جولة لودريان... تبريد الساحات أولاً

23/06/2023 08:10PM

الجولات واللقاءات السياسية التي أجراها الوزير السابق جان إيف لودريان في بيروت مبعوثاً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لا بد أن تحدث فرقاً. وبدا من حراك "السفير" طيلة اليومين الماضيين أنه يسعى إلى تكوين وجهة نظر محددة للانطلاق بها في تصور محدّث للحل المقبل في لبنان. هذا لا يعني تخلي باريس عن اي من وجهات النظر التي تبنتها سابقاً في ما خص الأزمة اللبنانية، كذلك لن تبقى متصلبة أمام رفض الحوار في تصورات أخرى حيال أزمة الرئاسة.

بشهادة من حضروا أو شاركوا في لقاءات لودريان، ان الاخير بحثَ عن نقاط توافق بين من التقاهم. الجزء الاعظم من وقته قضاه مستمعاً فيما معاونوه نشطوا في تدوين الملاحظات الاساسية. أبرز لقاءاته كان مع حزب الله الذي إتسم بالصراحة التامة، وخاض الطرفين في نقاش عميق حول طبيعة الازمة الحالية. حضر اللقاء رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بمشاركة رئيس لجنة العلاقات الدولية في الحزب عمار الموسوي. وحضور الموسوي شكل علامة بوصفه "مهندس" العلاقات بين الحزب والفرنسيين. للمرة الاولى، طرح إسم زعيم تيار المردة في لقاء مباشر، من زاوية تفسير حزب الله رسمياً لما آل إليه إختيار فرنجية وأسبابه مع قراءة شاملة لموقعه، وتأكيداً من جانب حزب الله أن إختياره ليس من موقع المناورة إنما تأكيداً لالتزام سياسي سبق أن أعلن عنه. لكن المفارقة أن الحزب لم يقطع أمل الحوار وابدى إستعداده وجهوزيته ودعمه له، وان حضوره سيأتي من موقعه بعدما اصبح طرفاً.

عملياً لم ينغمس الدبلوماسي الفرنسي في الاسماء طيلة فترة لقاءاته. كل طرف حضر وضع بين يدي لودريان نظرته للحل واسباب تبنيه لهذا الاسم أو ذاك. ولوحظ ان بعض من التقى بهم لودريان كرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ونواب التغيير، تبارى كل منهم في بث أجواء مختلفة ومتعارضة. وتأكيداً على المعلومات، لم ينل هؤلاء من الزائر الفرنسي أي إجابات واضحة أو مفيدة حول مصير ترشيح سليمان فرنجية مثلاً، ولم يقدم أكثر من اجواء دبلوماسية هادئة على سبيل وقوف فرنسا مع الحوار ومصلحة لبنان. مع ذلك، جرى إستخدام سيئ من قبل بعض الاجواء المحسوبة على تلك الاطراف في سبيل بث معلومات غير دقيقة حول تراجع فرنسي عن تبني ترشح سليمان فرنجية.

المعلومات الواردة تؤكد أن اياً من الفرضيات، لناحية الاستمرار في تبني فرنجية أو التراجع عنه أو تبني اي اسم آخر متساوية. فحضور المبعوث الفرنسي لم يكن في الاصل يعود إلى صياغة رؤية فرنسية حول الاسماء إنما للمساهمة في بناء قراءة تفيد في الخروج من المأزق الحالي بالتعاون بين الداخلي والخارج، بعدما تأكد لدى باريس أن نتائج الجولة الـ12 الرئاسية سترخي على الاجواء السياسية في البلاد ولا بد من حركة تعيد إنتاج حركة سياسية داخلية إيجابية ومتوازنة.

ما يؤكد هذا الكلام حالة الركود السياسي الذي تعيشها البلاد منذ الجلسة الـ12، وهو أمر وإن سعت فرنسا إلى ضخ الروح فيه، لكنها لا تتشائم منه، بوصفه يفتح المجال أمام التأسيس لحالة هدنة تفيد في جعل الافق السياسي اللبناني مفتوحاً على النقاش. وفهم من الذين التقوا بـ لودريان، ان حراكه ينطلق من جو سياسي خارجي معين، بات يرى ضرورة في حسم الموضوع الرئاسي بأقل أضرار ممكنة. لكن الممر إلى ذلك يحتاج إلى وقت غير قصير ولا بد ان يأتي من خلف تبريد الجبهات في لبنان، ومنع إنزلاق الامور إلى الشارع، في ظل ما يشبه "فترة إنتقالية" تعيشها البلاد في الشق المالي – النقدي، يُراد إمرارها بسلاسة ومن دون أي آثار جانبية تتعلق بالاقتصاد.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa