رَحل ماركوس…من المحظوظ من يموت باكرًا أو من يتأخر!

17/03/2023 08:10PM

كتب رامي نعيم في "السياسة":

لست أدري من هم المحظوظون! الذين يموتون باكراً أو الذين يتأخّرون. لست أدري من أقرب الى الله الذين يعودون اليه صغاراً أو الذين يعودون هرمين مُتعبين! رَحَل ابن أختي ريتا، الشاب ماركوس عمسو عن عُمر ناهزَ ٢٣ حلماً. "ومن يعرف ريتا ينحني ويصلّي للعيون العسلية". ليس بين ريتا وبيني بندقية… بين ريتا وبيني وَجعٌ يمتدّ من السويد الى بيروت، وسرب حمام نزار بات سرب غربانٍ تائهة. بين ريتا وبيني بُكاء طفلين وغيرة أخت كُبرى وحرمان وشوق وغربة وعذابات. ولمن لا يعرف ريتا لا يعرف معنى العذاب، وكأنّه طُوّب باسمها مذ ولَدتها أمّ لم تلدني.. ريتا حاملة مرض السكري المزمن من طفولتها، ويتيمة الأب الذي فارقها ولم يُفارق الحياة، غرب وجهُها عنّا منذ طفولتها وغادرتنا الى المهجر. اعتادت على الصبر وعلى حمل الصلبان الواحد تلو الآخر الى أن طلب منها إلهها أن تحمل الجلجلة. ريتا الأم التي أعطت أولادها ما حُرمت منه لا تستحق موت صغيرها. وهنا لا تسألوني عن الإيمان وعن الله وعن دياناتكم التي لا تعنيني بشيء هنا ، وفقط هنا كونوا ريتا لدقيقة واذا استطعتم الصمود فثرثروا…

لم أشبع من ماركوس… بُعد المسافات حرمني رائحة وجوده، فالاتصالات وعلى حداثتها لم تصل بعدُ الى نقل الرائحة. فيه منّي الكثير ومن أخي دوري أكثر. فيه نخوة أبيه وعاطفة أمّه وفيه شلش لبنانيّ مغروس على عمق ١٠٤٥٢ متراً… في آخر زيارة له الى لبنان كان ماركوس مدركاً أنه لن يعود! رفض الرّحيل ونهَم من كل ما من حوله. غَمرنا وهو يهمّ بركوب الطائرة وكأنه يريد اصطحابنا.. شبّع نظره منّا وكأنه لم يعرفنا من قبل… هكذا فعلَ قبل أن يغادر منزل والديه في السويد يوم الحادثة… قال لي والده يعقوب: "كان النور يخرج من وجهه"! وَخرج في سيّارة جدّته ليفقد سيطرته عليها بسبب الجليد ويموت… لستُ أدري اذا كان محظوظاً أم لا لكنّني على يقين بأننا سنبقى ننزف جليداً حتى القبر وبأننا لن ننسى أن ريتا لا تستحق ذلك.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa