السلاح الروسي الأقوى يخسر فعاليته.. والجبهة الاقتصادية في خطر!

20/01/2023 10:18AM

مع الاقتراب من الذكرى السنوية الأولى للغزو الروسي لأوكرانيا، من الواضح أن موسكو فقدت بشكل دائم قوتها الاقتصادية السابقة في السوق العالمية وسط نفوذ متضاءل للرئيس فلاديمير بوتين.

وبحسب مقال رأي نشرته مجلة "فورين بوليسي" بقلم أستاذ ممارسات الإدارة بكلية ييل للإدارة، جيفري سونينفيلد، ومدير الأبحاث بمعهد ييل للقيادة التنفيذية، ستيفن تيان، فإن "لحظة بوتين التي كان فيها أعلى نفوذا" مرت بلا أحداث.

ومرت تلك اللحظة "بفضل الشتاء الدافئ في أوروبا بشكل غير معتاد" مما جعل "روسيا نفسها هي الضحية الأكبر لمناورة بوتين على الغاز".

ويشير المقال إلى أن نفوذ بوتين بشأن الغاز تلاشى بعد أن بات العالم، لم يعد بحاجة لهذه السلعة من روسيا بما في ذلك أوروبا التي تعد هي الحلقة الأهم، كما يقول الكاتبان.

منذ الصيف الماضي، أوقف بوتين إمدادات الغاز الطبيعي عن أوروبا على أمل إثارة الشارع الأوروبي على قادتهم في فصل الشتاء القارس، مما يجعل من غير المجدي سياسيا مواصلة الدعم لأوكرانيا، بحسب المقال.

وأضاف الكاتبان: "كان التهديد قويا: في عام 2021، تم تصدير 83 بالمئة من الغاز الروسي إلى أوروبا. شكلت صادرات روسيا العالمية الإجمالية البالغة 7 ملايين برميل من النفط يوميا و200 مليار متر مكعب من الغاز عبر الأنابيب سنويًا حوالي نصف عائداتها الفدرالية".

وتابعا: "والأهم من ذلك، لعبت صادرات السلع الروسية دورًا حاسمًا في سلاسل التوريد العالمية: فقد كانت أوروبا تعتمد على روسيا في 46 بالمئة من إجمالي إمدادات الغاز، مع مستويات مماثلة من الاعتماد على المنتجات الروسية الأخرى بما في ذلك المعادن والأسمدة".

وأمنت أوروبا بسرعة إمدادات بديلة من خلال التحول إلى الغاز الطبيعي المسال، حيث تستورد القارة 55 مليار متر مكعب من الولايات المتحدة.

إلى جانب زيادة الإمدادات من المصادر المتجددة والنووية والفحم، أدت إمدادات الغاز البديلة إلى تقليل اعتماد أوروبا على الغاز الروسي إلى 9 بالمئة من إجمالي وارداتها من الغاز. 

في يناير، كانت صهاريج التخزين الألمانية ممتلئة بنسبة قياسية بلغت 91 بالمئة مسجلة ارتفاعا من 54 بالمئة العام الماضي، مما يعني أن أوروبا ستحتاج إلى شراء كميات أقل من الغاز في عام 2023 مقارنة بعام 2022، حسبما ذكر المقال.

ومضى الكاتبان بقولهما: "تتمتع أوروبا الآن بإمدادات كافية من الطاقة بشكل جيد حتى عام 2024 على الأقل، مما يوفر وقتًا كافيًا لإمدادات الطاقة البديلة الأرخص ليتم تشغيلها بالكامل داخل أوروبا".

"بالإضافة إلى انخفاض الطلب الأوروبي المتوقع على الغاز الطبيعي المسال، تبتعد الصين عن الغاز الطبيعي المسال العالمي لصالح المصادر المحلية"، بحسب المقال.

و"إلى جانب الإمدادات المتزايدة بسرعة من الغاز الطبيعي المسال، ليس من المفاجئ أن سوق العقود الآجلة للغاز الآن تسعر الغاز ليكون أرخص من مستويات ما قبل الحرب لسنوات قادمة"، وفقا للكاتبين.

وعلى مستوى النفط، بات من الواضح أن العالم لا يعتمد الآن على الواردات الروسية من الخام، بحسب مقال المجلة الأميركية.

وتابع المقال: "لقد تبخرت نفوذ بوتين أيضًا لأن سقف سعر مجموعة الدول السبع يمنحه خيارًا يخسر فيه. وتعمل الصين والهند دون المشاركة بشكل صريح في الحد الأقصى على الاستفادة منه لتحقيق صفقة مع روسيا مع خصومات تصل إلى 50 بالمئة".

و"لذلك على الرغم من أن الهند تشتري نفطًا روسيًا يزيد بمقدار 33 مرة عما كانت عليه قبل عام، فإن روسيا لا تحقق الكثير من الأرباح نظرًا لتكلفة الإنتاج المتساوية البالغة 44 دولارًا بالإضافة إلى النقل الأكثر تكلفة. لكن إذا خفض بوتين الإنتاج أكثر كما هدد بفعله، فسيخسر كل حصة مهمة في سوق النفط، وهو هوس بوتين لفترة طويلة وسط زيادة المعروض في الأسواق وزيادة خفض إيراداته عندما يكون بالفعل جائعًا من أجل السيولة النقدية"، كما يقول الكاتبين.

في أغسطس من العام الماضي، أفاد تقرير لجامعة ييل بأن تأثير العقوبات الغربية على اقتصاد روسيا كبير ويتجاوز بكثير الأرقام الرسمية. وأوضح التقرير أن هذه العقوبات نجحت في "شل الاقتصاد الروسي تماما وعلى جميع المستويات".

وحتى على مستوى السلع الأخرى التي يملكها بوتين قد استُنفدت، بحسب المقال.

وقالا: "انهارت مناورته لتحويل الطعام إلى سلاح عندما انقلب عليه حتى حلفائه. وفي أسواق معادن معينة حيث هيمنت روسيا تاريخيًا، مثل النيكل والبلاديوم والتيتانيوم، قام المشترون الخائفون من الابتزاز إلى جانب ارتفاع الأسعار بتسريع إعادة التوطين وإعادة تنشيط الاستثمار العام والخاص الخامل في سلسلة توريد المعادن الهامة ومشاريع التعدين".

ورغم وجود عواقب سببتها حرب بوتين الاقتصادية، إلا أن الرئيس الروسي لن يكون في وضع يسمح له بإحداث مثل الفوضى والاضطراب في الاقتصاد العالمي مرة أخرى؛ لأنه أضعف بشكل دائم يد روسيا الأقوى - طاقتها وسلعها - بحيث يتعذر إصلاحها، كما كتب الكاتبان في المقال.

وأضافا: "لا تزال الحرب في ساحة المعركة جارية، ولكن على الجبهة الاقتصادية على الأقل، فإن النصر يلوح في الأفق".


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa