28/11/2022 09:17PM
في حادثة أثارت جدلا واسعا، أنهت فتاة مصرية تبلغ من العمر 24 عاما، حياتها بإلقاء نفسها من شرفة منزلها، بعد عدم تصديق والدها لواقعة تحرش ابن عمها بها، مما أثار استياء الرأي العام المصري.
وتناقل رواد موقع تويتر منشور للفتاة، وتدعى علياء عامر، على فيسبوك، جاء فيه: "ابن عمي الكبير تحرش بي وأنا صغيرة، ولم يصدق والدي القصة عندما أخبرته بها، وداعا".
ولفت رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن عامر انتحرت بعد ثلاث ساعات من نشر هذه الجملة على فيسبوك.
وذكر بيان للنيابة العامة أن "تحريات الشرطة أكدت عدم وجود شبهة جنائية في الواقعة، وأنها هي مَن ألقت بنفسها من شرفة مسكنها، وجارٍ استكمال التحقيقات لكشف حقيقة الواقعة".
وأشارت إلى أنها "استمعت لأقوال والدها وشقيقها وشقيقاتها وبعض من ذويها، وخلصت من حاصل أقوالهم إلى وجود خلافات أسرية بين عامر ووالدها، وسابقة تعرضها من منذ سنوات لتحرش من أحد أقاربها، لكن التحقيقات لم تقطع بعد بوجود صلة بين وفاتها وبين خلافاتها مع والدها، أو واقعة التحرش المذكورة".
وفي 23 ديسمبر الماضي، انتحرت فتاة مصرية أخرى، تبلغ من العمر 17 عاما، إثر تناولها قرصا كيماويا يستخدم لحفظ الغلال يسمى "حبة الغلة السامة"، بعد أن اشتكت من عدم تصديق والدتها بأن صور وزعت لها في أوضاع مخلة، مفبركة.
وتداول بعض رواد مواقع التواصل رسالة للفتاة التي تدعى بسنت خالد، وهي تؤكد لوالدتها أنها ليست الفتاة في الصور: "ماما يا ريت تفهميني أنا مش (لست) البنت دي (هذه) وإن دي (هذه) صور متركبة والله العظيم وقسما بالله دي (هذه) ما أنا، أنا يا ماما بنت صغيرة مستهلش (لا أستحق) اللي بيحصلّي ده (ما يحدث لي) أنا جالي اكتئاب بجد، أنا يا ماما مش قادرة (لست قادرة) أنا بتخنق، تعبت بجد".
ونقلت صحيفة "اليوم السابع" عن شقيقة الفتاة أن الصور المفبركة "انتشرت على موبايلات (هواتف) شبان القرية فانهارت بسنت".
تثير القصتان أسئلة عن أسباب عدم تصديق الأسر أحيانا روايات بناتها، عندما يتعلق الأمر بما يسمى "قضايا الشرف"، وهل بات الانتحار الحل الوحيد لدى هؤلاء الشباب؟
"إهانة"
يقول استشاري الطب النفسي، جمال فرويز، "في قضايا الشرف عندنا، دائما الأسر تحاول الابتعاد وعدم الخوض في التفاصيل، لأنه حتى لو أن ابنتهم هي الضحية فعلا، فهم يعتبرون أن هذا نوعا من الإهانة لها، حتى أننا نرى عندما تذهب البنت إلى قسم الشرطة لتحرير بلاغ بالتحرش، بعض عناصر الشرطة نفسها ينصحونها بعدم كتابة قضية تحرش، ويقولون لها إنهم يمكنهم أن يتهمون المدعى عليه باتهام آخر، بدلا من التحرش حتى لا يتم مضايقتها بعد ذلك، لأن الناس عامة تنظر للضحية نظرة سيئة".
ويضيف في حديثه مع موقع "الحرة"، أن "بعض الأسر لا تستوعب أن قريبا للأسرة قد يقدم على ذلك الأمر، مع أن نحو 70 في المئة من قضايا التحرش بالأطفال الصغار تحدث من الأقارب".
ويوضح سبب عدم تعامل بعض الأسر مع مثل هذه الحوادث بجدية قائلا إن ذلك يحدث "خوفا من تبعات ذلك مثل الخلافات داخل العائلة والكراهية، فيحاولون دائما إنكار هذه التهمة، أو حتى التقليل من آثارها قبل التفاعل معها".
من جانبه يقول أستاذ علم النفس في الجامعة الأميركية بالقاهرة، ماهر ضبع، لموقع "الحرة"، إنه "في قصة علياء، فإن الأهل ليس بسهولة أن يصدقوا أمرا مثل ذلك، لأنها هنا لا تتهم مدرسا أو شخصا ما في الشارع، بل شخصا من العائلة، ولذا فليس غريبا أنهم لا يريدون تصديق مثل هذا الحادث ويتفاعلون بنوع من الإنكار لأنه سيكون عارا على العائلة وقد يحدث ضررا كبيرا داخلها"، معتقد أن هذا "لا يحدث في مصر فقط".
لماذا لا يصدقون؟
وأضاف: "أحيانا يكون الأهل غير راضين أساسا عن سلوك ابنتهم فيفترضون أنها السبب سواء باستهتارها أو لبسها وأن البداية كانت ربما منها أو أنها لم تكن تقف ضد هذه التصرفات بل إنها تعطي أحد أقاربها انطباعات كانت سببا في الوصول إلى هذا الأمر".
أما في حالة تركيب صور لها، "رغم أنه أمر صعب جدا على أي فتاة، فإن ثمة احتمال ألا يميل الأهل لتصديقها عندما تنكر هذه الصور، خاصة إذا كان لديهم ملاحظات على سلوكها".
ويقول فرويز: "عادة ما يتم اتهام البنت بأقوال مثل: "أنتِ من أوصلتيه لذلك، أنتِ من ساعدتيه"، فهم يحملون الضحية سبب المشكلة ويتناسون أنها أشبه بعملية معقدة، فتشعر الفتاة بالضغط النفسي والاكتئاب من جراء العنف والقهر، وبالتالي لو كانت البنت من النوع "العصابي، أو التي تشعر بالقلق بسرعة، تلجأ للانتحار نتيجة ضغط الأسرة".
ويشير ضبع إلى أنه قد يتفهم عدم تصديق الأسرة في بعض الأحيان، لكن ينبغي عليهم ألا يبادروا بإنكار الواقعة، وإنما "كان يجب أن يتأكدوا من حديثها".
ويضيف: "عليهم دائما أن يبحثوا وألا يفترضوا من البداية أنها كاذبة، فضلا عن إبعاد ابنتهم عن الشخص المتهم بالتحرش بها".
أما إذا تم التأكد من صدق اتهام البنت لقريبها، فيرى ضبع أنه "يجب إبعاد هذا الشخص تماما، كما أن الفتاة في هذا الوقت تحتاج لعلاج من متخصص يعالجها من الصدمة والاضطراب النافسي الناجم عن هذا التحرش الذي ربما قد يكون حدث مرات عدة".
لكن فرويز يشدد أنه "يجب على الأسرة احتواء الفتاة ودعمها نفسيا وإشعارها بأنهم يساندونها وأنها ليست وحدها، مع اللجوء للنواحي القانونية، سواء الشرطة أو النيابة".
وفيما يتعلق الخوف من حدوث شقاق في العائلة يقول: "كل شخص أخطأ عليه أن يتحمل ذنبه، هل يتغاضى الأب أو الأم عن إثم ارتكبه قريب بحق ابنتهم خوفا من ضياع مستقبله، وأين مستقبل الفتاة، لماذا لم يفكر في مستقبله عندما فعل مصيبته، ويتذكره حين يتم التحرك بشكل قانوني".
المراهقون العصابيون
ويطالب فرويز كل أب وأم بأن يكونا على علم بنمط شخصية ابنهما أو بنتهما، "خاصة العصابيين منهم أو الهستيريين، الذين يقلقون ويخافون بسرعة ويهدؤون بسرعة أيضا، وهو ما يعني عدم ضغط الوالدين عليهم بشكل زائد، ومحاولة احتوائهم بقدر الإمكان لتجاوز هذه المشكلات".
ويشدد على عدم ترك البنت العصابية (الأكثر عرضة للخوف والقلق) وحدها في هذه الحالة.
ويضيف: "المراهقون العصابيون ليس لديهم خيارات أخرى، وأول شيء يفكرون فيه عند الضغوط النفسية هو اللجوء للتخلص من النفس، مشيرا إلى أن هذا الشعور يستمر لنحو ساعتين أو ثلاثة، ثم تهدأ الأمور"، مؤكدا أنه "في هذا الوقت يجب أن يشعر الضحية بأن هناك من يساعده ويتفهمه"، مشيرا إلى أن "اللجوء إلى متخصص يساعد في تجاوز هذه المشكلة".
زيادة الانتحار
بالرغم من أنه لا توجد إحصائيات رسمية في مصر عن معدلات الانتحار، لكن الخبيرين النفسيين أكدا زيادتها بشكل ملحوظ.
ويقول فرويز إن "نسب الاضطرابات الشخصية وصلت إلى 25 في المئة في العالم، ستة في المئة في العالم لديهم اضطراب في الشخصية الهيستيرية، وأربعة في المئة لديهم اضطراب الوسواسية، هؤلاء عندما يتعرضون إلى ضغوط نفسية شديدة في مرحلة المراهقة، يحدث لديهم تدهور في السلوك فيلجأوا للانتحار، وإذا نجوا من الانتحار قد يجربونه مرة أخرى، لكن بشكل أقل حدة ولذلك زاد بشكل كبير عدد الفتيان والفتيات الذين يتناولون حبة الغلة التي تتسبب بالوفاة، أو إلقاء نفسه من مكان مرتفع".
كما يعزو ضبع سبب ذلك إلى "الضغوط الاقتصادية والمجتمعية"، مضيفا: "الظروف المادية للأسر صعبة في ظل مجتمع يهتم بالمظهر والملبس والمقارنات بين البنات وبعضهن".
ويضيف: "المجتمع المصري به ثراء فاحش وفي نفس الوقت فقر مدقع، وكلما تتسع الفرقة بين الفريقين، فإن احتمالات يأس الناس من حياتها أكبر".
المصدر : الحرة
شارك هذا الخبر
افرام في معراب
مونديال اليد: كرواتيا تهزم فرنسا!
بيكيه في منزل شاكيرا!
"إنتل" الإيرادات أقل من المتوقع
الكونغرس يحذر من استخدام "ديب سيك"
مسلسل "Squid Game 3": تفاصيل مثيرة وهذا موعد العرض
الجيش السوداني يعلن السيطرة على أم روابة
مدرب النصر: لست سعيداً!
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa