لبنان: ملاكمة سياسية بـ «قفازات العتمة» وضوء الملف الرئاسي... يخفت

04/01/2023 06:51AM

كتبت صحيفة "الراي الكويتية":

«أول دخولها سِجال عتمة ع طولها». هكذا بدت السنةُ الجديدة التي لم تكد أن «تفتح جفنيْها» حتى وجدتْ نفسَها في أول يومِ عملٍ بعد عطلة الأعياد في عيْنِ جولةٍ جديدة من «الحروب الضارية» السياسية التي لا يتوانى في سياقها أطراف وازنون عن اللعب بالنار فوق «برميل البارود» المالي.

ولم يكن ينقص اللبنانيين مع «إقلاع» 2023 سوى أن يُتركوا مجدداً لـ«يقلّعوا شوكَ» العتمة بأيديهم بعدما علِق تمويلُ خطة الطوارئ التي يُراد منها توفير بضع ساعات (بين 4 و5 ساعات) يومياً من التيار عبر مؤسسة كهرباء لبنان في شِباكِ «الاشتباك» الكبير بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وبين فريق الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون حول دستورية انعقاد مجلس الوزراء في كنف الشغور الرئاسي وآلية تسيير الأمور الملحّة: بمراسيم جوّالة تحمل تواقيع الوزراء الـ24 الذين تتألف منهم الحكومة نيابةً عن إمضاء رأس البلاد وهو ما يرفضه ميقاتي بشكل قاطع، أو بجلساتِ الضرورة للحكومة التي رفع «التيار الوطني الحر» بإزائها لا مدوية والتي تُنْذِر بجولاتٍ طاحنة من «ليّ الأذرع» السياسية بحال تكرار الدعوة إليها.

وعلى طريقة أيهما أولاً «البيضة أو الدجاجة»، وفي حالة الكهرباء المستعصيةِ على الضوء «المرسومُ بسلفة الـ 62 مليون دولار أو السلفةُ ثم المرسوم»، انهمك اللبنانيون بتَناحُرٍ صادِم يعزّز الاقتناعَ بأن ما ينتظرهم ليس أقلّ من فصولٍ أكثر قتامة من «التراجيديا اللبنانية»، مع استنزافٍ أيضاً لآخِر «القروش البيض» التي بدأ يبتلعها مجدداً «الثقبُ الأسود» الكهربائي في ضوء تَراكُم غرامات الرسو (20 ألف دولار يومياً) على باخرتين محمّلتين بالفيول وصلتا إلى شواطئ لبنان وتنتظران تفريغ حمولتهما ليتجاوز إجمالي الغرامات 300 ألف دولار والحبل... ع الجرار.

واستمرّت أمس «الملاكمة الكلامية» بين فريق ميقاتي و«التيار الحر» على خلفية اتهام الأخير رئيس الحكومة ووزير المال بتعطيل تأمين المحروقات لـ «مؤسسة كهرباء لبنان» رغم الاتفاق المسبق الذي أُجريت على أساسه مناقصة شراء الفيول والغاز أويل ووجود موافقة استثنائية سبق أن أعطاها ميقاتي على طلب وزارة الطاقة الحصول على سلفة خزينة (بـ 62 مليون دولار تكفي لشراء 66 ألف طن) كي تتمكن من إدخال الفيول «على أن يصدر المرسوم بذلك في ما بعد، لكن وزارة المال تقول إن الأمر يحتاج الى مرسوم، علماً أن ميقاتي كان أعلن أن المرسوم سيَصدر في ما بعد» كما صرّح الوزير وليد فياض.

ومع دخول الوزيرة السابقة للطاقة النائبة ندى البستاني (من كتلة التيار الحر) على الخط مصوّبةً على ميقاتي ومتسائلة «كيف انهم انتظروا لـ1 نوفمبر كي يفتحوا النقاش بسلفة الكهرباء فيما هي مطلوبة منذ أشهر، وأسال ميقاتي أين الـ10 ساعات كهرباء اضافية التي وعدتَ الناس بها؟» ردّ المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة ببيان اعتبر فيه أن التيار الحر«يصرّ أن يفتتح العام الجديد بسجالات ولغو للتعمية على اخفاقاته المتعددة لا سيما في ملف الكهرباء»، لافتاً إلى أنه كان يجدر ببستاني «توجيه السؤال الى وزير(التيار) وفريقها السياسي الذي يمسك بوزارة الطاقة منذ سنوات طويلة».

وبإزاء ما اعتبره «الفجور الإعلامي الذي يعتمده التيار والذي لا حدود له» كشف مكتب ميقاتي «وثيقةً تظهر مدى إمساك وزيرة الظل ونائبة وزير الوصاية على مَفاصل الوزارة وتَحكُّمها بقراراتها، حيث تلقّت رئاسة الحكومة مراسلة رسمية من وزير الطاقة، جرى فيها شطب اسم ندى البستاني وكتابة اسم الوزير وليد فياض بخط اليد. وتبعاً لذلك، ننصحك سعادة النائبة برفع وصايتك الفاشلة عن الوزارة كمدخل أول لحل أزمة الكهرباء».

وسرعان ما ردّ فياض مبدياً «الأسف لزج اسمي في سجال رخيص يفتعله المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال، فيما يعرف القاصي والداني أن وزير الطاقة قام بكل ما يلزم في ملف الكهرباء، وتحمل مسؤوليته على أكمل وجه، ويبقى التنفيذ على مَن وعد بتأمين العشر ساعات كهرباء للمواطنين في ديسمبر»، متمنياً على ميقاتي «السير بموجب الموافقة الرسمية التي وقّعتَها واستعجال وزارة المال والبنك المركزي لتأمين تمويل الفيول بعد إجراء المناقصة بناء على توجيهاتك».

وأكمل موقع «لبنان 24» (المحسوب على ميقاتي) «الهجوم» على ما وصفه «معركة دونكيشوتية جديدة عنوانها إما سلفة للكهرباء بقيمة 62 مليون دولار وبشخطة قلم وإما لا كهرباء»، معتبراً «ان التيار الحر الذي يمسك بوزارة الطاقة والمياه منذ 17 عاماً يكمل مسلسل المطالبة بسلف الكهرباء التي كلفت الخزينة حتى الآن عجزاً بمليارات الدولارات، من دون أن يشرح أحد من وزراء (التيار) كيف ستعاد هذه السلفة الى الخزينة. وقد كان بيان وزارة المال يوم الجمعة واضحاً في الرد على وزير الطاقة بالقول(إن المبلغ الكبير المطلوب تأمينه يتطلب مرسوماً يوقّعه رئيس الحكومة والوزراء المختصون وهو ما ليس متوافراً. ناهيك عن أن مؤسسة كهرباء لبنان لم توقع تعهداً بإعادة أي سلفة يتم اقرارها)».

ونقل عن أوساط حكومية معنية«أن لا إقرار للسلف من دون عرض الموضوع على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب، وما عدا ذلك صخب سياسي وإعلامي لا قيمة قانونية ودستورية له، آخذاً على فياض انضمامه الى(جوقة الشتّامين)ببيان(رخيص)(والتعبير مقتبس من بيان فياض) لم يجرؤ فيه على نفي وصاية البستاني».

واعتبر الموقع أن المفارقة الواضحة كانت في مطالبة فياض رئيس الحكومة بالموافقة على صرف الأموال، مكرراً أسلوب(التيار) بالعمل لفرض مطالبه كأمر واقع من خلال القول:ان البواخر التي تنقل الفيول راسية الآن على شواطئنا بانتظار التفريغ ويتكبّد اللبنانيون خسارة يومية تبلغ عشرين ألف دولار ولكن وزير الطاقة تجاهل عمداً أصول العمل الذي يقتضي الموافقة المسبقة قبل استقدام البواخر وفرض أمر واقع يعيد بطريقة أو بأخرى مشهدية «بواخر توليد الكهرباء الباسيلية» (في غمز من قناة رئيس التيار جبران باسيل).

ونقل عن الأوساط الحكومية المعنية أن «كل هذا الصخب السياسي لا جدوى منه، وليتعظ«التيار»من تجاربه الفاشلة لعدم تكرارها خصوصاً أن أحداً ليس في وارد التساهل في صرف المال العام على«مزراب هدر» يمسك به التيار ويرفض التخلي عنه.

وفيما كانت الأنظار على متى سيتقدّم «التيار الحر» بطعون بالمراسيم التي أصدرتها حكومة تصريف الأعمال ربْطاً بالقرارات التي خلصت إليها الجلسة التي قاطعها وزراء فريق عون باعتبارها «غير دستورية وغير ميثاقية»، بدا واضحاً أن ملف الكهرباء دخل على خط التوتر العالي الحكومي في ضوء إصرار «التيار الوطني» على حلّ أمر السلفة بمرسومٍ جوال ممهور بتواقيع الوزراء الـ 24 وهي الصيغة (المراسيم الجوالة) التي ذكّر مستشار رئيس الحكومة فارس الجميل بأنها كانت «إجراء استثنائياً خارج الدستور والأصول اتُخذ في فترة الحرب عندما كان البلد منقسماً. ويحاولون رد البلد إلى حقبة الحرب ولا أدري هذا الحنين الدائم لديهم للحروب والمشاكل».

وخلف «قرقعةِ» هذه المنازلة التي لم تبْدُ بعيدةً عن تشظيات السجال الذي اشتعل نهاية السنة بين الرئيس عون ورئيس البرلمان نبيه بري (وزير المال محسوب عليه)، خَفَتَ صوتُ ملف الانتخابات الرئاسية القابع في نفق مظلم بانتظار «كبسة ضوء» خارجية أو «معجزة» داخلية.


المصدر : الراي الكويتية

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa