يَشفي... ويُحارَب لأنّه أرخص

18/03/2023 07:16PM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

في المستوصَفات الخيريّة يتكوّم اللبنانيّون كحبّات الدواء في الحنجور. ينتظرون بالدَّور، من السادسة صباحا، (قبل فتح المستوصف)، حتّى ساعات ما بعد الظّهر، ليحصلوا على ما توافر من أدويتهم المزمنة. ومن المستوصفات ما كان يؤمّن الدواء كلّ شهر، فبات كلّ شهرين أو ثلاثة، بعدما ارتفعت أسعار الدواء عندنا بشكل جنونيّ، لأنّها أصبحت موصولة بدولار السوق السّوداء، ولها أسعارها اليوميّة مثل المحروقات.

رُفِع الدعم عن الدواء، وبقيَت الصيدليّات تعاني من الوصول إلى الأدوية. وفي الوقت نفسه يعاني اللبنانيّ من تعذّر قدرته على شراء الدواء. غير أنّ ما لا يُفهَم، لماذا لا تسهِّل الدولة استيراد الأدوية من الخارج الذي مدَّنا بالدواء منذ بضع سنوات، ولم يكن من مشكلة في الاستيراد؟

فعلى سبيل المثال، كان الدواء التركيّ يصلنا بسهولة، عندما كانت الصيدليّات تبيع كلّ شيء إلّا الدواء، لأنّه مفقود.

ومع بلوغ الدّواء اللبنانيّ أسعارا لا يستطيع المواطن دفعها، لم يعد أمامه سوى خيار من اثنين: أن يذهب إلى موته بسبب حرمانه من الدواء، أو أن يعمل المستحيل ليصل إلى علاجه من أيّ بلد.

إنّ الدولة تعتبِر عدم فتح باب استيراد الدواء على مصراعَيه خطوة جبّارة في دعم تصنيع الدواء اللبنانيّ، وللأسف لقد جعلَت هذه الخطوة المريض اللبنانيّ في مصيبة أكبر. وصلبَته على أبواب المستوصفات المجانيّة، واستجداء علبة "بَنادول" من أيّ وافِد إلى بلاد الأرز المنكوبة.

وتجدر الإشارة إلى أنّ المستوصفات تتبرّع لنا بأدوية، معظمُها لا ينتمي إلى الصناعة اللبنانيّة، فكيف يكون دواء الضّغط الذي يأتي به المستوصف من تركيّا، مثلا، لا مشكلة فيه، بينما تُنَظِّم حملات إعلاميّة مبرمَجة لاتّهام الدواء المستورَد؟

من واجب الدولة، إلى جانب تشجيع الصناعة الوطنيّة، مساعدة مواطنيها الجائعين، بالمعنى الحقيقيّ، وفتح باب الاستيراد لأيّ دواء، وتنظيمه، ولاسيّما الأدوية المزمِنة التي هي، في بعض الدول، أرخص بكثير من عندنا.

لا شكّ في أنّ التزوير القاتل للدواء وارد، وقد حصل في بعض أدوية السرطان الخياليّة الثمن، ومن واجب الدولة ووزارة الصحّة مراقبة ما شرَد وما ورَد على هذا المستوى، غير أنّ الأدوية الدائمة الاستعمال، للضغط أو للقلب أو للأعصاب... ليس فيها أيّ مشكلة، ولا مانع من المراقبة والفحص، وقد أعلن كثيرون من أهل الطبّ والصيدلة، عبر وسائل الإعلام، أنّ الأدوية المتواضعة الثمن، قياسا إلى بعض أدوية السرطان، لا اهتمام في تزويرها، لأنّه ليس ذا ربح وفير.

تحتاج مشكلة الدواء عندنا إلى الوضوح، والشفافيّة، والمنطق، والعدل، في إيجاد الحلول المناسبة لها. والاستيراد عندنا من البابوج إلى الطربوش، شرعيّا وغير شرعيّ، فهل أصبحت المرجلة على اللبنانيّ الذي ما معه ثمنُ علبة الدّواء؟


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa