فزاعة التوطين والسوريين: لبنان يُواجه باتفاق الـ ٢٠٠٣ وعين أوروبا إحمرّت

13/07/2023 01:44PM

ترك النواب جميعًا الصراع الرئاسي جانبًا ليُصبح طبق النازحين السوريين هو الرئيسي على الطاولة السياسية المحليّة التي تشهد شراهة غير مسبوقة في إطار إدانة القرار الأوروبي الذي صدر يوم أمس عن البرلمان الأوروبي بعدما صوّت بأغلبية ساحقة على قرار مؤيد لإبقاء النازحين في لبنان. 

لم يكن قرار أوروبا أمس مفاجئًا لأنه أتى استكمالًا ومتجانسًا مع ما حصل في مؤتمر بروكسيل قبل فترة قريبة. 

وفي حين أجمع السياسيون محليًا على أنّ القرار أتى لصالح سوريا لا لصالح لبنان وأنّ أوروبا طعنت بيروت بقرارها، كان لا بدّ من الإشارة بداية إلى أنّ هذا القرار أتى ضمن جملة قرارات تُظهر تحولًا كبيرًا في طريقة تعاطي البرلمان الأوروبي مع لبنان بما يوحي بأنّ تاريخ ١٢ تموز ٢٠٢٣ سيشكل تاريخ بدء الانعطافة الأوروبية.

حيث ستُصبح العلاقة أكثر رقابة وتشددًا سيما وأنّ المقررات الجديدة تحدثت عن عقوبات على السياسيين الذين يعرقلون العدالة والديموقراطية وحثّت على تعديلات صريحة في نظام المحكمة العسكرية وسلّطت الضوء وللمرة الأولى على رقابة على طريقة إدارة المشاريع الممولة من الاتحاد الأوروبي في ظلّ الفساد المستشري. أي باختصار "العين تفتحت" على التجاوزات اللّبنانية في معظم الملفات لا بل أنّ عين أوروبا احمّرت من التجاوزات المستمرة. 

وبالعودة إلى القرار المتعلّق بإبقاء النازحين السوريين في لبنان فقد أتى استنادًا على عدم تلبية الشروط للعودة الطوعية والكريمة للاجئين في المناطق المعرضة للصراع في سوريا، ما يؤخر هذه العملية. ورغم البلبلة الكبيرة في لبنان إلّا أنّ هذه المقررات تبقى في إطار التوصيات ولا شيء يُرغم لبنان على الامتثال لها.

وفي هذا السياق، يشدد عضو كتلة "اللّقاء الديموقراطي"، النائب بلال عبد الله في اتصال مع "السياسة" على أنّ للبنان سيادته وهو يتخذ القرار الذي يتناسب مع مصالحه والأكيد في ظلّ الإجماع على رفض بقاء النازحين السوريين في لبنان فإنّ التوصيات الأوروبية لن تخرج عن كونها توصية سيما وأنّ لبنان مصرّ على ضرورة عودة النازحين ولا قدرة في ظلّ هذا الظرف الاقتصادي على تحمل المزيد من الضغوطات. 

ويرى عبد الله أنّ الكرة في ملعب الحكومة لا في ملعب مجلس النواب، داعيًا مجلس الوزراء إلى التحرك سريعًا وتحريك هذا الملف عبر وضع خطة عملانية، عقلانية وقابلة للتطبيق. 

وعلى الرغم من تشديد نائب "الاشتراكي" على دور الحكومة في معالجة ملف النزوح إلّا أنه يشدد أيضًا على أنّ النظام السوري ملتزم الصمت أمام هذه التطورات وهو يستغل ورقة اللّاجئين للضغط بغية انتزاع اعتراف بوجوده وشرعيته وللتفاوض عليهم بغية انتزاع الأموال. لذلك لا يكفي أن تتحرك الحكومة اللّبنانية لأنّ على دمشق أيضًا أن تكون حاضرة للتفاوض الجدّي ولإعادة النازحين سريعًا. 

ويلفت في هذ الإطار إلى أنّ النازحين السوريين هُجروا من وطنهم ولم يأتوا إلى لبنان بإرادتهم وتُظهر كلّ الأرقام بما فيها لدى مفوضية اللّاجئين والأمن العام أنهم ليسوا مرتاحين ويرغبون بالعودة وليس صحيحًا أنهم يرغبون بالبقاء هنا. إلّا أنّ التوصية الأوروبية أتت انطلاقًا من تعثر إيجاد حلّ سياسي للنزاع في سوريا. 

هل يمكن أن يكون هذا القرار بداية لعمل جدّي يهدف إلى توطين السوريين في لبنان؟ 

يُخفف عبد الله من احتمال حصول ذلك، ويقول:" ما حدا يحكي عن فزاعة التوطين عند كلّ تطور"، مضيفًا: لا يحصل أي تطوين في لبنان والفلسطينيون في المخيمات أكبر دليل. حيث على الرغم من الحديث مرارًا وتكرارًا عن العمل على توطينهم إلّا أنهم لم يُوطنوا وعددهم انخفض كثيرًا حتى أصبح ٢٠٠ ألف فلسطيني في لبنان. 

وفي سياق غير منفصل، تذكّر مصادر باتفاق بين لبنان ومفوضية اللّاجئين وُقع عام ٢٠٠٣ وينصّ على أنّ لبنان ليس بلد لجوء ومن حق بيروت ترحيل كلّ طالب لجوء أو نازح إلى بلده ما لم تنجح المفوضية في توطينه في بلد ثالث خلال مهلة سنة من تاريخ نزوحه وقد طُبق البند سابقًا على كثر. وتستند المصادر على ذلك لتشدد على أنّ التوطين من المستحيل أن يحصل وترحيل اللّاجئين السوريين يُمكن أن يتمّ انطلاقًا من هذا الاتفاق إن تعسّر على لبنان إيجاد حلول أخرى. 

وعلى خط موازٍ وفي الجلسة المشتركة التي بحثت سبل التوصل لحلّ في لبنان، حمّل البرلمان الأوروبي في أكثر من مرّة جزءًا كبيرًا من المسؤولية في الأزمة الشديدة التي يُعاني منها لبنان لحزب الله وحلفائه كما اتُهم بالمساهمة في عرقلة ملف التحقيق في انفجار الرابع من آب المشؤوم. وشدد المجتمعون على ضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية سريعًا وعلى أهمية إجراء الإصلاحات. أمّا في ما يرتبط بالبند المتعلّق بالنازحين السوريين فقد برره البرلمان الأوروبي بغياب شروط العودة الآمنة ما يجعل الحلّ حاليًا يتمثل بإبقاء النازحين في لبنان. 


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa