لا يحقّ لسَلامه طباعة الدولار... "بسّ إزا زَبطِت خِدو عا لَبَن"

26/02/2023 11:56AM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

منذ بداية ارتفاع سعر صرف الدولار، ونشوء السوق السوداء برعاية غير مباشرة من السلطة وأهل المصارف، اختارت  الدولة وتجّارها الابتعاد التامّ عن فكرة تصحيح الأجور، بالمعنى القانونيّ المعروف، لأنّ المطلوب ضرب القطاع العامّ عن بِكرة أبيه، وليس السبب الوحيد عجزا ماليّا في خزينة الدولة وإفلاسا غير معلَن.

وها نحن نتأكّد يوما بعد يوم، أنّ موظّفي القطاع الرسميّ تحوّلوا مياوِمين بامتياز. وذلك من خلال الإضافات التي أتت أو قد تأتي إلى رواتبهم مشروطة بالحضور اليوميّ، كبدل إنتاجيّة، أو بدل نَقل... ما يعني عمليّا أنّ القطاع الرسميّ يُسلم الروح، مع إرجاء مواعيد الدَّفن. فلا "شَوفات الخاطر" تحلّ المشكلة، ولا جزرة الحضور اليوميّ تُشبع بيوتا، ولا صيرفة مؤسّسة ثابتة يُبنى عليها، طالما أنّ دولار السوق السوداء يٌمسك دولارها من أذنِه ويرفعه صَوبه مرّة في النهار وأخرى في الليل.

ومَن يتابع طريقة تعامل وزير التربية مع إضراب المدارس الرسميّة يعرف تماما أنّنا أمام إقفال نهائيّ للمدرسة الرسميّة، لا سيّما بعد فشل التهديد بالقانون، وعجز الأحزاب ونقابيّي السلطة عن الانتصار على إرادة المعلّمين الجائعين.

طبعا، لن يعلن الوزير الحلبيّ ذلك، لكن ستظهر شيئا فشيئا ملامح تغيير الهويّة اللبنانيّة، من خلال وضع الجميع أمام المعادلة التالية: إمّا دمج التلاميذ السوريّين مع اللبنانيّين في الدوام العاديّ، وإمّا لا قدرة على دفع رواتب مقبولة للمعلّمين. وفي حال الدمج تأتي الأموال من دول مانحة ومؤسّسات دوليّة، بدأت تملي علينا شروطها بوضوح، فلا شيء بلا مقابل عند مَن يدفع. ولا شكّ، عند الدمج سيترك اللبنانيّين مدرستهم ويتّجهون مُرغَمين إلى المدرسة الخاصّة التي لا يملكون ثمن التعلّم فيها.

إنّ تعاطي السلطة اللبنانيّة مع أزمة التعليم الرسميّ يؤكّد أن لا حلّ في جعبتها للقطاع العامّ. ولم يعد أمام الحاكم رياض سلامه إلّا طباعة الدّولار، وتيسير أمور أميركا ولبنان في الوقت نفسه.

قد يعود المعلّمون إلى مدارسهم، بتَوليفة ما، وإن متأخّرين، وقد يُنجَز ما بقي من العام الدراسيّ على طريقة "الكُحل أحلى من العما"، وقد تُجرى الامتحانات الرسميّة للشهادة الثانويّة بدَرسَين أو ثلاثة... غير أنّ المشكلة ستبقى تتفاقم، وستنفجر مطلع العام الدراسيّ المقبل، ولن يكون من حلّ أو مجال للنقاش...

وأيضا، قد قد يسير مِرفق رسميّ ما، بالتي هي، لكنّه حُكما سيعود إلى التوقّف، وستكون معالجته أصعب بكثير من قبل.

وكيفما نظرنا إلى الواقع وجدنا الدولة متبرِّئة من مؤسّساتها، التي يعيش بعضها على الاستعطاء والشفقة الدوليّة، والله أعلم ما الثمن، وبعضها الآخر يلفظ أنفاسه الأخيرة، أو ما قبلها في أحسن الأحوال.

لا يحقّ لسلامه طباعة الدولار، "بسّ إزا زبطِت خِدو عا لَبَن".


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa