مبالغ كبيرة للجم التغير المناخي وعلامة استفهام بشأن قدرة الدول الغنية

08/11/2022 12:05PM

تحتاج الدول النامية والناشئة باستثناء الصين، استثمارات تتجاوز تريوليني دولار سنويا بحلول 2030 إذا أراد العالم لجم الاحترار المناخي والتكيف مع تداعياته على ما جاء في تقرير مدعوم من الأمم المتحدة صدر الثلاثاء.

ويفترض أن يأتي تريليون دولار من دول غنية ومستثمرين ومصارف تنمية متعددة الأطراف، على ما جاء في التحليل الذي طلبته المملكة المتحدة مضيفة مؤتمر الأطراف حول المناخ العام الماضي في غلاسغو (كوب26) ومصر التي تستضيف راهنا كوب27 في شرم الشيخ على البحر الأحمر.

أما بقية المبالغ، أي نحو 1,4 تريليون، فينبغي أن تأتي من مصادر داخلية خاصة وعامة وفق ما جاء في التقرير، الذي نشرته فرانس برس.

ويبلغ حجم هذه الاستثمارات في الدول الناشئة والنامية باستثناء الصين، راهنا 500 مليار.

وقدم التحليل الواقع في مئة صفحة والذي يحمل عنوان "تمويل من أجل التحرك المناخي" على أنه مسودة استثمار لإضفاء طابع أخضر على الاقتصاد العالمي بسرعة كافية لاحترام أهداف اتفاق باريس بحصر الاحترار المناخي العالمي دون الدرجتين المئويتين والعمل على أن يكون بحدود 1,5 درجة.

ويحذر الخبراء من أن تجاوز الاحترار هذا المستوى قد يدفع العالم إلى وضع غير قابل للحياة.

وقال أحد الخبراء الرئيسيين الذين أعدوا التقرير نيكولاس ستيرن "ينبغي على الدول الغنية أن تقر بأن من مصلحتها الحيوية، فضلا عن أنها قضية عدالة نظرا إلى التداعيات القاسية الناجمة عن المستويات العالية للانبعاثات الحالية والسابقة، الاستثمار في التحركات من أجل المناخ في الأسواق الناشئة والدول النامية".

والتقرير هو من بين الوثائق الأولى التي تعطي صورة عن الحاجات على صعيد الاستثمارات في المجالات الثلاثة الواسعة التي تغطيها مفاوضات المناخ في الأمم المتحدة وهي خفض غازات الدفيئة المسببة للاحترار أي ما يعرف بتخفيف الآثار والتكيف مع تداعيات المناخ المقبلة والتعويض على الدول الفقيرة والضعيفة على أضرار لا مفر منها بدأت تتعرض لها أي ما يعرف بـ"الخسائر والأضرار".

الوقود الأحفوري 

ودعا التقرير إلى مضاعفة التبرعات والقروض بنسب فائدة منخفضة من حكومات في دول متطورة لرفعها من 30 مليار سنويا راهنا إلى 60 مليارا بحلول 2025.

وكتب معدو التقرير "مصادر التمويل هذه حيوية للأسواق الناشئة والدول النامية لدعم التحرك من أجل إصلاح الأراضي والطبيعة، وللحماية من الأضرار والخسائر الناجمة عن تداعيات التغير المناخي".

وتشمل "الأسواق الناشئة" اقتصادات كبيرة في دول الجنوب شهدت نموا سريعا ترافق مع ارتفاع في انبعاثات غازات الدفيئة، في العقود الأخيرة. ومن هذه الدول الهند والبرازيل، وجنوب أفريقيا وإندونيسيا وفيتنام.

والصين مشمولة تاريخيا بهذه الدول إلا انها استثنيت من التقديرات الجديدة بسبب وضعها الفريد والهجين على الأرجح.

فاقتصاد بكين ثاني أكبر الاقتصادات العالمية، متطور على أصعدة عدة بينما طرحت الصين نفسها أيضا مستثمرا عالميا رئيسيا من خلال مبادرة الحزام والطريق والترويج للاستثمار بين دول الجنوب.

وفي ظل التغير المناخي، تشمل الدول النامية أفقر اقتصادات العالم والكثير منها في إفريقيا، وتلك الأكثر عرضة للمخاطر المناخية، مثل الدول الجزرية الصغيرة التي تواجه تهديدات وجودية بسبب ارتفاع مستويات البحار والأعاصير التي تزداد شدة.

وقال ستيرن أن "غالبية النمو في منشآت الطاقة والاستهلاك الذي يتوقع أن يحصل خلال العقد المقبل سيكون في الأسواق الناشئة والدول النامية".

وأضاف "إذا استمرت هذه الدول في دوامة الوقود الأحفوري والانبعاثات لن يتمكن العالم من تجنب تغير مناخي خطر يلحق ضررا ودمارا بملايين الأرواح وسبل العيش في الدول الغنية والفقيرة على حد سواء".

"الدول الغنية وحدها لا يمكنها "سد" فجوة التمويل"

وفي هذا الإطار، أكدت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا في حديث لشبكة "سي أن بي سي" أن المساعدات من حكومات البلدان المتقدمة وحدها لن تكون كافية لسد فجوة التمويل لمبادرات تغير المناخ في البلدان النامية.

ولتعويض الفارق بين المطلوب وما يمكن تقديمه، أشارت جورجيفا إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من الاستثمارات الخاصة لمساعدة البلدان النامية على تحقيق أهدافها المتعلقة بتغير المناخ.

وخلال مشاركتها في مؤتمر COP27 في مصر لفتت جورجيفا إلى أن "الاتكال على سخاء البلدان الغنية لن يكون كافيا ولن يؤدي إلى تأمين المبلغ المطلوب إطلاقا".

وتابعت أنه "من المهم خلال الأشهر الآتية، العمل على خلق فرص للاستثمارات الخاصة في العالم النامي".

وفي سبيل مساعدة الدول النامية على التكيف مع حال الطوارئ المناخية، دعت الأمم المتحدة قبل انعقاد القمة في شرم الشيخ، إلى "زيادة التمويل، وتنفيذ الإجراءات".

وأشار المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنغر أندرسن، إلى الفيضانات المدمرة في باكستان، قائلا إن "تغير المناخ يسبب الضربات المتتالية للبشرية، ولمسنا لك طوال العام الحالي".

وتوقع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن "ترتفع حاجات التكيف في العالم النامي إلى ما يصل إلى 340 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030. ومع ذلك، فإن دعم التكيف اليوم يبلغ أقل من عُشر هذا المبلغ"، منددا بأن "الأشخاص والمجتمعات الأكثر ضعفا هم من يدفعون الثمن"، واعتبر أن "هذا غير مقبول".

وتوضح جورجيفا أنه لصالح البلدان المتقدمة أن تساعد البلدان النامية في تحقيق أهدافها المناخية وذلك من أجل تحقيق الاستقرار.

وقالت: "إذا سمحنا للحوادث المناخية المتكررة بتدمير البلدان الفقيرة، فذلك سيؤدي إلى تعزيز عدم الاستقرار الذي تشعر به أوروبا جراء تزايد تدفقات الهجرة".

ويؤدي الاستقرار حسب جورجيفا إلى حماية التبادل التجاري بين البلدان المتقدمة وتلك النامية، مشددة على أنه إذا أرادت البلدان المتقدمة التصدير فيجب أن يكون هناك ازدهار واستقرار في البلدان النامية".

ولفتت إلى أن الاضطرابات في سلاسل التوريد الناجمة عن أحداث تغير المناخ يمكن أن تشكل خطرا أكبر من الخطر الذي شكله كورونا.

وأكدت جورجيفا ضرورة جعل الشركات في البلدان المتقدمة مسؤولة عن خفض الانبعاثات، ومن أجل ذلك يمكن أن تستخدم الحكومات وبعض الأدوات مثل فرض ضرائب، حسب شبكة "سي ان بي سي".

وختمت: "علينا أن ندرك أننا بعيدون كثيرا عن المكان الذي يجب أن نكون فيه لحماية رفاهية أطفالنا. وعلينا أن نخفض هذا العقد، من 2020 إلى 2030، علينا أن نخفض الانبعاثات بنسبة تتراوح بين 25 في المئة و50 في المئة ولا تزال الانبعاثات تتزايد.

"نحو عقد ميثاق للتضامن المناخي"

ودعا غوتيريش خلال افتتاح قمة تنفيذ الالتزامات المناخية التي تستمر لمدة يومين في مدينة شرم الشيخ المصرية، إلى عقد اتفاق تاريخي بين البلدان الغنية والبلدان النامية لتوحيد القدرات، وتوجيه العالم نحو الحد من انبعاثات الكربون، وتحويل أنظمة الطاقة وتجنب كارثة المناخ.

وتحدث غوتيريش أمام أكثر من 100 من قادة العالم الذين اجتمعوا في الجلسة العامة الأولى لقمة شرم الشيخ، قائلا إنه "أمام البشرية خيارين: إما التعاون أو الهلاك. إما تبني ميثاق تضامن معني بالمناخ، أو ميثاق انتحار جماعي".

وبموجب الميثاق المقترح، ستقوم جميع البلدان ببذل جهود إضافية لتقليل الانبعاثات، وستقدم الدول الأكثر ثراء والمؤسسات المالية الدولية المساعدة للاقتصادات الناشئة، وإنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري وبناء مصانع الفحم، وتوفير الطاقة المستدامة للجميع، وتوحيد الصفوف من أجل الجمع بين الاستراتيجية والقدرات لصالح البشرية.

وأكد غوتيريش أن "أكبر اقتصادين، الولايات المتحدة والصين، يتحملان مسؤولية خاصة لتوحيد الجهود بهدف جعل هذا الميثاق حقيقة واقعة. هذا هو أملنا الوحيد لتحقيق أهدافنا المناخية".

وقال غوتيريش إن العالم سيشهد قريبا ميلاد الطفل الذي سيبلغ بموجبه عدد سكان العالم 8 مليارات نسمة، مشيرا إلى أن هذا المعلم البارز الذي ستصله البشرية يضع في الاعتبار ما يدور حوله مؤتمر المناخ السابع والعشرين.

وأضاف: "كيف سنجيب عندما يصبح ذاك الطفل كبيرا بما يكفي ليسأل: ماذا فعلتم لعالمنا، وكوكبنا، عندما سنحت لكم الفرصة؟".

وذكّر الحضور بأن الوقت يمضي مع اقتراب الكوكب بسرعة من نقاط تحول يمكن أن تجعل "الفوضى المناخية" لا رجعة فيها، وقال: "نحن على طريق سريع إلى جحيم المناخ وأقدامنا على دواسة البنزين".

وأضاف أنه بينما تسببت الحرب في أوكرانيا والصراعات الأخرى في الكثير من إراقة الدماء والعنف وكان لها آثار مأسوية في جميع أنحاء العالم، لا يمكن للأمم المتحدة قبول فكرة ألا يتركز الاهتمام أيضا على تغير المناخ.

وشدد على أنها "القضية الحاسمة في عصرنا. إنه التحدي الأساسي لعصرنا. إنه أمر غير مقبول، وشائن ويمثل هزيمة للذات أن نضع (تغير المناخ) في أسفل قائمة أولوياتنا".

وأوضح الأمين العام أن "العديد من صراعات اليوم مرتبطة بتزايد الفوضى المناخية. لقد كشفت الحرب في أوكرانيا عن المخاطر العميقة لإدماننا على الوقود الأحفوري. لا يمكن أن تكون أزمات اليوم الملحة ذريعة للتراجع أو الغسل الأخضر (نشر ادعاءات زائفة بحماية البيئة). إذا كان هناك من شيء، فذلك سبب لمزيد من الاستعجال والعمل الأقوى والمساءلة الفعالة".

وطلب غوتيريش من الحكومات فرض ضرائب على الأرباح المفاجئة التي جنتها شركات الوقود الأحفوري نتيجة لجائحة كورونا وإعادة توجيه الأموال إلى الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة والبلدان التي تعاني من الخسائر والأضرار الناجمة عن أزمة المناخ.

وأضاف أنه يتعين على القادة الاتفاق، خلال قمة شرم الشيخ، على خريطة طريق واضحة ومحددة زمنيا تعكس حجم التحدي وإلحاحه، مشيرا إلى أن الحصول على نتائج ملموسة بشأن الخسائر والأضرار يمثل "اختبارا أساسيا" لالتزام الحكومات بنجاح قمة المناخ.

ودعا الأمين العام غوتيريش إلى إحراز تقدم في التكيف وبناء القدرة على الصمود بشأن الاضطراب الناجم عن تغير المناخ في المستقبل، مشيرا إلى أن ثلاثة مليارات ونصف المليار شخص يعيشون في بلدان شديدة التأثر بتداعيات المناخ.

وهذا يعني أن الدول ينبغي أن تفي بالوعد الذي قطعته في القمة السابقة في غلاسكو بتقديم مبلغ 40 مليار دولار لدعم التكيف بحلول عام 2025.

وحث البلدان على العمل معا من أجل التنفيذ، قائلا إن الوقت قد حان للتضامن الدولي في جميع المجالات.


المصدر : الحرة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa