عبد الساتر: لبنان سيقوم إن جرؤنا والتزمنا وتحرّكنا وعمِلنا

09/04/2023 06:46PM

احتفل رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس عبد الساتر بقدّاس أحد القيامة في كاتدرائيّة مار جرجس المارونيّة في بيروت، عاونه فيه النائب العام المونسنيور اغناطيوس الأسمر والقيّم العام خادم الكاتدرائيّة الخوري جورج قليعاني، بحضور عدد من الإكليريكيّين في الأبرشيّة والنائب نديم الجميل وحشد من المؤمنين.


وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران عبد الساتر عظة جاء فيها:

"بزغ الضوء فجر ذاك الصباح كما يفعل كلَّ فجر. وكان الناس نيامًا كما يكونون كلَّ فجر. والمدينة ساكنة كما كلّ يوم. كلُّ شيء يبدو عاديًّا، طبيعيًّا. هكذا يبدو، بينما في الحقيقة كلُّ شيء تغيّر ولم يعد أيُّ شيء عاديًّا وطبيعيًّا.

فالحجر دُحرج والقبر فرُغ من ساكنه وابتُلع الموت وكُسرت شوكتُه وخرج من الجحيم المحبوسون فيه منذ دهور. لم تعد تنتهي حياة الإنسان في القبر المظلم أو في التراب بل في النور وفي قلب الله الآب. ولم يعد الموت المصدر الأوّل لخوف الإنسان إذ تحوَّل إلى وصلة بين مرحلتين من حياة المؤمن والمؤمنة، وصار أيضًا موعدًا بلقاء جديد مع من غيّبهم عنّا.

في العماد تتحقَّق القيامة في حياة من يعتمد لأنَّه يموت مع الرَّب ويقوم معه إنسانًا جديدًا، إنسانًا مخلَّصًا لا سلطان للموت عليه. فلنفرح كلُّنا لأننا قائمون من الموت ومنتصرون عليه بالرّب يسوع. فلنفرح لأنّ ساعة موتنا هي ساعة لقائنا بالعريس المنتظر وساعة بداية مرحلة جديدة من حياتنا مع الله وفي الله. البعض يشكِّك بالقيامة وبأنَّ الحياة تكمِّل بعد الموت في قلب الله، ولكنَّنا نحن المعمدّين نؤمن بأنَّها حقيقة ونسهر منتظرين ساعة اللقاء وجهًا لوجه.

ويقول الشاب المتوشّح حلَّةً بيضاء لحاملات الطيوب: "إذهبن وقلن لتلاميذه ... إنه يسبقكم إلى الجليل. ..." ولأنّ الموت هو جمود فالقيامة هي حركة وعمل. فكان على التلاميذ من بعد القيامة ألّا يبقوا جامدين ومختبئين في العليَّة بل أن يتحركوا ويخرجوا من مخبئهم وينطلقوا إلى الجليل. ونحن أيضًا مدعوون إلى الحركة والعمل.


في زمن القيامة هذا، مسيحيّون عديدون يتمنون قيامة وطننا لبنان وكأنّهم بهذه العبارة ينتظرون تحركًا من أحد ما، من الشرق أو من الغرب، أو معجزة من الربّ تعالج حال لبنان وتعيد إليهم الرخاء الذي كانوا يعيشون فيه. وكأنَّ لا دور لهم في تحقيق هذه القيامة. وكأن قيامة لبنان هي فقط في عودة الرخاء إليه.

نسينا نحن المسيحيّين أن قيامة المسيح تُلزمنا نحن أوّلاً التحرّك والعمل من أجل قيامة لبنان التي تعنينا حتمًا كما تعني إخوتنا في الوطن. نسينا أن التحرّك الخارجي قد لا يأتي وإن أتى فقد يكون ثمنه باهظًا. ونسينا أنّ العجائب هي للأمور المستحيلة وقيامة لبنان ليست واحدة منها ويمكن تحقيقها ببعض الخيارات والخطوات ومنها:

-أن أختار أنا المسيحي لبنان وطنًا نهائيًّا لي فلا أتركه بل أستثمر فيه تعبي وحياتي. فأنا أتفهم البعض إن اختار أن يترك البلد من أجل لقمة عيش ولكن لا أفهم أن يتركه من أجل حياة رغيدة اعتاد عليها.

-أن أنتخب للنيابة والبلديّات والخدمة العامّة أناسًا نزيهين لا مصالح شخصيّة لهم مع أحد من الفاسدين ولديهم الكفاءة، وأن لا أدعم أحدًا لأنّه أمَّن لي متري زفت أمام الباب أو وظيفة عامّة لولدي أو لأنّه شاركني في مصاب أليم.

-أن أختار النزول إلى الشارع، حين يلزم، من أجل المطالبة بحقّ أو برفع ظلم أو بمحاسبة فاسد أو من أجل المحافظة على كرامة الإنسان، وأن لا أنزل إلى الشارع لأسباب طائفيّة أو حزبيَّة أو من أجل نشر الفوضى ودعم الفاسد الحاكم.


-أن نتوقف عن نهب بعضنا البعض وأن نعود إلى العونة، مسيحيّين ومسلمين معًا، التي ساهمت في بناء قرانا وفي استمرار عائلاتنا على الرغم من الضيق المادي الذي عرفه لبنان في تاريخه. وأن نكتفي بالمال الحلال ونعمل من أجل حياة كريمة للجميع.

-أن نعي أنّ الرخاء الذي يتمنّاه البعض لا يأتي إلّا على حساب الغير وأنّه ليس علامة على قيامة لبنان. فلبنان كان وبقي بالأخوّة بين أبنائه وبناته، وبالمحافظة على كرامة الإنسان فيه وبالعلم والتعليم والثقافة لكل أولاده.

أخواتي وإخوتي، قام المسيح وأعطانا الحياة. ولبنان سيقوم إن جرؤنا والتزمنا وتحرّكنا وعمِلنا. وإلّا فلا قيامة له ننتظرها.

المسيح قام، حقًّا قام!

المسيح قام، حقًّا قام!

المسيح قام، حقًّا قام!

ونحن شهود على ذلك".

وبعد القدّاس الذي خدمته جوقة قاديشا بقيادة الأب يوسف طنّوس الراهب اللبناني الماروني، استقبل المطران عبد الساتر المهنّئين بالعيد في صالون الكاتدرائيّة.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa