19/11/2022 07:49AM
كتب قزحيا ساسين في "السياسة":
لم يكن من خيار منطقيّ للقواعد الثوريّة المتعدّدة إلّا المشاركة في الانتخابات النيابيّة الأخيرة، وإن كان بعض نوّاب تشرين قد دخلوا ساحة الترشّح، محاولين فرض أنفسهم رافعات انتخابيّة، وفي داخلهم شيء من التعالي على جمهورهم، وربّما شيء من الانحراف عن الخطاب الأساسيّ للثورة، الذي لا يسمح بالمسايرة والمديح القاتِل لأيّ رمز من رموز المنظومة الفاسدة.
ولا شكّ في أنّ نوّاب تشرين لم ينجحوا في تشكيل كتلة نيابيّة متماسكة، ولا تكتّل يوحي بالضغط الواحد المشترَك، وذلك لأسباب كثيرة، أوّلُها أنّهم ليسوا منتمين إلى حزب ومستجيبين لمشيئة زعيمه الآمر الناهي. وفي هذا السياق، يدفع التغييريّون ثمن تجربتهم الديمقراطيّة، في مجلس نيابيّ تملأه الكتلُ التي يحشو الزعماء حناجر نوّابها بالكلام.
صحيح أنّ كثيرين يثيرون الغضب والقرف من أدائهم النيابيّ، غير أنّ حملة شرسة وممنهجة تُمطر التغييريّين بالشتائم صباح مساء. فالنوّاب السّنّة يلتزمون بياض أوراقهم في الاستحقاق الرئاسيّ، ونوّاب داعمون لترشيح النائب ميشال معوّض يتراجعون، ووليد جنبلاط لا أحد يعرف من أيّ زاوية سيسدّد في شبكة بعبدا... كلّ ذلك يمرّ بلا ضجيج، بينما النوّاب التغييريّون مطارَدون ومتَّهَمون كيفما اتّجهوا.
أليس من حقّ نائب تغييريّ ألّا يثق بِمَن أنجز اتّفاق معراب يوما ما ولم يسأل حتّى عن رضى أهل بيته السياسيّ؟
أليس من حقّ نائب تغييريّ أن يرفض انتخاب ميشال بك معوّض لأسباب متعدّدة، ومنها أنّه "بَيك"؟
أليس من حقّ أيّ نائب تغييريّ أن يشكّ في من قبِل رئاسة لجنة الإدارة والعدل هديّة من الرئيس برّي، وفيها مطلوبون من العدالة في قضيّة تفجير المرفأ؟
أليس من حقّ أيّ نائب تغييريّ أن لا يجد الأمان والأمانة مع من سكتوا حين تمّ التنازل عن الخطّ ٢٩، خطّ السيادة اللبنانيّة، في ترسيم الحدود البحريّة المهين مع العدوّ الإسرائيليّ؟...
إنّ الإيحاء بأنّ نوّاب الثورة منعوا معوّض من الوصول إلى قصر الرئاسة سخافة وكذبة كبيرة، لأنّ هذا المجلس لم يُعطَ القدرة على إيصال رئيس "سياديّ"، وهو في أحلى حالاته يستطيع السير في التوافق.
وليس اختيار الدكتور عصام خليفه من نصف نوّاب تشرين سوى حقّ من حقوقهم، واستجابة للنبض الأوّل الذي أطلق ثورة السابع عشر من تشرين، مع العلم أنّ ترشيح خليفه موقف وبطولة، في زمن التخاذل والتراجع وتدوير الزوايا.
إنّ من انتخبوا نوّاب تشرين ناخبون ديمقراطيّون، يحاسبون وينقدون أنفسهم علنًا. ولكن، حتّى الآن، تبدو أخطاء "السياديّين" أكبر بكثير، ومن أخطائهم محاولتهم جرّ التغييريّين إلى بيت الطاعة، وجعلهم ينسون شعار الثورة الحقيقيّ "كلُّن يعني كلّن".
نعم، إنّ الثورة اليوم في أزمة، وهي تكاد تختنق وتحتاج إلى رئتها الحقيقيّة المتمثّلة بالشارع. وصعبٌ كثيرا أن تمسي الثورة بين مطرقة الشرعيّة وسندان الشارع. ولا بدّ للقواعد الثوريّة أن تلتقي بشكل منظّم وهادف للعودة إلى الساحات، فالشرعيّة الرسميّة تُفقِد الثورة شرعيّتها الحقيقيّة الآتية من خطو الناس الغاضبين والمقهورين.
في الأمس القريب أعلن سيّد المقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، أنّ ثورة تشرين فوضى الجحيم، وصناعة أبالسة السفارات. وهو بذلك يجاري "السياديّين" في محاولة استئصال نبض التغيير. ما يعني أنّ الثورة تنطلق من مبدأ "كلُّن"، فلا عجب إن كانوا اليوم كلُّهم عليها.
وفي نهاية المطاف الرئاسي، "كلّهم" سيتلقّون كلمة السرّ، وينزل الفراغ عن كرسيّ الرئاسة ليأتي محلّه مَن لا يُعرَف شرّه من خيره حتّى الآن.
كما يبدو، إلى اليوم، أنّ استحقاق الرئاسة، على أهمّيّته، لن يكون بداية التغيير المنتظَر. وعليه، فهو إعادة اختبار لموازين القوى السياسيّة التقليديّة، التي توصل دائما إلى عسل المحاصصة والتسوية. وفي هذا البازار لا ناقة ولا جمل لثورة تشرين، باعتبارها مشروع تغيير شامل. ما يعني أنّ أهمّ ما يجب أن تنصرف إليه الثورة، الآن، جمهورا ونوّابا، هو لمّ الشمل، وإعادة التموضع بوضوح، حيث يجب، لأنّ رحلة الألف ميل للثورة، من الحرام أن تتعثّر بالخطوة الأولى، وتستسلم عند بوّابة قصر بعبدا.
شارك هذا الخبر
سيناريو مرعب جواً وبراً! طوني أبي نجم: تدمير الضاحية بالكامل وقائد الجيش الى واشنطن خلال ايام
تقرير يكشف: ويتكوف يخطط لعقد اجتماع مع خليل الحية بشأن غزة
مشكلتنا "خرينة" الدولة مش قوة الحزب! اسعد رشدان لباسيل: اخرس يحصرك عزرايل وبشير مات ارجعوا للتقسيم!
"أوبن إيه آي" تختبر ميزة جديدة
روسيا تعلن إسقاط 216 مسيرة أوكرانية في ليلة واحدة
ديانا مفقودة... غادرت ولم تعد
سلامة: تعاوننا مع ايطاليا ثقافيًا ساهم بتجاوز الأزمة المالية
انفجارات تهز دمشق!
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa