزف عون.

وفي موازاة ذلك، كان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يطلّ مجدداً على الخارج من «مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغيّر المناخ»COP27 في مدينة شرم الشيخ حيث كانت له لقاءات رفيعة على هامشه.

وبعد وصوله إلى المؤتمر حيث استقبله الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس، توجّه ميقاتي بالشكر إلى الرئيس المصري على وقوف بلاده الدائم الى جانب لبنان ودعمه في كل المجالات وعلى سرعة تلبية الطلب الذي تقدم له به خلال القمة العربية في الجزائر قبل أيام، بتزويد لبنان لقاحات وأدوية خاصة بمكافحة وباء الكوليرا.

كما التقى ميقاتي ملك الأردن عبدالله الثاني الذي شدد على «أهمية الإسراع في العمل لتوقيع الاتفاق النهائي بين لبنان والبنك الدولي بما يمكن الأردن من تزويد لبنان بالطاقة الكهربائية».

وإذ استكمل رئيس حكومة تصريف الأعمال مع الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون متابعة «الملفات التي تم بحثها خلال مشاركة لبنان في القمة العربية بالجزائر قبل أيام»، التقى أيضاً الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد ورئيس وزراء باكستان شهباز شريف، والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا التي تمنت الإسراع في الخطوات المطلوبة لبنانياً لتوقيع الاتفاق النهائي مع الصندوق قبل انشغال العالم بملفات أخرى.

واجتمع ميقاتي أيضاً مع أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين، وشكره على «الدعم المستمر لقداسة البابا فرنسيس للبنان، والمواقف التي اطلقها أخيراً من البحرين حيث دعا الى مساعدة لبنان على وقف انهياره، وشدد على أن لبنان رسالة لها معنى كبير لكنه يتألم حالياً». وأكد رئيس الحكومة «ضرورة العمل لانتخاب رئيس جديد للبنان وعدم اطالة فترة الشغور الرئاسي».

الراعي: من صنعوا الحرب لا يزالون يحكمون البلد

رأى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، «أن مَن صنعوا الحرب لا يزالون يحكمون البلد الأمر الذي يشلّ الدولة بسبب نار الخلافات المشتعلة تحت الرماد، ويشكك الرأي العام الخارجي، ذلك أن من يصنع الحرب لا يستطيع أن يصنع السلام»، لافتاً إلى أن هؤلاء حتى اليوم «لم يتمكنوا من تنقية ذاكرتهم ونسمعهم كيف يتراشقون الكلام الجارح في كل مناسبة».

كلام الراعي جاء في اجتماع مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان، مشيراً إلى أن «تنقية الضمائر هي الشرط لإجراء حوار صريح وبناء بين المسيحيين والمسلمين من جهة وبين الأحزاب والكتل النيابية من جهة ثانية وذلك ليسلم العيش المشترك المنظم»، لافتاً إلى أن «لبنان في أخطر مرحلة ويا ليتهم يسمعون نداء قداسة البابا فرنسيس بالأمس».

وأضاف: «بعد ست سنوات من عهد الرئيس ميشال عون، لم يتمكنوا أو بالأحرى لم يريدوا انتخاب رئيس جديد للجمهورية. فكان إنجازهم الكبير تنزيل العلم وإقفال القصر الجمهوري، وتسليم حكومة مستقيلة منذ خمسة أشهر، ولبنان في أخطر مرحلة من تاريخه السياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي».


المصدر : الراي الكويتية

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa