روسيا بعد عام على الحرب.. المعارضون في السجون والدعاية "الوطنية" في أوجها

20/02/2023 06:06AM

تظهر ليالي موسكو علامات قليلة على وجود أمة في حالة حرب، كما تقول وكالة أسوشيتد برس، لكن الحرب تضرب عميقا في البلاد، سواء بسبب الاقتصاد أو المخاوف من تعبئة جديدة، أو آلاف العائلات التي تلقت خبر مقتل أبنائها في المعارك.

تحتشد جموع مبتهجة في المطاعم والحانات في حي سريتينكا في موسكو الليلة الماضية، بينما يتنقل أفراد من "الشرطة السياحية" بين النوادي الليلية.

ولا تبدو الحرب ظاهرة سوى في حرف Z، رمز العملية العسكرية الروسية الخاصة، كما يسميها الإعلام الروسي، على مبنى كان متجرا لبائع تجزئة غربي، فيما يذكر ملصق لجندي صارم الوجه يحمل شعار "المجد لأبطال روسيا" بأن الصراع مستمر منذ عام.

وأدت حملة قمع حكومية واسعة النطاق إلى إسكات المعارضة، مع سجن المعارضين السياسيين أو فرارهم إلى الخارج، فيما تمزقت العائلات بسبب التعبئة الأولى لجنود الاحتياط منذ الحرب العالمية الثانية.

احتجاجات مقموعة

ويبث التلفزيون الحكومي الكراهية ضد الغرب، ويبعث برسائل مطمئنة مفادها أن معظم العالم لا يزال مع روسيا، وفقا للوكالة. وعلى الجبهة، هناك وفيات في ساحة المعركة بالآلاف بين صفوف الجيش الروسي.

"في الواقع، دمرت الحرب العديد من الأرواح - بما في ذلك حياتنا"، قالت صوفيا سوبوتينا من سانت بطرسبرغ لوكالة أسوشيتد برس.

ومرتين في الأسبوع، تزور سوبوتينا مركز احتجاز لإحضار الطعام والدواء لشريكها ساشا سكوتشيلينكو، وهو فنان وموسيقي يعاني من مشاكل صحية خطيرة. 

وألقي القبض على سكوتشيلينكو في أبريل لاستبداله بطاقات تسعيرات المتاجر الكبرى بشعارات مناهضة للحرب.

كما أن سوبوتينا متهمة بنشر معلومات كاذبة عن الجيش، وهو أحد قوانين فلاديمير بوتين الجديدة التي تجرم التعبير العلني ضد الحرب.

ولا يمكن لوسائل الإعلام أن تسمي العملية "حربا"، ويتعرض المتظاهرون الذين يستخدمون هذه الكلمة على اللافتات لغرامات باهظة.

وفيما ألقي القبض على معظم الذين خرجوا إلى الشوارع للاحتجاج ضد الحرب تلاشت المسيرات المعترضة. وحجبت السلطات مواقع إخبارية مستقلة، وكذلك فيسبوك وإنستغرام وتويتر. وتم إيقاف محطة إذاعية بارزة عن البث. كما فقدت صحيفة نوفايا غازيتا، بقيادة ديمتري موراتوف الحائز على جائزة نوبل للسلام لعام 2021، ترخيصها.

وغادر منتقدو بوتين البارزون روسيا أو تم اعتقالهم، وحكم على إيليا ياشين بالسجن لمدة 8 سنوات ونصف، وسجن فلاديمير كارا مورزا في انتظار المحاكمة، ولا يزال أليكسي نافالني في السجن.

وسرعان ما فقد الفنانون المعارضون للحرب عملهم، مع إلغاء المسرحيات والحفلات الموسيقية الخاصة بهم.

وقال ياشين لوكالة أسوشيتد برس من السجن العام الماضي "حقيقة أن بوتين تمكن من تخويف جزء كبير من مجتمعنا يصعب إنكارها".

بروباغندا

وأعقب حملة ملاحقة النقاد زيادة التفاخر في الدعاية الحكومية.

ووسع التلفزيون الحكومي البرامج الترفيهية والسياسية والإخبارية لتعزيز الرواية القائلة بأن روسيا كانت تخلص أوكرانيا من النازيين، وهو ادعاء كاذب استخدمه بوتين كذريعة للغزو.

وقال المذيع ديمتري كيسيليف في ديسمبر في برنامجه الأسبوعي. "الكوكب يتخلص من القيادة الغربية. معظم البشرية معنا"، مضيفا أن "هيكلا جديدا للعالم يظهر أمام أعيننا".

هذه الرسائل تلقى قبولا جيدا في روسيا، كما يقول دينيس فولكوف، مدير مركز ليفادا لاستطلاعات الرأي المستقل في البلاد. وأضاف "فكرة أن الناتو يريد تدمير روسيا أو على الأقل إضعافها رائجة في البلاد".

ويروج الكرملين لروايته الخاصة عن الحر بين الشباب، كما طلب من تلاميذ المدارس كتابة رسائل إلى الجنود، وخصصت بعض المدارس "مكتب البطل" لتمييز مقاعد الطلبة الخريجين الذين يقاتلون في أوكرانيا.

وفي سبتمبر، أضافت المدارس موضوع "محادثات حول أشياء مهمة".

وتصف الدروس التي اطلعت عليها وكالة أسوشيتد برس لطلاب الصف الثامن إلى 11 "المهمة الخاصة" لروسيا المتمثلة في بناء "نظام عالمي متعدد الأقطاب".

وتم فصل معلم واحد على الأقل رفض تدريس الدروس.

وعلى الرغم من أنها ليست إلزامية، إلا أن بعض الآباء الذين لا يدرس أبنائهم هذه الدروس يواجهون ضغوطا من المسؤولين أو حتى الشرطة.

النجاة من العقوبات

فاق أداء الاقتصاد المتضرر من العقوبات التوقعات، وذلك بفضل عائدات النفط القياسية التي بلغت حوالي 325 مليار دولار بعد أن أدت الحرب إلى ارتفاع أسعار الطاقة.

ووازن البنك المركزي انخفاض الروبل عن طريق رفع أسعار الفائدة، كما أن العملة أقوى مقابل الدولار مما كانت عليه قبل الغزو.

وغادر عدد من الشركات والخدمات المصرفية البلاد، لكن هناك بدائل محلية. وبعد أن حظر الاتحاد الأوروبي الرحلات الجوية من روسيا، ارتفعت أسعار تذاكر الطيران وأصبح الوصول إلى الوجهات أكثر صعوبة والسفر إلى الخارج متاحا الآن لأقلية متميزة.

ويقول علماء اجتماع إن هذه التغييرات بالكاد أزعجت معظم الروس، الذين كان متوسط راتبهم الشهري في عام 2022 حوالي 900 دولار. وفقط حوالي الثلث لديهم جواز سفر دولي.

ارتفع التضخم بنسبة 12٪ تقريبا، لكن بوتين أعلن عن مزايا جديدة للعائلات التي لديها أطفال وزيادة المعاشات التقاعدية والحد الأدنى للأجور بنسبة 10٪.

ولا تزال أجهزة MacBooks و iPhone متاحة بسهولة، ويقول سكان موسكو إن المطاعم تقدم الأسماك اليابانية والجبن الإسباني والنبيذ الفرنسي.

"في الخنادق، أو ما هو أسوأ"

ربما جاءت الصدمة الأكبر في سبتمبر، عندما حشد الكرملين 300 ألف من جنود الاحتياط. وعلى الرغم من وصفه بأنه استدعاء "جزئي"، إلا أن الإعلان أثار الذعر في جميع أنحاء البلاد لأن معظم الرجال الذين تقل أعمارهم عن 65 عاما - وبعض النساء - هم رسميا جزء من الحملة.

بيعت تذاكر الطيران إلى الخارج في ساعات وتشكلت طوابير طويلة عند المعابر الحدودية الروسية. وتشير التقديرات إلى أن مئات الآلاف قد غادروا البلاد في الأسابيع التالية. واشتكى المجندون من سوء الظروف المعيشية في القواعد ونقص المعدات. وزعمت زوجاتهم وأمهاتهم أنه تم نشرهم في الجبهة دون تدريب أو معدات مناسبة وسرعان ما أصيبوا بجروح.

ويخشى البعض من تعبئة جديدة، وهو ما ينفيه الكرملين.

القتلى

وعندما تعثرت الحرب التي شنها بوتين بسبب الهزائم والانتكاسات، تلقت العائلات أسوأ الأخبار الممكنة، حينما تسلموا رسائل تشير إلى مقتل أحد أفراد الأسرة.

وقالت إحدى الأمهات إنها أصبحت "هستيرية" و"بدأت ترتجف" عندما أخبرت أن ابنها مفقود ويفترض أنه مات أثناء خدمته في موسكفا، طراد الصواريخ الذي غرق في أبريل. وقالت المرأة، التي تحدثت في ذلك الوقت شريطة عدم الكشف عن هويتها لأنها تخشى الانتقام، إنها وجدت صعوبة في تصديق أنه قتل.

وأكد الجيش مقتل ما يزيد قليلا عن 6000 شخص، لكن التقديرات الغربية تصل إلى عشرات الآلاف. ووعد بوتين بتعويض سخي لعائلات الذين قتلوا في المعارك يصل إلى 12 مليون روبل (حوالي 160 ألف دولار).

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa