ميقاتي «يلجأ» إلى الفاتيكان وديبلوماسيته لكسْر المأزق الرئاسي في لبنان

17/03/2023 07:22AM

جاء في الراي الكويتية:

- ضجيج إسرائيلي حول عملية مجدو و«حزب الله»... على صمته

- الدولار «عيْنه» على العشرية الأولى بعد المئة ألف

الفاتيكان... الحدودُ اللبنانية - الاسرائيلية، وقصر العدل في بيروت.

«مثلثٌ» انشدّت إليه «بلاد الأرز» أمس مع تَشابُك العناوين السياسية والأمنية والقضائية فوق «برميل البارود» المعيشي الذي تزداد المخاوفُ من أن يشتعل بفتيل الدولار الذي يَمضي في خرق السقوف القياسية مناطحاً عتبة «العشرية الأولى» بعد المئة ألف.

ومع انسداد الأفق في الأزمة الرئاسية المستحكمة وعدم تبلور أي ملامح «خط رجعة» للأطراف المتصارعين عن «متاريس» ترشيحاتٍ بات كل منها يعطّل الآخَر، وفي ظل المخاطر الكبرى التي تترتّب على ترْك هذا الملف يغرق في رحلة انتظارٍ جديدة لمَفاعيل انفراجاتٍ إقليمية يُخشى أن يكون «الهيكل سقط على رؤوس الجميع» في الداخل قبل اتضاح كامل اتجاهاتها وحدودها، حَمَلَ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي «جبل الأزمات» اللبنانية إلى الفاتيكان علّ ديبلوماسيّتها النشطة تساهم في الدفع نحو «حفْر» مَخْرج للوطن الصغير من منعطف وجودي لم يعرفه منذ تأسيسه.


وعَكَسَ إصرارُ ميقاتي خلال لقائه البابا فرنسيس ومسؤولين آخرين في الكرسي الرسولي على تأطير طلب المساعدة لإجراء الانتخابات الرئاسية عبر اتصالات يقوم بها الفاتيكان مع المجتمع الدولي، حرص رئيس الحكومة على تفادي أي تظهير للأزمة الرئاسية، المستعصية على الحلّ منذ نحو 5 أشهر، على أنها «مشكلة مسيحية» بين أطراف هذا المكوّن اللبنانيين، وفي الوقت نفسه اقتناعاً بأن الـ «لبننة» ربما فات قطارُها في ضوء التخندق المستمرّ رغم «الشرارات» التي بدأت تتطاير من الواقع المالي – النقدي – المعيشي عشية حلول شهر رمضان المبارك على وهج أرقام موجعة لأسعار السلع تشي بوضع الأمن الغذائي لغالبية اللبنانيين في دائرة الخطر الكبير.

وخلال استقباله ميقاتي، جدّد البابا فرنسيس «إيمانه الراسخ بالرسالة التي يؤديها لبنان من خلال التعددية الثقافية والدينية التي تميزه وتجعله فريداً في المنطقة»، مؤكداً«ضرورة التكاتف بين المسؤولين اللبنانيين للخروج من الأزمات التي يواجهها لبنان وانتخاب رئيس جديد للبلاد».

من جهته، سلّم رئيس الحكومة البابا رسالة «تشرح الأوضاع في لبنان والمعالجات الممكنة التي يمكن للفاتيكان المساهمة في إنجاحها من خلال الاتصالات التي يقوم بها في المجتمع الدولي، لا سيما لإجراء انتخابات رئاسة الجمهورية»، معرباً عن اقتناعه «بأن رسالة لبنان على مر تاريخه، تنتشر اليوم في كل أرجاء العالم العربي، والتحدي الاساسي الماثل أمامنا هو المحافظة على هذه الرسالة وترسيخها وتعزيز قيم السلام والأُخوة».

ووجه ميقاتي دعوة للبابا لزيارة لبنان «كونها تمثل بارقة أمل للمسلمين والمسيحيين في لبنان على حد سواء، وفرصة لهم للالتفاف موحدين حول شخص قداسة البابا في مناسبة زيارته»، علماً أن رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم كان يعتزم زيارة بيروت في يونيو الماضي ولكنه أرجأ هذه المحطة لاعتبارات قيل إنها صحية ولكن أوساطاً عدة ربطتْها بعدم رضاه عما آل اليه الوضع في «بلاد الأرز» ولا رغبته في «تغطية» مرحلةٍ حسّاسة بين انتخاباتٍ نيابية (جرت في مايو) ورئاسية كانت كل المؤشرات تدلّ على أنها لن تحصل بمواعيدها الدستورية، وأيضاً تجنُّبه «استثمار» مثل هذا الحضور في أجندات سياسية من خارج ثوابت الفاتيكان في مقاربة الواقع اللبناني أزمات وحلولاً.

ولم يخرج لقاء ميقاتي مع أمين سرّ الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين ووزير الخارجية الكاردينال بول غلاغير عن السياق العام للمحادثات مع البابا حيث جرى «عرض للوضع اللبناني من جوانبه كافّة، وشدّد رئيس الحكومة على أهميّة مساعدة الفاتيكان لدى المجتمع الدولي، لإتمام انتخابات رئاسة الجمهورية»، مشيراً إلى أنّ «الكاردينال بارولين أكد بدوره الاستعداد لدعم لبنان في المجالات كافة».

الحدود اللبنانية - الاسرائيلية

في موازاة هذه الزيارة، ووسط تقارير في العاصمة اللبنانية عن محطة مرتقبة في 23 و24 الجاري لمستشارة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الادنى باربرا ليف ضمن جولة تقوم بها على الأردن ومصر وتونس، بقيت عيون بيروت على «جبهتين»:

* الأولى الحدود اللبنانية - الاسرائيلية في ضوء الالتباسات التي رافقت كشف تل ابيب عن ملابسات عملية مجدو «المعقّدة والمركّبة» التي أعطتها طابعاً «نوعياً» سواء لجهة طبيعة العبوة التي استُخدمت فيها أو جغرافيتها أو منفّذها وتحديداً لناحية كيفية وصوله إلى منطقة التنفيذ مع تأكيد اسرائيل أن المنفّذ تسلّل من الجانب اللبناني، وملمّحة إلى دور لـ «حزب الله» فيها يجري التدقيق فيه، وسط إيحاءات في وسائل إعلام عبرية بأن المتسلل قد يكون استخدم نفقاً «عابراً للحدود».

وفي حين أعلن الناطق الرسمي باسم القوة الدولية اندريا تيننتي في أن «اليونيفيل اطلعت على التقارير الإعلامية التي تفيد أن شخصاً تسلل إلى إسرائيل من لبنان،» مؤكداً أن «اليونيفيل لم تلاحظ أي عبور للخط الأزرق في الأيام الأخيرة»، بقي لبنان الرسمي غائباً عن السمع حيال هذا الحدَث الذي أكدت تل ابيب «أن مَن نفّذه سيندم وسنجد المكان والطريق المناسبين وسنوجه ضربة للمسؤولين» من دون أن يخفف من وطأة هذا الحدث عدم الجزم بهوية المنفّذ وجنسيته.

أما «حزب الله» فلم يَصدر عنه أي تعليق، وسط تقديراتٍ بأنه «لا يشتمّ» رائحة «مفاجأة اسرائيلية» عسكرية تجاه لبنان وأن صمته يشكل امتداداً لتأكيدات سابقة بأنه غير معني بالتعليق على «روايات العدو».

استجواب سلامة

* والجبهة الثانية تمثلت في أول استجواب يخضع له حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة في شبهات حول قضايا فساد واختلاس وتبييض أموال فُتحت في شأنها تحقيقاتٌ في عدد من الدول الأوروبية كما لاحقاً في بيروت حيث بات «الحاكم» مدعى عليه من القضاء اللبناني مع شقيقه رجا ومعاونته ماريان الحويك في الملف نفسه بجرائم «الرشوة والتزوير واستعمال المزوّر وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرّب الضريبي».

وغداة سقوط محاولة سلامة تَفادي الاستماع إليه أمام وفدٍ من المحقّقين الأوروبيين، وذلك عبر تقديم مذكرةٍ لم يأخذ بها القضاء اللبناني وتستند إلى مواد قانونية في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد «تتيح للسلطات اللبنانية إرجاء التعاون مع التحقيقات الأوروبية، بسبب تعارضها مع تحقيقاتها»، حضر حاكم «المركزي» أمس جلسة الاستماع إليه التي كانت مقرّرة الأربعاء حيث جرى استجوابه عبر قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبوسمرا، تنفيذاً لاستنابة قضائية قدّمتها نائبة رئيسة محكمة الاستئناف في باريس القاضية أود بوروزي (قيل إنها مثّلت في هذه الجولة من الاستجوابات الجانب البلجيكي أيضاً) وبحضورٍ ألماني على مستوى ديبلوماسي.

ولم تُكشف تفاصيل عن مجريات أكثر من خمس ساعات من المواجهة وجهاً لوجه بين سلامة - الذي دخل قصر العدل وخرج منه بسرية تامة - وبين بوروزي وسط اقتناعٍ بأن تَجاوُب «الحاكم» الذي حُدد له موعد لجلسة ثانية كمُستمَع إليه اليوم لطرح مئة سؤال جديد عليه، يأتي لإدراكٍ منه بأن لا مفرّ من الالتزام بطلب استجوابه من الوفد الأوروبي (كان أجرى جولة أولى من سماع شهود في يناير الماضي مع مديري مصارف ومسؤولين في المركزي) وذلك تفادياً لإجراءاتٍ بحقه في اوروبا بحال عدم امتثاله.

استقالة!

وتَرافَقَ سماع سلامة مع تطورين:

* تقارير (صحيفة «نداء الوطن») تحدثت عن أن «استقالته باتت في جيب ميقاتي»، وأنه أودع الأخير «كتاب الاستقالة ممهوراً بتوقيعه لكن من دون تحديد التاريخ بانتظار أن تحين اللحظة المناسبة للإعلان عنها في ضوء المستجدات القضائية».

ولم يهدئ نفي أوساط حكومية كما مصدر في مصرف لبنان هذا الأمر من المناخات التي شاعت عن أن «زمن سلامة» في حاكمية مصرف لبنان والمستمرّ (في رقم قياسي على مستوى العالم) منذ 3 عقود اقترب من الانتهاء (ولاية سلامة تنتهي أساساً أواخر مايو)، هو الذي يشكّل «صندوقة أسرارِ» حقبةٍ مديدة انطبعت بإعادة نهوض «بلاد الأرز» مالياً بعد الحرب الأهلية وبلوغها مرحلة من الاستقرار والنمو الكبير، قبل أن تدهمها الأزمات السياسية المتسلسلة منذ 2005 على متن صراع طاحن ذات امتدادات إقليمية، وتبدأ حقبة السقوط الحر خريف 2019 والتي أدارتْها السلطتان السياسية والمصرفية - النقدية بسوءٍ صار «مضرب مثل» في العالم، من دون أن تنتهي بعد الرحلة نحو القعر السحيق.

* إشاعات عن أن جلسة الاستماع إليه في قصر العدل ستشهد توقيفه، وهو ما أسقطته تلقائياً الوقائع القضائية التي ترتكز على أن الاستنابة القضائية التي تَجاوب معها لبنان تؤكد أنه مستمَع إليه وأن أي إجراء لاحق اوروبي بحق «الحاكم» يَسْري على أراضيها، وأن القضاء المحلي لم يحدّد بعد موعداً لاستجواب سلامة في «الملف اللبناني» بانتظار أن ينتهي الوفد الأوروبي من مَهمته.

وغداة تقدّم الدولة اللبنانية، ممثلةً برئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر بادعاء شخصي في حق كل من حاكم مصرف لبنان وشقيقه رجا وماريان الحويك وذلك تبعاً لادعاء النيابة العامة الاستئنافية في بيروت، طالبة توقيفهم وحجز أملاكهم العقارية وتجميد حساباتهم المصرفية وحسابات أزواجهم وأولادهم القاصرين لمنعهم من التصرّف بها حفاظاً على حقوق الدولة اللبنانية، اكدت اسكندر (حضرت جلسة سماع سلامة امس) لـ«العربية.نت» أن «الادّعاء لا علاقة له بالاستنابة القضائية الأوروبية»، لافتة إلى أنه «عندما تنتهي جلسات الاستماع إلى سلامة من المحققين الأوروبيين، يُحدد قاضي التحقيق موعداً لجلسة الاستماع إليه في قضية الادّعاء عليه من النيابة العامة التمييزية».

وأوضحت أن «النيابة العامة التمييزية أجرت تحقيقات بواسطة المحامي العام التمييزي القاضي جان طنّوس في شأن حاكم مصرف لبنان وشقيقه ومساعدته، وفي ختامها رفعت تقريراً طلبت فيه الادّعاء عليهم، وبما أن الدولة اللبنانية متضرّرة من جرائم الرشوة والتزوير واستعمال المزوّر وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرّب الضريبي التي وردت في الادّعاء، طلبت الحجز على أموالهم وممتلكاتهم إلى حين صدور القرار الظني».


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa