الثامن من شباط... إضراب برعاية السلطة

01/02/2023 09:31AM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة"

نجحت السلطة القمعيّة اللبنانيّة منذ زمن الاحتلال السوريّ، مرورا بزمن الاحتلال الإيرانيّ، في تعطيل النشاط النقابيّ العمّاليّ الحقيقيّ. من خلال تشتيت المواقع النقابيّة الفاعلة، وتنصيب أزلام السلطة والأحزاب، قادة نقابيّين، بديمقراطيّة شكليّة، معزّزة بقواعد حزبيّة تأتمر سياسيّا، بعيدا من أيّ التزام بأوجاع الناس.

يدعو رئيس الاتّحاد العمّاليّ، بشارة الأسمر، اللبنانيّين إلى الإضراب العامّ في أربعاء الأسبوع المقبل، ويخاطبهم كأنّه الملتزم قضايا العمّال، والحاضر عند أيّ شبح حاجة يطرق أبواب بيوتهم الفقيرة، بينما اتّحاده ومَن يدور في فلَكه، جثّة تُنفَخ فيها الرّوح يومًا كلّ سنة، بإيعاز أو بإذن من مراجع سياسيّة معيّنة، وذلك بهدف امتصاص نقمة الناس، وحَقنِهم بمخدِّر يزيدهم ظلما وفقرا وتعتيرا.

منذ ثلاث سنوات، والجوع على أبوابنا. نموت بلا دواء، وننام جائعين، وأجرُنا يتآكل إلى أن صار ثمن منقوشة صباحيّة، لا غير...

كلّ ذلك، وأكثر، والاتّحاد العمّاليّ في سابع نومة، لأنّه يتحرّك أو يتجمّد بمشيئة سياسيّة لا تمتّ إلى معاناة الناس بِصِلة. وها هو اليوم يتلطّى بالمعلّمين وغيرهم، ويدور على قصور السلاطين ليشحذ رضاهم، لأجل إضراب تاريخيّ قد لا يكون أكثر من يوم واحد، وسيكون بمنتهى التهذيب والنعومة، إذ لا قطع طرقات، وكلّ الأمور تحت سيطرة الدولة.

يعرف بشارة الأسمر أنّ رصيده  الشعبيّ على الأرض أقلّ من أن يُحدث أثرًا، لذلك يحاول توسيع مروحته النقابيّة، والمؤسف في الأمر أنّ المسؤولين عن معاناتنا يزورون السياسيّين ليحظوا بدعمهم في حين أنّهم سبب هذه المعاناة المزمنة.

إنّ همروجة الثامن من شباط المقبل لا تروي غليلا ولا تشفي عليلا، إنّما هي تحرُّك مدروس مع السلطة الفاسدة، وستتشظّى مكوِّناته في اليوم التالي للإضراب الشامل. إلّا إذا كانت السلطة قد سطت سلفًا على كلّ هذه المكوِّنات النقابيّة المتعدّدة المجالات.

إنّ الشعب الذي يريد أن يملأ ساحة الوطن بصرخته الموجوعة والمحقّة لا يستأذن سفّاحيه، ومكمن الخطورة في مثل هذه التحرّكات أن نصدّق، ولو مرّة واحدة، أنّ هؤلاء، الذين لا تسعى بهم قدم إلّا بإدارة أرباب الفساد والإقطاعيّة، سوف يسحبوننا من فم التِّنِّين.

تسعى السلطة السياسيّة الفاسدة، اليوم، إلى استدراك أيّ تحرّك شعبيّ حرّ، غير ممسوك منها، وما استيقاظ الاتّحاد العمّاليّ الآن سوى قَوطَبة على الأحرار في هذا السياق، وتنفيسة صارت معتادة.

إنّ نتيجة إضراب الأربعاء المقبل معروفة: خطابات مدروسة السقف والتعابير، وعود بتحسين الأوضاع المادّيّة على مستوى الرواتب وبدل النقل، بعد أخذ الأرقام من أرباب العمل والمؤسّسات وأصحاب حنفيّات المال في سلطة الهدر والفساد...

بينما المطلوب أن يكون الناس أصحاب المشيئة، والقبول أو الرفض، وليس المتحكّمين برغيفهم وحبّة الدواء.

ولا شكّ في أنّ لازمة التشديد على انتخاب رئيس للجمهوريّة في أسرع وقت ممكن ستكون على لسان كلّ المتكلّمين، لأنّ قسما منهم يؤمن بها، والقسم الآخر مدفوع إلى الشارع من أولياء أمره ليشاركهم في المطالبة بها.

فهل سيطوف علينا الخبز والدواء بعد الثامن من شباط، ويتنازل فخامة الفراغ عن كرسيّ بعبدا للرئيس الآتي؟


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa