خلط أوراق في الملف الرئاسي والتسوية على الأبواب

كتبت نوال أبو حيدر في “السياسة”:

ما زال الشغور الرئاسي يخيم على قصر بعبدا، من دون أن تنجح حتى الآن أي مبادرة في إحداث خرق يؤدي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وأصبحت الأزمة أكثر وضوحًا في ظلّ الانقسام بين القوى السياسية.

مع استمرار تأرجح المواقف والتحليلات بين تفاؤل وتشاؤم، الشيء الوحيد الذي تغيّر هو انتقال الثنائي "أمل" - "حزب الله" من الورقة البيضاء إلى تسمية مرشحهما رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، فالموقف المضمر بات معروفًا.

ووعد الثنائي الشيعي كان صادقًا، ولكن يبدو وكأنّ الواقع الإقليمي والعربي يوحي عكس ذلك تمامًا.

ترشيح سليمان فرنجية: إحراجه لإخراجه!

وأمام هذه الوقائع، وفي حديث خاص لـ "السياسة"، أكدّ الصحافي والمحلل السياسي طوني بولس، أنّ " إعلان ترشيح سليمان فرنجية سقط، فالموقف المضمر معروف، باعتبار أنّ المنطقة ككل أصبحت ضمن مرحلة جديدة، وتجربة الـ6 أشهر برهنت أنّ الفريق الداعم لفرنجية، أيّ الثنائي الشيعي لا يستطيع إيصاله إلى سدّة الرئاسة".

ومن الواضح، بحسب بولس، أنّ "اليوم يتم البحث عن أسماء جديدة بديلة، تواكب التغيّرات الإقليمية والدولية وتواكب اتفاق بكين الذي بدل كثيرًا في المقاييس، في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو الحوار، فالممانعة في لبنان لا تستطيع إيصال رئيس للجمهورية، وهو الأمر الذي بات محسومًا".

فعمليًا، رأى بولس أنّه "يجب تكثيف المفاوضات الداخلية لإيصال رئيس يكون جزءًا من هذا التغيّر الإقليمي الكبير".

رؤية "2030"... لبنان جزءا منها؟

لبنان اليوم أمام قيادة سعودية جديدة، تعتمد رؤية "2030" ، التي ترتبط بدور السعودية في لبنان وتطوره الاقتصادي، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان قد تحدث عن ضرورة تحويل الشرق الأوسط إلى أوروبا الجديدة.

أما بشأن الرئيس اللّبناني المستقبلي، قال المحلل السياسي، طوني بولس: "يجب أن يكون منفتحًا على هذه الرؤية وباستطاعته أن يكون جزءًا من هذا العالم".

ولفت إلى أنّه "يتم النظر إلى رئيس وسطي، والأسماء الجديّة المطروحة للرئاسة هي التالية: قائد الجيش جوزيف عون، شبل الملاّط، صلاح حنين وجهاد أزعور أو أي اسم شبيه لهذه الخيارات".

ميقاتي يتصل بكنعان مهنئًا... المزاج الرئاسي اقتصادي؟

ووفق المعلومات، فإن اتصالًا حصل بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان، مهنئًا إيّاه على اعتباره أنّ البطريرك الماروني بشارة الراعي يدفع به قدمًا إلى الرئاسة.

ففي هذا السياق، قال بولس: "ابراهيم كنعان يمتلك البُعد الإقتصادي الذي يجب أن يتحلّى به رئيس جمهورية لبنان في الظرف الراهن، ولكن طرحه لم يتحوّل بعد إلى ترشيح جدي، لا من قبله ولا من قبل التيار الوطني الحر".

باسيل يستدرج "القوات" رئاسيًا من بوابة بكركي

وتعليقًا على اتجاهات باسيل المستقبلية، فاعتبر بولس أنّه "يحاول خوض لعبة جديد وهي "معراب 2"، ومما لا شك فيه أنّ القوات اللّبنانية تقفل بوجهه هذا الطريق، لذا يحاول ترميم العلاقة من خلال قنوات الكنيسة وبكركي عبر إجراء حوار مسيحي – مسيحي، يتم خلاله الاتفاق على مرشح لرئاسة الجمهورية، ليعود إلى الساحة اللّبنانية عبره من جديد.

وفي موازاة ذلك، أشار بولس إلى أنّ " الاستحقاق الرئاسي بطبيعته وطني، والخلاف وطني بين قوى تريد دولة في لبنان وبين قوى أخرى تابعة لحزب الله تعمل جاهدة لإيصال مرشحها". 

الاستحقاق الرئاسي: التسوية حتماً!

وفي طبيعة الحال، بات أخطر ما في الواقع اللبنانيّ أنّه اصبح متفلتًا، وأكبر من أي محاولة للإمساك به والحدّ من تداعياته، وإعادة تصويب مساره في الاتجاه المعاكس للمنزلق الكارثي الذي يهوي فيه.

وانسجامًا مع الجو الإقليمي، أوضح بولس أنه " ثمة مسار إيجابي فيما يخص رئاسة الجمهورية، ولبنان مضطر للإنسجام والإنخراط بهذه الأجواء والمتغييرات الإقليمية والعلاقات الدولية التي استجدت في الآونة الاخيرة، وإلّا لبنان متجه نحو الزوال وعلى اقتتال وافلاس داخلي وبالتالي تفتت الدولة اللّبنانية بشكل كامل".

ومع ذلك ما زالنا نلمح بصيص أمل في حالة وحيدة لا مفرّ منها في نهاية المطاف، لذا شدّد بولس على ضرورة "الإسراع  إلى تسوية لفتح الأفق السياسي على انتخاب رئيس للجمهورية كمقدمة لإعادة تكوين السلطة والإمساك بزمام الأمور".

في مطلق الأحوال، الملف الرئاسي دخل مرحلة العدّ العكسي، في انتظار اتضاح كلمة السر حول هوية الرئيس المستقبلي الإنقاذي.