لبنان تَجاوَزَ «قطوعاً أمنياً» ويراوح في العراء المالي - السياسي

28/02/2023 06:28AM

جاء في "الراي الكويتية": 

ين موجاتِ الارتفاع «الثابت» للدولار الأسود، وتَصاعُد المَخاوف على الاستقرار ولو «على متن» جرائم ذات طابع فردي، ورصْد الارتجاجات التي لم تهدأ للمواجهة القضائية – المصرفية سواء على خط الادعاء على بنوكٍ بتبييض أموال أو على حاكم «المركزي» رياض سلامة بجرائم اختلاس وإثراء غير مشروع وتهريب أموال، انطلق أسبوعٌ لبناني من «الاختبارات» النقدية – المالية – المعيشية وحتى المتصلة بالواقع الأمني، ليحتجب العنوانُ الرئيسي المتمثل في أزمة الانتخابات الرئاسية خلف دخان «الحرائق» المتنقّلة التي تُسابِق «انطفاء» الآمال بانفراجاتٍ قريبة تجنّب البلادَ انفجاراتٍ مميتة.

وفيما عاكَس الدولار التقديرات بأن يتراجع في السوق الموازية ربْطاً بـ «استراحة أسبوعٍ» أخذتْها المصارف من إضرابها الجزئي المفتوح حيث ناطحتْ العملة الخضراء 83 ألف ليرة، فإن هذا الأمر عزّز الاقتناعَ بأن الديناميةَ التي تتحكم بالدولار وهوامشه لم تَعُد تتأثر بعوامل أو حواجز «نفسية» بمقدار ما أن وقف انهيارِ الليرة يستوجب أدوات مالية لا يمكن أن تتوافر في الحجم المطلوب والذي يْعطي المفعولَ «الدائم» وغير التخديري إلا بصدمةٍ سياسية إيجابية من «العيار الثقيل».


وإذ كان تصريح لوزير الاقتصاد أمين سلام قال فيه إنه يرى «الدولار متخطياً عتبة 100 ألف وحتى 300 ألف ليرة» محذراً من «أن جشع بعض التجار سيصل بنا لأحداث أمنية» يمرّ من دون ضجيج كبير بعدما بات اللبنانيون «مبرْمَجين» على أن هذا الرقم «مسألة وقت» ما لم يُصر إلى انتخاب رئيس للجمهورية يحظى بثقة الخارج في الربيع، فإنّ المصارف التي استأنفت عملها تستعدّ لاجتماعٍ يوم الجمعة لحسْم إذا كانت ستمْضي نحو طي صفحة الإضراب أم ستكون فقط مررت أول الشهر الذي يزدحم بتحويلات الرواتب خصوصاً لتعود إلى «خندق» وقف العمل ما لم يكن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ترجم وعوده بضبْط ما تعتبره جمعية المصارف «تعسفاً في حقها» عبر ادعاءين بتبييض أموال وإبقاء سيف سداد الودائع بالدولار النقدي (وليس بالشيك المصرفي) مصلتاً عليها عبر أحكام قضائية لمصلحة مودعين.

وعكست دعوة جمعية المصارف لـ «جمعية عمومية غير عادية» يوم الجمعة وتَضَمُّنها أملاً «في أن يكون تصحيح الخلل في المرفق العام القضائي ولا سيما في ضوء ردود الفعل المقلقة التي بدأت تظهر في الدول الأجنبية والمصارف المُراسلة لديها»، أن الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة لجهة تحديد مآل المكاسرة القضائية - المصرفية، وسط ترقُّب مزدوج:

أولاً لتسريباتٍ عن أن البنوك لم ترْمِ بعد ورقة التصعيد الذي سيُدرس في اجتماع 3 مارس.

وثانياً لِما إذا كان القطاع المصرفي سيَعتبر حرمانَ القاضية غادة عون من «الأذرع التنفيذية» لقراراتها بحق مصرفيْن وأعضاء ورؤساء مجلس إدارتيْهما كافياً لوقف ما تعتبره «الضرر الشامل» الذي يُنْذِر بأن يصيب حركة تحويل الأموال من لبنان وإليه، وخصوصاً أن عون ما زال بإمكانها المضيّ في مسار الملاحقات بعدما «رُجِمَ سياسياً» الرئيس ميقاتي على خلفية ما وُصف بالتدخّل الفاضح في السلطة القضائية وخرق مبدأ فصل السلطات، وصولاً لمطالبة مجلس القضاء الأعلى له ولوزير الداخلية بسام مولوي بالعودة عن «تجريد» مدعي عام جبل لبنان من الضابطة العدلية التي تنفذ الإشارات الصادرة عنها.

وحرص ميقاتي في مستهل الجلسة الرابعة التي تعقدها حكومته المستقيلة في كنف الشغور الرئاسي تحت عنوان «بتّ بنود مُلِحّة» على توضيح «اننا سبق وأكدنا في بياننا الوزاري احترامنا للقضاء وعدم التدخل بأي أمر يتعلق بشؤونه، ولكن هناك أمور تتعلق بالمصلحة اللبنانية العليا وبمسار القضاء، ما يؤثّر على سير العدالة»، وقال: «اتخذنا إجراء معيّناً لا أحد يمكنه معالجة مَضامينه إلّا القضاء نفسه، وعندما يقوم القضاء بتنقية نفسه من الشوائب ومعالجة الشطط، ينتفي لزوم القرار الذي اتخذناه والذي تشاورتُ في شأنه مسبقاً مع كل القضاة المعنيين»، موضحاً «في الظروف الاستثنائية هناك قرارات استثنائية يجب أن تُتخذ، ويجب ألا يفكر أحد أننا نحمي شخصاً أو أفراداً، فهدفنا حماية القطاع المصرفي لكونه ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد».

وبالتوازي مع رصْد هذا الجانب من «المعركة» القضائية - المصرفية التي تسود بإزائها خشيةٌ من أن تسرّع مجموعة العمل المالي FATF خفْض مستوى التصنيف للبنان إلى المستوى الرمادي، لا يقلّ أهميةً الادعاءُ الذي حصل من القضاء اللبناني على حاكم مصرف لبنان وشقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويك في الملف المرتبط بشركة «فوري» وعمليات اختلاس مال عام وتبييض أموال تقدّر قيمتها بما بين 300 و500 مليون دولار من العمولات وغيرها، وتحويلها إلى الخارج.

وإذ أكد خبراء، ما كانت أشارت إليه «الراي» لجهة أن الادعاء على سلامة وإحالة الملف على قاضي التحقيق يتيح إرجاء المساعدة القانونية الأوروبية وفق الصيغة التي ارتؤي على إسباغها على تحقيقات الوفد القضائي الأوروبي الثلاثي الذي يستعدّ للعودة لاستكمال استجواباته في بيروت وذلك لتَعارُضها مع تحقيق جارٍ في لبنان وفق الفقرة 25 من المادة 46 من اتفاقية مكافحة الفساد لعام 2003 التي انضم إليها لبنان العام 2008، فإن مفاجأة حملها تقرير لصحيفة زونتاغستسايتونغ الأسبوعية السويسرية إشار الى أنّ جزءاً كبيراً من مبلغ الـ 300 إلى 500 مليون دولار، الذي اتُهم حاكم مصرف لبنان باختلاسه، أودع حسابات في 12 مصرفاً سويسرياً بينها فرع «اتش اس بي سي» في جنيف حيث تم إيداع 250 مليون دولار في حساب رجا سلامة الشخصي، وأنه بعد ذلك، تمّ نقل «مبالغ كبيرة» لشراء عقارات في دول أوروبية عدة.

وذكّرت الصحيفة بأن السلطة الضابطة لأسواق المال (فينما) تجري تحقيقات أولية «منذ أشهر عدة» مع 12 مصرفاً سويسرياً، ناقلة عن متحدث رسمي لـ«زونتاغستسايتونغ» أنه تم الشروع في إجراءات قضائية ضد مؤسّستين ماليّتين في «السياق اللبناني» من دون أن يتم الإعلان عن أسماء البنوك.

وفي موازاة هذا الملف المتشعّب، وإذ أعطت جلسة الحكومة أمس إشارةً إلى أن إحالة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على التقاعد يوم الخميس باتت بحكْم المؤكدة ما لم يحصل تطور شبه مستحيل في ضوء جزْم ميقاتي أن التمديد لابراهيم يحتاج لتعديل القانون في البرلمان، لم يغِب الهمّ الأمني عن المشهد اللبناني في ضوء «القطوع الكبير» الذي تجاوزتْه البلاد مع الكشف عن جريمة قتل مروّعة ومخطَّط لها بعناية ذهب ضحيتها الشيخ أحمد شعيب الرفاعي إمام مسجد بلدة القرقف العكارية (شمال لبنان) وخطيبه.

فرغم أن تأكيد الطابع الشخصي والعائلي للجريمة سَحَبَ فتيل تداعيات أمنية خشيها كثيرون، إلا أن ما رافق توقيف المتورطين الخمسة (كلهم من عائلة الرفاعي) وبينهم رئيس بلدية القرقف الشيخ يحيى الرفاعي ونجله علي انطوى على مفارقات ليس أقلّها العثور في منزل رئيس البلدية على مستودع يحتوي على كمية كبيرة من الأسلحة المتوسّطة والقذائف والذخائر والصواعق والقنابل والمتفجرات تمت مصادرتها تمهيداً لإجراء التحقيق في شأنها بالتنسيق مع القضاء المختص، وفق ما أفادت قوى الأمن الداخلي، وسط تقارير وتصريحات أصرّت على خلفياتٍ للجريمة تتّصل بخلافاتٍ سياسية مزمنة بين الشيخ المغدور وأقربائه الذين اتُّهموا بأنهم من «سرايا المقاومة» (تابعة لحزب الله).

وكانت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي توصّلت فجر الأحد إلى تحديد مكان جثة الشيخ الرفاعي في منطقة الريحانية القريبة من بحيرة البارد في بقعة تستخدم كمكب للنفايات «وتبيّن ان الجثة قد دفنت في حفرة عمقها نحو 3.5 م، الأمر الذي دفع الى استقدام جرافة للحفر. وبنتيجة الكشف عليها من مكتب الأدلة الجنائية في وحدة الشرطة القضائية تبيّن أنها كانت مقيّدة بأصفاد حديدية وحبال، ومصابة بطلقات نارية».

وبحسب قوى الأمن الداخلي، فإن المتورطين في الجريمة «قاموا بتنفيذ عملية الخطف والقتل والدفن بعد تقسيم الأدوار في ما بينهم ضمن خطة قام رئيس بلدية القرقف ونجله بإعدادها ميدانياً ولوجستياً منذ نحو شهر، بعدها تمت الاستعانة بـ3 أشقاء من أقاربهما، لتنفيذ عملية الخطف».


المصدر : الراي الكويتية

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa