موظّفو القطاع العام: ضحايا كلّ الأزمنة.. فما مصيرهم؟

02/06/2023 10:21AM

كتبت نوال أبو حيدر في "السياسة": 

بعد أكثر من شهر على إقرار الحكومة اللّبنانية زيادة أربعة رواتب لموظفي القطاع العام، إضافة إلى الراتبين اللّذين أُقرا سابقًا و450 ألف ليرة كبدل نقل، يستمرّ الموظفون بالإضراب. حيث أعلنت الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة، الإضراب العام والشامل في كلّ الإدارات لمدّة أسبوعين ابتداءً من الإثنين 29/05/2023 لغاية الجمعة 09/06/2023 ضمنًا، على أن تبقي اجتماعاتها مفتوحة مواكبة لأيّ جديد وتحدّد التحركات المناسبة في حينه.

وكانت قد أشارت الرابطة، في بيان، إلى أنّه على مدى سنوات الأزمة، لم يمرّ يوم على موظف الإدارة العامة إلّا وترحم على أمسه، مع حكومة إنقاذ سابقًا إلى حكومة تعافٍ أطلق لها العنان لتصّرف المهم والملّح من شؤون المواطن.

 

فتبقى صرخة موظفي القطاع العامّ مفهومة وأزمتهم جزء من أزمة لبنان، وبما أنّ الحق يعلو ولا يُعلى عليه، فهل يعود الحق إلى أصحابه؟ 

 

وفي اتّصالٍ مع "السياسة"، تقول رئيسة رابطة موظفي الإدارة العامة نوال نصر" يبدو أنّ الطريق الوعر الذي علينا اجتيازه طويل وشاق، ولكنّنا سنعبره مهما كانت الصعاب. ولن نقبل ما يحيكونه لنا دون رفة جفن، مهما كلف الثمن، وسنناضل لتحقيق المطالب التي ما هي إلاّ جزء بسيط من حقوقنا، ولقد أعطي أكثر منها بكثير لشرائح عديدة في القطاع العام. 

وعن المطالب، تُذكر نوال نصر قائلةً:   

 

 أولًا - تصحيح الرواتب والأجور المعاشات التقاعدية وتعويضات الصرف من الخدمة، بما يعيد لها قيمتها بالدولار. وإلى أن يتم ذلك، الكف عن إعطاء الزيادات واحتساب المستحقات كافة على أساس منصة ثابتة، تؤمن قيمتها بالدولار بنسبة النصف على الأقل، بما لا يقل عن ٤٥٠ دولارًا كحد أدنى.

 

. ثانيًا: التغطية الصحية الكاملة، طبابة واستشفاء ودواء

  ثالثًا: بدل نقل كافٍ تحدد قيمته وفقًا لسعر البنزين ووفقًا للمسافات التي يقطعها كل موظف للوصول الى عمله. 

 

كما واستفادة كلّ العاملين في الإدارة العامة بشكل مستمر (مقدمي الخدمات الفنية وغيرهم ممن لا يتقاضى بدل نقل..) من بدل النقل والتقديمات الصحية والاجتماعية، وإعادة احتساب أجور الأجراء  المحددة في قانون سلسلة الرتب والرواتب  وفق قرار مجلس شورى الدولة  ذي الصلة واستفادتهم من تعاونية موظفي الدولة بكل ما لا يحصلون عليه من صندوق الضمان الاجتماعي من تقديمات.

 

 وعلى الرغم من كلّ ذلك، تقول نصر: " سنحاول بكل ما أوتينا من قوة وصبر وإيمان بحقوقنا الدستورية والإنسانية، كموظفين وكمواطنين، الحصول على هذا الحد الأدنى من الحقوق حاليًا، وسنبقى بالمرصاد لأيّ استهداف وجودي للإدارة العامّة ومن خلالها للقطاع العام ولدولة الرعاية الّتي يرنو لاستنهاضها كلّ مواطن".

 

 

وتضيف: "المتضرر الأكبر من هذه الجريمة البشعة طبعًا هو الوطن الّذي ما زال أهله غافلين عن خطورة خسارة الإدارة العامة، الركن الأساس  لهيكل الدولة، لا سيما المرافق العامّة، ومن ثم كل أصحاب الدخل المحدود باللّيرة اللّبنانية بالإضافة إلى الموظفين فالهيركات  الذي ينفذ  على رواتبهم،  ومعاشاتهم التقاعدية وتعويضات، صرفهم، وعلى صحتهم وحياتهم، بنسبة لم ولا  تقل عن ٩٥%  يشكّل قرصنة علنية  غير مسبوقة ،  لم يرف جفن لأي قيم عليها أو لأيّ مسؤول عن لجمها ".

 

 وفي حديثها لـ "السياسة"،  تعتبر نصر أنّ "الذريعة الدائمة للحكومة للتمنّع عن إعطاء حقوق الموظفين هي عدم توافر المال، وهذا التبرير أسقطته كل الوقائع، فهي في الوقت الّذي يعاني فيه الموظف الجوع والمرض والإذلال على أنواعه من دون أن تلتفت الحكومة إليه كمواطن يستحق  الحياة وحق المواطنة ، وكموظف له الحق بالأجر الكافي لحياة كريمة له ولعائلته، بالطبابة، بالاستشفاء وبتعليم اولاده، في نفس الوقت نراها تقدم الهبات والإعفاءات الضريبية والسلفات غير القابلة للإعادة، وتتجاهل مواردها الكثيرة، الّتي هي في الواقع مهدورة وموهوبة ومنهوبة.  وواضعو اليد على هذه الأموال عزيزون على قلوب أصحاب القرار".

 

وفي ظلّ ذلك، تتابع نصر: " الدولة تتجاهل أهمية أن يكتفي الموظف ولا يموت أو يذل فيتمكن من إعادة بناء الدولة التي انهارت، ويقال إنّ صندوق النقد الدولي يطلب تخفيض عديد القطاع العام، لأنّه متضخم. أي أنهم تناسوا أنّ التضخّم ليس في الإدارة العامة التي تعاني شغورًا يصل إلى حوالي ٧٠ الى ٨٠% في كلّ الفئات الوظيفية، عكس بعض القطاعات الأخرى الّتي رغم تضخمها، ما زالوا يجرون فيها التعيينات".

 

وعليه توضح نصر أنّه "ما تبين وتأكد أنّ للحكومة، بل للحكومات المتعاقبة منذ التسعينات، حسابات أخرى مع الإدارة العامّة ومع تجويع العاملين فيها وقهرهم وإذلالهم بغية إضعاف الإدارة وإنهاكها كي تصبح لقمة سائغة يسهل تقاسمها ومحاصصتها مع مرافقها العامّة".

 

وبالعودة إلى مسألة الرواتب، وللتأكيد على ضرورة إيجاد مخرج مناسب لما يُعاني منه الموظف أوضحت نصر أنّ" المعاشات دُفعت لهذا الشهر، دون الزيادة، وبخسارة أكثر من 30% من قيمتها بسبب احتسابها على سعر صيرفة الأخير، فمن كان راتبه 100 دولار، وصله هذا الشهر 69، إلاّ أنّه كما العادة، هناك من وصله راتبه على أساس منصة 60 ألفًا، وهناك من يتقاضاها على سعر الـ 15 ألف ليرة، وهناك رواتب تُدفع أجزاء منها فريش دولار وأجزاء باللولار ".

 

 

في الخلاصة، وكالمعتاد ما زال البلد ينتظر قرارًا مسؤولًا يصدر عن حكومة مسؤولة يؤشر إلى بوادر حلول للأزمة الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية التي يعيشها الموظفون وعائلاتهم، رفضًا لواقع انهيار قيمة مستحقاتهم وعجزهم عن الانتقال إلى أعمالهم




شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa