بعد كارثة الزلزال.. عاصفة تقتلع آخر ملاذات المنكوبين في شمال سوريا

30/03/2023 07:53PM

كتبت ضياء عودة في الحرة:

لم يلبث السكان في شمال غرب سوريا أن يخرجوا من تداعيات كارثة الزلزال المدمّر حتى حلّت عليهم "عاصفة" اقتلعت آخر الملاذات التي قصدوها للعيش مضطرين، خلال الفترة الماضية، بعدما انهارت منازلهم وتصدعت وأصبحت غير صالحة للسكن.

ورغم أن هذا الحال بات ملازما لتلك البقعة من البلاد في كل عام، إلا أن الحلول لمواجهته تبدو "معدومة"، فيما تدور جميع خطوات الاستجابة الإنسانية في حلقة مفرغة، وضمن سياق آني وليس على المدى البعيد، حسب ما يقول عمال إغاثة لموقع "الحرة".

ووثقت منظمات إنسانية وعمال الإغاثة، خلال الساعات الماضية، وفاة رجل وطفلة وإصابة العشرات في مخيمات النازحين في شمال غرب سوريا، بعدما ضربت عاصفة هوائية المنطقة، مسفرة من جانب عن اقتلاع مئات الخيام، بينما نتج عنها انهيار العديد من الأسقف والجدران المتصدعة في المنازل، التي تضررت بفعل الزلزال.

وذكر "الدفاع المدني السوري"، يوم الخميس، أن الطفلة توفيت إثر انهيار جدار عليها في مخيم الحويجة في قرية بريف إدلب الشمالي، بينما توفي الرجل بحادث مشابه في قرية كورين جنوبي المحافظة.

وقال الفريق الإنساني إن حجم الأضرار التي خلّفتها العاصفة الهوائية توزعت على 15 مخيما تضم أكثر من 320 خيمة للمهجرين والمنكوبين من الزلزال، بينما أشار فريق "منسقو الاستجابة" إلى أن عدد المتضريين من السكان بلغ 31.644 نسمة، بينهم 8.526 امرأة و16.439 طفل. 

"لم تسلم أي خيمة"

وتعتبر مناطق شمال غرب سوريا أحد أكثر المناطق في البلاد التي خلّف الزلزال المدمّر فيها أضرار كارثية، سواء من زاوية أعداد الضحايا أو المتضررين والمشردين، الذين باتوا خارج منازلهم، واضطروا مؤخرا إلى العيش ضمن خيام بدائية الصنع.

ولم تقتصر آثار العاصفة التي حلّت ليلتي الأربعاء والخميس على مخيمات التهجير ومراكز إيواء الناجين من الزلزال فقط، بل امتدت إلى معظم مدن وبلدات المنطقة الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة.

كما أدت إلى انهيار عدة جدران في أبنية متصدعة جراء الهزات الارتدادية أو الأبنية القديمة والمباني، التي تعرضت للقصف من قوات النظام وروسيا خلال السنوات الماضية من عمر الحرب.

ويوضح نائب مدير "الدفاع المدني السوري"، منير مصطفى أن الجزء الكبير من المخيمات المتضررة بفعل العاصفة هي "مخيمات إيواء لمنكوبي الزلازل، كونها بنيت على عجل خلال الأسابيع الماضية".

ويقول لموقع "الحرة": "الأضرار في الأصل تركزت في الجزء المتضرر من الزلزال، في عدة بلدات وقرى بريف إدلب الغربي، وصولا إلى الريفين الجنوبي والشمالي، امتدادا لريف حلب الغربي".

وتعكس آثار المنخفضات الجوية استمرار الواقع المأساوي في المخيمات في ظل غياب حلول فعالة لواقع المهجرين، في وقت فاقمت كارثة الزلزال من معاناة المدنيين بعد اضطرار أكثر من 40 ألف عائلة للعيش في مخيمات الإيواء بسبب فقدانهم لمنازلهم.

ويضيف مصطفى أن فرقهم "حاولة الاستجابة للكارثة الحالية ضمن القدرة"، وأنهم أجلوا خلال الساعات الماضية العديد من العائلات المتضررة، سواء داخل المخيمات أو ضمن المنازل التي انهارت جدرانها، بسبب الرياح القوية.

"الأضرار في الواقع أكبر بكثير"، ويتابع المسؤول الإنساني أنه "لا يوجد خيمة إلا ما تضررت بسبب العاصفة الهوائية، والأسوأ أنها ما حصل جاء بعد يومين من عاصفة مطرية وسيول وكانت أضرارها كبيرة".

بدوره تحدث مدير فريق "منسقو الاستجابة" الإنساني، محمد حلاج أن منطقة شمال غربي سوريا تعاني من "مشكلة هائلة"، ولاسيما أن أعداد النازحين تضاعفت وكذلك الأمر بالنسبة للخيام، بعدما ضرب الزلزال المنطقة.

ويوضح حلاج لموقع "الحرة" أن عدد النازحين ازداد حوالي 220 ألف نسمة، منذ كارثة السادس من شهر فبراير، وأن "ما زاد من حجم الأضرار خلال الأيام الماضية حلول عاصفتين متتاليتين، الأولى مطرية والثانية هوائية".

لماذا يتكرر المشهد؟

وتعرضت مناطق شمال غربي سوريا لعدد من العواصف الشتوية المطرية منها والثلجية والعواصف الهوائية، كانت آخرها العاصفة المطرية في 18 مارس الحالي، وأدت إلى تضرر أكثر من 650 خيمة في 40 مخيما للمهجرين ومراكز الإيواء المؤقتة للمنكوبين من الزلزال.

كما أصيب جراءها طفل بجروح طفيفة، وانهارت محلات تجارية، إضافة لانقطاع عدد من الطرقات في المدن والبلدات.

ويبلغ أعداد النازحين السوريين في الشمال السوري نحو 2.1 مليون نازح، من أصل أكثر من 4 ملايين سوري يسكنون مناطق سيطرة المعارضة السورية. 

لكن هذا الرقم من النازحين، ووفق منظمات إنسانية ازداد على نحو أكبر منذ قرابة الشهرين، وفي أعقاب انهيار العديد من المباني وتصدع أخرى، بسبب الزلزال المدمّر، وما تبعه من هزات ارتدادية.

ومع أن المخاوف والتحذيرات الإنسانية تزاداد في كل عام بشأن الواقع المأساوي ذاته الذي تتعرض له المخيمات في شمال غرب سوريا أثناء الهطولات المطرية الغزيرة والظروف الطبيعية الأخرى، إلا أنها تعجز عن احتواء أزمة باتت روتينية.

ويقول المسؤول في "الدفاع المدني"، منير مصطفى إن "الأعمال التي نقوم بها هي أعمال استجابة طارئة في المخيمات، ولا نستطيع العمل على خطوات استدامة دائمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى".

ويضيف: "دائما نركز على نقطة مهمة أن العمل في المنطقة يتم في حلقة مفرغة ودوامة لأن الأضرار تتكرر سواء في الشتاء أو الصيف، بينما المأساة مستمرة دون أي شيء جديد لتغيير الواقع الذي يعيشه السكان".

ووفق مصطفى فإن "الشيء الوحيد لإنهاء المأساة القائمة هي عودة الناس إلى منازلها ومحاسبة النظام السوري وروسيا".

من جهته يشير مدير "منسقو الاستجابة"، محمد حلاج إلى "نقطة خلافية" لطالما أثاروها مع المنظمات الإنسانية والوكالات الدولية، وهي أن "الخيام في شمال غرب سوريا انتهى عمرها الافتراضي، وباتت غير قادرة على مواجهة العوامل الجوية".

ويوضح أن "أغلب الخيام في المنطقة عمرها أكثر من 7 سنوات، دون تجديد"، بينما يشير إلى أنه تم إنشاء مراكز إيواء في أعقاب كارثة الزلزال، والاعتماد على ما يعرف بـ"سلة المأوى"، وهي "سلة مؤقتة" يمكن أن تنصب كهيكل يشبه الخيمة، لكن مع صلاحية لا تتجاوز ستة أشهر. 

وكان الزلزال قد تسبب بمقتل نحو ستة آلاف شخص في أنحاء سوريا، ملحقا دمارا واسع النطاق بخمس محافظات سورية، خصوصا في محافظة إدلب ومناطق في ريفي حلب الشمالي والغربي.

وفاقم الزلزال الظروف المعيشية للسكان سوءا، بينما يحل شهر رمضان هذا العام في وقت بلغت الاحتياجات الغذائية في سوريا أعلى مستوياتها منذ اندلاع النزاع قبل 12 عاما، وفق ما أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي.

ويعاني 12.9 مليون شخص حاليا من انعدام الأمن الغذائي، وحذّر البرنامج من أنه ما لم يحصل على تمويل إضافي سيضطر إلى قطع (المساعدات) عن 3.8 ملايين شخص من إجمالي ثمانية ملايين بحلول شهر يوليو.

ولا يرى حلاج أي حل بعيد المدى لوقف مآسي النازحين في شمال غرب سوريا، سوى "اللجوء للحل السياسي"، لكنه ومع ذلك يقول إن البلاد "بعيدة عنه"، وهو الذي يضمن عودة ما لا يقل عن مليون مدني إلى منازلهم بشكل كامل.

ومن جانب آخر اعتبر حلاج أن "الحل الأنسب حاليا في المنطقة هو الكرفانات التي وصل قسم كبير منها إلى تركيا مؤخرا، وقسم آخر عبر إلى الداخل السوري"، موضحا: "هذا المسكن أفضل من الخيام بكثير، ويمكن الاستفادة منها فيما بعد، وقد تستخدم كغرف صفية وعيادات طبية، ولها ميزة بالقدرة على التحريك بين منطقة وأخرى".

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa