سلامِه... مدير لبنان الكازينو

05/03/2023 09:09AM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

نحن نعيش في كازينو غينيسيّ المساحة وعدد المقامرين، بعدما تقاعَد أهل السياسة عندنا من همّ الناس، وتفرّغوا لاقتسام ما بقي من ثيابنا، ونحن عراة. وقد أَوكلوا إلى رياض سلامه، وأصحاب الحلّ والربط ماليّا، أمر تثبيت لبنان الكازينو، لا تثبيت سعر الصرف، وصرْفَنا من لبنان إلى المهجر أو إلى جنان الله الفسيحة.

كما دائما، يرتفع الدولار الأسود بشكل مخيف، يتدخّل رياض سلامه، يصفعه على خدّه الأيمن، ويرفع دولار صيرفة، فيهوي الدولار الأزعر عشرة آلاف ليرة، لتبقى الفارق الذي يريده المركزيّ وتوابعه وخزينة الدولة الفارغة، وذلك لتبقى منصّة صيرفة ذات مبرّر وفائدة، ويختلط حابل المقامرين بنابلهم، وتفتح المصارف أبوابها السبت والأحد أيضا، للمحظوظين... إنّه مشهد القتل الجماعيّ المستمرّ، في غياب تامّ لأيّ صرخة، على الرّغم من الموت الجَماعيّ كلّ يوم.

الدولار الجمركيّ بخمسة وأربعين ألف ليرة، ودولار رياض سلامه بسبعين ألف. ماذا يعني ذلك؟

بكلّ بساطة، هذا شكل من أشكال إعلان إفلاس الدولة رسميّا. وبالتكافل والتضامن بين السلطة السياسيّة المجرمة وأصحاب المصارف وزعماء الأحزاب الرأسماليّين، الذين يزدادون ثراءً وبطَرا واستقتالا على أرجُل الكراسي.

حين رُفِع الدولار الجمركيّ، منذ فترة، من الألف وخمسمئة ليرة إلى الخمسة عشر ألف ليرة، استبق الأمين العامّ للمقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، السيّد حسن نصر الله القرار الرسميّ، وأعلن أنّ هذا الرّفع ظالم وغير مقبول. ونزولا عند مشيئته لم يستطع المعنيّون بتشغيل الرافعات الدولاريّة أن يصلوا بدولار الجمرك إلى رقم أعلى. والآن ضُرِب الرّقم بثلاث، فلماذا لم يحرّك نصر الله ساكنا؟ ولماذا الآخرون، كلّ الآخرين، يلتزمون الصمت الخبيث؟

يريد الرئيس نجيب ميقاتي، صاحب الفخامة والدولة في آن، أن يؤمّن رواتب موظّفي القطاع العامّ بما شملها من إضافات، والاستمرار في خدمة الشركات المنتجة التي تحصّل فواتيرها استنادا إلى دولار صيرفة، وإن كان الثمن مزيدا من الانهيار والبُعد عمّا هو مطلوب منّا دوليّا، من إصلاحات بهدف مساعدتنا.

ما يحصل عندنا من معالجات قاتلة ماليّا واقتصاديّا سيزيد التهريب، والتهرّب الضريبيّ، والموت جوعا ومرضا وأمّيّة. وسيُحكِم قبضة زعماء السياسة والمال على أعناق الناس أكثر فأكثر. وهؤلاء الزعماء مرّروا الانتخابات قبل الإجراءات الماليّة المجرمة، ليتمكّنوا من الفوز بتفوّق، وهذا ما حصل. نالوا الأكثريّات، واكتسبوا شرعيّة دوليّة، فصار الانقضاض على الناس، الذين هم ناسُهم أمرًا سهلا. والشارع مخصِيّ، وخَصاؤه من صناعة السلطة وأحزابها وأحزاب "المعارَضة" وأصحاب المصارف، وفي مقدّمتهم الحاكم رياض سلامه الذي يضع في فم اللبنانيّين مَصّاصة جَماعيّة ماركة "صيرفة"، تُلهيهم عن التفكير بالنزول إلى الشارع، أو التمنّع عن العمل بشكل كامل، للضغط بِشَلّ كلّ مؤسّسات الدولة رسميّة وخاصّة شللا تامّا.

حين يصمت الجميع عن المعالَجة بالقَتل، يعني ذلك أنّ الصراع السياسيّ اللبنانيّ هو في معظمه صراع نفوذ ومحاصَصة. وعليه، فإنّ حياتنا ستزداد موتا، لأنّ الخارج ملهيّ عنّا، والداخل كلّه علينا، والشرعيّة والشارع فارِغان، والرّجاء مطلوب دائما، غير أنّ الفرج بعيد.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa