بعد عام على غزو أوكرانيا.. لماذا لم تغادر بعض الشركات الغربية روسيا؟

02/03/2023 05:56PM

قبل عام وبضعة أيام، وعندما غزت قوات الكرملين أوكرانيا، تعهدت أعداد كبيرة من الشركات الغربية بالخروج بسرعة مما كان سوقًا مهمًا بالنسبة لها في الماضي، إذ فككت سلسلة مطاعم "ماكدونالدز" أقواسها الذهبية بعد 32 عاما من الاستثمارات المجزية.

وسارعت شركة النفط العملاقة "بريتيش بتروليوم" للتخلص من استثماراتها الروسية العملاقة، في حين باعت شركة رينو الفرنسية لصناعة السيارات مصانعها مقابل مبلغ رمزي قدره روبل واحد.

ورغم كل ذلك، فلا تزال مئات الشركات الغربية في روسيا، بما في ذلك شركات أميركية وأوروبية كبرى ومتوسطة الحجم تمارس أعمالها في روسيا غير مكترثة  للعقوبات الغربية التي جرى فرضها على موسكو.

وبحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز"، فإن بعض الشركات الغربية، التي تواجه اتهامات بأنها تساهم في تمويل عدوان الكرملين، فإنها تتذرع بالبقاء في روسيا بحجة أن عملائهما يحتاجون إلى خدماتها الضرورية.

ومن بين تلك الشركات "أوشان"، والتي تملك واحدة من أكبر سلاسل المتاجر العملاقة في فرنسا، حيث أبقت فروعها البالغ عددها 230 مفتوحة في روسيا،

وتؤكد تلك الشركة العملاقة  أنها تنوي البقاء هناك مما أثار غضب الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، والذي أطلق مؤخرًا دعوات جديدة لمقاطعة الشركة الفرنسية بعد ورود تقارير بأن  فرعها في روسيا قد قدمت أغذية جرى التبرع بها لقوات الكرملين.

وفي المقابل، نفت "أوشان"هذه التقارير، وشددت على أن وجودها في روسيا مرده "تلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية للسكان المدنيين".

وبالنسبة للعديد من الشركات، فقد كان الخروج من روسيا بالنسبة لها أصعب مما كان متوقعًا، إذ تزعم إن موسكو قيدت أيدي أصحابها من خلال التلويح بالتهديد بالتأميم وعقبات أخرى.

تهديدات وعقبات

وكثيرًا ما ردد رؤساء الشركات الغربية أن لديهم مسؤولية تجاه المساهمين لجهة العثور على مشترين يدفعون بعضا من قيمة أصول تلك الاستثمارات، بدلاً من تسليمها مجانا إلى موسكو.

وقد دفعت هذه المخاوف شركة التبغ العملاقة "فيليب موريس" إلى القول الشهر الماضي إنها قد لا تبيع شركاتها في روسيا أبدًا، على الرغم من الجهود المبذولة للقيام بذلك.

من جانب آخر، لا ترغب العديد من الشركات في المخاطرة بالتنازل عن حصتها  في السوق الروسية لشركات من الصين أو تركيا أو الهند أو أميركا اللاتينية، والتي لا تخضع لنظام العقوبات ممايجعلهم يسعدون بالحصول  على عقارات وحصص الأسهم بأثمان رخيصة.

وفي هذا الصدد يقول، المحامي الفرنسي، أوليفييه أتياس، من مؤسسة "August Debouzy"، وهي شركة محاماة في باريس تقدم المشورة للشركات الفرنسية الكبرى التي لها استثمارات في روسيا: "كانت روسيا سوقًا كبيرًا للعديد من الشركات.. وكان اتخاذ قرار الخروج صعبًا، ولذلك فإن عملية المغادرة ليست بالأمر الهين".

وأظهرت البيانات التي جمعتها جامعة، ييل الأميركية، أنه من بين ما يقرب من 1600 شركة في روسيا قبل الغزو، قد استمر أكثر من ربعها في العمل بشكل كامل هناك، مع تأجيل بعضها فقط للاستثمارات المخطط لها في قادم السنوات.

وفي دراسة استقصائية أجرتها كلية كييف للاقتصاد، كانت نسبة بقاء تلك الشركات قريبة من 50 في المائة.

لكن دراسة غربية أخرى تشير إلى قلة عدد الشركات التي قطعت العلاقات تمامًا مع موسكو، إذ وجدت أن أقل من 9 في المائة من حوالي 1400 شركة من أوروبا والولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وكندا قد تخلت عن شركة تابعة لها في روسيا منذ بدء الغزو في 24 فبراير من العام الماضي.

وأوضح ديميتري لافروف، الشريك البارز في" Nexlaw"، وهي شركة محاماة في جنيف، إنه على الرغم من احتدام المعارك واستمرارها، فإن السلطات الروسية قلقة بشأن قدرتها على التخفيف من الضربات الاقتصادية للعقوبات والحفاظ على مئات الآلاف من الوظائف، وتفضل عدم خروج المستثمرين الغربيين. 

ونبه لافروف إلى أن مشروع قانون يتم تداوله في مجلس الدوما (البرلمان) سيسمح للمستثمرين الأجانب "بالحفاظ على أصولهم والتواجد الفعلي لأعمالهم في البلاد، وإمكانية العودة إلى روسيا في حالة خروجهم القسري".

وفي أعقاب العقوبات الغربية، شددت روسيا قواعد التأميم، إذ لا يمكن للشركات الأجنبية بيع الأصول إلا بموافقة وزارة المالية الروسية، الأمر الذي قد يستغرق من ستة شهور إلى 12 شهرًا.

وتحتاج الشركات العاملة في "قطاعات استراتيجية"، بما في ذلك النفط والبنوك، إلى موافقة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بشكل شخصي.

وقالت شركة هاينكن الهولندية لصناعة المشروبات الكحولية إن مثل هذه العقبات أخرت جهودها لسحب الاستثمارات.

وبعد وقت قصير من إعلانها في مارس الماضي أنها ستتوقف عن بيع بيرة هاينكن في روسيا، قالت الشركة إنها "تلقت تحذيرات رسمية من المدعين الروس" بأن قرار تعليق أو إغلاق فرعها الفرعي في روسيا سيعتبر إفلاسًا متعمدًا، وهو جريمة جنائية يمكن أن تؤدي إلى التأميم.

وقال مصنع البيرة، الذي يواجه نوعا من المقاطعة في الغرب بعد تقارير إعلامية عن استمرار فرعه الروسي في بيع بيرة أمستل وطرح أكثر من 60 منتجًا جديدًا العام الماضي، إن موظفيها في روسيا اضطروا إلى الحفاظ على المبيعات لتجنب الإفلاس و"التهديد الجدي للغاية" بالتأميم.

وقالت هاينكن إنها تتوقع خسارة مالية بنحو 300 مليون يورو جراء خروجها النهائي من روسيا.

وقد أثارت التفسيرات التي قدمتها الشركة الهولندية غضب العديد من النشطاء والسياسيين الغربيين على مواقع التواصل، الذين صوروا علب بيرة هاينكن في موقع تويتر كرصاص قاتل، ووصفوا الشركة بأنها "مؤيد فخور للإبادة الجماعية التي ترتكبها روسيا في أوكرانيا".

وكانت شركة "بريتيش بتروليوم" قد تصدرت عناوين الصحف بعد ثلاثة أيام من الغزو الروسي من خلال تعهدها بسحب ما يقرب من 20 في المائة من حصتها في شركة روسنفت النفطية التي تسيطر عليها موسكو، وهو قرار أدى إلى فرض رسوم قدرها 24 مليار دولار على دفاترها.

ولكن بعد مرور عام، لم تتنازل الشركة بعد عن أسهمها،  وألقت باللوم  في ذلك على "عملية مطولة"، مقيدة بالعقوبات الدولية والحكومة الروسية، التي تتمتع بحقوق موافقة فعالة على أي مشتر محتمل.

وتحاول شركات أخرى ترك الباب مفتوحًا للعودة، إذ تهدف شركة كارلسبرغ الدنماركية لبيع الجعة إلى إيقاف استثماراتها في روسيا بحلول منتصف العام الجاري.

لكن الرئيس التنفيذي للشركة، سيس تي هارت، قال إن شركته تسعى للحصول على شرط إعادة الشراء الذي من شأنه أن يمنحها الفرصة لإعادة شراء استثماراتها مرة أخرى.

وبالنسبة لرينو، فقد تضمن بيع مصانعها الصيف الماضي إلى كيان حكومي روسي بندًا حاسمًا يسمح لشركة صناعة السيارات بإمكانية إعادة شراء استثماراتها  في غضون ست سنوات.

وقالت الشركة إنها ستتعرض لضربة مالية قدرها 2.2 مليار يورو لمغادرة روسيا.

وفي غضون ذلك، يقوم المالك الروسي الجديد بإنتاج سيارات روسية، مصنوعة في الغالب من قطع غيار مستوردة من الصين.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa