مَن يحمي لبنان... مِن جنوبه؟

02/06/2023 07:14AM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة"

منذ اتّفاق القاهرة، سنة ١٩٦٩، ولبنان جغرافيًّا مُصاب في جنوبه بمرض مُزمن، يعيش على حساب غياب الدولة، وتُطيل عمرَه بواريدُ متعدّدة، تختفي واحدة منها، وتظهر أخرى، بحسب رياح السياسة الإقليميّة والدّوليّة.

لقد انتزع هذا الاتّفاق ورقة السيادة من الدولة اللبنانيّة بشكل واضح، وترك مسألة السلم والحرب في يد منظّمة التحرير الفلسطينيّة أوّلا، ثمّ في يد الأحزاب التي تعاقبت على مصادرة الساحة الجنوبيّة، التي احتكرت الشهادة في القتال ضدّ العدوّ الإسرائيليّ فقط، فبالنسبة لبواريد الجنوب المتعدّدة، لا شهداء للمقاومة اللبنانيّة ضدّ الاحتلال السوريّ، على سبيل المثال، أو ضدّ بعض الفصائل الفلسطينيّة التي استهدفت في بعض الأوقات الداخل اللبنانيّ، ومنه الجيش.

ليست عودة الحزب السوريّ القوميّ الاجتماعيّ عسكريّا إلى الجنوب حدثًا عاديّا، وليس إطلاق الصواريخ الفلسطينيّة نحو إسرائيل، من جنوب لبنان، في الأمس القريب نشاطًا مقاوِمًا عاديّا، في زمن التسويات الإقليميّة الذي نمرّ به الآن.

ما نَشهده جنوبًا، اليوم، يؤكّد أنّ المقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، واستجابةً لولاية الفقيه، أخذت فترة طويلة من الاستراحة، في سياق اتّفاقات وتسويات إقليميّة ودوليّة، حملَت من ضمن تواقيعها توقيعَ إيران، ما يعني أنّ أمرًا ما يُحَضَّر في الجنوب اللبنانيّ، لرسم مشهديّة "نضاليّة" جديدة، قد تكون في التنسيق والتخطيط الحقيقيَّين مع حزب الله، وقد تكون مفروضة عليه بشكل من الأشكال، وبِتدخّل سوريّ ما، فبشّار الأسد العائد إلى جامعة الدّول العربيّة، ليس مسلوب الأوراق كلّها، كما يظنّ البعض، وهو لا يزال فاعلًا، وصاحب تأثير كبير على المستوى السياسيّ والأمنيّ في لبنان.

وللأسف، لم نلحَظ استنكارا لما ينتظرنا جنوبا، بحجم الحدث وأبعاده، ولم نرَ جبهة لبنانيّة ذات صوت مُدَوٍّ، توحي بالحفاظ على شيء من السيادة الوطنيّة، ولَو على مستوى الخطاب السياسيّ لا أكثر. 

لا شكّ في أنّ أهل السياسة عندنا، والمرجعيّات الدينيّة، مسؤولون عمّا قد يواجهنا، في أيّ وقت، من مصائب ستدخل من نوافذ الجنوب إلينا، وذلك بحجّة غياب الدولة اللبنانيّة، التي من واجبها ضبط الأمن على كلّ أراضيها.

بكلّ تأكيد، ما يقوم به الحزب القوميّ السوريّ مثير للاستفزاز، فهو يتحدّى الدولة بكلّ سلطاتها، ويبرّر الفلتان الأمنيّ وحمل السلاح، خارج إطار الشرعيّة اللبنانيّة.

من أين يأتي القوميّ السوريّ بالسلاح؟ مَن يدرّبه وأين؟ متى سيطلق النار؟ مَن سيعطيه الأوامر؟ هل ستنتقل عَدْوَاه إلى آخرين؟...

أسئلة في غاية الأهميّة والخطورة، والمطلوب من السلطة السياسيّة في لبنان أجوبة ولَو بالحدّ الأدنى. وإلّا ستأتي الأحداث، وتعطينا أجوبة لا طاقة لنا على تحمّل نتائجها.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa