لا خطوط حمراء.. السرقات في لبنان تبلغ مرحلة "الوقاحة"

25/01/2023 11:49PM

جاء في "الحرّة": 

"منحني الله فرصة جديدة للحياة بعدما نجاني من لص وقح هاجمني في وضح النهار، وعندما لم يستطع الحصول على مأربه، سحب جنزيرا حديديا كان قد خبأه أسفل سترته ليبدأ بتحطيم زجاج سيارتي الخلفي، في حادثة أقل ما يقال عنها مرعبة".. بهذه الكلمات بدأت المعلمة (ز ش) الحديث عما واجهته قبل أيام.

في ذلك اليوم انطلقت المعلمة من منزلها في جبل لبنان إلى العاصمة بيروت، وما أن وصلت إلى طريق المطار عند الساعة الثانية عشرة ظهرا، حتى تفاجأت براكب دراجة نارية يرتمي أمامها متظاهرا أنها اصطدمت به، بدأ يصرخ طالبا منها إعطائه المال بحجة أنها حطمت مركبته، لكن إصراره على ذلك جعلها تشك في أمره، وتقول لموقع "الحرة" "اتصلت بالقوى الأمنية التي طلبت مني مواصلة طريقي وتجاهله تفاديا من انضمام آخرين لمساعدته".

ما أن همّت المعلمة لإرجاع سيارتها إلى الخلف قليلا لتتمكن من إكمال طريقها كون مهاجمها وضع دراجته عقبة أمامها، حتى جن جنونه مخرجا سلاحه الحديدي الضخم وبدأ بالضرب بشكل هستيري على مركبتها، وتقول "أعتقد أن الروح لا تزال في صدري كوني لم أترجل من السيارة، فلو كنت أقدمت على ذلك لا أعلم ماذا كان سيحل بي".

لا يمر يوم في لبنان من دون وقوع عمليات سرقة وسلب ونشل، إلا أن الملفت في الفترة الأخيرة هو "وقاحة" السارقين، الذين باتوا يهاجمون ضحاياهم في وضح النهار وأمام المارة، على الأوتوستراد وفي الأحياء السكنية، داخل المحلات والمنازل والسوبرماركت وأمام دور العبادة، باختصار لا يبالون بالزمان والمكان وحتى سفك الدماء من خلال استخدام أسلحة بيضاء أو حربية.

ساهم انتشار الفقر في لبنان بارتفاع عدد السارقين، ولأن مدينة طرابلس شمال البلاد تعاني حتى قبل الأزمة الاقتصادية من واقع اجتماعي كارثي، فإن عمليات السرقة فيها وصلت إلى حد دفع وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي إلى الإعلان في شهر سبتمبر الماضي عن خطة أمنية مستدامة.

وشدد مولوي أن "أمن المواطنين مسؤوليتنا وسنطبق الخطة الأمنية بالشمال بالتعاون مع الأجهزة في المنطقة وبإشرافي"، موضحا أن "الأمن لا يكون بالتراضي والاتفاق، بل بالفرض والقانون يجيز لنا ذلك، فلا يمكننا ترك عصابات السرقة والأشرار وسنحد من انفلات السلاح والخطة الأمنية ستطبق". 

حوادث دموية

تمكنت القوى الأمنية، من خلال كاميرات المراقبة المزروعة في مكان ما تعرضت له المعلمة، من التعرف على هوية مهاجمها وتوقيفه، إلا أن ذلك لم يخفف من حالة الرعب التي تعيشها الضحية، التي لم ترفع شكوى ضده، وتشدد "لم أعرف النوم أياما عدة، صورة الجنزير الحديدي لم تفارق مخيلتي، وإلى حد الآن أخشى التجول بسيارتي مفضلة التنقل بواسطة سيارة أجرة، ولتدارك أي موقف مماثل لا تحمد عقباه سألجأ لحماية نفسي من خلال مسدس مرخص وهو ما لم أتوقعه يوما، لكن ما نعيشه من فوضى تجبرنا على هكذا خطوة".  

وقبل حوالي أسبوعين، نجا الصحفي محمد عواد وزوجته من الموت على طريق المطار، بعدما لاحقتهما 3 دراجات نارية في النفق، وبحسب ما يشرحه: "إحدى الدراجات كان يقودها شخص ملثم، يرافقه شاب كاشف الوجه، بدأ بإطلاق النار على الأسفلت، لم أستطع زيادة سرعتي بسبب وجود مركبتين أمامي، فإذ بمطلق النار يصل إلى محاذاة سيارتي ويثبّت المسدس على الزجاج موجها إياه على رأس زوجتي، في تلك اللحظة بدأت بتخفيف السرعة وايهامه أني أريد الامتثال والتوقف إلى جانب الطريق، وما إن خرجت من النفق حتى عاودت القيادة بسرعة وسط أزيز الرصاص".

الملفت كما يقول عوّاد لموقع "الحرة" إن الحادثة وقعت عند الساعة العاشرة والنصف ليلا، على طريق يعبرها الجميع من لبنانيين وعرب وأجانب وسياسيين وأمنيين، وفوق هذا أثناء وجود حركة سير في المكان، إلا أن ذلك لم يردع الخارجين عن القانون عن اعتراض طريقنا، من دون أن أعلم حتى الآن هدفهم، وفي سبيل ذلك تقدّمت عبر محام بشكوى إلى النيابة العامة".

أما محاولة السلب التي تعرض لها مصطفى، ابن الإعلامي بلال مواس، فانتهت بصورة دموية، فابن طرابلس شمال لبنان كان عائدا من عمله، حين تفاجأ بدراجة نارية على متنها شابان ملثمان، اقتربا منه محاولين إيقافه، ويقول لموقع "الحرة" "كانت الساعة الثانية عشر من بعد منتصف الليل، حيث الظلام الدامس يعم الأرجاء نتيجة انقطاع الكهرباء، ما أن وصلت إلى أحد المطبات في منطقة أبي سمراء حتى ظهر الملثمان طالبين مني التوقف قليلا".

أوهم مصطفى السارقين أنه سيتوقف، ثم قاد الدراجة مسرعا فبدأ أحدهما بإطلاق النار، "حينها شعرت ببركان يغلي في ساقي والدماء تنهمر كالشلال، ومع ذلك لم أتوقف، استمرا في ملاحقتي حتى مرّت سيارة في المكان، إذ حينها اختفيا عن الأنظار".

رغم كل ما يلمسه المواطنون من انزلاق نحو "الهاوية" الأمنية، تؤكد قوى الأمن الداخلي أن "المؤشر الأمني للسرقات انخفض حوالي 20 في المئة"، وشرحت لموقع "الحرة" أنه "في سنة 2021 بلغ عدد الموقوفين بجرائم السرقة2589 ، بينما السنة الماضية وصل العدد إلى 3467.

"أما مؤشر النشل فارتفع 2 في المئة، لكن في ذات الوقت ارتفعت التوقيفات 118 في المئة، ما يدل على قيام القوى الأمنية بدور كبير جدا في حفظ الأمن وعلى تحقيقها النجاح تلو الآخر، رغم تدهور الوضع في لبنان من سنة إلى أخرى".

لكن القائد السابق للشرطة القضائية، العميد المتقاعد أنور يحيى، يشدد في حديث لموقع "الحرة" على أن "احصاءات قوى الأمن الداخلي تقتصر على الحوادث التي يتم التبليغ عنها لدى المخافر أو النيابات العامة، مما يعني أن العدد الحقيقي أكبر مما يصدر عن المراجع الأمنية".

لا خطوط حمراء

حتى النواب لم يسلموا من عمليات السرقة، فهذا الشهر أعلن النائب أديب عبد المسيح عبر صفحته على "فيسبوك" عن تعرضه لعميلة سرقة، قائلا "الوقاحة والاستباحة الأمنية وصلت إلى حد محاولة التعرض لي وسرقتي ومراقبتي واستباحة الحي الذي أسكن فيه وأحياء بلدتي استكمالا لعمليات السرقة التي تحصل في الكورة في ليل كل يوم".

وأضاف "أوقف جهازي الأمني سيارة مشبوهة كان يتحضر ركابها لارتكاب جنحة (وأكثر)... سلمنا من يوجد فيها إلى الأجهزة الأمنية، أفضى تفتيش السيارة إلى اكتشاف أدوات سرقة وسكاكين ومعدات قطع"، لافتا إلى أنه "قلت سابقا إن الكورة وكفرحزير ومعظم البلدات ساقطات أمنيا، وقد حذرت سابقا من الحوادث وأحذر مرة أخرى أننا لن نسمح لأي أحد باستباحة بيئتنا، لذا أعذر من أنذر، وأضع هذا التحذير بعهدة القوى الأمنية والقضاء الذي نحذره من الاستخفاف وتخفيف العقوبات"، مطالبا البلديات بتجنيد شرطتها وفريق أمنها "لسهر الليالي والحفاظ على الأمن".

كما أن تسلّح السارقين لم يعد يقتصر على سكين أو مسدس حربي، بل امتد إلى القنابل اليدوية، ففي التاسع من الشهر الجاري أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي – شعبة العلاقات العامة أنه "بتاريخ 29-12-2022، ادّعى أحد الأشخاص من الجنسية السورية لدى فصيلة أنطلياس في وحدة الدرك الإقليمي، أنه وأثناء تواجده في محلّة المارينا – الضبية أقدم شخص مجهول الهوية على سلب سيارته وهاتفه الخلوي مستخدما رمانة يدوية، كما قام بتكبيله ورميه في محلة كازينو لبنان".

وأكدت أنه بعد توافر معلومات لدى مفرزة استقصاء بيروت حول مكان وجود السيارة المسروقة داخل مرآب لتصليح السيارات في محلة الكولا، ونتيجة المتابعة وعمليات الرصد، توصلت هذه المفرزة إلى تحديد هوية السارق وتوقيفه.

لا بد من التمييز بحسب العميد يحيى بين 3 جرائم، "هي السلب بقوة السلاح، سواء بواسطة سكين أو عصا أو مسدس حربي، والنشل الذي يجري خفية كأخذ محفظة سيدة والهرب، وثالثا السرقة كخلع باب منزل وسرقته".

وتحدث حوادث السلب والنشل كما يشير العميد يحيى "في أماكن مزدحمة، أو منازل منعزلة، وكذلك أمام أجهزة الصرف الآلي. أما أكثر المستهدفين فهم السيدات والطاعنين في السن، حيث يلجأ النشّالون إلى وسائل نقل سريعة مثل الدراجات النارية للقيام بجريمتهم، أما سارقوا الأماكن الخاصة كالمنازل والمحلات وغيرها، ففي العادة يراقبون خلوها من ساكنيها للانقضاض عليها، وكذلك الحال عندما تجري سرقة محفظة او هاتف من سيارة ما، حيث ينتهز السارق فرصة غياب السائق وعدم اغلاق زجاج مركبته".

ويروي القائد السابق للشرطة القضائية كيف جرت عملية سلب محفظة سيدة قبل يومين أمام سوبرماركت في العاصمة اللبنانية "وعندما حاولت المقاومة تم طعنها بسكين، وهي الآن ترقد في العناية الفائقة في المستشفى، مما يعني أن الضحية أمام خيارين أحلاهما مرّ، فإذا قاومت تُعرض نفسها للعنف، وإذا لم تقاوم ستخسر رزقها، لكن بالتأكيد الحياة أهم من المال، لذلك عند التعرض لعملية سلب بقوة السلاح يفضّل عدم المقاومة". 

اللجوء إلى الأمن الذاتي

خشية بعض المواطنين من أن يفرض عليهم أن يكونوا "أبطالا" في حلقات مسلسل الرعب، دفعهم إلى اللجوء لوسائل حماية حتى وإن كانت مخالفة للقانون، كحمل السلاح، لا بل هناك عناصر أمنية أصبحت تخشى من أن تتعرض لعملية سرقة، منهم الرقيب أول في قوى الأمن الداخلي، علي، الذي بحسب ما يؤكده "في السابق :"لم أكن أحمل مسدسي كي لا أتورط بجريمة في لحظة غضب، لكن بعد تفلت الوضع الأمني بصورة لم يسبق لها مثيل وانتشار اللصوص بشكل مخيف لم يعد أمامي خيار آخر، فبين أن أُقتل أو أتعرض للإصابة وحتى الإهانة من لص وبين أن أَقْتُل من يهاجمني، لن أتردد وهلة في التفكير بحماية نفسي وأن كلفني ذلك ارتكاب جريمة".

ويضيف في حديث لموقع "الحرة" أن "الفقر والجوع وانتشار السلاح في أيدي الزعران، وتراجع عديد القوى الأمنية وعدد أيام الخدمة، ولا مبالاة العناصر نتيجة أوضاعهم المعيشية المزرية، وتقاعس القضاء عن القيام بدوره، كلها عوامل أدت إلى ما نحن عليه اليوم"، ويشدد "الواقع فرض على كثيرين ممن لم يفكروا يوما باقتناء السلاح إلى الاقدام على ذلك، فالقضية تتعلق بالأرواح قبل الأرزاق".

وسبق أن أفادت وكالة "أسوشيتد برس" عام 2021 بأن تجارة الأسلحة الفردية والصغيرة تزدهر جيدا في لبنان، من مسدسات إلى قذائف "آر بي جي" ما يعكس تزايد مخاوف اللبنانيين من تردي الأوضاع الأمنية.

ونقلت الوكالة عن موقع "مراقبة الأسلحة الصغيرة" السويسري، الناشط في مجال رصد ومكافحة انتشار الأسلحة الفردية على مستوى العالم أنه "توجد 31.9 قطعة سلاح فردي لكل 100 شخص في لبنان، مما يعني أن الرقم الإجمالي لقطع السلاح 1.927 مليون قطعة لعدد السكان الذي يقدر بنحو 6.769 ملايين نسمة، ما يعني أن لبنان يحتل الترتيب الثاني عربيا بعد اليمن، والتاسع عالميا، في عدد قطع السلاح الفردي، ويتفوق حتى على العراق الغارق في فوضى أمنية وسياسية منذ 20 سنة".

"حتى حمل السلاح للدفاع عن النفس لا ينفع في مثل هذه الحالات"، كما يقول عواد "إذ كيف لشخص مواجهة عدد كبير من المجرمين، لا يبالون بالتأكيد من إزهاق أرواح الناس ومن دون أن يرف لهم جفن، من هنا يجب على اللبناني اتباع إجراءات حماية أخرى، كعدم سلوك طرقات معينة وإلغاء الأنفاق من قاموسه، وعدم الخروج إلا للضرورة خاصة ليلا" ويشدد "ليس لدى القوى الأمنية القدرة على ضبط الوضع الأمني بسبب انفلات الأمن الاجتماعي والاقتصادي والخطر القادم أكبر بكثير".

قبل أسبوع من تعرض مصطفى للحادث باع مسدسه بناء على رغبة والده، ويقول "كنت قد اشتريته بعدما كثرت عمليات السرقة والسلب، ومع ذلك لا أندم أنه لم يكن بحوزتي لأن الأمر لم يكن لينتهي عند هذا الحد، إذ ربما لو استخدمته كنت الآن إما مجرما متهما بالقتل أو مقتولا لا دية له، فعلا نحن في حيرة في ظل تقاعس القوى الأمنية عن القيام بدورها، حيث لا نرى عنصر أمني واحد في الشوارع رغم ما تم الإعلان عنه في وسائل الإعلام عن خطة أمنية في المدينة، وبالتالي كيف سنحمي أنفسنا من دون أن نتورط بوسائل غير قانونية"؟!

إجراءات ضرورية

يرى الإعلامي موّاس أن "على المواطن اللبناني أن يتسلح ضد من هم في السلطة كونهم كبار اللصوص، فمن يسرق المليارات لن يبالي بما يدور من انتشار لصغار اللصوص، فما يهم السياسيين مصالحهم وليس أمن الشعب، لا بل يتّبعون سياسة فرّق تسد، حيث أصبح اللبنانيون يخشون من بعضهم البعض، يخافون الخروج من المنزل، يغلقون أبواب رزقهم مبكرا قبل حلول الظلام، ومن يضطر لمغادرة مسكنه ليلا للذهاب إلى المستشفى أو لإيصال شخص ما إلى المطار بات يحصّن نفسه بأسلحة من كل الأنواع".

يلفت موّاس إلى "أن لأي مجتمع ركيزتين، هما الأمن والغذاء، هذا ما ورد في القرآن الكريم، بقوله تعالى (أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)، لكن من في السلطة لم يطعمونا من جوع ولم يأمنونا من خوف. للأسف الفلتان الأمني يعمّ البلد، وفوق هذا يمنع علينا حماية أنفسنا، والمضحك أنه في اليوم الأول لتطبيق الخطة الأمنية حصلت خمس عمليات سلب تطورت إلى إطلاق النار وطعن، فالقتل أصبح أمرا طبيعيا في لبنان".

لكن وزير الداخلية طمأن اللبنانيين قبل أيام بأن الوضع الأمني تحت السيطرة، وبأن الاجهزة الأمنية تقوم بواجباتها على أكمل وجه، ولفت في حديث صحفي إلى "إن أساس استقرار الوضع الأمني هم المواطنون أنفسهم، من خلال إيمانهم ببلدهم ورفضهم عودة الحرب".

وأضاف "صحيح أن اللبنانيين يعيشون اليوم ضائقة اقتصادية، لكن الهم الأمني يبقى أولوية لديهم، وهم واعون أن أي اضطرابات أمنية لا تغير الوضع الاقتصادي، بل تدمر ما تبقى من بنية الدولة، كثيرون هددوا أن الأزمة الاقتصادية ستولد انفجارا اجتماعيا، ولكن السؤال اليوم بوجه من هذا الانفجار".

وبحسب العميد يحيى، فإن الحد من عمليات السرقة والنشل والسلب يتطلب 3 أمور "أولا معاودة تسيير قوى الأمن الداخلي لدوريات مسلحة كما كانت تفعل منذ سنوات في العاصمة اللبنانية وذلك ضمن مهامها كضابطة إدارية، وكذلك دوريات التلاقي في القرى، التي تقوم على تسيير دورتين من مخفرين مختلفين على أن تلتقيا عند نقطة محددة، إلا أن ذلك يحتاج إلى عديد، في حين أن المخافر تعمل بأقل من ربع طاقتها، لعدم تمكّن العناصر من الوصول إلى مراكز الخدمة نتيجة ارتفاع بدلات النقل وانتفاء وجود وسائل نقل عامة، بالتالي تم تخفيض أيام خدمتهم، وحتى لو تمكّن العنصر من الوصول إلى المخفر فإن همّه تأمين قوت عائلته وطبابة أفرادها وليس ما يقع من جرائم وغيرها".

ويضيف "الأسوأ أن سعر صرف الدولار إلى مزيد من الارتفاع وقيمة راتب العسكري إلى مزيد من الانخفاض كونه بالعملة المحلية، ولتدارك الوضع سبق أن حذرت في مقال إلى ضرورة الانتباه لحاجات القوى المسلحة لضمان أمن الوطن وسلامة المواطن، فالمواطن على احتكاك مع عنصر قوى الأمن أكثر من العنصر في الجيش اللبناني، فعند تعرضه لجريمة ما يلجأ إلى المخفر، بالتالي يجب أن تعمل المخافر بطاقتها الكاملة، لاسيما وأن لبنان يستقبل حوالي مليون ونصف المليون لاجئ سوري وأن أكثر من 60 في المئة من نزلاء سجن رومية من غير اللبنانيين".

ويقول العميد يحيى إنه يجب أيضا "مشاركة عناصر شرطة البلديات في الدوريات، إذ لا يمكن للمخفر أن يسيّر دورية في كل قرية، لكن للأسف هناك بلديات تم حلها وتخفيض عدد عناصر الشرطة فيها، الأمر الذي يفرض اجراء الانتخابات البلدية في تاريخها، فكل بلدية عبارة عن حكومة مصغرة، تقع على عاتقها مسؤوليات عدة من ضمنها مساعدة الأجهزة الأمنية لضبط الوضع، حيث تتدخل أولا وعندما يخرج الأمر عن قدرتها يأتي دور القوى الأمنية وغيرها من الأجهزة".

كما أن الوضع في لبنان يفرض ما يسمى "شرطة الجوار، المتبعة في بلدان عدة، حيث يتشارك الجيران مهمة الحفاظ على ممتلكاتهم، وهو ما بدأنا نراه في بعض المناطق اللبنانية، من خلال سهر شبان في الشوارع وأمام الأبنية، وهذا ليس نوعا من التقسيم أو الإدارة المدنية، بل تعاون لضبط الجريمة التي في حال حصولها يتم إبلاغ الشرطة لتكمل المهمة".

أما قوى الأمن الداخلي فتشدد أن "الحذر والوقاية واجبان، وعلى وسائل الإعلام لعب دور تطميني وتوعوي من خلال نشر إرشادات الحماية بالطرق القانونية كإغلاق نوافذ وأبواب السيارة، وعدم حمل مبلغ كبير من المال داخل حقيبة، وضرورة الابتعاد عن حمل السلاح وما شابه من إجراءات الحماية غير القانونية".

متطلبات الخروج من "النفق"

الحل لما يحصل في لبنان، يبدأ بحسب العميد يحيى من "انتخاب رئيس للجمهورية، فهذه الخطوة بمثابة بصيص نور للعنصر الأمني بقرب إنهاء معاناته، ومن ثم الإسراع بتشكيل حكومة لإدارة البلد والعمل على تحسين وضع القوى الأمنية، من خلال تخفيض سعر صرف الدولار واعادة قيمة رواتب عناصر الأمن أو حتى تحويلها من العملة المحلية إلى الدولار كون كل شيء أصبح مدولر في لبنان، ومعاودة تغطية نفقات الطبابة والفاتورة الاستشفائية".

والأربعاء، أعلنت السفيرة الأميركية في بيروت، دوروثي شيا، تقديم مساعدة مالية قدرها 72 مليون دولار لعناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي، حيث سيصرف لهم 100 دولار نقدا شهريا لمدة ستة أشهر.

وعند تأمين ما يحتاجه العنصر الأمني، ستتعزز المخافر بالعناصر، وعندها سيطمئن المواطن أن الأمن ممسكوك ولم يعد هناك حاجة لأن يسهر طوال الليل خوفا من عملية اقتحام لمنزله، أو أن يخشى التنقل على الطرق والتعرض لعملية سلب ونشل وتعريض حياته للخطر، وإلى حينه يجب على وسائل الإعلام التوقف عن إشاعة صورة سوداوية والإضاءة على المحاولات التي يجريها قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية بكل قواهم لتحسين أوضاع رجالهم وعناصرهم وتأمين الطبابة وإعادة الهيبة إلى رجل قوى الأمن ليخشى المجرم من تنفيذ مخططه مستقبلا".

أما عوّاد فيرى أن لا حل لما يشهده لبنان إلا "من خلال خطة تقوم على ثلاث ركائز، سياسية وأمنية واقتصادية، لوضع حد للفقر المستشري، حيث أن بعض المحتاجين والمتعاطين للممنوعات باتوا يستسهلون الحصول على الأموال بهذه الطرق الشنعاء، لكن للأسف لا إرادة سياسية لإخراج لبنان واللبنانيين من النفق المظلم في المدى المنظور".


المصدر : الحرة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa