«أسلاك شائكة» في الرئاسة.. وطريقُ الارتطام الكبير سالكة

02/12/2022 06:24AM

كتبت "الراي الكويتية ": 

في البرلمان الطريقُ مسدودٌ بالكامل أمام أيّ اختراقٍ قريب في الملف الرئاسي المزنَّر بـ «أسلاك شائكة» داخلية - خارجية، وفي المسار المالي الطريقُ سالِكٌ أمام المزيد من الاقتطاعات الضريبية على طريقة وضْع الماء في... سلة مثقوبة.

مَشهديةٌ دراماتيكيةٌ ارتسمتْ أمس في بيروت حيث يَتَكَرَّسَ قيامُ «جدارٍ عازِلٍ» بين قوى سياسية تتقاذفُ المسؤوليةَ عن العجْز المتمادي عن انتخاب رئيسٍ بعد مرور شهر على دخول البلاد في فراغٍ خطير، وبين شعبٍ زُجّ في رحلة سقوط حرٍّ نحو الارتطام الكبير بلا أحزمةِ أمانٍ لا تنفكّ السلطةُ عن نزْعها الواحد تلو الآخَر.

وبدتْ الجلسةُ الثامنةُ لانتخاب رئيسٍ جديد التي عقدها البرلمان وكأنها «لم تكن» بالنسبة إلى اللبنانيين الذين تركّزت أنظارُهم على سريان العمل بالدولار الجمركي على أساس سعر 15 ألف ليرة أي بزيادة عشرة أضعاف، وذلك من ضمن إجراءاتٍ أخرى بعضها تجري مساعٍ لوقفه أو إدخال تعديلات جذرية عليه مثل اعتماد سعر صيرفة (نحو 30300 ليرة حالياً) لاستيفاء ضريبة الدّخل بعد أن تحدَّد القيمة الفعلية (بالليرة) للرواتب المدفوعة نقداً بالدولار أو أي عملية أجنبية وفق «المنصة».

وفي موازاة أرقامِ «المهزلة» التي تتكرّر في البرلمان منذ نحو شهرين حيث يتنافس المرشّح ميشال معوض المدعوم من غالبية قوى المُعارِضة مع «شبحِ» الورقة البيضاء التي ترفعها الموالاة غير القادرة على التفاهم على اسمٍ تخوض به المعركة الرئاسية، انشغل اللبنانيون باحتساب مفاعيل الزيادة التي ستترتّب على أسعار السلع نتيجة السير بدولار الـ 15 ألف ليرة للرسوم الجمركية، وسط توقعاتٍ بأن تنفتح الأسواقُ على ما يشبه «صندوق باندورا» تتقاطع فيه «أعاصير» تضخّم «متوحّش» بفعل الزياداتِ المركّبة والمتدحرجة في الأسعار التي ترتبط باستمرارِ تَفَلُّت دولار بيروت وكسْره الحاجز النفسي لـ 41 ألف ليرة... والحبل عالجرار.

وبينما كانت «الآلات الحاسبة» منهمكة في تحديد اتجاهات الأسعار الجديدة التي يُرتقب أن ترتفع بمعدل نحو 30 في المئة، هذا قبل أن يباشر تطبيق رسم 10 في المئة على عدد من السّلع المصنّعة محلّياً والتي مازالت القائمة التي ستشملها كما انعكاساتها التضخمية تخضع للدرس، وعلى وقع ارتفاع أصوات تحذّر من ارتداداتٍ كارثية لسياسات تمويلِ الزيادات في رواتب موظّفي القطاع العام عبر ضرائب تُفرض على القطاع الخاص وعلى عموم اللبنانيين الذين يتقلّبون على سلّم البؤس والفقر، جاء سياقُ جلسة الانتخاب الرئاسية في البرلمان مملاً في ضوء استمرار التمترس نفسه مع تسجيل بعض الفوارق التي لا تقدّم ولا تؤخّر في المسار الرئيسي الذي يُبقي على هذا الاستحقاق خلف قضبان التعقيدات المتشابكة.

وقد انحسرت كتلة مؤيّدي معوّض أمس إلى 37 صوتاً (وبقي 5 نواب يدعمونه ولكنهم غابوا عن الجلسة) وبتراجُع 5 عن الجلسة السابقة وهو ما عزاه مرشح غالبية قوى المعارضة إلى انسحاب 3 نواب (رُجح أنهم من المستقلين) عن التصويت له، إضافة إلى خسارة المعارضة نائبين أبطل المجلس الدستوري نيابتهما ودَخَل مكانهما النائبان فيصل كرامي وحيدر ناصر الذي لم يتأخر في المجاهرة بتموْضعه على خط الموالاة عبر مشاركته في تطيير نصاب الدورة الثانية، في حين اختار كرامي التصويت بورقة «التوافق».

وفيما حازت الورقة البيضاء 52 صوتاً، توزّعت أصوات 10 من النواب التغييريين الـ 13 بين «لبنان الجديد» والدكتور عصام خليفة، في موازاة حصول الوزير السابق زياد بارود على صوتين، وصوتٌ لبدري ضاهر (مدير عام الجمارك الموقوف منذ 2020 في ملف تفجير مرفأ بيروت) و1 لبشارة أبي يونس (رئيس «حزب الإنقاذ البيئي» وسبق أن أعلن ترشحه) وواحد «لأجل لبنان»، فيما ألغيت 4 أوراق حملت إحداها اسم الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.

وفي هذا الوقت، ساد الترقبُ نتيجةَ مباحثات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في واشنطن و«الوزن» الذي سيكون للملف اللبناني انطلاقاً من الأزمة الرئاسية، وسط معلوماتٍ باتت شبه محسومة عن أن ماكرون الذي سيكون في المنطقة بين 20 و22 الجاري سيزور «بلاد الأرز» عشية الأعياد في محطة خاطفة لتفقُّد جنود بلاده العاملين في ضمن قوة اليونيفيل في الجنوب، على أن تحمل هذه «اللفتة» أيضاً أبعاداً سياسية تؤكد الاهتمام العالي الذي توليه باريس للوضع في لبنان وإن كان تأثيره «مسألة أخرى».

وإذ انشغلت بيروت أمس بزيارة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الذي سمع تحذيرات لبنانية من الأعباء التي يرتّبها ملف النوح السوري والتي «تنذر بعواقب خطيرة»، وأكد في المقابل «أن المجتمع الدولي مستعد لزيادة حجم مساعداته في هذا المجال وصولاً لمساعدة النازحين السوريين في بلادهم»، لم يكن ممكناً الجزم بمآل اتجاه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء لبحث قضايا معيشية ملحة، وسط مناخ يشير إلى أن الأخير سيحمّل وزراء فريق الرئيس السابق ميشال عون المسؤولية أمام اللبنانيين عن أي تطيير لمثل هذه الجلسة بعدم الحضور وتوفير النصاب، مقابل رفْض «التيار الوطني الحر» (برئاسة النائب جبران باسيل) الخضوع لما سماه «الابتزاز»، مؤكداً أن انعقاد حكومة مستقيلة في ظل الفراغ الرئاسي «مخالف للدستور».

وفي حين بدأت بعض الدوائر تربط أي انعقاد للحكومة «بمَن حضر»، أي سير «حزب الله» بمثل هذه الخطوة بمعزل عن «التيار الحر» على أنه سيكون مدججاً بالرسائل لباسيل على خلفية معاندته دعم ترشيح زعيم «المردة» سليمان فرنجية وتصويبه في إطار تبرير رفْضه على رئيس البرلمان نبيه بري وضمناً الحزب، فإن أوساطاً سياسية توقفت عند تسلم ميقاتي دعوة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز لحضور القمة العربية - الصينية التي تستضيفها الرياض في التاسع من هذا الشهر، حيث ستكون أول إطلالة رسمية لميقاتي من المملكة منذ تشكيله حكومته (سبتمبر 2021).


المصدر : الراي الكويتية

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa