24/06/2023 12:09PM
كتبت جيهان الياس في "السياسة":
عن أيّ جهلٍ نتحدّث في بلدٍ باتَت مجاهله معروفة أكثر من طُرقاته، فإذ كانت طرقاته مملوءة بالحفر والأخاديد، فإنّ مجاهله مليئة بِنَشْء غوغائيّ سيحطّ رحاله قريبًا على قارعة التّعليم الثانويّ. فانتظروا يا أساتذة!
لم يعد خفيًّا أنّ حكومة بتراء تلعب في الشوط الإضافيّ وفي وقت الفراغ الرّئاسيّ، أن تُنْجِب مثل هذه القرارات، وكان آخرها قرار إلغاء الشّهادة المتوسّطة، وترفيع التّلامذة إلى الصّفّ العاشر، فكان قرارًا عشوائيًّا اتّخذ دون أي دراسة وتمهيد. فعلى أيّ أساس سيتمّ اختيار التلامذة ما بين التّعليم الأكاديميّ والتّعليم المهني؟ وأيّ مساواة ستكون؟
فقد اعتدنا أنّ التلامذة الراسبون في امتحانات الشهادة المتوسّطة يذهبون إلى الالتحاق بالتعليم المهنيّ بغية تحصيل مهنة معيّنة، ولأنّ جوازات علاماتهم لم تؤهّلهم إلى الحصول على تأشيرة الدّخول إلى التّعليم الأكاديميّ، فوجدوا ضالّتهم في التّعليم المهنيّ. ولكن أمام هذا الصّدع في حجاب السّباق إلى المرحلة الثّانويّة، بات اليوم السّؤال يطرح، ماذا سيكون مصير العام الأول في التّعليم المهنيّ أمام فورة سعي الأهل والتلامذة معًا لإستغلال الوضع القائم وزجِّ أولادهم ربواتٍ ربوات في التّعليم الأكاديميّ؟ فهل تقفل المهنيّات؟ وفي المقابل ماذا سيكون الوضع عليه في التعليم الأكاديميّ؟ وأي معاناة سيتلقّفها الأساتذة أمام تلاميذ لم يجتازوا قطوع الإمتحان الذي سيؤهّلهم إلى هذا المستوى من التّعليم؟
إنّ ما سيكون عليه الوضع في السنوات القادمة، سنكون أمام مجزرة من التلامذة الراسبين على صعيد لبنان، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى سنشهد عمليّة اكتظاظ داخل الثانويّات وخاصّة في صفوف التعليم الثانوي الأولى، إذ ستضطرّ بعضها إلى فتح شعب جديدة لاستيعاب هذا الكمّ من التلامذة الوافدين. وهنا يطرح سؤال آخر، هل الكادر التعليميّ يكفي لِسَدّ هذه الحاجات؟ وخاصة أنّ جزءًا لا يستهان به من هذا الكادر قد أفَلَ عن التعليم أو هاجر خارج لبنان. فكان بالحري أن تعدّ خطّة ممنهجة تراعي تقسيم المناهج وتراعي حاجات السوق والعمل وقدرة المدارس الإستيعابيّة، وأن يكون هذا المنهج منهجًا توجيهيًّا يوجّه التلامذة المتعثّرين نحو ضالتهم، ويأخذوا في الاعتبار المتفوّقين منهم فيوجّهونهم نحو التعليم الأكاديميّ. ولسنا نفضّل هنا أو نرجّح كفّة التعليم الاكاديمي على التعليم المهنيّ فلبنان بحاجة إلى هذين الجناحين، فليس هناك مهندس دون عامل تقنيّ وليس هناك طبيب دون ممرّض.
إنّ هذه الخطوة على تسرّعها وإن كانت من حيث المبدأ صحيحة إلّا أنّه ما من حاجة لوضع التلامذة تحت ضغط الامتحانات ورهبتها وما تؤثّر عليهم في هذا العمر من الناحيتين النفسية والاجتماعية. إلّا أنّ هذا القرار أتى متسرّعًا كما أسلفنا فلم يلحظ خطّة شاملة تنقل التلميذ بشكل آمن من المرحلة المتوسّطة إلى المرحلة الثّانويّة وتراعي كفاءاته واحتياجاته النفسية ورغباته العلمية. فمعظم الدول المتقدّمة الّتي عمدت إلى إلغاء الشهادة المتوسّطة اعتمدت نظامًا توجيهيًّا يحثُّ الأهل على حُسن اختيار الطريق الآمن لولدهم التلميذ، إذ إنّ الدول المتقدّمة تعمل على تحديث مناهجها بشكل دوريّ بما يتوافق والبنية الإجتماعية لتحديث المجتمعات. ولكن في بلد كلبنان يفتقد إلى وزارة التّخطيط وإلى منهج تربويّ كفوء، نشهد أنّ المنهج اللبنانيّ لم يستحدّث منذ ثلاثة عقود، وبالتّالي فإنّ هذا القرار راكم أزمة جديدة فوق الأزمات المعيشيّة والبنيويّة في الدولة. ولهذا من المتوقّع أن تكون تداعياته واضحة وجليّة في السنوات والأعوام المقبلة. فبعد أن يكون قد نجح بعض التلاميذ – وعبر هذا القرار- باجتياز حاجز الدّخول إلى المرحلة الأكاديميّة الثانويّة سيجدون أنفسهم أمام حاجز آخر ألا وهو الرّسوب في هذه المرحلة.
أّلّمْ يكفِنا أنّ السّياسات التّربويّة الخاطئة والحكوميّة بشكلٍ عامّ قد ألغت شهادة الثّانوية العامّة لأكثر من مرّة؟! فشهدنا أنّ معيار الكفاءة قد ولّى ورُحِّلَت معه أزمة كبيرة ألقت بثقلها على التّعليم الجامعيّ في لبنان. فهل هذه المرّة ستٌرَحَّلُ أزمة جديدة إلى مصاف التعليم الثانويّ في لبنان؟ إنّ الأيّام ستظهر صوابيّة هذه الرّؤية أم عدمها.
شارك هذا الخبر
سلامه:تحرير الوطن يبدأ من تحرير الذات
ارتفاع تاريخي لبتكوين: العملة المشفرة تتجاوز الـ ١٠٠ ألف دولار
صلاح يواصل التألق ويحطم أرقامًا قياسية جديدة في الدوري الإنجليزي
الذهب يذوق طعم الاستقرار وأسعار المعادن النفيسة تتراجع
ارتفاع أسعار النفط وسط ترقب اجتماع أوبك+
العفو الدولية: إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في حرب غزة
قطر تستأنف الوساطة في مفاوضات غزة: جهود أميركية لوقف إطلاق النار وإطلاق الرهائن
تصاعد التوتر السياسي في كوريا الجنوبية... وهذه آخر التطورات
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa